عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-06-2014, 11:40 PM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,739
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي حصري: الفاحشة ودورها في تقوية الشياطين

الفاحشة ودورها في تقوية الشياطين


حصري: الفاحشة ودورها تقوية الشياطين

الكاتب: بهاء الدين شلبي.


الفاحشة من أوامر الشيطان: الشيطان على دراية واسعة بالعلوم الروحية، على الأقل؛ بصفته من الجن، وهم من عالم الأرواح، وإلا لعجز عن التلبس بأجساد البشر، ولما تمكن من صرعهم والتخبط بهم. لذلك فهو يعلم الكثير من أسرارها، مما نجهله نحن المعالجون الشرعيون، بسبب انحصار علمنا في حدود المتاح من نصوص شرعية، وما لم يرد فيه نص، مما قد نتوصل إليه من معلومات جديدة، بالخبرة والتجربة الشخصية. فالوحي لم ينزل لتستوفي كل أسرار عالم الجن، بقدر ما قدم لنا ما يثبت وجود عالم الجن، وما يكشف اختلاف خصائص خلقهم عنا، وهذا بالقدر الذي يتوافق مع ما نتحصن به منه شرور شياطينهم.

هذا مقارنة بالسحرة فهم على اطلاع واسع ببواطن العلوم الروحية وأسرارها، لأن الشياطين تلقنهم الكثير من المعلومات وأسرار العلوم الروحية، ليكونوا مؤهلين للقيام بمهمتهم في صناعة السحر، باعتبار العلوم الروحية جزء لا ينفصل عن العلوم السحرية، قال تعالى: (وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة: 102]. بمعنى أن معرفة السحرة بالعلوم الروحية، دائما متشابكة مع علوم السحر الكفرية، أي أنها خليط من الحق والباطل معا، فمعلوماتهم مفخخة، وتفتقد الصفاء، فلا يمكن الركون إليها، والاعتماد عليها، لذلك لا يعول على معلوماتهم، إلا ما ثبت بالتجربة للمعالج الشرعي الملتزم بنصوص أحكام الشريعة وضوابطها في تحصيل المعلومات، واستنباطها، وتحليل ما يعرض أمامه من مستجدات، فلا يقحم الوهم والهوى فيما يكتشف من ظواهر تجد عليه.

القدرة على الاجتهاد في العلوم الروحية لا يتساوى فيها كل المعالجين، إنما يتفرد بها صفوتهم من أهل الاطلاع على العلوم والمعارف المختلفة، وأصحاب التجربة والخبرة الواسعة، فالجن لن يسربوا أي معلومة إلا لمعالج مؤهل بالفعل لاستقبالها، وقادر على استيعاب ما يسربونه إليه من معلومات على لسان المرضى، وإلا فعملية تسريب هذه المعلومات محفوفة بالمخاطر، وتهدد سلامتهم وأمنهم، فلن تسمح الشياطين لهم بتسريبها، فيكون الثمن حياتهم قبل إكمال تبليغها، وفي نفس الوقت قد لا يستوعب المعالج بعلمه المحدود تلك المعلومة، رغم أهميتها البالغة، فيكونوا قد دفعوا حياتهم ثمنا لتسريب معلومة، لن ينتفع بها هذا المعالج، وقدي يسيء فهمها، أو على الأقل لن يقدر أهميتها، وبالتالي يهملها، فيغبنها حقها، ويرمي بها وراء ظهره، ويمر عليها كأن لم يسمعها، لذلك يجب أن نفرق بين كلام الساحر الذي يقدم لنا معلومات مفخخة مقترنة بالعلوم السحرية، وبين كلام المعالج ذو الخلفية الشرعية، الذي يقدم لنا معلومات وأسرار جديدة عن عالم الجن، وبين المدلس الذي يلبس الباطل ثوب الحق، فيتكلم بلسان الدين، ويقدم لنا معلومات وهمية، وهؤلاء المدلسين ما أكثرهم، مجرد مرتزقة من المدعين والدجالين، فلا يصح أن يلتفت لقولهم، ويجب أن نضعهم في حجمهم الحقيقي.

لذلك يجيد الشيطان استغلال جهلنا بالعلوم الروحية، ويعرف كيفية تسخيرها في بث الشرور، من خلال منظومة السحر، بدليل أن الفاحشة بكل أشكالها وصورها أمر من أوامر الشيطان لقوله تعالى: (وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) [النور: 21]. فالشيطان يأمر، والمأمور يطيع وينفذ، ويتبع ما تتلوه الشياطين من عزائم كفرية، وما تلقنه من علوم سحرية، لقوله تعالى: (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) [البقرة: 102]. فكل من سلك طريق الفحشاء والمنكر فقد أطاع أوامر الشيطان وإملائاته، فيعملون بتعاليمه، والتي لا تخرج عن تطبيقات لعلوم السحر، قال تعالى: (وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة: 102]. فعلوم السحر لها تطبيقات ظاهرة يباشرها الساحر، ويطبقها عن دراية كاملة، فيدرك أن ما يقوم به هو عين السحر، ومنها تطبيقات خفية، يباشرها الإنسان بجهالته، ويطبقها ولا يدري أن ما يقوم به سحر.

فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ الربا والفاحشة كلاهما محرمان ومنهي عنهما شرعا، لكن من تعامل بالربا والفاحشة يكون قد اتبع أمر الشيطان، وبتبعيته دخل في ممارسة السحر، ولا يدري أنه يسحر لنفسه بنفسه، لأن أكل السحت، وإتيان الفواحش، وفعل المنكرات، جزء لا يتجزأ من السحر، مما يزيد الداء تعقيدا، ويؤدي إلى إخفاقات العلاج وفشله، مما يؤخر الشفاء. وهذا من أهم أسباب فشل غالبية المعالجين، فيحرمون التوفيق في تحصيل الجديد من العلم، وبالتالي يضلون عن الوصول إلى التشخيص السليم، وتوصيف العلاج الشافي، فهم يتخبطون، وسبب جوهري في تدهور حال المرضى، الذين يهلكون أنفسهم بأيديهم وهم لا يشعرون.

الفاحشة جزء غاية في الخطورة من أوامر الشيطان، يمليها الشطيان على أتباعه، فيغيريهم بإتيان الفواحش والمنكرات، فيتم تدنيسهم وتدنيس أجسادهم مما يترتب عليه تدنيس أرواحهم أيضا، بصفتها جزء لا يتجزء من مركبات الإنسان، فتكون الفاحشة سببا في سيطرة الشيطان، وتمكنه من جسد أتباعه وهم لا يشعرون. ولا تقتصر الفاحشة على مجرد المعاشرة الجنسية في الحرام فقط، ولكن العري والتهتك والسفور، مترادفات لكشف العورات، وكشفها فاحشة من الفواحش، فجاء الشرع بضوابط ملزمة، تبين حدود عورة كل من الرجل والمرأة.

كشف العورات: الستر مطلوب حتى في أثناء الجماع بين الزوجين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدُكم أهلَه فلْيستترْ ولا يتجردا تجردَّ العِيرَينِ). () فانكشاف العورات له تأثير حسي في نفس كل إنسان، وهذا التأثير ينعكس على كيانه الروحي، باعتبار أن العقل المفكر يقع داخل الروح لا الجسد، فإما أن يحرك شهوته، مما يؤدي إلى الرغبة الجنسية، سواء في حلها أم حرامها، وإما أن تألف النفس العري، مما يفضي إلى الزهد في الجنس الآخر، وبالتالي العزوف عن الزواج، مما يجنح بالإنسان إلى الشذوذ، والقيام بممارسات جنسية شاذة خارج المباح والمشروع، والنتيجة نشوء مجتمع اللقطاء، الذي تختلط فيه الأنساب، وتستباح فيه الحرمات.

جاء أمر الله تبارك وتعالى للمؤمنين بغض البصر عن عورات الآخرين، مقترنا بحفظ الفروج، فقال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30]. ثم أتبع نفس الأوامر للمؤمنات أيضا في الآية التالية فقال: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [النور: 31]. لا يسلم الأمر من انكشاف عوراتنا ونحن لا ندري، ولكن أن يقع نظر إلى عورات الآخرين فهذا أمر قدري مكتوب على كل إنسان، أما أن نطيل النظر إلى عورات الآخرين فلا نغض البصر فهذا مآله إلى فاعله، ويحمل وزره يوم القيامة، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللهَ كتب على ابنِ آدمَ حظُّه من الزِّنى. أدرَك ذلك لا مَحالةَ. فزنى العَينَينِ النظرُ. وزنى اللسانِ النُّطقُ. والنفسُ تمنَّى وتشتَهي. والفرجُ يُصدِّقُ ذلك أو يُكذِّبُه). () والشيطان ينتهز فرصة حظ ابن آدم من النظر، فإن غض البصر خنس الشيطان وانصرف، وإن أطال النظر واشتهت نفسه، وانتعظ فرجه، حضر الشيطان واستطال فتسلط عليه.

وفي المقابل حذر الله عز وجل من تلصص الشيطان وقبيله النظر إلينا، وما يترتب على هذا من فتنة عظيمة تسببت في خروج أبوينا من الجنة، فقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 27، 28]. فالشيطان لن ينظر إلى عوراتنا لمجرد الاستمتاع، أو لإشباع شهوته، كيف وقد ألفت نفسه الخبيثة النظر إلى العورات من خفاء؟! فهذا فهم ساذج، ونظرة سطحية للموضوع! بكل تأكيد العري يحرك شهوة الشياطين، ويحفز غريزتهم، ففي الجن من الغرائز الجنسية ما فينا تماما، لقوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ) [الرحمن: 74]، ولكن هتك ستر الجسد، واستباحة حرماته يهيء للشيطان من الفرص، مالا يمكن له أن يتمكن منه والإنسان في كامل ستره.

