استجنان السحر وإبطاله بدون غثيان أو قيء
الكاتب بهاء الدين شلبي.
في بحث لي بعنوان: (مسيرة السحر المأكول والمشروب داخل الجسم) شرحت مفصلا كيفية تعامل الشيطان مع المادة السحرية داخل المعدة، أما في هذا البحث سوف أتناول بالشرح والتفصيل، تقنيات السحرة في الحفاظ على هذا النوع من الأسحار، وبيان طريقتي الخاصة في علاج هذا النوع من السحر بدون تقيؤ على الإطلاق، أو أية معاناة ومشقة يتكبدها المريض.
عادة ما نتوقع أن يكون لدى المريض سحر واحد، سواء كان مأكولا أو مشروبا، لكن في كثير من الأحيان يتبدد هذا التفاؤل المفرط، بمجرد أن يكتشف المعالج وجود أسحار كثيرة جدا، فكلما انتهى سحر ظهر الآخر، ففي بعض الأحيان يدعو ولا يجد نتيجة ملموسة، وأن السحر لا يبطل. فقد يتعرض بعص المسحور لهم لتناول العديد من (السحر المأكول والمشروب)، فيتم تكراره مرارا وتكرارا، فيدس سحرة الإنس التركيبة السحرية إلى طعامه وشرابه، فتمتزج المادة السحرية بالطعام والشراب، وبهذا يصبح الطعام والشراب جزءا من أمر التكليف، أو التركيبة السحرية.
ليس شرطا أن يضع الساحر سحره في طعام المسحور له، ولكن في أحيان أخرى يضيف سحرة الجن أسحارا إلى الطعام غير منظورة للإنس. أي أنها مركبات سحرية خفية، بمعنى؛ إما أنها مواد جنية، وإما أنها مواد إنسية تم استجنانها، أي نقلها إلى عالم الجن. فيتناول الإنسان طعامه ولا يدري أنه طعام مسحور، ثم يجد بعد ذلك مؤشرات تدل على أنه سحر له. فالسحر يتم وضعه للمسحور له بواسطة سحر آخر، أي أنه سحر مركب. في كل مرة يتناول المريض طعامه أو شرابه يبتلع كميات من المواد السحرية، لذلك فإن (المسحور له)، ودون أن يعلم، قد يتناول كميات كبيرة من المواد السحرية، فتتراكم داخل معدته الأسحار في كل مرة، ليضاف إليه سحر جديد، والتي قد تحتاج في بعض الأحيان إلى حيز أكبر داخل المعدة لكي يحتويها، وبطبيعة الحال لن تستوعب المعدة كل هذه الكميات، فالإنسان قد تنتفخ بطنه من شرب قارورة صغيرة من الماء، فلنا تخيل إن تناول مرات عديدة كميات من المواد السحرية، قد تفوق العشرات من أكواب المياه.
يفترض أن مهمة (حراس السحر) الاحتفاظ بالطعام المسحور في المعدة، ومنعه من التسرب، سواء في الدم أو خروجه مع البول والبراز. ومن الطبيعي أن تؤثر العناصر الكيميائية داخل المعدة في تركيب المادة السحرية، وهذا بطبيعة الحال يفسد تركيبها، وبالتالي تصبح عديمة الفائدة، والسحرة يعلمون هذا الأمر جيدا، فليس سرا يخفى عليهم. طالما أن الجن محتفظ بهذه الكميات داخل المعدة فلا بد وأن تنتفخ البطن وبشكل ملحوظ ملفت للانتباه، ولكن هذا لا يحدث في الحقيقة، لأن التخفي في السحر أصل فيه، فشرط في السحر أن لا يترك أثرا يدل عليه. وما يثير الدهشة خروج كميات كبيرة من المواد السحرية، فإذا بطل السحر تقيأها المريض بكميات غزيرة تفوق سعة معدته،. فرغم أن المريض غاية في النحافة، وبدون بطن بارزة، ولا يشكو من انتفاخها، مما ينفي احتواء معدته على كل هذه الكميات من المواد السحرية، إلا أن كميات القيء تتجاوز قدرة بطنه على استيعاب هذا الكم.
لتفسير هذا اللغز المحير؛ فعادة ما يلجأ السحرة لإضافة (
سحر إخفاء) إلى (
السحر الأساسي)، لإخفاء المواد السحرية داخل المعدة، فلا يبطل
السحر حتى يتم
إبطال سحر الإخفاء. وإن كانوا في بعض الأحيان يكتفون بإخفاء
السحر فقط، إلا أنهم في حالات كثيرة يلجؤون إلى زيادة تعقيد السحر، فيقومون بعمل (
سحر استجنان) بهدف إدخال المواد السحرية إلى عالم الجن، وبذلك يتم عزلها وحمايتها من تفاعلات العصارة المعوية، وبذلك صارت المادة السحرية خاضعة للقوانين الطبيعية للمادة الجنية، وفي هذه الحالة يتم تصغير حجمها. وبالجمع بين سحري الإخفاء والاستجنان صار أمام المعالج عقبتين تعطلان مسيرة العلاج، فلا
السحر منظور (
لخادم السحر) فيخبر بوجده المعالج، خاصة وأنه دائما مسحور له لا يدري شيئا، ولا هو في عالم الإنس حتى يقع عليه الدعاء، وهذا هو السبب في تعسر علاج الكثير من حالات (
السحر المأكول والمشروب).
