08-28-2018, 06:14 AM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,835
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
من المآخذ على هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم شهر بنفسه على المنبر، وساهم في إشاعة الإفك في زوجته وصاحبه أمام الناس في المسجد.
ومن الأكثر دهشة لمن يقرأ هذه الرواية؛ أن عائشة قالت: فتَشَهَّدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حين جَلَسَ، ثم قال: (أما بعدُ؛ ياعائشةُ، إنه بلَغَني عنك كذا وكذا، فإن كنتِ بريئةً، فسُيُبَرِّئُك اللهُ، وإن كنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ، فاستغفري اللهَ وتوبي إليه، فإن العبدَ إذا اعتَرَفَ ثم تابَ، تابَ اللهُ عليه).
ثم قالت عائشةُ: ... (فقَدِمْنا المدينةَ، فاشتَكَيْتُ حين قَدِمْتُ شهرًا، والناسُ يُفِيضون في قولِ أصحابِ الإِفْكِ، لا أشعرُ بشيءٍ مِن ذلك ...)
أي مرضت شهرا، ثم يدخل عليها شهرا ويخرج لا يخبرها بالإفك فتقول: (...إنما يَدْخُلُ عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيُسَلِّمُ، ثم يقول: (كيف تِيْكُم؟) ثم يَنْصَرِفُ....)
ثم (... خَرَجْتُ حينَ نَقْهْتُ، فخَرَجْتُ مع أمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَناصِعَ ...) وهنا أخبرتها بالإفك فانتكست وزاد مرضها قالت:(فازدَدْتُ مرضًا على مرضي) ثم استأذنت منه أن تأتي أبويها فأذن لها ... كل هدا الوقت لم يواجهها بالإفك
وبدلا من مواجهتها ليتخلص من الشكوك وسوء الظن دعا من حوله يستفتيهم في شأنها فقالت: ( ... ودعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ ...) ودعا ( ... رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ ...).
كل هذا يعني أنه متشكك مرتاب في أهله، ومع هذا لم يواجهها، بل ذهب أبعد من هذا فكشف مابه من ريبة وشك، فشهر بها وبصاحبه على المنبر فقال: (يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلًا ما علمتُ عليه إلا خيرًا وما يَدْخُلُ على أهلي إلا معي).
كل هذا الفضائح ونشر الإفك بنفسه ولم يواجه عائشة بما يقال، بل والملفت في هذه الرواية أنه يقول:(ولقد ذكروا رجلًا ما علمتُ عليه إلا خيرًا وما يَدْخُلُ على أهلي إلا معي) كيف كان يدخل على أهله سواء معه أم بدونه وقد نزلت آية الحجاب كما في الحديث؟ الواقع لا هو ولا غيره من الرجال كلنوا يدخلون على أحد من نسائه وهذا كذب.
ثم إذا كانت عائشة هي راوي هذه الرواية فكيف تحكي ما حدث في المسجد من خطبة ومن جدال بين الناس وهي كانت قد ذهبت إلى بيت أبيها؟ من أين لها أن تصف كل ما حدث بهذه الدقة والتفصيل؟ وهذا وحده يجزم أنها لم تحضر ولم تسمع ما دار في المسجد. فهذا ليس من كلامها، إنما من كلام غيرها، ولم يثبت من يكون.
وبعد إسهام النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الإفك بين الناس، وإشاعة الفاحشة بينهم بنفسه، فهذا النص على هذا النحو فيه اتهام صريح للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخيرا يأتي ليواجهها بما حدث فتقول: (... فتَشَهَّدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حين جَلَسَ، ثم قال: (أما بعدُ؛ ياعائشةُ، إنه بلَغَني عنك كذا وكذا، فإن كنتِ بريئةً، فسُيُبَرِّئُك اللهُ، وإن كنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ، فاستغفري اللهَ وتوبي إليه، فإن العبدَ إذا اعتَرَفَ ثم تابَ، تابَ اللهُ عليه).
فلا يستقيم أن يسهم النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الإفك على المنبر بنفسه، ويرتاب في أهله بدون بينة، ولا يتبين منها أمرها أكثر من شهر يتردد عليها ولا يخبرها الخبر، بينما يقف على المنبر يشهر بها بين الناس بلا بينة، فخالف بذلك أمر الله تبارك وتعالى القائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 6] حتى وإن نزلت الآية بعد حادثة الإفك، فالتبين من البديهيات المعروفة، ومن الحكمة المسلم بها، التي لا يلزمها تنزيل ابتداء، وإنما نزل الأمر بالتبين لإقراره.
|