عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 05-01-2015, 01:12 AM
أمل بالله أمل بالله غير متواجد حالياً
عضو
 Algeria
 Female
 
تاريخ التسجيل: 02-12-2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,262
معدل تقييم المستوى: 12
أمل بالله is on a distinguished road
افتراضي

المبحث الرابع: مسألة صلب المسيح في الأناجيل والقرآن الكريم.

إن مما يؤكد بطلان عقيدة الخطيئة والفداء، قصة الصلب التي صـيغت لترسـيخ ذلـك المعتقد، وهذا البطلان يتضح من خلال مناقشة مسألة الصلب ؛ للوقوف على صحة ذلك المعتقـد من بطلانه.

أولاﹰ- صلب المسيح في الأناجيل:

روايات الصلب في الأناجيل :

القارئ في روايات قصة الصلب في الأناجيل الأربعة يسجل الكثير من الملاحظات التـي تنفي الصلب و القتل عن المسيح، وهذه بعض الملاحظات التي تسجل على الحادثة:

1 - شهود حادثة الصلب:

- الأناجيل دليل النصارى وحجتهم في عقائدهم، والصلب واحدة من تلك العقائـد التـي ترويهـا أناجيلهم، وعند تفحص تلك الأناجيل ورواتها الأربعة الذين شهدوا بصلب المسيح، فإن اثنين من الأربعة(مرقس ولوقا) لم يشاهدا المسيح، ولم يكونوا من تلاميذه، فكيف يعتبرون شهودا؟(20)

- ويزيد الشك في القضية عندما ذكر مرقس أن شهود الإثبات جميعا لم يحضروا واقعة الـصلب التي يشهدون فيها، حيث قال:(ﹶفأجاب يسوع و قال ﹶ لهم: ﹶكأنَّه على لِص خرجتم بسيوف وعـصي لتأخذوني، ﹸكلَّ يوﹴم كنتُ معكم في الهيكل أعلِّم ولم تمسكوني ولكن لكي ﹸتُكمَلَ الكتب، ﹶفتركه الجميع و هربوا )( مرقس 14/48ـ50 ).

وأيضا في إنجيل متى:( في تلك الساعة ﹶقالَ يسوع للجموع ﹺ:ﹶكأَّنه على لص خرجتُم بسيوف وعصيّ لتأخذوني ﹸكلَّ يوم كُنتُ أجلس معكم اُعَلِّمُ في الهيكل وﹶلم ﹸتمسكوني ، وأَما ﹶهذا ﹸكُّله ﹶفقد ﹶكان لكي تُكمَلَ كتبُ الأنبياء. حينئذ تركه التلاميذ ﹸكلّهم و هربوا)( متى26/55ـ56).

فكتبة الأناجيل الأربعة لم يحضر أحد منهم واقعة الصلب، بل لم ينقلوا عن أحد من تلاميـذ المسيح تلك الحادثة بنص الإنجيلين السابقين، فإذا كانت تلك هي البداية التي بدأتها روايـات الصلب، فكيف يمكن أن يصدقها عاقل ؟!.

- أما شهود الصلب فقد قال لوقا:(وكان جميع معارفه، ونساء ﹸكنَّ ﹶقد ﹶتَبِعْنَهُ من الجليل، واقفـين من بعيد ينظرون ذلِك)( لوقا23/49) .
فإنجيل لوقا لم يحدد من الموجود وقت الحادثة، بينما حددهم متى فقال:(وكانت هناك نساء ﹶكثيراتﹲ ينظرن من بعيد، وهنّ ﹸكنّ ﹶقد تبعن يسوع من الجليل يخْدُمْنَهُ ، وبينهن مريم المجدليةﹸ، ومريم أم يعقوب ويوسي، وأم ابنَي زبدي)( متى27/55ـ56).

واختلف مرقس مع متى حول سالومة وأم ابني زبدي:(وكانت َأيضا نساء ينظرن من بعيـد، بينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب الصغيرﹺ ويوسي، وساﹸلومةﹸ، اللَّواتي َأيضا تَبِعْنَهُ و خَدَمْنَهُ حين ﹶكان في الجليل. وأُﹶخَر ﹶكثيراتﹲ اللَّواتي صَعدْن معه إلى أورشليم)( مرقس15/40ـ41).

