05-26-2016, 02:41 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: 19-12-2013
الدولة: DRT
المشاركات: 678
معدل تقييم المستوى: 11
|
|
باب من مسائل اللام نختم به الكتاب
اعلم أنك إذا قلت زيد لينطلقن وعبد الله لأبوه أفضل منك وما أشبه ذلك، فإن البصريين يرفعونه بالابتداء ويجعلون اللام وما بعده خبره وإنما جاز عندهم لما كان المبتدأ قد سبق إليه فرفعه وكان ما بعده خبرا عنه واللام مؤكدة له؛ وأما الكوفيون، فإن هذا عندهم غير جائز إلا من كلامين كأنه يرتفع زيد باسم مثله في نية المتكلم ولم يجز أن يكون كلاما واحدا عندهم لأن اللام تقطع ما قبلها مما بعدها ولا يتصل بعضه ببعض فلذلك لم يكن ما بعدها خبرا عما قبلها، وكذلك زيد إنه قائم وعبد الله هل قام لا يكون عندهم إلا على كلامين وهو عند البصريين جائز، فإن قلت زيد حلفت لأضربنه أو زيد أشهد إنه لعالم أو زيد قلت لك اضربه أو زيد قلت له ليقم كان هذا كله عند الكوفيين من كلام واحد وذلك أن هذه الحروف صارت صلة للفعل الذي قبلها واتصل الفعل بالاسم الذي قبله فصار في موضع خبر وارتفع الاسم بما عاد عليه من ذكره وهو كله عند البصريين على الابتداء والخبر جائز،
فإن قلت لزيد أكل طعامك لم يجز تقديم شيء مما بعد اللام عليها لأنها حاجزة فاصلة ولو قلت طعامك لزيد أكل لم يجز أن تقدم مفعول الخبر على اللام ولا يتقدم مفعول ما بعد اللام عليها إلا في خبر إن
وكذلك قولك: إن زيدا لآكل طعامك، فإن قدمت الطعام فقلت إن زيدا طعامك لآكل كان ذلك جائزا عند البصريين والكوفيين معا قالوا لأن دخول اللام وخروجها سواء ألا ترى أن قولك إن زيدا آكل طعامك وإن زيدا لآكل طعامك سواء هذا احتجاجهم جميعا في إجازة هذا وعندي أن الأمر على خلاف ما ذهبوا إليه ولو كان كذلك لوجب إجازة تقديم المنصوب بخبر الابتداء على لام الابتداء
وكذلك قولك: لزيد آكل طعامك فكان يلزم أن يقال طعامك لزيد آكل لأن دخول هذه اللام وخروجها سواء كدخولها في خبر إن وخروجها فجاريت في ذلك أبا إسحاق الزجاج فقال لام الابتداء مقدرة قبلها يمين فهي جواب القسم فألزمته مثل ما ذكرت لك في لام الابتداء في هذا الكتاب والفرق بينهما وبين لام القسم من أن يكون الرجل إذا قال: لزيد قائم وزيد غير قائم إنه حانث وتلزمه كفارة اليمين فقال ذلك غير واجب لأن هذه اللام تؤكد تأكيد لام القسم،
والقول في ذلك أنه إنما امتنع من تقديم ما بعد هذه اللام عليها لأنها لام الابتداء ولها صدر الكلام ولا يسبق الابتداء شيء وجاز تقديم ما بعد لام إن عليها من المنصوب بخبرها لأنها في الحقيقة مقدرة قبل إن فكأن المقدم قبلها وقع بينها وبين اسم إن مؤخر بعدها في الترتيب فجاز لذلك فإذا خففت إن فقلت إن زيد لقائم لزمتها اللام كما ذكرت لك لتفصل بينها وبين التي تكون نافية بمعنى ما ولا يجوز تقديم المنصوب بالخبر على اللام هاهنا لأنها فاصلة بين الموجبة والنافية فقد وقعت لازمة في موضع لا يجوز أن تقدر في غيره فلو قلت إن زيد طعامك لآكل لم يجز كما جاز فيها حين شددت ولا يجوز إدخال اللام على شيء من أخوات إن غيرها للعلة التي قد مضى ذكرها في بابها ولا تدخل على لكن وإن كانت مؤكدة كما تؤكد إن لأنها تقع جوابا لقولك ما جاءني عمرو لكن زيدا جاءني والجواب لا يتقدمه شيء لئلا يفصل بينه وبين ما هو جوابه فلو أدخلت اللام في خبر لكن لقدرت قبل لكن فكانت تنقطع مما قبلها وذلك غير جائز؛ وأما قول الشاعر:
................ *** ولكنني من حبها لكميد
فإن ما أراد ولكن إنني من حبها لكميد فأدخل اللام في خبر إن وهذا مثل
قول الله تعالى: {لكنا هو الله ربي} [سورة الكهف: 38]
على قراءة من قرأ بإثبات الألف وأصله عند العلماء أجمعين على هذه القراءة لكن أنا هو الله ربي فألقيت الهمزة تخفيفا وأدغمت النون الأولى في الثانية، وكذلك الشاعر لما قال: لكن إنني فحذف الهمزة بقيت نون لكن ساكنة خفيفة وبعدها ساكن فحذف نون لكن لالتقاء الساكنين وكان سبيله أن يكسرها ولكن حذفها في الشعر جائز، وقال الآخر:
فلست بآتيه ولا أستطيعه ولاك *** اسقني إن كان ماؤك ذا فضل
واعلم أن اللام تدخل في خبر إن على الخبر وعلى صلة الخبر إذا كانت مقدمة قبل الخبر، فإن أخرتها بعد الخبر لم تدخل إلا على الخبر لأنه موضعها كقولك: ك إن زيدا لبالجارية كفيل وإن زيدا بالجارية لكفيل وإن قلت إن زيدا كفيل لبالجارية لم يجز وإنما جاز دخولها على صلة الخبر حين تقدمت لأنك توقعها على جملة الكلام الذي بعدها.
|