باب اللام الداخلة في النداء بين المضاف والمضاف إليه
اعلم أن موقع هذه اللام في النداء كموقع اللام التي ذكرناها في الباب المتقدم في النفي بل هي تلك بعينها تدخل بين المضاف والمضاف إليه فتبقي الإضافة على حالها ولا تفصلها وإنما فرقنا بينهما وإن كان مجراهما ومعناهما واحدا للفرق بين الموضعين ومخالفة معنى النداء للنفي وأكثر هذه اللامات ترجع إلى معنى واحد وإنما كثرت واختلفت باختلاف موقعها وسنذكر أصول هذه اللامات ورجوعها إلى أصول تضمها في باب مفرد من هذا الكتاب إن شاء الله
وذلك قولك يا بؤس لزيد والتقدير يا بؤس زيد فأدخلت اللام مقحمة مزيدة ولم تفصل بين المضاف والمضاف إليه ومثل ذلك قول الشاعر:
يا بؤس للحرب التي *** وضعت أراهط فاستراحوا
أنشده سيبويه والخليل وغيرهما وأنشدت الجماعة أيضا:
قالت بنو عامر خالوا بني أسد *** يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام
والدليل على أن حرف النداء واقع عليه وأنه ليس بمقدر لمنادى في النية أنه منصوب ولو كان حرف النداء غير واقع عليه لم يجز نصبه وليس في العربية موضع تدخل فيه اللام بين المضاف والمضاف إليه غير فاصلة بينهما إلا في النفي والنداء للعلة التي ذكرناها في الباب الأول من كثرة النفي والنداء في كلامهم وهم مما يغيرون الأكثر في كلامهم وعلى أن النداء في كلامهم أكثر من النفي قال: سيبويه أول كل كلام النداء وإنما يترك في بعضه تخفيفا وذلك أن سبيل المتكلم أن ينادي من يخاطبه ليقبل عليه ثم يخاطبه مخبرا له أو مستفهما أو آمرا أو ناهيا وما أشبه ذلك، فإن ما يترك النداء إذا علم إقبال المخاطب على المتكلم استغناء بذلك قال: وربما أقبل المتكلم على مخاطبه وهو منصت له مقبل عليه فيقول له مصغ له يا فلان توكيدا ثم يخاطبه فلما كثر النداء في كلامهم هذه الكثرة أجازوا تغييره وبناءه على الضم إذا كان مفردا وحذف التنوين منه وترخيمه وزيادة اللام فيه بين المضاف والمضاف إليه.