عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-28-2014, 07:10 AM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,737
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

علم الملكين هاروت وماروت والدجال
الكاتب: بهاء الدين شلبي.

من الملفت اقتران ذكر الفتنة بهاروت وماروت وبالملكين مع الدجال .. وقد نص القرآن صراحة وبإقرار الملكين على أنهما فتنة، فلم يذكرا أن علمهما هو الفتنة، قال تعالى: (وَمَا يُعَلِمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) [البقرة: 102]، وهذا يفهم منه أن الله عز وجل أرسل الملكين هاروت وماروت لفتنة الناس وامتحانهم .. مع ملاحظة أن ذكر الفتنة هنا مقترن بمن تعلم منهما العلم ما أنزل عليهما من علم

فإن كان سحرة الجن تلقوا عن الملكين هذا العلم ثم أدخلوه في علم السحر فازداد السحر قوة .. فلا مانع على الإطلاق أن يكون المسيح الدجال قد تلقى عن الملكين هذا العلم وبه يأتي بالمخاريق بإذن الله تعالى فتنة للناس .. وهذا العلم هو ما يفسر سر القوة التي مع الدجال وبه يحيي الموتى بإذن الله ويأمر السماء أن تمطر فتمطر
بإذن الله والأرض أن تنبت فنبت بإذن الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (...
وإنَّ من فتنتِه أن يُسَلَّطَ على نفسٍ واحدةٍ فيَقْتُلُها ، يَنْشُرُها بالمِنْشارِ حتى تُلْقَى شِقَّيْنِ ، ثم يقولُ : انظُرُوا إلى عَبْدِي هذا ، فإني أَبْعَثُه ثم يَزْعُمُ أنَّ له ربًّا غيري ، فيبعثُه اللهُ ، ويقولُ له الخبيثُ : مَن ربُّك ؟ فيقولُ : رَبِّيَ اللهُ ، وأنت عَدُوُّ اللهِ ، أنت الدَّجَّالُ ، واللهِ ما كنتُ قَطُّ أَشَدُّ بصيرةً بك مِنِّي اليومَ . إنَّ من فتنتِه أن يأمرَ السماءَ أن تُمْطِرَ ، فتُمْطِرُ ، ويأمرَ الأرضَ أن تُنْبِتَ ، فتُنْبِتُ . وإنِّ من فتنتِه أن يَمُرِّ بالحيِّ فيُكَذِّبونه ، فلا يَبْقَى لهم سائمةٌ إلا هَلَكَت . وإنَّ من فتنتِه أن يَمُرَّ بالحيِّ ، فيُصَدِّقونه ، فيأمرُ السماءَ أن تُمْطِرَ فتُمْطِرُ ، ويأمرُ الأرضَ أن تُنْبِتَ فتُنْبِتُ ، حتى تَرُوحَ مَواشِيهِم من يومِهِم ذلك أَسْمَنَ ما كانت ، وأَعْظَمَه ، وأَمَدَّه خَواصِرَ وأَدَرَّهُ ضُروعًا ...)

الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7875
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فالدجال هنا يدجل على الناس دينهم .. فيزعم أنه يبعث الموتى والحقيقة التي يخفيها أن الله هو من يبعث الموتى .. فقدر الله تبارك وتعالى فتنة الناس بأن يبعث الموتى على يد الدجال وهو كافر .. وكذلك قدر للملكين فتنة للناس .. وكذلك قدر لقارون ثروة عظيمة فتنة له وفتنة لأهل زومانه .. فلا يفوتنا أن الله تعالى آتى (قارون) المال فتنة له ولأهل زمانه، قال تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) [القصص: 79، 80]

فأنكر قارون فضل الله تبارك وتعالى عليه ونسب العلم لنفسه، قال تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) [القصص: 78]، ولو كان ماله جاء بعلم محرم لترتب على ذلك حرمة ماله، ولو كان ماله حراما لما طالبه الله تعالى أن يبتغي به الدار الآخرة، لقوله تعالى: (
وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ) [القصص: 77]، فالحرام لا ينال به الجنة، مما يؤكد أنه كان يحمل علما ربانيا وبه أتاه الله كل هذه الثروة الطائلة فكان عاقبة كفره كما قال تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) [القصص:81، 82]

ولقد امتحن الله تبارك وتعالى نبيه سليمان عليه السلام بالذي عنده علم من الكتاب، ليبلوه أيشكر أم يكفر فأحضر إليه عرش ملكة سبأ قبل أن يرتد إليه طرفه، فقال تعالى: (
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 40]، إذن فما يترتب على العلم من نتائج إنما هو فتنة وابتلاء للعباد ..

وإن كانت فتنة الدجال في الشبهات والحجج التي يبثها على الناس .. فهذا دليل على أن موعد خروجه سيكون مقترنا بزمن يفيض فيه العلم فيضا بين الناس .. ولا أحسبه إلا زماننا الذي انفتح الناس على العلم وصار في متناول الكبير والصغير ولا يملك أحد حجبه عن أحد من خلال شبكة المعلومات

قال صلى الله عليه وسلم: (.. غيرُ الدجالِ أخوفُني عليكم . إن يخرج ، وأنا فيكم ، فأنا حَجيجُه دونَكم . وإن يخرج ، ولستُ فيكم ، فامرؤ حجيجٌ نفسَه . واللهُ خليفتي على كلِّ مسلمٍ ..)

الراوي: النواس بن سمعان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2937
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم: (غيرُ الدجالِ أخوفُ على أُمَّتِي من الدجالِ ، الأئمةُ المُضلُّونَ)

الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 1989
خلاصة حكم المحدث: صحيح بمجموع طرقه

والأئمة المضلون هم أعلم الناس ولكنهم فتنوا بعلمهم فسخروه تبعا لأهواءهم وفتنوا حتى حسبوا أنفسهم مؤمنين والحقية أنهم خلاف ما يحسبون .. والشاهد على أن علماء المسلمين وأئمتهم في زمن الدجال كفار ومنافقين ويحسبون أنفسهم مؤمنين فيتبعوه على ما يبثه من شبهات فلم ينفعهم علمهم هو قوله صلى الله عليه عنهم: (من سمِع بالدَّجَّالِ فلينْأَ عنه ، فواللهِ إنَّ الرَّجلَ ليأتيه وهو يحسَبُ أنَّه مؤمنٌ فيتبعُه ممَّا يبعثُ به من الشُّبهاتِ ، أو لما يُبعَثُ به من الشُّبهاتِ)

الراوي: عمران بن الحصين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4319
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وخلاصة القول أن اقتران الملكين هاروت وماروت بالدجال هو فتنة له وللناس وابتلاءا لهم من الله عز وجل على ما حصلوه من انفتاح علمي ومعلوماتي .. وإن كان مع الدجال فليس نصرة له وإنما لتذكيره بأنهما فتنة ونهيا له عن المضي في كفره
قال تعالى: (وَمَا يُعَلِمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) [البقرة: 102]


يـتـبـع



رد مع اقتباس