07-04-2016, 04:38 AM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,836
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
مسألة القسط مع اليتيم والعدل بين الزوجات أمران مختلفان تماما .. ولكن قد تلتبس الألفاظ على البعض فيظن أن معناهما واحد .. وسوف أتوسع هنا في الشرح لأبين أن هناك اختلاف شاسع بين المعنيين
قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 152]
وقال تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا) [النساء: 6]
في الآية الأولى حذر الله تعالى من أن نقرب مال اليتيم إلا بالتي أحسن فقال (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي يأكل منه بالمعروف قدر سد الحاجة دون إسراف .. وهذا يتفق مع قوله في الآية الأخرى: (وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) أي إن كان الكفيل غنيا فليستعفف ولا يأخذ من مالهم شيئا وليحستب هذا على الله .. (وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) أي وإن كان الكفيل فقيرا فليأخذ قدر ما يسد به حاجته بلا إسراف
ثم قال: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ) أي أوفوا إلى الأيتام حقوقهم كاملة .. وكذلك إذا بلغوا سن النكاح (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا) .. أي فوفوا إليهم حقوقهم وهم ضغارا وحين يبلغون الرشد
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [النساء: 58]
وقال تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) [المطففين: 1؛ 3]
وقال تعالى: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [الإسراء: 35]وقال تعالى: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [الشعراء: 181؛ 183]
لكن هناك سؤال جدير بالذكر .. هذا اليتيم الذي توفي والده .. وصار بحاجة لقيم على ماله .. وقيم عليه يربيه على الدين والأخلاق .. فالقوامة هنا ليست من أجل المال فقط .. بال طفل بحاجة لمن يرعى ماله .. ويربيه .. ويحنو عليه ليعوضه عن حنان الوالد وعطفه .. ومن يوفر له الحماية والأمان . وهذا هو دور الأب البديل الذي انعدم ذكره في زماننا
كيف يمكن للرجل المسلم أن يقوم على كفالة اليتيم ماليا ونفسيا وأسريا وتربويا وهو في حضانة أمه المترملة؟ كيف يمكنه الدخول عليها لمتابعة الصغير وهي بلا محرم؟ هل في هذه الحالة يستطيع القيم أن يقسط لليتيم ويوفه كل حقوقه كاملة أم سيخسره حقه؟
هذا الطفل اليتيم في سن صغير الذي قدر الله عز وجل وفاة والده .. ربما كان والده من المجاهدين المخلصين .. فهل من العدل أن يتيتم طفله من بعده فلا يجد من يعوضه عن حنان الأب وعطفه وحمايته؟ أم يشرع الله تعالى من دينه ما يحفظ هذا البيت المسلم من التمزق والضياع؟
إذن فالله هو العدل الرحيم .. فإن شرع التعدد فمن أجل الأرامل والأيتام فقط لا غير .. وليس في الآية أي شاهد يشمل الأبكار والثيبات .. فإن استشهد العلماء بالآية على مشروعية عموم التعدد بهذه الآية فاستشهادهم بها باطل ومردود .. وعليه إن أرادوا استحلال عموم تعدد الزوجات للبكر والثيب فعليهم النبش عن دليل آخر خلاف هذه الآية الشريفة
|