لذلك كان واجبا علينا ستر عوراتنا عن أعين الجن، خاصة الشياطين منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سَترُ ما بين أعينِ الجنِّ، وعوْراتِ بني آدمَ، إذا دخل أحدُهم الخلاءَ أن يقولَ: بسمِ اللهِ). () وفي رواية أخرى قال: (ستر ما بين أعين الجن، وعورات بني آدم، إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول : بسم الله). () وهي رواية أعم من الأولى، فتشمل ستر العورة سواء إذا كشف عورته داخل الخلاء، أو خارجه، أما قبل دخول الخلاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الحُشوشَ مُحْتَضَرةٌ، فإذا أتى أحدُكم الخلاءَ فلْيَقُل: أعوذُ باللهِ مِن الخُبْثِ والخَبائِثِ). () فلا يغني أحد الدعائين عن الآخر، فنقول قبل دخول الخلاء: (أعوذُ باللهِ مِن الخُبْثِ، والخبائثِ)، ثم إذا دخلنا الخلاء، فأردنا كشف عورتنا قلنا: (بسم الله).

في واقع الأمر؛ نحن لا نملك جسدا واحدا فقط، ولكن كما سبق وشرحت فللإنسان عدة أجساد متحدة مع بعضها البعض، فلا تنفصل إلا بالموت، ومنها (الجسد الجني)، والذي يعتبر جسدا وسيطا بين (الجسد المادي) وعالم الجن، فإن هتك ستر (الجسد المادي) وبدت عورته، تمكن الشيطان من (الجسد الجني)، فتسلط على جسد هذا الإنسان، فيصيب (جسده الروحي) بالشرور والأذى، وبهذا يتسلط الشيطان على روح الإنسان، ويضعفها حتى تطرد من رحمة الله تبارك وتعالى. وبنفس هذه الحيلة الغاية في القدم تمكن الشيطان من إخراج أبوينا من الجنة، وبرغم أنها حيلة موغلة في القدم، إلا أن الكثير منا لم يتعلم من أول درس في تاريخ البشرية، ويصر بمنتهى الصلف والكبر على الاستمرار في تكرار نفس الخطيئة، وكأنه لم يعي الدرس بعد، ثم نشكو بعد هذا من المس والسحر، ولا ندري أننا بأفعالنا صرنا جزءا من منظومة الشيطان السحرية، باتباع أوامره من الفواحش والمنكر.

لذلك حرم الله تعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن، لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأعراف: 33]. وأول فاحشة وقعت في تاريخ البشرية سجلها القرآن الكريم، مؤكدا أنها كانت بمكيدة من الشيطان، لتكون عبرة للبشر، قال تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: 120، 121]. ولأن الوسوسة عرض من أعراض السحر يمارسه الشيطان علينا، والسحر فتنة من الشيطان، فبالسحر تمكن الشيطان بالوسوسة لآدم عليه السلام من فتنته وزوجه، فجردهما من لباسهما، حتى بدت لهما سوءاتهما، ولأن العري من الفواحش المنكرة، وبأمر من الشيطان، فقد حذرنا الله تبارك تعالى من فتنة الشيطان قائلا: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) [الأعراف: 27].

الاستمناء: الفاحشة أنواع، منها ما يتم بالاتصال الجنسي الطبيعي بين الرجل والمرأة، ومنها الشاذ؛ كالاتصال الجنسي بين رجل ورجل، أو حتى بدون اتصال جنسي، بالاحتكاك الخارجي، وهذا يسمى “السحاق” سواء بين امرأتين، أو بين عدة نساء، وقد ذكر الله تعالى عقوبة هذه الحالات الشاذة فقال: (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً * وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) [النساء: 15، 16]. فقوله (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ) جاء بصيغة الجمع، فلا يشترط في السحاق وجود طرفين، لعدم حدوث الاتصال الجنسي، وهذا يتم بين عدة نساء، وعقوبتهن كما قال تعالى: (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) بينما ذكر الاتصال الجنسي بين رجلين فقال: (وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا)، وعقوبتهما كما قال تعالى: (فَآذُوهُمَا).

قد يتم الانزال بالاحتكاك الخارجي بين الزوجين، فيما يطلق عليه المباشرة، خصوصا في فترات العذر الشرعي كالحيض والنفاس، أو في بعض فترات الحمل الذي يحتاج إلى ثبات، فيحدث القذف بالمداعبة المتبادلة بين الطرفين بدون إيلاج. كما ورد عن عائشة قالت: كان يأمُرُني فأتَّزِرُ، فيُباشِرُني وأنا حائِضٌ. وقالت: كنتُ أنا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبو القاسمِ في الشِّعارِ الواحدِ وأنا حائضٌ طامثٌ، فإن أصابه منِّي شيءٌ غسل ما أصابه لم يعْدُه إلى غيرِه وصلَّى فيه، ثمَّ يعودُ معي فإن أصابه منِّي شيءٌ فعل ذلك لم يعْدُه إلى غيرِه. () وعن ميمونةَ زوجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالتْ: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يضطجعُ معي وأنا حائضٌ، وبيني وبينه ثوبٌ. () كل هذا مباح لا إثم فيه، فهو مباح فيما بين الزوجين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون: 5؛ 7]. لذلك يدخل الاستمناء باليد ضمن أساليب الفاحشة، لأنها ممارسة جنسية خارجة عن نطاق الطبيعي والمشروع، مما أباحه الله تعالى بين الزوجين، وإن كانت أقل إثما من غيرها من الفواحش، لأن شرها مقتصر على فاعله غير متعدي لطرف آخر، إلا أن ما فيها من إثم يتقوى به الشيطان.

