11-04-2018, 07:15 AM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,834
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
الملاحظة الهامة هنا؛ أن جزيرة العرب كانت في غاية التحضر قبل الميلاد، مما يشير ضمنا لوجود كتب ومؤرخين دونوا وسجلوا كل هذه المعالم الحضارية، ولا حقيقة للقول السائد بأن العرب كانوا أميون لا يقرؤون ولا يكتبون، هذا الكذب يفنده المعلقات الشعرية التي كانت تكتب وتعلق على الكعبة ليقرأها القاصي والداني، فهل كتبوها وعلقوها ليقرأها أميون، أم هذا دليل على شيوع الكتابة والتدوين؟
الحقيقة أن العرب كانوا كتابا ومؤلفون وأصحاب علوم، لكن تم التخلص من مؤلفاتهم بشكل أو آخر، فمحوا كل أثر لحصارتهم، ومثل هذه الجريمة ليست عملا فرديا، إنما عمل مؤسسات حكومية، قامت بجمع الكتب والمخطوطات وأعدمتها، كلهم بغير استثناء شارك بشكل أو آخر في هذه الجريمة، حتى محي كل أثر لتاريخ العرب والمسلمين، فلا نستطيع تبرأة أحد من المشاركة في هذه الجريمة، ولو بالسكوت عنها.
بدليل كان العرب علماء في الأنساب والأحساب، فحتما كانوا هناك مؤرخين، فأين مخطوطات تاريخ العرب في الجاهلية، ومخطوطات السيرة النبوية التي دونوها؟ من المحال والمستبعد أن لم يكن في العهد النبوي ثمة مؤرخين، دونوا لأحداث السيرة أولا بأول، ونسخوا القرآن الكريم في العهد المكي، ويبلغ حاولي ثلثي القرآن على أقل تقدير. فمن نساخ الوحي في العهد المكي؟ وأين صحف العهد المكي؟ وكيف نقلت من مكة إلى المدينة؟
تساؤولات لا إجابات عليها، مما يؤكد على إن مصادر الإجابة أخفيت بفعل فاعل، فنحن أمام تاريخ مزيف نسب كذبا إلى المسلمين. الراجح لدي أن هناك من الصحابة من قتلوا، ومحيت سيرتهم، فلم يصلنا عنهم خبر. كما ولا أستبعد أن تاريخهم المشرف نسب كذبا وزورا إلى غيرهم من المنافقين، بدليل أننا نجد في السيرة نصوصا تطعن في عدالة بعض الصحابة، وتصفهم بالنفاق، وفي الوقت نفسه نجد عنهم نصوصا تصفهم بالعدالة والصلاح، ومن وجهة نظري أن الأصل أنهم منافقون، وما نسب إليهم من عدالة مسروق من الصالحين من الصحابة التي تم قتلهم والتخلص منهم، ومن سيرتهم فنسبت لغيرهم.
فنحن ننهل من تاريخ مزيف، اختلط فيه الحق بالباطل، ولكن مع هذا؛ أرى أن علم الآثار سيعيد فتح الملفات المخفية من جديد، وأن على علماء الآثار مسؤولية إعادة فتح كتاب التاريخ من جديد، لتبييض صفحة العرب والمسلمين. فعلى عاتقهم مسؤولية جسيمة وعظيمة، عليهم أن يتحملوا تبعاتها، فليتفانوا وبإخلاص منقطع النظير، في البحث والتنقيب الدؤوب، وعلى الأمة جمعاء واجب مناصرتهم، والترويج لتحاليل نتائج البعثات الآثارية، هذا هو العمل البطولي في هذا العصر الحالي لكشف تزييف وتحريف التاريخ. وعلينا أن نبدأ حملات تنقيب أثري في كل من مكة والمدينة، وجميع مواقع الأحداث التاريخية الإسلامية، لنعيد تدوين التاريخ الإسلامي من جديد.
وإلا فالمراد من محو التاريخ النبوي، فتح باب لشبهة أن ما نسمعه عن نبي بعث في مكة، كان مجرد أسطورة قابلة للتكذيب، خاصة وأن الطعونات في عدالته صلى الله عليه وسلم كثيرة ووفيرة في كتب السنة، وعلى رأسهما البخاري ومسلم، وبالتالي تثور شبهة أن القرآن الكريم ما هو إلا مجرد كتاب موضوع دونه بشر، بدليل أنه نقل إلينا بقراءات مختلفة عن بعضها البعض، وأننا كمسلمين لا نعلم مصدره، إلا ما نتوارثه من أقوال لا دليل عليها أنه كتاب منزل من رب العالمين. ومن هنا تطاول علينا الملاحدة والعلمانيين، واليهود والصليبيين إلا جراء اختفاء تاريخ موثق للعهد النبوي.
ومن المستبعد حدوث انهيار حضاري وصل بها إلى حد شيوع البداوة، والجهل، والتخلف. لكن هناك ثغرة في التاريخ تم من خلالها اقتطاع سيرة هذا التحضر والتمدن، مما يدل على وجود يد عبثت بتاريخنا وزيفته لخدمة مصالح أعداءنا.
|