10-23-2018, 02:20 PM
|
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بودادو
يقول عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (*) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ﴿*﴾ لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَـئِكَ عِندَ اللَّـهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) [ النور: 11؛13 ]
في الآية 12 و 13 عاتب المولى عز وجل عباده المؤمنين والمؤمنات على رد فعلهم اتجاه سماعهم لحادثة الإفك؛ أولا كان عليهم أن يحسنوا الظن ، ثانيا كان عليهم أن يطالبوا المدعي بأربعة شهود طاعة لأمر الله عز وجل وإقامة لشرعه، قال عز وجل في بداية السورة ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [ النور:4 ]
النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتطبيق شرع الله عز وجل، ويقينا لو سمع الرسول بهذه الحادثة لحقق في الأمر ولطالب المدعي بالإتيان بأربعة شهداء ولأقام عليه الحد في حال عدم قيامه بذلك امتثالا لأمر الله عز وجل والأرجح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان غائبا عن مكان انتشار الإشاعة.
جاء في الحديث أن الكلام في حادثة الإفك دام أكثر من شهر وانتشر بين الناس ( قالت عائشةُ: فقَدِمْنا المدينةَ، فاشتَكَيْتُ حين قَدِمْتُ شهرًا، والناسُ يُفِيضون في قولِ أصحابِ الإِفْكِ ) وفي هذا اتهام ضمني للرسول عليه الصلاة والسلام بعدم تطبيق ما أمر الله تعالى به أن يُفعل في حالة قذف المحصنات.
|
قال عز وجل ( وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) [ النور:16 ]
كذلك كما جاء في الآيات السابق ذكرها في المشاركة السابقة، وبحسب قوله عز وجل، كان على المؤمنين والمؤمنات أن يقولوا عند سماعهم القصة ( ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ).
جاء في مقاييس اللغة:
( السين والباء والحاء أصلان: أحدهما جنسٌ من العبادة، والآخر جنسٌ من السَّعي. فَالأوَّل السُّبْحة، وهي الصَّلاة، ويختصّ بذلك ما كان نفلاً غير فَرض. يقول الفقهاء: يجمع المسافرُ بينَ الصَّلاتين ولا يُسبِّح بينهما، أي لا يتنفَّل بينهما بصلاةٍ.
ومن الباب التَّسبيح، وهو تنْزيهُ الله جلَّ ثناؤه من كلِّ سوء.
والتَّنْزيه: التبعيد.
والعرب تقول: سبحان مِن كذا، أي ما أبعدَه. ... )
بمعنى أنه كان عليهم تنزيه الله عز وجل عند سماعهم ما سمعوا، أي أن في حادثة الإفك انتقاص من قدر المولى سبحانه وتعالى، وهذا يتركنا أمام احتمالين:
1- أن الذين جاؤوا بالإفك انتقصوا من قدر الله عز وجل بقولهم إفكا عن ذاته العلية وهذا مستبعد تماما، لقوله سبحانه وتعالى في الآية 13 ( لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ... ) أي أنهم قذفوا انسانا بالباطل.
2- من الذي بالطعن فيه انتقاص لقدر الله عز وجل ؟ إنه رسوله صلى الله عليه وسلم، فالطعن فيه طعن في نبوته وفي من أرسله تبارك وتعالى. أي أن العصبة نشرت إشاعة رموا فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالباطل.
غير أن هذا الاحتمال لا يجيب عن التساؤل السابق ذكره؛ لماذا لم يطالب النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء بالإفك بأن يأتي بأربعة شهداء يؤيدون ادعائه كما أمر الله عز وجل ؟
هذا والله أعلم.
|