باب اللام الداخلة على الفعل المستقبل في القسم لازمة
اعلم أن الفعل المستقبل إذا وقع في القسم موجبا لزمته اللام في أوله والنون في آخره ثقيلة أو خفيفة ولم يكن بد منهما جميعا وذلك قولك والله لأخرجن وتا لله لأركبن
قال الله عز وجل:{ وتا لله لأكيدن أصنامكم}؛
وقال تعالى؛ : {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا} [سورة آل عمران: 186]؛
فإن قال قائل فلم لزمت اللام والنون معا وما الفائدة في الجمع بينهما وهلا جاز الاقتصار على إحداهما إذ كانتا جميعا للتوكيد فالجواب في ذلك أن الخليل وسيبويه والفراء والكسائي أجمعوا على أنه إنما جمع بين اللام والنون هاهنا لأن اللام تدخل لتحقيق المحلوف عليه كما دخلت لا في النفي
وكذلك قولك: والله لا يقوم زيد ولزمت النون في آخر الفعل ليفصل بها بين فعل الحال والاستقبال فهي دليل الاستقبال فإذا قلت والله ليخرجن زيد دلت اللام على الإيجاب والنون على الاستقبال وتخليص الفعل من الحال فقد دل كل واحد منهما على معنى مفرد،
فإن لم ترد الاستقبال جاز أن تقول والله ليقوم ويصلي لمن هو في تلك الحال وربما أضمرت هذه اللام في الشعر مع ذكر النون ضرورة كما، قال الشاعر:
فهم الرجال وكل ذلك منهم *** تجدن في رحب وفي متضيق
وأنشده الكسائي وزعم أنه أضمر اللام، وقال الفراء اللام لا يجوز إضمارها مع النون الثقيلة والخفيفة إلا بأن تتقدمها لام مثلها تدل عليها ولكن هذا الشاعر أدخل النون في الواجب ضرورة قال الفراء فمما تضمر فيه اللام قول الشاعر:
فليأزلن وتبكؤن لقاحه *** ويعللن صبيه بسمار
أضمر اللام في الفعلين الأخيرين لما ذكرها في أول الكلام فكأنه قال: فليأزلن ولتبكؤن لقاحه وليعللن صبيه بسمار، وقد يجوز عند البصريين أن يكون أدخل النون في الفعلين الأخيرين ضرورة لأن الشعراء قد يدخلون هذه النون ضرورة في الواجب وإنما حكمها أن تدخل فيما ليس بواجب فأما إدخالها في الواجب ضرورة فنحو قول الشاعر:
ربما أوفيت في علم *** ترفعن ثوبي شمالات
في فتو أنا رابئهم من كلال غزوة ما تواليت شعري ما أماتهم نحن أدلجنا وهم باتوا وهو في الشعر كثير جدا.