عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-05-2014, 04:18 AM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,730
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بداية يجب أن تدركي أن الكثير من النصوص لم تصلنا والكثير من كتب المسانيد ضاعت ولا أثر لها .. وكثير مما وصلنا من النصوص وإن كان صحيح الإسناد إلا أن صحة الإسناد لا يلزم منها سلامة المتن من النقص أو التحريف أو الوضع والزيادة

والصياغة اللغوية في الأحاديث المذكورة وردت بالنفي بقوله (لم) والاستثناء بقوله (إلا) بما يفيد [الحصر] وهذا من الحصرالمجازي لا الحصر الحقيقي حيث ورد ذكر لنساء أخريات أوحى الله لهن ولم لهن ذكر في الحديث وهذا سوف أبينه

قال السيوطي في [الاتقان في علوم القرآن]:

النوع الخامس والخمسون في الحصر والاختصاص .

أما الحصر ، ويقال له : القصر ، فهو تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص .

ويقال أيضا : إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه .

وينقسم إلى : قصر الموصوف على الصفة ، وقصر الصفة على الموصوف .

وكل منهما إما حقيقي وإما مجازي .

مثال قصر الموصوف على الصفة حقيقيا ، نحو : ما زيد إلا كاتب ؛ أي : لا صفة له غيرها وهو عزيز لا يكاد يوجد لتعذر الإحاطة بصفات الشيء حتى يمكن إثبات شيء منها ونفي ما عداها بالكلية ، وعلى عدم تعذرها يبعد أن تكون للذات صفة واحدة ليس لها غيرها ؛ ولذا لم يقع في التنزيل .

ومثاله مجازيا : وما محمد إلا رسول [ آل عمران : 144 ] ؛ أي : أنه مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبري من الموت الذي استعظموه الذي هو من شأن
الإله .

ومثال قصر الصفة على الموصوف حقيقيا : لا إله إلا الله [ محمد : 19 ] ، ومثاله مجازيا : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة الآية [ الأنعام : 145 ] ، كما قال الشافعي فيما تقدم نقله من أسباب النزول : إن الكفار لما كانوا يحلون الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ، وكانوا يحرمون كثيرا من المباحات ، وكانت سجيتهم تخالف وضع الشرع ، ونزلت الآية مسوقة بذكر شبههم في البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ، وكان الغرض إبانة كذبهم فكأنه قال : لا حرام إلا ما أحللتموه ، والغرض الرد عليهم والمضادة لا الحصر الحقيقي ، وقد تقدم بأبسط من هذا .

المصدر:
الكتب - الإتقان في علوم القرآن - النوع الخامس والخمسون في الحصر والاختصاص - تعريف الحصر- الجزء رقم2

إلا أنه هناك من كملن من النساء وأوحى الله تبارك وتعالى لهن ولم يرد لهن ذكر في الحديث .. بينما ورد لهن ذكر في كتاب الله والسنة .. وأن الله عز وجل أوحى لهن على سبيل المثال لا الحصر:

_ زوج آدم عليهما السلام (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ) [الأعراف: 22]

_ وأوحى الله تبارك وتعالى إلى أم موسى عليهما السلام فقال: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص: 7]

وقال تعالى: (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: 39]

_ أم اسحق عليهما السلام كلمتها الملائكة في قوله تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ * قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) [الذاريات: 29، 30]

وفي قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) [هود: 71؛ 73]

_ ثم ما قولك في أم إسماعيل عليهما السلام؟ وتنبهي لأمر عظيم خاص بها .. وفعل قامت به فصار ركن من أركان فريضة الحج والعمرة لا تكتمل إحداهما إلا بالعمل بسنتها وهي السعي بين الصفا والمروة قال تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 168]

