بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
منتـدى آخـر الزمـان  

العودة   منتـدى آخـر الزمـان > منتدى الباحث الشرعي [بهاء الدين شلبي] > مناقشة الأبحاث والدراسات > الأبحاث والدراسات

الأبحاث والدراسات
جميع أبحاث ودراسات الباحث: بهاء الدين شلبي.(للاطلاع فقط والمناقشات في قسم مناقشة الأبحاث والدراسات).

               
 
  #1  
قديم 04-02-2019, 12:08 PM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,729
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي حصري: اختراق الجن للسدود والحواجز

اختراق الجن للسدود والحواجز



الكاتب: بهاء الدين شلبي.

اختص الله تعالى الجن بقدرات خاصة تفوق قدرات الإنس، ومن هذا لا يصح عقلا أن نقيس قدرات الجن الفائقة على قدراتنا المحدودة، وأن نتنبه إلى أن الشرع لم يذكر كل خصائص عالم الجن على وجه التفصيل، ولكن هناك إشارات توضح لنا تفوق قدراتهم على قدراتنا، ومن خلال الاحتكاك بهذا العالم المغاير ووفق المعايير الشرعية نكتشف كل يوم الجديد من خصائص عالمهم التي تعد غريبة ومدهشة لنا، ومن هذا يمكن أن نقول بإمكان للجان اختراق الحواجز والسدود، ولكن هذا كلام ليس على إطلاقه، فله استثناءات، قدر ندرك بعضها ويخفى علينا الكثير منها، لكن يجب أن نضع قاعدة أن كل شيء ليس على عمومه فهناك دائما استثناءات، والشاهد على قدرة الجن على اختراق السدود، ما صح عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم قال الشيطان‌:‌ لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان‌:‌ أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال‌:‌ أدركتم المبيت و العشاء).‌

فإننا إذا أغلقنا باب البيت وذكرنا اسم الله لم يدخل الشيطان، وإذا لم نذكر اسم الله دخل رغم غلق، إذا فغلق الباب لا يمنع الشيطان من دخول البيت، هذا باعتباره جنا، مما يثبت قدرة الجن عموما على اختراق الحواجز والسدود، وكل قاعدة ولها استثناء، فما ذكر اسم الله عليه عجز الشيطان فقط عن اختراق، وهذا نص خاص مقيد بالشياطين، فلا يشمل عوامر البيت من الجن المسلمين، مما يعني أن لهم القدرة وحدهم على اختراق ما ذكر اسم الله عليه، وهنا إذا ضعفوا وتمكن الشيطان أو الساحر من الضغط والتأثير عليهم بالمساومة على أعراضهم مثلا، أمكن له تمرير ما أرده من خلالهم، ويضعف الجن المسلمين ببعد أهل البيت عن ذكر الله، ويقوى بتقربهم له عز وجل، لاحظ من الحديث السابق أن الشيطان يتكلم من داخل البيت، لقوله (لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا) فقوله (ها هنا) ظرف مكان عائد على البيت، أي أن الشيطان يتكلم من داخل البيت، مما يدل على أنه قرين صاحب البيت، لأن القرين مقترن بصاحبه حيث ذهب كان معه، فيستطيع الدخول والخروج رغم غلق الباب، وهذا استثناء أيضا، هذا بخلاف الحمام فعن زيد بن ارقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل ‌:‌ أعوذ بالله من الخبث و الخبائث)، فالخلاء وهو جزء من البيت تحضره الشياطين فرغم ذكر اسم الله تبارك وتعالى حين دخول البيت، إلا أن التعوذ قبل دخول الخلاء واجب على كل حال من الأحوال أذكر اسم الله حين دخول بيته أم لم يذكره، فإن كان الجن المسلمين يعمرون البيت، فإن الشياطين يعمرون الخلاء والحمامات.

قال تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَؤُاْ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 38؛ 40].