من المؤسف أن كثيرا من المعالجين يهدرون وقتهم، ويشغلون أنفسهم في تعذيب (خادم السحر)، يغريهم ردود الفعل من صرع وصراخ الجني بالاسترسال في التعذيب، حقيقة أن الله عز وجل هو من يعذبهم استجابة لدعاء المعالج ورقيته، لكن قد يدعو الإنسان على ماله وولده فيستجاب له الدعاء رغم ما يحمله من شر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدْعوا على أنفُسِكم، ولا تدعُوا على أولادِكم، ولا تدعوا على أموالِكم، لا توافِقوا من اللهِ ساعةً يُسأل فيها عطاءٌ، فيستجيبُ لكم). إذن فالدعاء يحتاج إلى حكمة، والسفاهة في اختيار الدعوات تحمل صاحبها ما لا يطيق. وبالتالي فالمعالج ينهك المريض في تحمل عواقب دعاءه، بالإضافة إلى ما يعانيه من وصفات علاجية لتعذيب الخادم، أو لاستخراج السحر، وغالبا لا تؤتي ثمارها.
لا يجب أن يكون تعذيب الجن هدفا للمعالج يشغله عن الوصول بالمريض إلى الشفاء، فلا تجعل خادم السحر بين نارين، بين نار (تعذيب سحرة الجن)، وبين (نار تعذيب الله)، فأنت تعرضه لفتنة كبيرة، وغالبا سوف يخضع للساحر، لأن (الساحر الجني) لديه من العلم بفنون السحر ما يجهله الكثير من المعالجين، ويمتلك من خصائص قدرات الجن ما يخفى أمرها عن المعالج، فكل يوم نكتشف الجديد من قدراتهم الخاصة، وهذا يساعده كساحر على إخضاع الخادم لسلطانه، ليكون مسيرا تبعا لأمره تحت تأثير السحر. إذن فرحلة تعذيب خادم السحر غالبا ما تنتهي بخسارة المعالج، ليفوز (الساحر)، فيفقد المعالج بسبب جهله هيبته، فيتمرد عليه الساحر، ويظل الخادم ذليلا خاضعا له، في حين يصاب المريض بالإحباط. إنما الدعاء بالعذاب لا يعدو كونه رادعا للشياطين وتخويف لهم، بهدف الحد من نشاطهم العدواني، كما في حالات (أسحار تعطيل جلسات العلاج)، وهنا نحتاج إلى (جلسة ردع) لإخضاع الساحر وليس الخادم، لأن خضوع الخدام مترتب على ردع الساحر. فإذا نجح المعالج في ردع الساحر انكشف ضعفه أمام خدامه، وذهبت هيبته من قلوبهم، وحينها هم من سيتمردون عليه، وهكذا كسبنا نصف المعركة.
في مثل هذه الحالات لا يدري المعالج أن الخادم أسير مسخر، ومكبل بأسحار تخضعه لسلطة الساحر، ويستمر مكرها على أداء مهمته، رغم كراهيته للساحر، وبغضه لما يقوم به من تكليف مكره عليه. في الحقيقة رغم أنه جني إلا أنه لا يدري عن وجود هذه الأسحار شيئا، بينما ينتشي المعالج فرحا، ويزهو إعجابا بنفسه إن وجد الخادم يصرخ ويتألم، ولا يدري أنه يتبع الطريق الخاطئ في العلاج. يجب عليه أولا علاج (خادم السحر) من الأسحار التي تكبله، وهو تلقائيا سوف يدرك أمورا تخفى عن المعالج، وسيخبره طواعية بوجودها، وسيصرح بها بدون أن يسأله المعالج عنها، لكي يدعو الله بإبطالها، وحتى ينفك أسره ويتحرر من هذا التسخير، مما يساعد على إنجاز العلاج في سهولة ويسر. فلا تعتقد أن الخادم يمكن أن يقدم تسهيلات في ظل وجود ساحر قوي متسلط عليه، وفي حضور معالج عديم الحيلة يتخبط في علاجه.