واختلف إنجيل يوحنا فذكر آخرين (وكانت واقفات عند صليبﹺ يسوع، أمه، وأخت أمـه مريم زوجةﹸ كِلُوبَا، ومريم المجدلية)( يوحنا19/25) .

هذه الملاحظات التي ﹸتسجل على شهود حادثة الصلب، والتي يفترض أن تتوافـق فـيذكر شهود روايتها بدلاﹰ من الاختلاف، تشهد على ضعف وتناقض رواتها؛ وعليه تنعـدم الثقـة بقصة الصلب .

فالمفروض في الروايات السابقة أن تتكامل وتتطابق حول قصة الـصلب إذا كانـت وحياﹰ كما زعم النصارى، ولكن عند قراءة تفاصيل روايات الصلب ﹸتُسجل عليهـا الكثيـر مـن التناقضات والاختلافات التي لا يمكن من خلالها التسليم بصدقها.

2- هل كان المسيح معروفاﹰ لدى اليهود والناس في زمانه أم لا؟

أجاب على ذلك المسيح -عليه السلام- بنفسه في الإنجيل كما ورد في يوحنا عندما سأله رئيس الكهنـة عن تلاميذه، وتعاليمه ( ﹶفسألَ رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن ﹶتعليمه.َأجابه يسوع:"أنا ﹶكلَّمتُ العالمَ علانية . أنا علَّمتﹸ ﹸكلَّ حينﹴ في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهودُ دائما. وفي الخفاء لم أتكلَّم بشيء)( يوحنا18/19ـ20 ) .

فالجميع يعرفون المسيح - عليه السلام - سواء أكانوا من الشعب ؟ أم اليهود أم الكهنة، وذلـك مـن خلال معجزاته التي اشتُهِرَ بها أمام الجموع من رد بصر للأعمى، أو إحياء الموتى بإذن اﷲ عز و جل وغيرها، فكيف يعطيهم يهوذا الذي سلمه لهم وخانه علامة عليه؟ فهـل كـانوا يجهلـون شخص السيد المسيح؟ أم كانوا يشكون في شخصه؟ ففي إنجيل متى:(وفيما هو يتكلّم، إِذﹶا يهـوذﹶا أحد الاثني عشر ﹶقد جاء ومعه جمعٌ ﹶكثير بسيوف وعصيّ من عند رؤَساء الكهنة وشيوخ الشَّعبﹺ. والَّذي َأسلَمَه أعطﹶاهم علاﹶمةﹰ ﹶقائِلاﹰ: الَّذي أقَبِّلُهُ هو هو. َأمسكوه. فللوقت تقدم إلى يـسوع وقال: السلاﹶم يا سيدي وقَبَّله. فقال ﹶله يسوع: يا صاحب، لِماﹶذا جئت؟ حينئذ تقدموا وألقوا الأيادي على يسوع وأمسكوه )( متى26/47ـ50)، بل وأكد ذلك إنجيل مرقس:(وكان مُسَلِّمُهُ ﹶقد َأعطاهم علاﹶمة ﹰﹶقائِلاﹰ:الَّذي أقبِّلُهُ هو هو. َأمسِكوه، وامضُوا به بحرص)(6مرقس14/44).

ومما يؤكد ذلك ما ذكر على لسان المسيح:(ﹸكلَّ يومﹴ كنت معكم في الهيكل أعَلِّمُ و لم تمسكوني)( مرقس 14/49).
فالمسيح - عليه السلام- شخصيته معروفة للجميع في زمانه، فهو لا يحتاج إلى مـن يـدلهم عليه بمثل تلك العلامة، والتناقض بين الجهل بشخص المسيح - عليه السلام - والمعرفة به ليؤكد كـذب قصة الصلب، إذ الأولى في مثل هذه القضية المركزية أن تتفق الروايات فيما بينها.