وبحسب اعترافات بعض الشياطين أقروا بمشاركتهم المرضى أثناء الاستمناء، وأن الشيطان يلتف على يدي من يفعل هذا، فتتم المعاشرة الشيطانية من خفاء والمريض لا يدري شيئا عن هذا، بل اكتشفت وجود أسحار قديمة لدى بعض المرضى صنعتها لهم سحرة الجن والإنس، قبل إقلاعهم عنها تماما، ووقفت تلك الأسحار عائقا حال دون إتمام علاجهم، ومن ثم بدأت إعادة علاجهم لإزاحة تلك الأسحار حتى يكتمل علاجهم. حتى بالتوبة والإقلاع عن الاستمناء لم يخلص المريض من تباعات فعلته، فلم تبطل تلك الأسحار حتى قمنا بعلاجها، لولا أن أقر المرضى بها، سواء كانوا رجالا أم نساءا، ولكن بشواهد عديدة اكتشفت وجود تلك الأسحار، وبمواجهة المرضى أقروا واعترفوا بفعلتهم تلك.

العديد من الحالات المرضية المقترنة بالاستمناء، كانت الشياطين تثيرهم وتحرك شهوتهم، بتحفيزهم جنسيا موضعيا من اعضاءهم التناسلية، أو من مراكز تحفيز الشهوة من المخ، فالشهوة الجنسية في غير ما أحل الله تعالى من الشيطان. وكانت الشياطين تنفذ هذا بتكليف إما من سحرة الجن أو الإنس، والغرض من تحفيز الشهوة لإضعاف المريض، وبسط الشيطان نفوذه عليه، بهدف تحريف مساره عن صراط الله المستقيم، قال تعالى: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف: 16، 17]، وقوله (لأَقْعُدَنَّ) مصدرها قعد، و”القُعُودُ: نقيضُ القيامِ”، كما في لسان العرب، قال تعالى: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) [الشورى: 13]، ولأن صراط الله المستقيم، هو دين الله تعالى، فإقعاد الصراط ضد إقامته، أي تعطيل إقامة الدين، وذلك بتحريف الوحي فهما في عقول أتباعه، أو نصا كما حرفت الكتب السابقة، وكما دست أحاديث موضوعة نسبت كذبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا عهد قطعه الشيطان على نفسه بتعطيل صراط الله المستقيم، وبهذا يتمكن من غزو عقل الإنسان بالوساوس والفتن من كل حدب وصوب، فيحرف معاني الوحي في عقله ليضله عن الصواب، فيفتك به حتى يموت على الكفر والضلال، فيكون معه من أصحاب السعير، قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر: 6]. لذلك يعتبر إدمان الاستمناء، خاصة إن كان بشراهة مفرطة، أحد علامات المس والسحر، التي يحتاج صاحبها إلى تدخل لعلاجه. قد يكون الزواج معين على قطع الادمان، لكن ليس شرطا أن ينقطع المدمن بعد الزواج عن تلك الممارسة، ولكن يستمر في ذلك إن كان الأمر متعلقا بمس أو سحر.

اعتداءت الشياطين جنسيا: السحر فيه من الفتنة والكفر ما لا يخفى، ويحوي من الشر ما يجعله جامعا لكثير من خطوات الشيطان، خاصة وأن الشياطين مسؤولون عن تلقين علوم السحر إلى أولياءهم لقوله تعالى: (الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة: 102]، لذلك يقترن السحر بالفاحشة، مما يدل على أن للفاحشة دور كبير في صناعة السحر، فنجد الشياطين يتقربون بالفاحشة إلى أسيادهم ومتبوعيهم من سحرة الجن. وممارسة الفاحشة ليست قاصرة على سحرة الجن فقط، بل تشمل الممارسة كذلك سحرة الإنس، بل وفي حالة تجسد الشياطين لهم، تتم المعاشرة كاملة بين سحرة الجن وسحرة الإنس، فيحدث التحام جسدي، واختلاط الطبائع البشرية بالطبائع الجنية، وهذا يكسب كلا الساحرين قوة في سحره. حتى من يذهبون إلى السحرة لصناعة سحر لأجل مصلحة لهم، لا يخلو الأمر من ممارسة الفاحشة، فتتم الفاحشة بشكل أو آخر، سواء مع صاحب الطلب، أو بإيجاد بديل عنه من الإنس أو الجن، بهدف الحصول على المني.

