11-05-2018, 12:54 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: 19-07-2017
الدولة: ارض الله
المشاركات: 554
معدل تقييم المستوى: 8
|
|
وإن كنا نشعر بأن الجالية النبطية لم تكن على مستوى راق من المعرفة بالكتابة إذ أنه لولا النص بالخط
المسند لما استطعنا التعرف على محتوى النص النبطي الذي لا يوازي مضمونه ما جاء في نص المسند.
وفي المرحلة الثانية )ب( منتصف القرن الثاني الميلادي برزت إحدى العناصر المكونة لمجتمع قرية
وهم الغلوانيون وقد ظهروا لنا من خلال شواهد القبور ولعل أهمهم بروزًا هو عجل بن هفعم الغلواني
إلى جانب ذلك الغلواني الذي دفن ناقته معه في مقبرته ولكننا لا نعرف الكثير عنهم في قرية إلا أننا نشعر
أنه ربما كانت لهم صلة بالملك معاوية بن ربيعة.
إذ أن نقش معاوية بن ربيعة )نقش معاوية( جهزه هفعم بن بران. إن نقش معاوية بن ربيعة )الذي
يبدو أنه من عائلة يميث( ملك قحطان ومذحج يثير كثيرًا من التساؤلات فنحن لم نجد من قبل ذلك نصًا
عن ملك حكم قرية، ولكننا نجد نصوصًا تتحدث عن ملك حضرمي وإشارة إلى عبدي ملك من ملوك سبأ
وإلى ملك من ملوك هامير. وحتى نقش معاوية لم يشر إلى أنه ملك لقرية ولكن ملك لقحطان ومذحج ونحن
لم نجد ضمن النقوش في القرية ذكراً لقحطان ولا لمذحج فهل كان معاوية مارًا بقرية ومات فيها فدفن
بها؟ ولكن بناء مقبرة وكتابة نص يبدو أن عدد أسطره كانت أكثر من مجرد ثلاثة سطور كما أن بناء الغرفة
أعلى القبر التي بنيت على النظام الشمالي )النبطي والتدمري( ونحت النصف الأعلى دون رأس لتمثال يبدو
من ردائه وكأنه جزء من تمثال لملك روماني يجعلنا نعتقد أننا أمام وجود لملك يحكم قحطان ومذحج
في قرية وإن لم يذكر مكان حكمه فيما بقي من النص، ولكن النص كان حريصًا على أن يثبت نسبه على أنه
من آل يميث وأنه من قحطان.
وإذا كان الغلوانيون قد وجدناهم يمثلون المرحلة الثانية )ب( فإن معاوية ومن والاه نحسب أنهم كانوا
في المرحلة الثانية )ج( وهي نهاية المراحل التاريخية. وهذه المرحلة تبدأ في القرن الثاني الميلادي.
إن النصوص الجنوبية التي تتحدث عن غزو وتدمير وسلب قرية تتحدث عن نظام سياسي جديد فيتحدث
النص الملكي لشعرم أوتر )نص بران 2001 (عن هزيمة لربيعة بن معاوية ذي آل ثور ملك كندة وقحطان
وقاعدته «قرية ذات كهل » وها نحن نفاجأ بمسمى جديد لقرية يختلف عن المسمى المعيني. إذ ربطت
بمعبودها كهل وكان ملكها الذي يلقب نفسه بملك قحطان ومذحج، أصبح لقب ابنه «ربيعة بن معاوية ذي
آل ثور ملك كندة وقحطان » فكيف جاء لقب كندة وكيف جاءت النسبة إلى آل ثور ويأتي اسم ربيعة ذي
آل ثور دون النسب إلى معاوية )في نص جام 635 ( وربيعة هذا أيضًا ملك كندة وقحطان. وهذان النصان
يؤرخان في الربع الأول من القرن الثالث الميلادي. إذ أن كلا النصين يتحدثان عن كندة سابقة لقحطان فلماذا
أسقط اسم مذحج؟
ثم عندما نصل إلى منتصف القرن الثالث يظهر علينا )نص جام 2110 ( يتحدث عن «مالك بن بد » ملكًا
على كندة ومذحج وهنا يسقط اسم قحطان ويعود اسم مذحج ثم يأتي )نص جام 576 ( من عهد إلشرح
يحضب وأخيه يأزل بين ملكي سبأ وذي ريدان، ليجعل مالك دون نسبته إلى بد ملكًا على كندة فقط ويسقط
اسم مذحج أيضًا لتنفرد كندة بالملك. فهل استطاعت كندة أن تسيطر على الوضع السياسي لنواجه بكندة
حاكمة لقرية ذات كهل؟
إن النسابين العرب يجعلون كندة ومذحجًا شيئًا واحداً فلمَ لم يضموا إليها قحطان؟ ويبدو حقيقة أن
كندة زحف قبلي من جنوب الجزيرة استطاع أن يصبح المتفرد بالحكم في قرية وما حولها خلال القرن الثالث
الميلادي ولكننا نفاجأ بنقش امرئ القيس المنذري يشير خلال تعداده القبائل التي مر بها إلى أنه هرب
الى مذحج. فهل قابل امرؤ القيس مذحجًا في حدود «قرية ذات كهل » أم في منطقة أخرى بالقرب من نجران؟
على أي حال فإن التسلسل التاريخي لقرية يؤيد اضمحلال قرية نهائيًا في بداية القرن الرابع الميلادي.
أما كندة فقد أضمحل ملكها وصاروا أعرابًا ينضمون إلى الجيوش الزاحفة عبر جنوب الجزيرة العربية
ووسطها فها نحن نجدهم في نص مأسل )ريكمانز 509 - 510 (، فالنص ريكمانز 509 يعود إلى القرن الخامس
الميلادي أما النص 510 فيعود إلى الربع الأول من القرن السادس الميلادي. كما نجد لهم دورًا فعالاً في نص
أبرهة )مريغان(، والذي يعود إلى نهاية القرن السادس الميلادي وكان منهم قادة وجههم في حملة. وتذكر
كتب التاريخ العربية وجودًا لكندة في وسط الجزيرة العربية إذ نجد شاعرًا فذًا هو امرؤ القيس الكندي
وسلسلة من الملوك الكنديين ولكننا لا نستطيع أن نحدد أماكن وجودها ولا حواضرها سوى الإشارة إلى غمر
|