3ـ يهوذا مسِّلم المسيح :

من المعروف أن (يهوذا الاسخريوطي ) من تلاميـذ المـسيح - عليه السلام- الاثنـي عـشرالمذكورين في الأناجيل:( وهذه أسماء الاثني عشر رسولاﹰ: سمعان الَّذي دعي بطﹾرس ،وأنْدراوُس أﹸخوه ، ويعقوب بن زَبَدي، ويوحنا َأخوه؛ فليبُّس، وبرثُلماوُس؛ ﹸتوما، و مَّتـى جابي الـضرائب ﹺ؛ يعقوب بن حلْفَى، وتدَّاوُس؛ سمعان القانوي ؛ ويهوذﹶا الاسخريوطي الذي خانه.)( متي 10/2ـ4).

وقد بشر المسيح تلاميذه بالجلوس على اثني عشر عرشا ( حـسب عـددهم) ليـدينوا أسباط إسرائيل، عندئذ ﹶقالَ بطﹾرس: (ها ﹶنحن ﹶقد تركناﹸك َّ لشيء وتبعناك، ﹶفماذﹶا يكون ﹶنصيبنا؟ﹶ فأجابهم يسوع: الحق َأﹸقولُ ﹶلكم: إنَّه عندما يجلس ابن الانسان على عرش مجده في زمن التَّجديد ، ﹶتجلسون أنتم الَّذين تبعتموني على اثني عشر عرشاﹰ لتَدينُوا َأَسباﹶط إِسرائيلَ الاثني عشر. ﹶفأَيُّ من ترك بيوتاﹰ َأَو إﹾخوةﹰ أو أخوات َأَو َأباﹰ َأَ و أماﹰ أو أوﹶلاداﹰ َأو أراضي من َأجلِ اسمي، ينال مئة ضعف و يرﹸث ﹾالحياةﹶ الأبدية. و لكن أوّلون ﹶكثيرون يصيرو ن آخِرﹺين ، وآخِرون ﹶكثيرو ن يـصيرون َأَوّلِـين) (متي 19/27ـ30).

ولقد تعلقت بيهوذا مسائل عدة من أهمها:

أ- سقوط يهوذا:

سقط يهوذا الاسخريوطي وفاوض الكهنة لتسليم المسيح، فكيف يرافق يهـوذا المـسيح فـي الآخرة وقد وعد بالهلاك؟ قال متى:(عندئذ ﹶذهب واحد من الاثني عشر، وهـو المدعو يهـوذﹶا الإسخريوطي، إلى رؤَساء الكهنة، وقال: ﹶكم تعطونني لأُسَلِّمه إليكم؟ فوزنوا ﹶله ﹶثلاﹶثين قطعة مـن الفضة. ومن ﹶذلِك الوقت، َأخذﹶ يهوذﹶا يتحيّن الفرصة لتسليمه.)( متي26 /14ـ16 ).

وهذا النص يتناقض بشكل واضح فيما يتعلق بمكانة يهوذا السابقة ومصيره الـذي انتهـى إليه؛ ففي أول الأمر بشر المسيح تلاميذه الاثني عشر جميعاﹰ بالجلوس علي اثني عشر عرشاﹰ، ثـم يتوعد بالويل لمن سيُسلِّمُه، وأنه خير لذلك الرجل لو لم يولد:(وعند المساء اتكأ مع الاثني عشر . وبينما كانوا يأكلون، ﹶقالَ:الحقَّ َأقول لكم: إن واحداﹰ منكم سيُسسَلِّمني. فاستولى عليهم الحزن الشَّديد، وَ أخذ ﹸكلٌّ منهم يسأﹸله: هلْ َأنا يارب؟ ﹶفأجاب: الَّذي يغمس يده معي في الصَّحْفَة هو الَّذي يُسلّمني . إن ابن الإﹾنسانﹺ ﹶلابد َأن يمضي ﹶكما ﹶقد ﹸكُتب عنه، ولكن الويل لِذﹶلِك الرجلِ الَّذي على يده يُسَلَّم ابن الإنسان. ﹶكان ﹶخيراﹰ لِذﹶلِك الرجلِ ﹶلو ﹶلم يولد، فسأله يهوذﹶا مسلِّمُه:هلْ َأناهو يا معلم؟ َأجابه: َأنت ﹶﹸقلْتَ!)( متي 26 /20ـ25 ).

