عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 04-05-2014, 11:37 PM
أبو الياس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس البكاء هو المهم ، بل المهم هو حالة القلب وماينتج عنها من أفعال ، فالبكاء قد يكون بكاءاً خداعاً ليوهم الإنسان بما ليس في قلبه ، فيظن أنه بكى على معصية الله ، لكن واقع قلبه أنه بكى لأن الشيطان انتصر عليه سنين طوال ، فالبكاء قد يعمي على العقل ، فهو عندما يبكي ، يبكي استجابة لوسوسة الشيطان بأنه قد انتصر عليه ، والباكي يظن أنه بكى بسبب معصيته ، فيخدعه الشيطان فيزداد سيطرة عليه.

ودوام البكاء على المعصية يدل على خلل في العقيدة والإيمان بأسماء الله وصفاته ، فمن يعلم يقيناً ان الله غفور ، سيعلم أن الله سيغفر له لا محالة اذا ندم قلبه ، أما استمراره بالبكاء دليل على عدم يقينه بأن الله غفور يغفر لمن تاب وندم قلبه، فالندم محله القلب وليس العين .

والانسان الصادق هو من تسبق أفعاله دموعه ، فالقلب الذي احترق بسبب عصيانه لن يجد وقتاً للبكاء بل سينهض وينتفض في لحظة ويحاول تعويض ما فاته من العمر ليعوض المعاصي بالطاعات ، والهجران بالقربات ، بل إن البكاء يطفئ حرقة القلب ويخمد نارها ، فقد يبكي الإنسان دقائق معدودة فيشعر أنه تاب وأدى ماعليه ثم يعود على ماكان عليه من معصية بقلب بارد ووسوسة مستمرة ، أما الأفعال فتزيد من الهمة ويستقل العبد أعماله مهما عظمت ، فيكون في حالة عطاء مستمرة مع تواضع وخضوع مستمر لله تعالى.

كمثل الأم تضرب ابنها ، فاذا ندمت لن تجدها تبكي أن ضربت ابنها وتتركه ، بل ستحنو عليه وتضمه وتقبله وتعطيه إلى أن يرضى، فمشاعر الأمومة والرحمة هي مشاعر صادقة من قلبها فنتج عنها أفعال سريعة .

لست أقول بمنع البكاء ، ولكن البكاء لتفريغ الألم الناتج من الظلم او القهر او الندم هو أمر غير سليم ، لأن بالبكاء تزداد حالة الانسان سوءا ويترسخ في باله دوام ماهو عليه من حال فيقنط في أعماق قلبه فيتمكن منه الشيطان وهو لا يعلم ، أما السبيل الصحيح لتفريغ هذه الشحنات هو اللجوء إلى الله والدعاء ، فالدعاء هو عماد الدين و نور السماوات والأرض ، وهو سنة الأنبياء والرسل عند كل ظلم او قهر أو حزن .

فيعقوب عليه السلام لم يعش عمره يبكي على يوسف بل كان حاله كما قال الله تعالى ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) [ يوسف:86]

ويونس عليه السلام لم يبقى في بطن الحوت باكياً ، بل ظل يردد كلمات خالدة بقلب صادق ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) [الأنبياء:78-88]




التعديل الأخير تم بواسطة أبو الياس ; 04-05-2014 الساعة 11:44 PM
رد مع اقتباس