فقياسًا على أن الجن يستطيعون حمل عرش من بلد إلى الآخر، فإن حمل الإنسان من مكان إلى الآخر يعد أسهل وأهون لخفة وزنه عن وزن العرش، والشاهد هنا قدر الجن على اختراق جدران قصر ملكة سبأ بجماد، ونقله إلى القدس، فإذا كان للجن القدرة على نقل جماد مادي واختراق مادة الجدران به، فمن باب أولى أن يخترق الجان الجدران والحواجز والسدود.

وباعتبار أن الروحانيون يتعاملون مع الجن، والقرائن تحديدًا، لا أرواح الموتى كما قد يفهم من ظاهر مزاعم أهل الكتاب، والذين ينكرون وجود الجن، ويؤمنون بالأرواح والشياطين باعتبارهم ملائكة ساقطين، فهناك حادثة مسجلة تثبت تفوق قدرت الجن على قدرات البشر، وتؤكد قدرة الجن على خطف إنسان وحمله من مكان إلى الآخر في أقل من لحظة، وهي تشابه إلى حد كبير قصة نقل الجن عرش بلقيس من سبأ إلى القدس، وهناك قصة مسجلة تؤكد قدرة الجن على نقل شيء مادي، واختراق الحواجز والسدود بهذا الشيء من مكان إلى الآخر.

ذلك (ما حدث في جلسة روحية عقدت بتاريخ 23يونيه سنة 1871 بالمنزل رقم 16 بشارع لامز كوندويت Lamb’s Conduit، بحي هاي هولبورن High Holburn، الذي يقع بمدينة لندن. وكان وسيطاها فرانك هيرن Frank Herne ووليامز Williams، وكانا متزاملين دائمًا منذ شهر يناير من ذلك العام. وكان الوسيطان (كالمعتاد) مقيدي الوثاق، والأبواب محكمة الإغلاق، وقد ألف المختبرون تجسد روحين بصفة دائمة وهما جون كنج J. King وكريمته كاتي كنج Katie King. وهذان الروحان كثيرًا ما يعملان معًا في الجلسات، ويشار إليهما مجتمعين معًا في كثير من التقاريرالروحية، وسجلات الباحثين الروحيين.

وفي هذه الجلسة أشارت كاتي إلى أنها قد سئمت المجلوبات العادية كالخواتم، والأحجار الكريمة وغبرها، وأن والدها قد حذرها من الإفراط في استخدام طاقتها الأكتوبلازمية، لكنها تريد مع ذلك الاستمرار في سبيلها. وعندئذ قال لها هازلاً الأستاذ وليام هاريسون W.Harrison رئيس تحرير مجلة (الإنسان الروحي) الذي كان موجودًا: (لماذا لا تحضرين السيدة جابي Guppy(أجنس نيشول)؟) أثارهذا الاقتراح الفريد ضحك باقي الحاضرين الذين كانوا يعرفون السيدة جابي بوصفها وسيطة مشهورة، وعرف عنها ضخامة الجسم لطولها وبدانتها. وعندئذ قبلت كاتي التحدي قائلة: (نعم سأفعل ذلك، وسأحضر السيدة جابي!). فأجابها الحاضرين: (كلا لا ينبغي أن تفعلي ذلك إذ قد تلحقين ضررًا بالمرأة المسكينة). لكن كاتي أجابت بإصرار (كلا سأفعل ذلك).

وكانت السيدة جابي تجلس في ذلك الوقت في منزلها بحي هايبوري Highbury على بعد ثلاثة أميال، بجوار المدفأة ممسكة دفترًا وقلمًا، وتجلس في مواجهتها صديقتها الآنسة نيلاند Neyland تتصفح جريدة. وعندئذ سعلت السيدة جابي قليلاً، فلما التفتت إليها صديقتها وجدتها اختفت تاركة مكانها ضبابًا خفيفًا، وذيلاً من الضوء بجوار السقف.

وأولئك الجالسون في الدائرة الروحية يقررون أنه لم تمض سوى ثلاث دقائق منذ الوقت الذي أعلنت فيه كاتي كنج عن رغبتها في إحضار السيدة جابي حتى سمعوا صوت ارتطام جسم ضخم في منتصف منضدة الجلسات. وشعر السيد إدواردز بأن يد تمس رداءه، وعندئذ أضاء أحدهم ثقابًا فشوهدت السيدة جابي واقفة وسط المائدة، وبيدها قلم ودفتر كانا في يدها من قبل، وكانت يدها اليمنى التي تمسك بالقلم تخفي وجهها كما لوكانت تحاول أن تدرأ أمرًا ما.