ولأن تجسد الجن يفقد بسببه جزءا كبيرا جدا من قوته، ما يزيد عن 90% من قوته، بحيث يحتفظ بجزء ضئيل جدا من قوته، بما يسمح له بالرجوع إلى عالم الجن، فعند تجسد الشيطان فيظهر عيانا للناس، يكون في حالة ضعف بين، لذلك لا تتم مثل هذه المعاشرات إلا في وجود ضمانات تجعل الشيطان في مأمن من استغلال لحظة ضعفه هذه. فمثل هذا التجسد من الجن لا يحدث إلا للسحرة، فكفرهم ضمان كبير، وآمان للشيطان من أي اعتداء محتمل قد يتعرض له، فظهور الشياطين للبشر عيانا فيه مخاطر كبيرة عليهم. والشاهد على تجسد الشياطين حديث أبي هريرة قال: وكَّلني رسولُ اللهِ بحفظ زكاةِ رمضانَ، فأتانى آتٍ، فجعل يحثو من الطعامِ، فأخذتُه، فقلتُ: لأَرفعنَّك إلى رسولِ اللهِ، قال: إني محتاجٌ، وعليَّ دَينٌ وعِيالٌ، ولي حاجةٌ شديدةٌ فخلَّيتُ عنه، فأصبحتُ، فقال النَّبيُّ: (يا أبا هريرةَ ما فعل أسيرُك البارحةَ؟) قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ شكا حاجةً شديدةً وعِيالًا، فرحمتُه فخلَّيتُ سبيلَه، قال: (أما إنه قد كذبَك وسيعود). فعرفت أنه سيعودُ، لقولِ رسولِ اللهِ: أنه سيعود. فرصدتُه، فجاء يحثو من الطعامِ (وذكر الحديثَ إلى أن قال: ) فأخذتُه ( يعني في الثالثةِ ) فقلتُ: لأَرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ، وهذا آخرُ ثلاثِ مراتٍ تزعم أنك لا تعود، ثم تعود، قال: دَعْني أُعلِّمْك كلماتٍ ينفعك اللهُ بها. قلتُ: ما هنَّ؟ قال: إذا أَوَيتَ إلى فراشِك، فاقرأ آيةَ الكرسيِّ: ( اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) حتى تختم الآيةَ، فإنك لن يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يقربُك شيطانٌ حتى تصبحَ. فخلَّيتُ سبيلَه، فأصبحتُ، فقال لي رسولُ اللهِ: (ما فعل أسيرُك البارحةَ؟) قلتُ: يا رسولَ اللهِ زعم أنه يُعلِّمُني كلماتٍ ينفعني اللهُ بها، فخلَّيتُ سبيلَه، قال: ما هي؟ قلتُ: قال لي: إذا أوَيتَ إلى فراشِك فاقرأْ آيةَ الكُرسيِّ، من أولها حتى تختم الآيةَ ( اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يقربُك شيطانٌ حتى تصبحَ. وكانوا أحرصَ شيءٍ على الخير. فقال النبيُّ: (أما إنه قد صدَقَك، وهو كذوبٌ، تعلم مَن تخاطبُ منذ ثلاثِ ليالٍ يا أبا هريرةَ؟) قلتُ: لا. قال: (ذاك الشيطانُ). ()

كما سبق وبينت أن المعاشرة الزوجية تتم بالتحام ستة أجساد معا، أضف إلى هذا التحام القرائن بحضورهم هذا اللقاء، فإما قرائن مؤمنة أو كافرة، وتدخل القرين يتم من خلال (الجسد الجني)، الذي يعد بالنسبة للجن جسد وسيط بين الجسد المادي وعالم الجن، فإن حضر القرين المؤمن بحسب الضوابط الشرعية للجماع من تسمية وستر تنحى الكافر، وإن حضر القرين الكافر تنحى المؤمن، فتفسد العلاقة إن كانت في الحلال، أما إن كانت في الحرام فتنجح. أما في حالة الإصابة بالمس والسحر، فيتم السيطرة على القرائن تماما، فيؤسر القرين المؤمن بالسحر، وبهذا يتم إبعاده عن الدفاع عن المقرون، بينما يسحر القرين الكافر ويتم تسخيره بالسحر، ليستفاد من خصائصه في اختراق الجسد والسيطرة عليه، وبهذا يكون الجسد خاليا تماما أمام سحرة الجن. وفي مثل هذه الحالة يحل خادم السحر، أو الساحر محل القرين، فيتمكن من مشاركة الزوجين علاقتهما الجنسية، ومن هنا يبدأ سحرة الجن ممارسة الاعتداءات الجنسية على المرضى.

