07-14-2016, 05:48 AM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,834
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
ذكر الله تبارك وتعالى الذين أنعم عليهم فقال: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69] فعد (النَّبِيِّينَ) وهم أخص من الرسل، والرسل أعم، بينما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بصفته فقال (وَالرَّسُولَ) رغم أنه خاتم النبيين وليس خاتم المرسلين حيث قال تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب: 40]، ولذلك ذهب البعض إلى أن النبي أعم من الرسول، والرسول أخص، وبهذا نفوا أن يرسل الله عز وجل من بعده أحدا. فطالما أن النبي أعم عندهم من الرسول فكونه (خَاتَمَ النَّبِيِّينَ) شاهد على أن الله لن يبعث من بعده نبيا ولا رسول. وهذا وضع أصحاب هذا القول في إشكال كبير يعجزون عن حله، فالقرآن بشر بالدابة عليها السلام، بنما نصوص السنة المحرفة تقول بأن الله سيبعث المهدي.
ولكن هناك آية من القرآن الكريم تنسف قولهم من جذوره تماما، وهي قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) [البقرة: 213]، نخلص من هذا أن (النَّبِيِّينَ) هم من (أَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ)، فالنبي هو من انزل عليه الكتاب، والرسول أعم وهو كل من أوحي إليه، وأجرى الله عليه يديه الآيات لتأييده، وهم خواص الله تعالى من خلقه، الذين أنعم عليهم، فقال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69]. فالدابة أنعم الله عز وجل عليها بالهداية، فهي الوحيدة من رسل الله التي يقال لها (المهدية) خصوصية لها كامرأة، فلا يستحق هذا اللقب أحد من الرجال، خاصة وأن كل الرسل قبلها كانوا (مهديين)، لكن لا يقال لأحدهم (المهدي)، فقال تعالى: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام: 90].
يستشهد أصحاب هذا الرأي بأن الله حين ذكر الدابة قال: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) فذكر الإخراج، فقال (أَخْرَجْنَا لَهُمْ)، فلو كانت من المرسلين لقال (أرسلنا لهم)، وبهذا يستنكرون أنها مرسلة من ربها. بينما لفظ الخروج ذكر كذلك عن المهدي، بل ذكر بعثه، والبعث مرداف للإرسال، كما في لسان العرب: "بَعَثَهُ يَبْعَثُه بَعْثاً: أَرْسَلَهُ وَحْدَه، وبَعَثَ به: أَرسله مع غيره. وابْتَعَثَه أَيضاً أَي أَرسله فانْبعَثَ". بينما في كتاب الله تعالى ذكر البعث مقترنا بالرسول فقال: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ) [الجمعة: 2]، بينما ذكر البعث مع طالوت وكان ملكا، ولم يرد أنه رسول أو نبي، فقال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا) [البقرة: 247]
ففي رواية: (يخرج في آخرِ الزمانِ رجلٌ من ولدي اسمُه كاسمي، وكُنيتُه كنيتي، يملأُ الأرضَ عدلًا كما مُلِئَتْ جَورًا، وذلك هو المهديُّ)
وفي رواية: (إنَّ في أمَّتي المهديَّ يخرجُ يعيشُ خمسًا أو سبعًا أو تسعًا يجيءُ إليهِ الرجلٌ فيقولُ يا مهديُّ أعطني قالَ فيحثي لهُ في ثوبِهِ ما استطاعَ أن يحمِلَهُ)
وفي رواية: (إنَّ في أمَّتي المَهديَّ يخرجُ يعيشُ خمسًا أو سبعًا أو تسعًا زيدٌ الشَّاكُّ قالَ قلنا وما ذاكَ قالَ سنينَ قالَ فيجيءُ إليهِ الرجلُ فيقولُ يا مَهديُّ أعطني أعطني قالَ فيحثي لَه في ثوبِه ما استطاعَ أن يحملَه)
وفي رواية: (يخرجُ في آخرِ أُمَّتي المهديُّ ، يَسقِيه اللهُ الغَيْثَ ، و تُخرِجُ الأرضُ نباتَها ، و يُعطِي المالَ صِحاحًا ، و تكثُرُ الماشيةُ ، و تَعظُمُ الأُمَّةُ ، يعيشُ سبعًا ، أو ثمانيًا ، يعني حَجَّةً)
وفي رواية أخرى ذكر البعث: (أُبَشِّرُكُمْ بالمهديِّ يُبْعَثُ على اختلافٍ مِنَ الناسِ ...)
فالدابة يخرجها ربها، أولى علامات الساعة الكبرى، ولو كان الذي سيخرجه الله تعالى ويبعثه آخر الزمان رجلا لكان أولى أن يبشر به في كتاب الله، لا أن ينحصر ذكر المهدي في السنة فقط،
فالقرآن لم يبشر بالمهدي تصريحا أو كناية، بينما ما ورد في السنة من ذكر للمهدي وصفات له نجدها تنطبق على الدابة، خاصة أن النصوص ذكرت خروج وبعث المهدي، بينما ذكر القرآن الكريم والسنة إخراج الدابة، وهذه قرينة تشير إلى تحريف لفظ المهدية إلى المهدي، ليكون المبعوث رجلا لا امرأة. إذن فالمهدية أو الدابة عليها السلام يخرجها ربها، ويبعثها آخر الزمان لتؤدي مهمة محددة، فهي من المبعوثين للعالمين، أي مرسلة من ربها عز وجل، فهي رسول ربها عموما، والمهدية خصوصا، يهديها الله في ليلة إلى كل ما ضل عنه الخلائق، وما أخفي عنهم من دين ربهم وكتبه.
|