وكان يبدو عليها الذهول عن الحاضرين، ولم تجب بالتالي عن أسئلتهم. ونصح جون كنج الحاضرين بأن يدعوها هادئة لبضع دقائق: (وستصبح حالاً في حالة طيبة). وبعد أربع دقائق تحركت السيدة جابي لأول مرة منذ وصولها في الساعة الثامنة إلا عشر دقائق، وزفرت زفرة حادة من شدة تبرمها، وبدا عليها أنها بدأت تشعر بوجود الحاضرين وبأنها ترتدي ملابسها المنزلية المتواضعة. ثم قالت شاكية: (لكنني لم أكن أبدًا مستعدة للخروج خارجًا، ولم أرتد حتى الحذاء) وبمجرد إبدائها هذه الشكوى أخذت ملابسها تساقط من السقف بما في ذلك حذائها، وقبعتها، وبض عيدان من صنف خضاركانت تجري طهيه في منزلها!.

ودون محضر تفصيلي بمعرفة الدكتور إبراهام وألماس Abraham Wallace نشر في مجلة الضوء Light موقعًا عليه من الحاضرين وعددهم أحد عشر شاهدًا. كما نشرت الواقعة في مؤلف عن (الروحية الحديثة Modern Spiritualism) للعلامة الدكتور فرانك بودمور Frank Podmore (ج2 ص 259) (وهو من أكثر الباحثين حذرًا في قبول الوقائع) حيث يقرر أن المحققين انتقلوا بعد حدوث الظاهرة إلى منزل السيدة جابي ووجدوا فيه صديقتها ليلاند التي روت لهم كيف أنها منذ ساعة أو ساعتينكانت تجلس مع السيدة جابي بجوار المدفأة يتحادثان عندما وجدت زميلتها قد اختفت بغتة تاركة وراءها ذيلاً من الضوء بجوار السقف).

وبطبيعة الحال كان للواقعة دويهافي الصحف والمجلات الروحية والعادية، وأثارت نقاشًا ضخمًا في كل البيئات. لكن عوامل الثقة فيها كثيرة، وقد نشرتها (موسوعة العلم الروحي) على أنها واقعة ثابتة علميًا. كما نشرها الدكتور ناندور فودور Nandor Fodor صاحب الموسوعة في مؤلفه بعنوان (العقل فوق الفضاء Mind Over Space). ( )

أما داخل الجسم فإن الشيطان يتخذ له مسارات يتحرك خلالها، هذا بالرغم من قدرته على الوصول إلى هدفه مباشرة مخترقا جميع أعضاء الجسم، والشاهد من قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا)، فالشيطان يجري مجرى الدم وهذا مسار محدد له داخل الجسم، حتى يصل إلى القلب فيوسوس، رغم أنه كان من السهل عليه الوصول مباشرة إلى القلب بدون الجريان في هذه المسارات المحددة، وهذا استثناء جدير بأن نلتف إليه، إذا فهناك سبب ما وسر هام جدا وراء لزوم الشيطان هذه المسارات داخل الجسم البشري، وذا بحاجة مني إلى بحث وتحري في هذه المسالة، ومثل هذه المسائل الدقيقة هي ما تشغل بال المعالج الباحث.

لكني توصلت مؤخرا إلى أن بالفعل للجن مسارات محددة داخل الجسم، تبدأ من باطن القدم، وتمتد في مسارات محددة داخل الساق حتى تصل إلى الركبة، ومنها إلى (العصعص) أو (عجب الذنب)، فمنه يركب جسم الإنسان، وما أدراك مدى أهمية هذا العضو بالنسبة للجن، وأهميته في حياة الإنسان، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق و منه يركب)، حقيقة لا يزال هذا الجزء من جسم الإنسان لم يحظى بحقه من البحث والدراسة العلمية والتشريحية حتى اللحظة، فمن الأسرار الجديدة التي أطرحها على المعالجين، أن الجن يخترق الجسم حتى يصل إلى (العصعص) أو (عجب الذنب)، ومنه ينطلق إلى السيطرة على كامل الجسم.