ولقد نزل على أم إسماعيل الوحي وكلمها الملك ورغم عظم مكانتها لم يرد لها ذكر في الأحاديث هنا .. وهذا في حديث قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولُ ما اتَّخَذَ النساءُ المِنْطَقَ من قبلِ أم إسماعيلَ ، اتخذتْ مِنْطَقًا لتُعفي أَثَرها على سارةَ ، ثم جاء بها إبراهيمُ وبابنها إسماعيلَ وهي ترضعُهُ ، حتى وضعها عند البيتِ ، عند دَوْحَةٍ فوق زمزمَ في أعلى المسجدِ ، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ ، وليس بها ماءٌ ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جِرَابًا فيهِ تمرٌ ، وسقاءً فيهِ ماءٌ ، ثم قَفَّى إبراهيمُ منطلقًا ، فتبعتْهُ أمُّ إسماعيلَ ، فقالت : يا إبراهيمُ ، أين تذهبُ وتتركنا بهذا الوادي ، الذي ليس فيهِ إنسٌ ولا شيٌء ؟ فقالت لهُ ذلك مرارًا ، وجعل لا يتلفتُ إليها ، فقالت لهُ : آللهُ الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يُضَيِّعُنَا ، ثم رجعتُ ، فانطلقَ إبراهيمُ حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ حيثُ لا يرونَهُ ، استقبلَ بوجهِهِ البيتَ ، ثم دعا بهؤلاءِ الكلماتِ ، ورفع يديهِ فقال : ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) - حتى بلغ - (يَشْكُرُونَ) . وجعلت أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ وتشربُ من ذلك الماءِ ، حتى إذا نفذَ ما في السِّقَاءِ عطشتْ وعطشَ ابنها ، وجعلت تنظرُ إليهِ يَتَلَوَّى ، أو قال يتلبَّطُ ، فانطلقت كراهيةَ أن تنظرَ إليهِ ، فوجدتِ الصفا أقربُ جبلٍ في الأرضِ يليها ، فقامت عليهِ ، ثم استقبلتِ الوادي تنظرُ هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا ، فهبطتْ من الصفا حتى إذا بلغتِ الوادي رفعتْ طرفَ درعها ، ثم سعت سعيَ الإنسانِ المجهودِ حتى إذا جاوزتِ الوادي ، ثم أتتِ المروةَ فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا ، ففعلت ذلك سبعَ مراتٍ ). قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( فذلك سعيُ الناسِ بينهما ) . (فلما أشرفت على المروةِ سمعت صوتًا ، فقالت صَهْ - تريدُ نفسها - ثم تَسَمَّعَتْ ، فسمعت أيضًا ، فقالت : قد أُسْمِعْتُ إن كان عندكَ غَوَاثٌ ، فإذا هي بالمَلَكِ عند موضعِ زمزمَ ، فبحث بعقبِهِ )، أو قال : (بجناحِهِ ، حتى ظهرِ الماءِ ، فجعلت تَحُوضُهُ وتقولُ بيدها هكذا ، وجعلت تغرُفُ من الماءِ في سقائها وهو يفورُ بعد ما تغرفُ ). قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( يرحمُ اللهُ أم إسماعيلَ ، لو كانت تركت زمزمَ - أو قال : لو لم تغرف من الماءِ - لكانت زمزمُ عينًا معينًا ) . قال : (فشربت وأرضعتْ ولدها ، قال لها الملَكُ : لا تخافوا الضَّيْعَةَ ، فإنَّ ها هنا بيتُ اللهِ ، يبني هذا الغلامُ وأبوهُ ، وإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهلَهُ . ...).

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3364
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

.. بينما هناك من ذكرن في الأحاديث ولم يرد لهن أدنى ذكر في كتاب الله تعالى رغم عظيم دورهن مثل خديجة عليها السلام على سبيل المثال لم يرد أن الله عز وجل أوحى إليها ولم يرد لها أي ذكر فيما أعلم في كتاب الله عز وجل ورغم هذا وردت في النصوص ممن اكتملن

خلاصة القول: أن الدابة ذكرت صراحة في نص كتاب الله العظيم ورغم التصريح بذكرها فإن أغلب النصوص حولها مكذوبة ومتضاربة .. ومستبعد تماما أن تذكر في كتاب الله تعالى ثم لا يصلنا من النصوص عنها في السنة إلا بالقدر الضئيل جدا .. فمحال لم يتكلم عنها النبي عليه الصلاة والسلام باستفاضة مبينا ما أنزل في كتاب الله تعالى .. ومحال أن الصحابة لم يسألوه عنها .. لكن من غير المستبعد أنه تم إخفاء النصوص عنها عمدا كما تم تحريف أغلب ما ورد عنها عمدا .. فمن اقترف جريمة التحريف لا يستبعد عنه مطلقا أن اقترف جريمة الإخفاء ليضل المسلمين عنها ... ولكن يكفي اللبيب ذكرها في كتاب الله تعالى وفيما صح من السنة ليعقل ما أخفي عنه

هذا والله أعلم



رد مع اقتباس