ووصل الأمر إلى نهايته فكانت خيانة يهوذا للمسيح: ( وفيما هو يتكلم، إِذﹶا يهوذﹶا، َأحد الاثني عشر، ﹶقد وصلَ ومعه جمع عظيم يحملون السيوﹶف والعصيّ، و قد أرسلهم رؤَساء الكهنة وشيوخ الشعب . و كان مُسَلِّمُه قد َأعطﹶاهم علاﹶمةﹰ ﹶقائِلاﹰ:َّ الذي أقَبّلُه ﹶفهو هو؛ ﹶفاقبضوا عليه! فتقدم في الحـالِ إِﹶلى يسوع و قال: سلام يا سيدي و قَبَّلَه، فقال ﹶله يسوع: ياصاحبي، لماذا َأﹾنتﹶ هنا؟ فتقدم ﹾالجمع وألقوا القبض على يسوع)( متي26/47ـ50 ) .

ومما سبق يتبين لنا التناقض في بشارة المسيح لتلاميذه الاثني عشر بالجلوس علي العرش، والنهاية التي انتهى إليها يهوذا وهو أحد التلاميذ المبشرين. كل ذلك يدل على تحريف الأناجيل وبطلان قصة الصلب التي ﹸذكرت فيها.

ب- نهاية يهوذا:

ذكرت نهايتان مختلفتان ليهوذا الأسخريوطي الذي خان المسيح وسعى في الدلالة عليـه مقابل ثلاثين درهماﹰ من الفضة، قال متى :( حينئذ ﹶلما رأَى يهوذﹶا الَّذي َأسلمه َأنَّه ﹶقد دِينَ، ﹶندم وردّ الثَّلاﹶثين من الفضة إلى رؤَساء الكهنة والشُّيوخ ﹺ ﹶقائِلاﹰ: ﹶقد أخطأت إِذﹾ سلمتﹸ دما برﹺيئا. فقالوا : مـاذﹶاعلينا؟ َأنت َأبصِرْ ﹶفطﹶرح الفضة في الهيكل وانصرفَ، ﹸثم مضى وخنق نفسه. فأخذ رؤَساء الكهنة الفضة و قالوا :ﹶلا يحلُّ َأن نلقيها في الخزانة ؛ َلأنَّها ﹶثمنُ دمﹴ. فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرةً للغرباء. لِهذﹶا سمي ذِلِك الحقلُ "حقل الدمﹺ" إلى هذﹶا اليوم.)( متى27/3ـ8).

ولكن سفر أعمال الرسل يحكي نهاية أخرى ليهوذا وردت في سياق خطبة بطـرس،حيث قال (وفي تلك الأيامﹺ ﹶقام بطﹾرس في وسط التَّلاﹶميذ، وكان عدةﹸ َأَسماء معا ﹶنحو مئَة وعشرين. ﹶفقالَ:َأيها الرجالُ الإخوة، ﹶكان ينبغي َأن يتم هذﹶا المكتوبُ الَّذي سبقﹶ الروحُ القدسُ فقاله بفم داودَ،عن يهوذﹶا الَّذي صار دَليلاﹰ لَّلذين ﹶقبضوا على يسوع، إِذﹾ ﹶكان معدودا بيننا وصار ﹶله ﹶنـصيٍبٌ فـي هذه ﹾالخدمة . ﹶفإنَّ هذﹶا اقتنى حقلا من أجرة الظُّلم، وإِذﹾ سقط على وجهه انشقَّ من الوسط، ﹶفانسكبت أحشاؤُه كلُّها. وصار ذِلِك معلوما عند جميعﹺ سكَّانﹺ أورشليم، حتَّى دعي ذَلِك الحقل فـي لغتهم"حقل دَمَا" َأَي: حقل دمﹴ.)(أعمال الرسل 1/15-19).

فالنصان اختلفا في جملة من الأمور:

- كيفية موت يهوذا، فإما أن يكون قد خنق نفسه ومات( فطرح الفضّة في الهيكل وانصرفَ، ﹸثـم مضى وخنق نفسَه)، وإمَّا أن يكون قد مات بسقوطه، حيث انشقت بطنه وانسكبت أحشاؤُه فمات (وإِﹾذ سقط على وجهه انشقَّ من ﹾالوسط، ﹶفانسكبتﹾ َأحشاؤه ﹸكُّلها)، فلا يمكن أن يمـوت يهـوذا مرتين، وبالطريقتين معاﹰ.