فمن علامات المس والسحر وجود آلام في موضع هذا العضو الصغير جدا، وبالضغط بالإبهام مع الرقية على هذا العضو يستهل المريض صارخا من شدة الألم المبرح، وقد يحضر الجن مرغما، بل قد تنطلق الشياطين هاربة من الجسم أيضا، هذا حسب التزام المريض بالمنهج الشرعي والعلاجي المحدد له، وعلى المعالج مراعاة الضوابط الشرعية مع النساء، وهذا أمر لا يحتاج لشرح فهو من آداب مهنة الطبيب.

إن الذي يمنع الشيطان من تناول الطعام أنه محرم عليه فلا يستحله إلا إذا تركنا ذكر اسم الله على طعامنا، فعن‏ ‏حذيفة ‏‏قال‏ :كنا إذا حضرنا مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فيضع يده وإنا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كأنها ‏ ‏تدفع ‏ ‏فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذر سول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بيدها ثم جاء أعرابي كأنما ‏ ‏يدفع ‏ ‏فأخذ بيده فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: (‏‏إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها)، والشاهد هنا من قوله صلى الله عليه وسلم (‏‏إن الشيطان يستحل الطعام)، والاستحلال هنا يفيد التحريم في الأصل، والتحريم نوعان شرعي وقدري، والتحريم الشرعي الشيطان مخير فيه، كالزنا مثلا ورد نص تشريعي بحرمته، وإن كان من الممكن إتيانه، والتحريم القدري فلا اختيار للشيطان فيه ولا سلطة له على اختراقه، كحال المسيح الدجال، فإن مكة والمدينة محرم عليه دخولهما قدريًا،كما في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال ،إلا مكة والمدينة، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج الله كل كافر ومنافق)، والتحريم القدري هنا منوط بذكر اسم الله تعالى، فالشيطان يستحل بواسطتنا ما حرمه الله عليه قدريا، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليستحل بها) و(ليستحل به).

قال الإمام النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله تعالى عليه) ‏معنى (يستحل) يتمكن من أكله, ومعناه: أنه يتمكن من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى. وأما إذا لم يشرع فيه أحد فلا يتمكن. وإن كان جماعة فذكر اسم الله بعضهم دون بعض لم يتمكن منه, ثم الصواب الذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين أن هذا الحديث وشبهه من الأحاديث الواردة في أكل الشيطان محمولة على ظواهرها, وأن الشيطان يأكل حقيقة إذ العقل لا يحيله, والشرع لم ينكره , بل أثبته فوجب قبوله واعتقاده. والله أعلم.) ا. هـ

وظاهر الأمر أن الذي يمنعه هو حصانة ربانية من الله عز وجل حرز بها أرزاق البشر، وإلا لأفسدت الشياطين الزروع والثمار والمواشي والأنعام وحرمت البشر من رزقها، لكن الشياطين تمكنت من إفسادها عن طريق عملائهم من السحرة والمفسدين في الأرض، فلا يكفي غلق الباب حتى لا يفتحه الشيطان، ولكن لا بد من ذكر اسم الله حتى يغلق الباب غلقا فعليا يمتنع معه دخول الشياطين إلى البيت، لقوله صلى الله عليه وسلم: (وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا)، وقبل ترك التسمية فهو مغلق قدريا بحصانة ربانية من الله عز وجل، فإذا أغفلنا ذكر الله انقطعت عنه الحصانة الربانية وفتح الباب للشيطان.