اعتداء الشيطان على المتعطرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيُّما امرأةٍ تطيَّبت، ثمَّ خرَجت إلى المسجِدِ، لم تُقبَلْ لَها صلاةٌ حتَّى تغتسِلَ). () والغسل لا يكون إلا من الحدث الأكبر، كجماع، أو طهر من حيض أو نفاس، أو بأن ترى المرأة ماءها، ففي الحديث أن أم سليم الأنصارية قالت: يا رسول اللهِ إن الله عز وجل لا يستحيي من الحق! أرأيت المرأة إذا رأت في النوم ما يرى الرجل أتغتسل أم لا؟ قالت عائشة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم فلتغتسل إذا وجدت الماء). قالت عائشة فأقبلت عليها فقلت: أف لك! وهل ترى ذلك المرأة؟ فأقبل علي رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: (تربت يمينك يا عائشة ومن أين يكون الشبه؟).() إقرار النبي عليه الصلاة والسلام قول الصحابية (إذا رأت في النوم ما يرى الرجل أتغتسل أم لا؟)، فلم ينكر عليها ما ادعته، من احتلام المرأة، فترى في منامها أحلاما جنسية، ومعاشرات شيطانية، وتتفاعل معها حتى تنزل ماءها، تماما كما يحتلم الرجل فيرى في منامه أحلاما جنسية تتسبب في وجوب الغسل عليه.

والحقيقة أن تلك الأحلام الشيطانية هي أحد أنواع الأذى الشيطاني، أو صورة من الاعتداءات الجنسية للجن على الإنس، والمتكررة من وقت لآخر، والتي يعاني منها أغلب المصابين بالمس والسحر، فإن تكررت الاعتداءات الجنسية، وبشكل ملفت، عددناها أعراضا تدل على وجود مس أو سحر. أما إن لم تكن تلك الأحلام بكثافة، أو غير مقترنة بأعراض مرضية، وبمعدل طبيعي؛ فهذا مجرد عبث عابر من القرين الكافر، ويحدث مع جميع الناس بغير استثناء، فلا يصح أن نعده من المرض الروحي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرأةُ إذا استعطَرت فمرَّت بالمَجلسِ فَهيَ كذا وَكذا يعني زانيةً). () ففي النص إشارة ضمنية تفيد وقوع مسبب فعلي، موجب للغسل على المرأة، بينما لم يرد نص يلزم الرجل بالاغتسال إن هو شم رائحة امرأة متعطرة. فلا يمكن وجوب غسل المرأة إن خرجت متعطرة، إلا أن نزل ماءها، ولن ينزل ماءها إلا إذا تحركت شهوتها، فتنزل حتى وإن لم تشعر بانتفاضة النشوة الجنسية.

كيف يجب الغسل على من خرجت متعطرة إلى المسجد بدون إنزال، ويقع في حقها حكم الزنى ولم يواقعها رجل؟! ذهب البعض إلى أن حكم الزنى يقع لزنى الحواس كالنظر واللمس والشم، استنادا إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام: (العينُ تَزني والقلبُ يَزني، فزِنا العينِ النظَرُ وزِنا القلبِ التمَنِّي والفَرجُ يُصَدِّقُ ما هُنالِكَ أو يُكَذِّبُه). () لكن يؤخذ على هذا القول أن الزنى بالنظر أو بالحواس لا يوجب على فاعله الاغتسال، إلا إذا أنزل منيه، وعليه يبقى السؤال مطروحا، وبحاجة إلى إجابة. إلا أن هناك طرحا آخر وقفت عليه، وباعتراف الشياطين أنفسهم؛ أنهم بالفعل يزنون بمن تخرج من بيتها متعطرة، متأثرين برائحة عطرها التي تجذبهم إليها، والدليل على حدوث هذا شعور المرأة المتعطرة بالبلل موضعيا، وهذه إحدى علامات المس المجمع عليها بين كافة المعالجين من ذوي الخبرة، وشاهد قوي على حدوث اعتداءات جنسية من شياطين الجن.

الشيطان والعشق: أما مسألة أن يعشق الشيطان عدوه من الإنس، فهذا محال إلا أن يكون (سحر محبة) ألم بالشيطان، فيجعله السحر يبدي تصرفات وكأنه يحب الإنسي، وهذا يتعارض مع العداوة الأزلية بينهما، وراج هذا على من يسمعون كلامه من الإنس. فهناك قاعدة قرآنية ثابتة، لا يمكن أن نحيد بمفهومنا عنها أبدا، وهي قوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) [فاطر: 6]. والعداوة لا تنقلب محبة إلا بالسحر، فيتعلق خادم السحر بعدوه عن طريق (سحر المحبة)، ويهيم به عشقا، وهو من أساليب ربط الخادم بالمسحور، فإن بطل هذا السحر ظهر البغض والعداوة على حقيقتهما، أو قد يؤثر الشيطان السلامة فينسحب أو يسلم لله تعالى.