- من الذي اشترى الحقل، هل هو يهوذا ؟ (ﹶفإنَّ هذﹶا اقتنى حقلا من أجرةِ الظلم)، أم الكهنة الذين أخذوا منه المال؟(ﹶفأخذﹶ رؤَساء الكهنة الفضة و قالوا :ﹶ لا يحلُّ أنْ نلقيها في الخزانة َلأَنَّها ﹶثمـن دمﹴ . فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخارﹺي مقبرةً للغرباء)

- هل رد يهوذا المال للكهنة؟ (ﹶندم و رَدَّ الثَّلاﹶثين من الفضة إلى رؤَساء الكهنة والشُّيوخﹺ)، أم أخذه واشترى به حقلا ؟ (ﹶفإِنَّ ﹶهذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم).

4 - من الذي ألقى القبض على المسيح؟

ذكر لوقا أن رؤساء الكهنة جاءوا بأنفسهم للقبض على المسيح فقال:( ﹶقـالَ يـسوع لرؤَسـاءِ الكهنة و قُوَّاد جُنْدِ الهيكلِ والشُّيوخِﹺ المقبلين عليه:" ﹶكأَنَّه على لِص خرجتم بسيوف وعصي)( لوقـا.52/22)

وقال متى :(وفيما هو يتكلم، إِذﹶا يهوذا َأحد الاثني عشر ﹶقد جاء ومعه جمع ﹶكثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب)( متى 26/47)، وزاد مرقس بأن ذكر من الجمع (والكَتَبَة و الشُّيوخﹺ)( مرقس 14/43)، وذكر يوحنا أن الآتين هم( ﹶفأخذ يهوذا الجُنْدَ وخُدّاما من عند رؤَسـاء الكهنة والفريسيين )( يوحنا 18/3 )، ولم يذكر أي من الثلاثة مجيء رؤساء الكهنـة، فالتنـاقض ظاهر بين لوقا والباقين فيمن ألقى القبض على المسيح، ذلك التناقض يزداد أكثر فأكثر كلما حللنا روايات الصلب .

5 - عدد صيحات الديك .

تبع بطرس المسيح؛ ليرى محاكمته، وقد أخبره المسيح بأنه سينكره في تلك الليلـة ثـلاث مرات قبل أن يصيح الديك، قال لوقا:( إنَّك ﹶقبـلَ َأن يـصيح الـديك تُنْكِرُني ثَلاثَ مـرا ت) ( لوقا 22/61)، وفي متى:( إنَّك ﹶقبلَ َأن يصيحَ الديك تُنْكِرُنِي ﹶثلاﹶﹶث مرّات)( متـى 26/74 )، وفي يوحنا بعد أن أنكر ثلاث مرات (وللوقت صاح الدّيكُ)(يوحنا18/27)، لكن إنجيـل مـرقس ذكر الصياح مرتين(إَّنك ﹶقبلَ َأن يصيح الديك مرتين، ﹸتنكرنيﹾ ﹶثلاﹶث مرات )(مـرقس 14/72)، فالثلاثة ذكروا صياحا واحداﹰ بخلاف مرقس الذي ذكره مرتين، وذلك أيضا من التنـاقض الـذي يزيد من الشك في قصة الصلب.


6 - من الذي حمل الصليب المسيح أم سمعان؟

ذكرت الأناجيل الثلاثة الأولى: ( متى ، مرقس ، ولوقا) صدور حكـم بـيلاطس بـصلب المسيح، وخروج اليهود لتنفيذ الحكم، وفيما هم خارجون وجدوا رجلاﹰ يقال له سمعان، فحملوه صليب المسيح:

- ففي متى : (وفيما هم ﹶخارﹺجون وجدوا إنسانا ﹶقيروانيا اسمه سمعان، ﹶفسخَّروه لِيحمـلَ صـليبه. ولما أتوا إلى موضعﹴ يقال ﹶله جلْجثَة، وهو المسمى " موضع الجمجمة")( متى 27/32ـ33).

- وفي مرقس:( ﹶفسخَّروا رجلاﹰ مجتازا ﹶكان آتيا من الحقل، وهو سمعان القيرواني َأبو أَلَكْسَنْدْرُس ورُوفُس، ليحملَ صليبه)( مرقس15/21).

