عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-04-2020, 08:47 AM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي غير متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,739
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي رفع الله المسيح إليه فلم يقل عرج به إلى السماء

يستشهد العلماء على انتقال المسيح من الأرض إلى السماء بقوله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء: 157، 158] وبقوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) [آل عمران: 55].

مع أن معنى الرفع في قوله (بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ)، وفي قوله (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) نقيض الوضع والخفض، كما في لسان العرب: "والرَّفْعُ ضدّ الوَضْع، رَفَعْته فارْتَفَع فهو نَقيض الخَفْض في كل شيء ...". ومنه الرفعة ضد الوضاعة، فيقال فلان رفيع المقام في قومه، وفلان وضيع بين قومه. أي رفع قدره، بأن شرفه، وكرمه، أي قربه إليه، قرب تشريف وتكريم. كما في قوه تعالى: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) [الشرح: 4]

وفي قوله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة: 11]

وفي قوله تعالى: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا) [الزخرف: 32]

وفي قوله تعالى: (مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ) [يوسف: 76]

وفي قوله تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) [الأعراف: 176]

وفي قوله تعالى: (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) [الأنعام: 165]

وفي قوله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ) [الأنعام: 83]

بينما (العروج) هو اللفظ الوارد في كتاب الله للتعبير عن الارتقاء إلى السماء، بمعني الصعود فيها، ونقيضه النزول منها كما في قوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) [الحجر: 14].

وفي قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) [السجدة: 5].

وفي قوله تعالى: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج: 4].

فإن كان الصعود في السماء يقال له العروج، وضده النزولل منها، بينما الدخول في جوف الأرض يقال له الولوج فيها، وضده الخروج منها، كما في قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) [سبأ: 2]، وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: 4]، فإن ذكر رفع المسيح، ونقيضه الخفض، فإنه لم يرد لفظ العروج للتعبير عن صعوده في السماء، وإن عرج به إلى السماء، فإن لفظ نزوله منها لم يرد له إدنى ذكر في القرآن الكريم.

فضلاً عن أن لفظ الرفع لم يقترن بظرف المكان [إلى السماء]، وهذا لا يثبت رفعه إلى السماء. وإنما اقترن الرفع باسم الله عز وجل، كما في قوله تعالى: (بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ)، أو بالضمير العائد عليه عز وجل، كما في قوله تعالى: (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ). إذن فالله عز وجل رفع المسيح إليه، ولم يعرج به إلى السماء.

إذن فالحكم بصحة النصوص المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تذكر نزول المسيح آخر الزمان، اتركز على فهم مخالف للغة القرآن الكريم، والذي يثبت رفع المسيح إلى الله عز وجل، بمعنى رفع درجته، وعلو مقامه، وتقريبه إلى ربه عز وجل. فإن بطل عروج المسيح إلى السماء، فإن نزوله آخر الزمان باطل. وإنما هذه عقيدة الصليبيين سربت من خلال طائفة من علماء المسلمين، حتى صارت من ثوابت العقيدة.





رد مع اقتباس