السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
خلاف بدأ بين طرفي العائلة الواحدة في الجاهلية, و تولد عنه تحالفات استمرت حتى بعد الاسلام و ذلك ما ظهرفي دخول بنو المطلب و التحاقهم [مؤمنهم و كافرهم] ببني هاشم في الشعب اثناء حصار قريش لهم, و قد ذكر الطبري في تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري المجلد 2 صفحة 252:قيل: ان عبد شمس وهاشما توأمان، وإن أحدهما ولد قبل صاحبه، وإصبع له ملتصقة بجبهة صاحبه، فنحيت عنها فسال من ذلك دم، فتطير من ذلك، فقيل: تكون بينهما دماء ولى هاشم بعد أبيه عبد مناف السقاية والرفادة.
و عن أصل هذا التنافر بين العائلتين يقول في نفس الكتاب:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف
ذكر أن قومه من قريش، كانت أصابتهم لزبة وقحط، فرحل إلى فلسطين، فاشترى منها الدقيق، فقدم به مكة، فأمر به فخبز له ونحر جزورا، ثم اتخذ لقومه مرقة ثريد بذلك الخبز.
حدثني الحارث، قال: حدثنا مُحَمَّد بن سعد، قال: أخبرنا هشام بن محمد، قال: حدثني معروف بن الخربوذ المكي، قال: حدثني رجل من آل عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف عن أبيه، قال: وقال وهب بن عبد قصي في ذلك- يعني في إطعام هاشم قومه الثريد:
تحمل هاشم ما ضاق عنه ... وأعيا أن يقوم به ابن بيض
أتاهم بالغرائر متأقات ... من أرض الشام بالبر النفيض
فأوسع أهل مكة من هشيم ... وشاب الخبز باللحم الغريض
فظل القوم بين مكللات ... من الشيزى وحائرها يفيض
قال: فحسده أمية بن عبد شمس بن عبد مناف- وكان ذا مال- فتكلف أن يصنع صنيع هاشم، فعجز عنه، فشمت به ناس من قريش فغضب، ونال من هاشم، ودعاه إلى المنافرة، فكره هاشم ذلك لسنه وقدره، ولم تدعه قريش وأحفظوه، قال: فإني أنافرك على خمسين ناقة سود الحدق، تنحرها ببطن مكة، والجلاء عن مكة عشر سنين فرضي بذلك أمية، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي، فنفر هاشما عليه، فأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعمها من حضره، وخرج أمية إلى الشام، فأقام بها عشر سنين فكانت هذه أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية.
انتهى كلام الطبري.
فهذا الحسد توارثه احفادهم و نجدهم اشد عداوة للنبي صلى الله عليه و سلم بظهور الاسلام, و طبيعي أن تستمر هذه العداوة إن هو مات للدين الذي أتى به صلى الله عليه و سلم.
و منه قصة ذهاب الاخنس الى ابي جهل و التي وردت في المجلد1الصفحة 316 من سيرة بني هشام: حَتَّى أَتَى أَبَا جَهْلٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ، فَقَالَ:
يَا أَبَا الْحَكَمِ، مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: مَاذَا سَمِعْتُ، تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ، أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا، وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا، حَتَّى إذَا تَجَاذَيْنَا عَلَى الرَّكْبِ، وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ السَّمَاءِ، فَمَتَى نُدْرِكُ مِثْلَ هَذِهِ، وَاَللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَقَامَ عَنْهُ الْأَخْنَسُ وَتَرَكَهُ.
و كما نلاحظ فأبا جهل كذّب حسدا وحمية, و طبيعي أن يكون هذا طبع من والاه و من حوله الا من رحم ربي.