- وفي لوقا :( ولمّا مضوا به َأمسكوا سمعان، رجلاﹰ ﹶقيروانيا ﹶكان آتيا من الحقل، ووضعواعليه الصليب ؛ ليحمله خلْفَ يسوع)( لوقا 23/26 ).

لكن يوحنا خالف الثلاثة، فجعل المسيح حاملاﹰ لصليبه بدلاﹰ من سـمعان، قـال يوحنـا : (ﹶفأﹶخذﹸوا يسوع ومضوا به. ﹶفخرج وهو حاملٌ صليبه إلى الموضع َّ الّذي يقال ﹶلـه "موضـع ﹾالجمجمة" ويقال ﹶله بالعبرانية "جلْجثة"، حيثﹸ صلبوه)( يوحنا 19/16ـ18 ).

كالعادة تزداد التناقضات وها هي في حمل الصليب أيضاﹰ، فالأناجيل الثلاثة ذكـرت أنّ من حمل الصليب هو سمعان، في حين لم يذكر يوحنا شيئا عن سمعان القيرواني، بل ذكر أنّ عيسى هو من حمل الصليب، فأنى للقارئ تصديق مثل هذا المعتقد الـذي يلفـه مثـل ذلـك التناقض!.

7- آخر ما قاله المصلوب قبل موته .

ذكرت الأناجيل اللحظات الأخيرة في حياة المسيح، واختلفت في وصف المسيح فـي تلـك اللحظات، فقد صور متى ومرقس حالة المسيح باليائس القانط، قال متى: (وﹶنحو الساعة التَّاسعة صرخَ يسوع بصوت عظيمﹴ ﹶقـائِلاﹰ: إيلـي، إيلـي، لما ﹶشـبقْتَني؟)َأَي: إلهي، إلهي، لِمـاذا تَركْتني) (متى27/46 )، وقال مرقس: (وفي الساعة التَّاسـعة صرخ يـسوع بصوت عظيم ﹶقائِلاﹰ:" إلُوِي، إﹸلُوِي، لما شبقتني؟" ﹶالَّذي تفسيره: إلهي، إلهي، لِماذﹶا تركتني)( مرقس 15/34).

وأما لوقا فرأى أن تلك النهاية لا تليق بالمسيح، فصوره بحال القوي الراضـي بقـضاء اﷲ حيث قال: (وﹶنادى يسوع بصوت عظيمﹴ وقال: يا َأبتاه ، في يَدَيْكَ أستودعُ روحِي)( لوقا 23/46).

ولو كانت قصة الصلب حقيقية فإن ذلك يطعن في عيسى-عليه السلام-، ويؤكد أنه دجـال؛ لأن التوراة ذكرت أن مصير من يكذب على ﷲ-تعالى- القتل(وأَما النبي الذي يُطْغِي، ﹶفيتكلّمُ باسمي ﹶكلاﹶما لم أوصِهِ أن يتكلّمَ به، َأَوﹺ الذي يتكلّم باسمﹺ آِلِهة أخرى، ﹶفيموتﹸ ذِلِك النبيُّ.)( التثنيـة 18/20)، أي تكون نهايته القتل، فلو صح قتل اليهود للمسيح لصح ادعاؤهم بأن عيسى-عليه السلام- ليس نبياﹰ؛ بـل هـو كاذب دجال(21) .

وهناك الكثير من المتناقضات في الأناجيل فيما يتعلق بصلب المسيح، وقيامتة بعد دفنه، مما يجعل تلك القصة أضعف قصص الأناجيل، وعليه لا يمكن أن نصدق بعقيدة قامت على ذلـك الروايات الضعيفة وفيها ذلك الكم الكبير من المتناقضات، و التي بدورها تطعن و بشكل واضـح في صدق عقيدة الصلب و الفداء، و يترتب على ذلك عدم الاعتقاد بتوريث خطيئة آدم-عليه السلام- لذريته من بعده، التي صاغ النصارى من أجلها فكرة الصلب والفداء.




التعديل الأخير تم بواسطة أمل بالله ; 05-01-2015 الساعة 01:31 AM
رد مع اقتباس