عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-23-2018, 11:02 PM
بودادو
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ سفرًا أَقْرَعَ بينَ أزواجِه، فأيَّتُهنَّ خرَجَ سهمُها خرَجَ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم معه ، قالت عائشةُ: فأقرَعَ بينَنا في غزوةٍ غزاها، فخرَجَ فيها سهمي، فخرَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعدَ ما أُنْزِلَ الحجابُ، فكُنْتُ أُحْمَلُ في هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فيه، فسِرْنا حتى إذا فَرَغَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من غزوتِه تلك وقَفَلَ ، ودَنَوْنا مِن المدينةِ قافلين ، آذَنَ ليلةً بالرحيلِ ، فقُمْتُ حينَ آذَنوا بالرَّحيلِ ، فمَشَيْتُ حتى جاوزْتُ الجيشَ ، فلما قَضَيتُ شأني أقبَلْتُ إلى رَحْلي ، فلَمَسْتُ صدري فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قد انقطَعَ! فرَجَعْتُ فالتَمَسْتُ عِقْدي؛ فحَبَسَني ابتغاؤُه،

قالت: وأقبلَ الرَّهْطُ الذين كانوا يَرْحَلُون لي، فاحتملوا هُوْدَجي، فرَحَلوه على بعيري الذي كنتُ أركَبُ عليه ، وهم يَحْسِبون أني فيه ، وكان النساءُ إذ ذاكَ خِفَافًا لم يَهْبُلْنَ، ولم يَغْشَهُنَّ اللحمُ؛ إنما يأكُلْنَ العَلَقَةَ مِن الطعامِ ، فلم يَسْتَنْكِرِ القومُ خِفَةَ الهَوْدَجِ حينَ رَفعوه وحملوه، وكنتُ جاريةً حديثةَ السنِّ، فبعثوا الجملَ فساروا، ووَجَدْتُ عِقْدي بعدَ ما استمَرَّ الجيشُ ، فجِئْتُ منازلَهم وليس بها منهم داعٍ ولا مجيبٌ ، فتَيَمَّمْتُ منزلي الذي كنتُ فيه ، وظَنَنْتُ أنهم سيَفْقِدوني فيَرجِعون إليَّ ، فبينا أنا جالسةٌ في منزلي غلَبَتْني عيني فنِمْتُ ، وكان صفوانُ بنُ المُعطِّل السُّلَمِيُّ ثم الذَّكْوَانِيُّ مِن وراءِ الجيشِ ، فأصبحَ عندَ منزلي ، فرأى سَوادَ إنسانٍ نائمٍ، فعرفَني حين رآني ، وكان رآني قبلَ الحجابِ ، فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفَني ، فخَمَّرْتُ وجهي بجِلْبابي ، والله ما تكلَّمْنا بكلمةٍ ، ولا سَمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه ، وهوى حتى أناخَ راحلتَه ، فوَطِئَ على يدِها ، فقُمْتُ إليها فركِبْتُها ، فانطلَقَ يَقُودُ بي الراحلةَ حتى أَتَيْنا الجيشَ مُوغِرِين في نَحْرِ الظَّهيرةِ وهم نُزُولٌ .

في الرواية المنسوبة لعائشة أم المؤمنين عدة تضاربات؛ أولها ذكر تفاصيل لم يكن الراوي حاضرا ليشهدها ثم يرويها،
بحسب السياق تأخرت أم المؤمنين عن هودجها ابتغاء العثور على عقدها ( فرَجَعْتُ فالتَمَسْتُ عِقْدي؛ فحَبَسَني ابتغاؤُه )، لكن جاء في الرواية تفاصيل عن ما قام به حملة الهودج
أقبلَ الرَّهْطُ الذين كانوا يَرْحَلُون لي، فاحتملوا هُوْدَجي، فرَحَلوه على بعيري الذي كنتُ أركَبُ عليه ، وهم يَحْسِبون أني فيه ، وكان النساءُ إذ ذاكَ خِفَافًا لم يَهْبُلْنَ، ولم يَغْشَهُنَّ اللحمُ؛ إنما يأكُلْنَ العَلَقَةَ مِن الطعامِ ، فلم يَسْتَنْكِرِ القومُ خِفَةَ الهَوْدَجِ حينَ رَفعوه وحملوه، وكنتُ جاريةً حديثةَ السنِّ، فبعثوا الجملَ فساروا،)


ثانيا نلاحظ أن من كتب الأثر حاول جاهدا تبرير خطأ فادح في الرواية وهو عدم تمييز الرهط بين وزن الهودج فارغا وبين وزنه وأم المؤمنين بداخله وهذا لا يقبله عاقل، حتى وان سلمنا بالتبريرات الواهية التي قالت أنها كانت جارية حديثة السن و أنها كانت خفيفة الوزن وفرضنا جدلا أنهم لم يستغربوا سكون الراكب وسكوته أثاء رفع الهودج من على الأرض ووضعه على البعير، فهذا لا يمنع أبدا احساس الحملة بثقلها من عدمه حتى لو كان وزنها ثلاثين كيلوغرام أو أقل، فقد كان لها رهط خاصين بها بحسب الرواية ( الرَّهْطُ الذين كانوا يَرْحَلُون لي) أي أن عضلاتهم أعتادت على ذلك الوزن المقسم بينهم فاذا رفعوا الهودج وهم يعتقدون ان أم المؤمنين بداخله فسيتعملون نفس الجهد والقوة المستعملة في آخر توقف (قد يلزم نزول الراكب عدة مرات خلال الرحلة لقضاء حاجته أو ليرتاح البعير ويأكل ويشرب) فحتما سيشعر على الأقل أحدهم بالتغيير الكبير في وزن الهودج.

وأعتقد والله أعلم أن من حاول تبرير الخطأ ليس من كتبه في المقام الأول بل هو كاتب آخر فما الحكمة من كتابة عذر واهي ثم محاولة تبريره، كان ذلك سيزيد من احتمال كشف الناس لتدليسه والأولى أن يتراجع عنه ويحدفه لا أن يزيد الطين بلة.

ثالثا مرة أخرى يصف الراوي تفاصيل لم يكن شاهدا عليها اذ جاء في الرواية أن أم المؤمنين نامت في المنزل ( فبينا أنا جالسةٌ في منزلي غلَبَتْني عيني فنِمْتُ) مع ذلك نجد وصف لما قام به صفوان بن المعطل أثناء نومها ( وكان صفوانُ بنُ المُعطِّل السُّلَمِيُّ ثم الذَّكْوَانِيُّ مِن وراءِ الجيشِ ، فأصبحَ عندَ منزلي ، فرأى سَوادَ إنسانٍ نائمٍ، فعرفَني حين رآني ، وكان رآني قبلَ الحجابِ )



رد مع اقتباس