السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اقتباس:
اقتباس:
جهاد النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية:
إن تزوير التاريخ يبدأ بتحريف كلمة، ثم يبنون عليها ألف كذبة، فيمحى الحق، ويثبت الباطل، فهكذا يبنى التاريخ المزيف. ولهدمه لا تسمع للكذب، واعمل عقلك، فبكشف الكلمة المحرفة ينهدم التاريخ كله وينهار، وهكذا تدك الحصون المزيفة.
مما لا شك فيه؛ خلال فترة ما قبل نزول الوحي، كان النبي صلى الله عليه وسلم يحاجج قومه باستدلالات عقلية، منكراً عليهم معتقداتهم الوثنية التي تخالف الفطرة القويمة. ومن يساوره مجرد الشك في هذا، فقد أعظم الفرية عليه. فلا يمكن أن يتطرق للذهن أن إنسان مختار من الله تبارك وتعالى، ويتم تجهيزه وإعداده ليكون نبي مرسل، أن يرى ضلالات قومه فيسكت عنها، وإلا كان موقفه هذا، بمثابة إقرار منه بما كانوا عليه من شرك، وحاشى لصاحب الفطرة القويمة أن يقر ما يخالف فطرته.
إن سلمنا جدلاً بسكوته عن ضلالاتهم في الجاهلية، وإن كان هذا حكم قاصر لعلة غياب النصوص، وندرة الدليل، لكن لدينا من النصوص ما يثبت خلاف هذا وإن قلت، فمن البديهي إذا جاء بعدها بما يخالف ما أقره من قبل، أن ينكروا عليه تقلبه، وهذا التذبذب لم يثبت في حقه على الإطلاق، فمواقفه في الجاهلية من معتقدات قومه، هي نفسها في الإسلام، لم تتغير، ولم تتبدل. فلا يستقيم أن يسكت عن وثنيتهم، بعد أن لبث فيهم من عمره سنين، ثم فجأة بين عشية وضحاها، وبدون أي مقدمات يصير نبياً يدعوهم للتوحيد، ونبذ الوثنية. ولإن صدر منه شيء من هذا التقلب، والتغير المفاجئ في موقفه من وثنيتهم، وهو مالم يحدث، فسيكون سبب يدعوهم للشك والريبة في صدقه وأمانته، لكنهم شهدوا له أنه الصادق الأمين، فلم يجربوا عليه كذبا قط. فهو لم يتقلب في موقفه من دينهم، بدليل أنهم لم يتهموه بالتذبذب، وإنما استكبروا لما نصره الله تعالى عليهم، فأيده بالوحي، فحسدوه على ما أتاه ربه من فضله، وكذبوا بالحق لما جاءهم، وأعرضوا عنه.
|
زيادة على الصدق و الامانة والأخلاق الفاضلة التي كان معروفا بها صلى الله عليه و سلم قبل نزول الوحي, كان لا يرضى بالظلم و ينتصر للمظلومين, و كان مع حلف الفضول الذي كان هدفه رد المظالم, وهي من القيم العظيمة التي جاء بها الاسلام.لقد شَهِدتُ مع عمومَتي حِلفًا في دارِ عبدِ اللَّهِ بنِ جُدعانَ ما أُحبُّ أن لي بهِ حُمْرَ النَّعَمِ ، ولَو دُعيتُ بهِ في الإسلامِ لأجَبتُ .
الراوي : عبدالرحمن بن عوف | المحدث : الألباني | المصدر : فقه السيرة
الصفحة أو الرقم: 72 | خلاصة حكم المحدث : سند صحيح لولا أنه مرسل. ولكن له شواهد تقويه وأخرجه الإمام أحمد مرفوعاً دون قوله, لو دعيت به في الإسلام لأحببت وسنده صحيح.
و قد حاء في أخبار مكة للفاكهي (5/ 170؛171) يفصل فيه ماذا كان في ذلك الحلف عل عهد الجاهلية:
- وحَدثني الزبير قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن فضَالة عَن عبد الله بن زِيَاد بن سمْعَان عَن ابْن شهَاب قَالَ كَانَ شَأْن حلف الفضول أَن رجلا من بني زبيد قدم مَكَّة مُعْتَمِرًا فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَعَهُ تِجَارَة لَهُ فاشتراها مِنْهُ رجل من بني سهم فأواها إِلَى بَيته ثمَّ تغيب فابتغى مَتَاعه الزبيدِيّ فَلم يقدر عَلَيْهِ فجَاء إِلَى بني سهم يستعد يهم عَلَيْهِ فأغلظوا عَلَيْهِ فَعرف ان لَا سَبِيل إِلَى مَاله فطوف فِي قبائل قُرَيْش يَسْتَعِين بهم فتخاذلت الْقَبَائِل عَنهُ فَلَمَّا رآى ذَلِك أشرف على أبي قبيس حِين أخذت قُرَيْش مجالسها ثمَّ قَالَ بِأَعْلَى صَوته
يَا لفهر لمظلوم بضاعته ........... بِبَطن مَكَّة نائي الْأَهْل والوطن
ومحرم أَشْعَث لم يقْضِي عمرته ... يَا آل فهر وَبَين الْحجر وَالْحجر
هَل محْضر من بني سهم بحضرتهم ... فعادل ام ضلال مَال مُعْتَمر
فَلَمَّا نزل من الْجَبَل أعظمت ذَلِك قُرَيْش فتكالموا فِيهِ وَقَالَ المطيبون وَالله لَان قمنا فِي هَذَا لنقضين على الاحلاف وَقَالَ الاحلاف وَالله لَان تظلمنا فِي هَذَا لنقضين على المطيبين فَقَالَ نَاس من قُرَيْش تَعَالَوْا فلنكرر حلف الفضول دون المطيبين وَدون الاحلاف فَاجْتمعُوا فِي دَار عبد الله بن جدعَان وصنع لَهُم يَوْمئِذٍ طَعَام كثيرا وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ مَعَهم قبل ان يُوحى إِلَيْهِ وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين سنة فاجتمعت بَنو هَاشم وَأسد وزهرة وتيم وَكَانَ الَّذِي تعاقد عَلَيْهِ الْقَوْم وتحالفوا ان لَا يظلم بِمَكَّة غَرِيب وَلَا قريب وَلَا حر وَلَا عبد الا كَانُوا مَعَه حَتَّى يَأْخُذُوا لَهُ بِحقِّهِ ويردوا إِلَيْهِ مظلمته من أنفسهم وَمن غَيرهم ثمَّ عَمدُوا إِلَى مَاء زَمْزَم فجعلوه فِي جَفْنَة ثمَّ بعثوا بِهِ إِلَى الْبَيْت فغسلت بِهِ أَرْكَانه ثمَّ أَتَوا بِهِ فشربوه فَحدث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة ام الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لقد شهِدت فِي دَار عبد الله بن جدعَان من حلف الفضول مَا لَو دعيت إِلَيْهِ لاجبت وَمَا أحب أَن لي بِهِ حمر النعم.