كما أنه من المحال أن تنتج هذه المعاشرات الجنسية ثمرة أولادا وذرية بين الإنس والجن، لاختلاف طبيعة تركيب مني الإنس والجن، ولكن الشياطين لهم حيل وخدع يضلون بها من أتباع هوى النفس، فيعتقدون أن لهم ذرية من الجن. فإن زعمت الشياطين أن فلانه حملت من جني، أو أن فلانا حملت زوجته من امرأة جنية، فهذه خدع من الشياطين توافق عقول أصحاب الأهواء، وما هؤلاء الأولاد إلا أبناء الرجل والمرأة من الإنس، فيمكن أن تحمل المرأة حتى وإن لم يعاشر الزوج زوجته. حديثا استطاع الإنسان توليد أطفال عن طريق التلقيح الصناعي، فيؤخذ نطفة الرجل وبويضة المرأة، ثم يتم تلقيح البويضة معمليا، ثم تنقل البويضة المخصبة إلى رحم الزوجة، أو أي أمرأة أخرى، أو رحم مستأجرة كما يفعل الغرب حاليا. كذلك الشياطين قادرين على عمل التلقيح الصناعي، كما أنهم قادرين على قتل الحيوانات المنوية، أو إجهاض الأجنة، ولا ينجحوا في شيء من هذا إلا بإذن الله تبارك وتعالى، بل أرجح أن التلقيح الصناعي من وحي الشياطين لأطباء الإنس.

من أهم مصالح الشيطان من الاعتداءات الجنسية تدنيس (الجسد الجني) للمعتدى عليه، فيفقد هذا الجسد طهارته، وبالتالي يفقد بالتدنيس حصانته، مما ينعكس سلبا على الجسد البشري، وتتأثر به روح الإنسان، فتزيد الوساوس ويمرض الإنسان نفسيا، فهي طريقة جدا خبيثة في غزو الروح، والتي لا يمكن للشيطان الوصول إليها بشكل مباشر، إلا من خلال الاعتداءات الجنسية، والإنسان بطبيعة الحال لا يشعر بهذه العلاقات الغيبية، ولا يدرك حقيقتها، ولكن بواسطة الخبرة والتحليل الممنهج، تمكنت بفضل الله تعالى من الوصول إلى تفسير هذه الأمور الدقيقة جدا، وفي ضوءها وضعت الحلول والعلاجات المناسبة لها. وإن كان قد سبقني إلى بعض العلاجات غالبية المعالجين، كاستخدام المسك، إلا أن وصولهم إليها كان بالتجربة فقط، وليس بالتحليل والدراسة العلمية، وبالتالي فالتجربة غير المقننة لم تقترن لا بالأسباب، ولا بضوابط استخدام المسك في العلاج، فلا يملكون جوابا علميا عن أي استفسار متعلق بتلك الأسباب والضوابط.

من البديهيات؛ عجز الشيطان عن الاعتداء جنسيا على الإنسان، لاختلاف مادة جسد الجن عن مادة جسد البشر، ولكن باعتداء الشيطان بصفته جني على (الجسد الجني) للإنسان يتحقق نوع من الاتصال شبه الحسي، فيشعر المعتدى عليه بآثار المواقعة الجنسية، إلى حد استثارة أعضاءه التناسلية، حتى ينتهي به الاعتداء إلى مرحلة القذف، وكأنها معاشرة جنسية كاملة قد تمت بالفعل. وفي مثل هذه الحالات يتحكم الشيطان في الجهاز التناسلي، إما موضعيا باستثارة الأعضاء التناسلية، وإما من خلال تحفيز مراكز الإثارة الجنسية في المخ، أما الأخطر من هذا أن يحضر الشيطان على جسد الإنسان حضورا كليا، ويكون هذا الشيطان مسحورا له، فيثار جنسيا، وبحضور هذا الشيطان على جسم الإنسان يشعر المريض بنفس الإثارة الجنسية لدى الشيطان، فيستثار المريض جنسيا، رغم عدم وجود أي مؤثرات أو محفزات جنسية، فإذا انصرف الشيطان ذهب عن المريض ما كان يجده من إثارة.

في بعض الحالات المرضية، قد نكتشف وجود (سحر هتك عرض)، والغرض منه وقوع المسحور له في الفاحشة، ومن علامته تعرضه للتحرش الجنسي، ومحاولات اغتصاب متكررة بشكل ملفت، والكارثة أنه قد يحدث بالفعل ويغتصب المسحور له، لا فارق بين ولد أو بنت، أو رجل أو امرأة. فقد مرت بي حالات لأطفال صغار في الخامسة أو أقل أو أكثر، صنع لهم مثل هذه السحر، واستطعت من خلال الكشف البصري لأحد ذويهم كالأم مثلا، أن أكتشف تعرض الصغار لمثل هذا السحر من أجل كسر أنف ذويهم، وهذا بسبب مبلغ الغل والحقد في قلب الساحر. فخادم السحر في مثل هذه الحالات ينطلق من الأطفال إلى المتحرش إن سنحت الفرصة لذلك، فيحض المتحرش على الاعتداء، ويغري بهتك عرض هذا الطفل أو الطفلة، رغم انتفاء وجود أي مغريات تدفعهم إلى هذا الفعل، هذا إن أهمل الوالدين أطفالهم وتركوهم برفقة بالغين أكبر منهم سنا، ممن لا يؤتمنون على أطفال، لذلك يجب أن نتنبه لمساحة الحرية التي نتركها لأطفالنا الصغار، سواء بنات أو بنين، حتى لا يتعرضوا لمثل هذا الإجرام، ثم نعض بعدها أصابعنا من الندم.

