عرض مشاركة واحدة
  #85  
قديم 06-22-2018, 07:38 PM
اكرام حسين اكرام حسين غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Female
 
تاريخ التسجيل: 19-04-2018
الدولة: الجزائر
المشاركات: 40
معدل تقييم المستوى: 0
اكرام حسين is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته:
يبدو ان موضوع سورة البينة تشعب كثيرا و كثر فيه القول سألخص ما أريد أن أقوله حتى لا أحيد عن الهدف من كتابتي ، لطالما اربكتني هذه السورة منذ طفولتي و كان يصعب علي حفظها نظرا لعدم وضوح مغزى و هدف سورة فيبدو للقارئ أنها تبدأ بموضوع ثم تقفز في الزمن لتنتهي بموضوع آخر فهي تبدأ بالحديث عن حدث غير واضح أنه في الماضي أو يحدث في المستقبل ( لمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)) ثم تنتقل للحديث عن حدث يبدو انه حدث في الماضي ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)) و هو الجزء الذي وردت فيه العبارة المحيرة دين القيمة و التي اختلفنا حولها كثيرا ثم تنتهي بمشهد يبدو كأنه الخاتمة أو النتيجة النهائي( إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)) فالسورة حسب الفهم العادي التقليدي تبدو مفككة رغم انها لا يجب ان تكون كذلك لأنهاتتحدث عن موضوع واحد هو اسم السورة نفسها البينة .
بالتفكير قليلا و بأخذ كل الاحتمالات دون ترجيح احتمال دون آخر لغاية في النفس قد نصل لنتيجة مرضية .
بالنظر الى السورة نجدها منقسمة الى ثلاثة اقسام وقت ما قبل البينة ثم وقت ظهور البينة ثم وقت مابعد البينة .
أولا يجب أن نعرف ماهية محور السورة و هو البينة فما هي البينة ؟و الإجابة كانت في السورة نفسها و هي الرسول الذي يتلو الصحف المطهرة .
ثانيا تحدث الله تعالى في بداية السورة عن حالة الناس قبل ظهور البينة و هي عدم الانفكاك و لم يقل من ماذا ، و هذه الحالة شملت كل أهل الأرض لانه قال أهل الكتاب وهم أصحاب الكتب السماوية و المشركين و هم غالبية سكان الأرض و لم يذكر فريقا و هم المؤمنون و هم متضمنون في عبارة الذين كفروا من أهل الكتاب أي أن هناك فريق لم يكفر ، أي أن هذا الفريق غير معني بالإنفكاك ، و اشترط الله تعالى حدوث الإنفكاك بظهور البينة أو الرسول ، أي أن ظهور البينة يستلزم حدوث انفكاك الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين .....و هذا يقودنا لسؤال مما يحدث هذا الإنفكاك؟
الله تعالى لم يذكر مما انفكوا مما يرجح أن الانفكاك يقع بمعنى التفكك الذاتي أو التفتت و ليس الإنفكاك من شيء محدد ، في المعجم ورد شرح فعل انفك
انفكَّ ينفكّ ، انفَكِكْ / انْفَكَّ ، انفكاكًا ، فهو مُنفكّ :-
• انفكَّ الشَّيءُ
- مُطاوع فكَّ : انفصلت أجزاؤه
و الشيء حين تنفصل أجزاؤه يصبح غير قادر على أداء ما كان يقوم به قبل الإنفكاك.
ثالثا التفرق حين ظهور البينة ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)) أي أنهم لم يكونوا متفرقين قبل ظهور البينة مع ملاحظة أن الله تعالى استخدم لفظة أوتوا الكتاب بدل أهل الكتاب ....و التي حسبما قرأت و رجح لدي أن تعني أهل العلم من أهل الكتاب فأهل الكتاب هم عامة من يؤمن بكتاب سماوي علماء و عامة الناس لكن الذين أوتوا الكتاب هم العلماء فقط .
و لتقريب المفهوم يجب ضبط معنى التفرق
تَفَرَّقَ: (فعل)
تفرَّقَ يتفرَّق ، تفرُّقًا ، فهو مُتفرِّق
تَفَرَّقَ النَّاسُ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ : تَشَتَّتُوا ، تَوَزَّعُوا ، كُلٌّ ذَهَبَ إِلَى حَالِ سَبِيلِهِ.
و هو يعطي نفس مفهوم التفكك و يؤكد عليه ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ............ مُنْفَكِّينَ ................حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)) و في الآية 4 ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ .......... إِلَّا............ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)) فالآية 4 جاءت لتأكيد حدوث انفكاك و تفتت و تفكك و تفرق أهل الأرض بعد ظهور البينة و ان هذا التفكك و التفرق سيشمل الجميع عامة الناس و علمائهم .
