الخلاف الحاصل هو في طبيعة ابليس نفسه، هل كان من الملائكة أم لا ؟
وقد اختلف العلماء والمفسرون في ذلك، ومن المهم أن اسرد بعض هذه الخلافات لنقف على حجمها وصعوبة الحسم في هذه القضية الشائكة، وقبل ذلك أطرح سؤالاً وهو كيف أن ابليس الذي حذرنا الله منه واعتبره عدونا الأبدي ومع ذلك لم يرد خبر صحيح عن النبي صلى الله عليه سلم يخبرنا عن طبيعة ابليس الحقيقية، أي هل أنه من الملائكة أم لا؟
يقول الإمام القرطبي في تفسيره : [الجامع لأحكام القرآن, تحقيق: هشام سمير البخاري, المجلد الأول, ص.294].
قوله { إلا إبليس} ....لأنه كان من الملائكة على قول الجمهور : ابن عباس وابن مسعود وابن جريج وابن المسيب وقتادة وغيرهم، وهو اختيار الشيخ أبي الحسن، ورجحه الطبري، وهو ظاهر الآية. قال ابن عباس : وكان اسمه عزازيل وكان من أشراف الملائكة وكان من الأجنحة الأربعة ثم أبلس بعد. روى سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان إبليس من الملائكة فلما عصى الله غضب عليه فلعنه فصار شيطانا. وحكى الماوردي عن قتادة : أنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجنة. وقال سعيد بن جبير : إن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم، وخلق سائر الملائكة من نور. وقال ابن زيد والحسن وقتادة أيضا : إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو البشر ولم يكن ملكا، و روى نحوه عن ابن عباس وقال : اسمه الحارث. وقال شهر بن حوشب وبعض الأصوليين : كان من الجن الذين كانوا في الأرض وقاتلتهم الملائكة فسبوه صغيرا وتعبد مع الملائكة وخوطب، وحكاه الطبري عن ابن مسعود.
إذا أخذنا بقول الجمهور بأن إبليس من الملائكة فهذا يعني أن هناك من الملائكة من عصى الله تعالى وهو ابليس الذي كان من الجن في قوله تعالى{كان من الجن ففسق عن أمر ربه}، بمعنى ان ابليس كان من نوع ملائكة الجن وهذا يدل على أن ملائكة الجن مخيرون – مثلنا – وليسوا مسيرين لا خيار لهم.
وكما قلت سابقاً أن من اهم أسباب طاعة الملائكة لربهم خوفهم الشديد من الله مما جعلهم من أفضل خلق الله وأكثرهم تقربا وطاعة لله.
قوله تعالى: "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْـفِقُونَ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأنبياء :26- 29]" .
فهذه الآية توحي على أن الملائكة لهم ثواب وعقاب، فقد توعد الله بجهنم كل من أشرك به .والله اعلم
التعديل الأخير تم بواسطة سلوى ; 02-03-2014 الساعة 12:35 PM
|