قد يتطور مثل هذا النوع من الأسحار ليصير (سحر فاحشة)، ومن الممكن أن تتم المواقعة، والمسحور له مغيب عن الوعي لا يدري بما يتم، وقد يفيق من غيبوبته ليكتشف أن الفاحشة تمت بالكامل، وإن حاول ان يتذكر لا يذكر شيئا مما تم، وربما ينكشف الأمر حينها ليخرج من بيته بفضيحة، وهذا أحد أهداف مثل هذا السحر. فخادم السحر يكون حاضرا على المسحور له، ويغيبه عن الوعي تماما، ففي الواقع أن الشيطان يقوم بكل أفعال الفاحشة، ويستغل جسد المريض كرداء له يظهر من خلاله. وفي بعض الحالات ينزع المسحور له إلى ممارسة الفاحشة، ومحاولة الإقدام على إتيانها، رغم مخالفة هذا الفعل المستقبح لمبادئه وأخلاقه، فكلما أقدم على فعلها وجد نفسه يتقهقر ويتراجع، ويحجم عن الإقدام على ممارسة الفاحشة، وخادم السحر هو الذي يدفعه، ولكنه يجد مقاومة من المريض، فتبوء محاولاته بالفشل.

الجن منهم المؤمن ومنهم والكافر، وكلاهما له نفس الخصائص، والتكوين العضوي لأجسادهم، فمن المفترض أن كلاهما يتأثر بالعطور والروائح، وبالتالي فمن المتوقع تأثر الجن المسلم عند استخدام المسك، وتحرك شهوته وتحفيزها، تماما كما تتأثر الشياطين. لكن في الحقيقة أن شهوات الإنسان تحكمها إرادته، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن اللهَ كتب على ابنِ آدمَ حظَّه من الزنا، أدرك ذلك لا محالةَ، فزنا العينِ النظرُ، وزنا اللسانِ المنطقُ، والنفسُ تتمنى وتشتهي، والفرجُ يصدقُ ذلك كلَّه أو يكذبُه). () ونفس الحكم يسري في حق الجن كذلك، فالجن المسلم تحكمه إرادته، فلا ينساق خلف ما تتمناه نفسه وتشتهيه، أما الشيطان فهو خلاف هذا تماما، الشيطان تحكمه شهوته، ويتبع ما تتمناه نفسه وتتوق إليه، وهذه نقطة ضعف الشياطين، وسحرة الجن يستغلون في الشياطين نقاط ضعفهم، لكي يسيطروا عليهم ويخضعونهم لأوامرهم، فيضيفون إليهم من الأسحار ما يجعلهم خاضعين للاستثارة الجنسية عند وجود أي مثير يحركها، فيقبلون على الزنى والفحش. وهذه الاستثارة الدائمة لا تجعل الشياطين في حالة شبق دائم، بقدر ما يصابون بحالة من (السيلان المنوي) عند وجود أدنى محفز جنسي، وهذه وسيلتهم لجمع أكبر كم من المني، بينما الجن المسلم لا يخضع لمثل هذه الممارسات الشيطانية السحرية، وبالتالي فلا يتأثر بالمسك جنسيا على غرار ما يحدث للشياطين.

أهداف الشيطان من العشق الاعتداءات الجنسية على الإنسان كثيرة جدا، ذكرتها في بحث بعنوان (أهداف الشيطان من مس العشق) فأن يكون الشيطان مفتونا بمحاسن امرأة معينة، ففي نساء الجن من يفقن نساء الإنس فتنة وجمالا، وممارسة الفاحشة بينهم موفورة وسهلة، وأن يتنقل الشيطان من هذه المرأة إلى تلك يوافق طباعه الشريرة، فليس هناك ما يفتنه بإنسية واحدة فقط، فيلتزم بها إلا وجود (سحر ربط)، إن بطل زال تعلقه وافتتانه بها. العجيب أن يتلذذ الإنسي سواء امرأة أو رجل بمعاشرات الشيطان، ويستمتع بها، وتنقلب العداوة بينه وبين الشيطان إلى محبة وعشق، فهذا الإنسان قد فتن بالشيطان رغم تحذير الله تعالى من فتنته فقال: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 27]. مما يعد نجاحا كبيرا لسحرة الجن، ومقدمة تؤدي بالمعشوق إلى مزاولة السحر، وهكذا تبدأ صناعة ساحر جديد.


هذا البحث جزء من مجموعة أبحاث متصلة منفصلة بعنوان:

1_ الروائح وعلاقتها بالشياطين

2_ الشيطان والعلاقة الزوجية

3_ الفاحشة ودورها في تقوية الشياطين

4_ دور المعاصي في تقوية الشياطين ودعم السحر

5_ عبث الشياطين بأجساد البشر

6_ الأسحار التنفسية

7_ علاقة حاسة الشم بالتنفس

8_ دور السحر في الجهاز التنفسي

9_ حاسة الشم وتأثيرها في الجن

10_ علاج المس والسحر بالزيوت العطرية

11_ تأثير المسك في الشياطين





رد مع اقتباس