رابعا انقسام الناس الى قسمين لا ثالث لهماأي ليس هناك فريق ثالث لهم عذر كعدم وصول الرسالة اليهم فالجميع سيكون لديهم الخيار بين الايمان و الكفر و على حسب اختياراتهم يصنفون( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)) مع ملاحظة أن الله وصف الكفار هنا بانهم شر الخلائق و المؤمنون بانهم خير الخلائق .
سورة البينة هي السورة الوحيدة التي ذكرت فيها ثلاثة الفاظ لم تذكر في غيرها من السور و كل هذه الألفاظ جاءت بصيغة التأنيث :البينة( لم ترد مفردة و معرفة الا في هذه السورة لأنه يقصد بينة بعينها) القيمة (وهي الكلمة التي تجادلنا فيها كثيرا)،البرية( و هي مجموع الخلائق او العالمين و لم ترد بهذه الصيغة المؤنثة الا في هذه السورة) ورود هذه الالفاظ بصيفة التأنيث في هذه السورة فقط له دلالة.
1اذا أخذنا الرأي القائل بأن البينة هنا هي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، حين يقول تعالى ان الذين كفروا لم يكونوا منفكين قبل الرسول فهو ينطبق على النبي فالديانات السماوية كانت قائمة و لها اتباع رغم تعدد طوائفها و كانت تقوم بوظائفها كديانات و لكن أمر التفكك و التفرق لم يحدث بعد بعثة النبي بل أضيف دين جديد أصبح هو الاخر فيه طوائف عديدة قائمة تقوم بدورها و لم يحدث هذا التفكك و الانحلال داخل الديانات، على أية حال أمر الإنفكاك و التفرق التي ناقشناها من قبل لم يحدث أي منها بعد ظهور النبي صلى الله عليه و سلم فلا كفار أهل الكتاب و المشركين انفكوا عن كفرهم اذ بقي أغلب أهل الأرض على الكفر ، و هم من حيث الطوائف متفرقون قبل النبي صلى الله عليه و سلم لكنهم متفرقون لطوائف منظمة و لها أتباع كثر و لم تضمحل أو تتفكك بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم.و كذلك النزاع بين الديانات لم يحسم و يفك بل بقي الى يومنا هذا و هذا ما نشاهده و نراه خصوصا على النت اتباع كل ديانة يأتون بدلائل تفيد انهم على الحق و لم يظهر بعد ما ينهي هذا النزاع فان ظهر هذا الدليل انتهى النقاش و النزاع ......و يكون على الناس اما الايمان الصريح او الكفر الصريح البواح و هذا ما أقول أنه موضوع سورة البينة و هو واضح من العنوان .
اما لفظ القيمة الذي تناقشنا حوله فهو مربط الفرس و عليه فإن معناه يجب أن يكون منسجما مع سياق
السورة باكملها و التي تتمحور حول البينة (الرسول) و ما ستحدثه من اثر في اهل الكتاب و المشركين و نتيجة هذا التأثير .
فاول الأقوال ان الله يقصد ذلك الدين القيم فهو مردود لان اللفظ مختلف تماما .
ثاني الاقوال ان الله يقصد و ذلك دين الملة القيمة فهو ايضا مردود لان لفظ دين الملة غير صحيح اصطلاحا.
ثالث قول ان الله يقصد و ذلك دين الأمة القيمة فهو صحيح اصطلاحا لكنه يحدث خللا في سياق السورة فالله هنا يتحدث عن الرسول البينة و اثره على الناس و ليس على الامة و التي لم يرد ذكرها ابدا في السورة و لا حتى بكلمة تفيد معانها.
رابعا قول ان الله يقصد و ذلك دين الرسل القيمة فهو غير صحيح ، فالله تعالى لا يتبع كلمة رسل و هي مؤنث الا بما يفيد الذكورة ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)) البقرة قال فضلنا بعضهم و ليس بعضها و أيضا قوله تعالى( حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110))يوسف قال وظنوا و ليس و ظنت، حتى لفظ و ذلك دين الرسل القيمين لم يرد ابدا ما يشبهه في القرآن و هو متكلف و ليس فيه بلاغة.
و عليه و بعد ذكر كل ما سبق فان هذه السورة لا تظهر بالشكل المتناسق الكامل الذي تكمل فيه كل اية الأخرى و تتكامل في نسيج واحد الا ان اعتبرنا أن البينة هي الرسول هي القيمة و عليه فهذه الأحداث التي تتحدث عنها السورة هي أحداث نادرة جدا لا تحدث الا قبل قيام الساعة لأنها تكون في ختام هذه الدنيا أو الفصل الأخير الذي تكون في أمور عظام لم يسبق أن حدثت من قبل فيكون الناس اما مؤمن أو كافر و هذا لا يحدث الا في زمن الدابة كما قال صلى الله عليه و سلم.




التعديل الأخير تم بواسطة اكرام حسين ; 06-22-2018 الساعة 07:48 PM
رد مع اقتباس