وإن مهمة الشيطان هنا ليست فقط مجرد التهام الطعام، أو البحث عن مسكن يأوي إليه، وإلا فقصور أثرياء الكفار العامرة وعالم الجن فيه من أصناف الطعام والشراب ما يكفيه، ولكن له أهداف أخرى وراء ذلك كله، فهو يحضر عند كل شيء من شأن من شؤوننا، ففي الحديث عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة)، أي أن الشيطان في شغل وتربص بنا وبأرزاقنا، فللشيطان هدفان رئيسيين فالأول يشاركنا أرزاقنا، والثاني يفسد علينا صالح أعمالنا، فلا يتفق أن يترك الشيطان عمله الذي نذر نفسه له وهو التسلط علينا، لمجرد إدراك المبيت والطعام والشراب، فإن لم يدخل بيوتنا ولم يأكل معنا فسوف يجد رزقه بعيدا عنا.

يجب أن نضع في اعتبارنا أن لكل تحصين فترة صلاحية، بعدها يفقد صلاحيته ويحتاج إلى تجديد، وقد حدد الحديث الشريف مدة صلاحية التحصين بفترة المبيت، وهو مدة الإقامة والمكث في البيت، فهي تبدأ من دخول الرجل بيته وذكر اسم الله عند غلق الباب، وتنتهي بانتهاء المبيت في بيته، وينتهي المبيت عادة بخروج المرء من بيته، فقد يستمر المبيت من ليلة وحتى الصباح، وقد يستمر عدة أيام يبيت المرء فيها داخل بيته فلا يخرج منه، وخلال هذه المدة هو غير ملزم بتكرار التحصين ما لم يخرج ويرجع مرة أخرى، فيبقى البيت بدون تحصين إلى أن يدخله مرة أخرى ، والشياطين طوال هذه الفترة لا حاجة له إلى دخول البيت، لأنه مع صاحبه خارج البيت ليفسد عليه دينه ودنياه.

وهناك فائدة أخرى، وأمر جدير بنا ذكره، أن الجن المسلمين يعجزون عن عون إنسي من تلقاء أنفسهم، ما لم يستعن الإنسي بالله عز وجل، وإن استعان بغيرالله عز وجل عجزوا عن مد يد العون له، وتخلوا عنه تماما، لأن الاستعانة بغير الله تفتح الباب لتدخل الشياطين، وحينها لا مجال لدور الجن المسلمين إلا أن يدفعوا عن أنفسهم صولة الشياطين بسبب سوء عمل أهل البيت، ومن أوجه الاستعانة بالله عز وجل ذكر اسم الله عند كل شيء من أمورنا، فالذي يمنع الشياطين من دخول البيت، بعد ذكر الله وجود عوامر البيت من الجن المسلمين، فالله يدفع بهم عن بيوت الإنس، وسبب ذلك أنهم مكلفون بمجاهدة شياطين الجن ودفع شرهم، قياسا على تكليف الإنس بالجهاد، فينتفعون بالطعام إذا ذكر اسم الله عليه، وكذلك يدركون المبيت إذا ذكر اسم الله حين الدخول، والشاهد من حديث علقمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ساله الجن المسلمين الزاد قال: (كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان عليه لحما وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم من الجن)، فمشاركة الجن المسلمين لنا في أرزاقنا مرهونة بكل ما ذكر اسم الله عليه.

أما في حالة عدم ذكر اسم الله فالشياطين تستبيح الطعام والمبيت، ولا مكان حينها لعمار البيت من المبيت والطعام، فيفقدون الحماية المطلوبة لهم بذكر اسم الله، فيتم فرارهم لتحل الشياطين محلهم في البيت، لأن مبيت الجن المسلمين وطعامهم قاصر على أن يذكر اسم الله عز وجل، وعلينا أن نتخيل كيف يمكن أن يكون حال بيوتنا وقد خلت اليوم من ذكر الله، ومن عمارها من الجن المسلمين والملائكة الأبرار، حتى إن ذكر الله انعدمت مقتضياته وحلت نواقضه، من سماع الغناء وفساد الممارسات العقدية، من تعليق التمائم، وترك الصلاة، وانتشار البدع والضلالات.‌





رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للسدود, الجن, احتراق, حصري:, والحواجز


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
تابعونا عبر تويترتابعونا عبر فيس بوك تابعونا عبر وورد بريس


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنتدى آخر الزمان©

تابعونا عبر تويتر