قد تبطل كثير من الأسحار، وهذا لبساطتها وعدم تعقيدها، إلا أنه ليس دليلا على جدارة المعالج ونبوغه، وإن نجاحه في علاجها لا يعني أنه مؤهل لعلاج حالات معقدة، وأخرى غاية في التعقيد والتركيب، إنما هذا دليل على أن القدر جمعه بأسحار سهلة ميسورة، تتناسب وحجم علم المعالج، وعلاج مثل هذه النوعيات من الأسحار البسيطة لا تصنع معالجا قويا. فمثل هذا المعالج لا يزال يحبو في بداية الطريق، وعليه أن يسأل ويتعلم، ويتدرج في التعلم، فلا يقفز الحواجز على حساب مصلحة المرضى. ولكننا في هذا البحث نتناول علاج تلك الأسحار التي فشل المعالجون في التعامل معها، وخفي عنهم حقيقتها.
هذا بخلاف وجود (أسحار الربط) التي تكبل السحر عن التحرر من الجسد، وتربطه بعالم الجن أو عالم الإنس، وهذا ما يمنعه من الخروج من الجسد، أو الانتقال بين عالم الجن والإنس. لذلك تخفق جميع محاولات المعالجين في مساعدة المريض على تقيؤ (السحر المأكول والمشروب)، فتفشل جميع الأعشاب المساعدة على القيء في استخراجه، فلو بطل السحر لتقيأه المريض تلقائيا بدون تناول أي وصفة مساعدة على القيء. هذا بخلاف أن التقيؤ وسيلة إخراج مزعجة للمريض ومرهقة جدا، بل ومحبطة للمريض إن تكررت ولم يتخلص من السحر.
عادة ما يحاط أي سحر بكم كبير من أسحار الإخفاء والربط للحفاظ عليه، وليس سحر واحد فقط، لذلك فنتيجة لانتظام المريض على الورد القرآني، ومواظبته على جلسات الرقية، تضعف الأسحار المحيطة بالسحر المأكول والمشرب، وقد تبطل أجزاء منها، ثم يعيد سحرة الجن بناء هذه الأسحار بمجرد انتهاء جلسات الرقية، ولا يزال السحر المأكول والمشرب موجودا في الجسد، لم يبطل بعد، فأسحار الحماية تحافظ على بقائه صامدا. والدليل على صحة ما أقول؛ أنه كلما بطل جزء من أسحار الإخفاء والربط مع الرقية والدعاء تضعف (أسحار الاستجنان)، فيحدث (استئناس) للسحر المأكول والمشروب، أي انتقال السحر من عالم الجن إلى عالم الإنس، فيشعر حينها المريض بالغثيان ورغبة في القيء، لكن لم تبطل كل الأسحار حتى يتحرر السحر المأكول والمشروب ويبطل، لذلك يعجز المريض عن التقيؤ، ثم يتم استجنان السحر مرة أخرى فيتوقف التقيؤ، وقد يتكرر هذا مرات عديدة في كل جلسة علاج.
هذا يعني أن (سحر الاستجنان) لا يزال قائما، فلابد وأن نعمل على إبطاله، وفي هذه الحالة سيتم استئناس المادة السحرية، ويظهر الانتفاخ على بطن المريض الممتلئة بالمواد السحرية، ويصاحبه شعور بالغثيان، وهذا يصيب المريض بالإعياء، خاصة إن صاحبه محاولات قيء فاشلة، بل التقيؤ في حد ذاته مجهد جدا للمريض. بإبطال أسحار الاستجنان دفعة واحدة، يتم استئناسها وظهورها داخل المعدة، مما يشكل خطرا على سلامة المريض، وهذا في حالة تناوله كميات كبيرة من المواد السحرية، تفوق سعة المعدة، وقدرتها على التمدد والاستيعاب. لذلك على المعالج تكرار محاولات إبطال السحر المأكول والمشروب، إلى أن يتخلص المريض من هذه الكميات على مراحل. وهذه الطريقة غير عملية بالمرة؛ فتحتاج إلى جلسات عديدة، ووقت وجهد، هذا بخلاف أنها تكبد المريض مشقة تكرار القيء في كل مرة.
خطوات علاج السحر المأكول والمشروب:
الحل المثالي لهذه المشكلات بحسب طريقتي الخاصة في علاج السحر المأكول والمشروب تعتمد على استجنان السحر وإبطاله داخل عالم الجن. فبعد التخلص من جميع الأسحار المساعدة للسحر المأكول والمشروب، ندعو الله باستجنان أي من بقايا السحر داخل المعدة، ثم ندعو ببطلانها في عالم الجن والتخلص منها هناك. وبذلك تبطل الأسحار ويتم التخلص من المواد السحرية مهما بلغت كميتها، وينقطع الشعور بالغثيان تماما، ويكمل المريض جلسته العلاجية وهو في منتهى الراحة والهدوء. وفقا لما سبق بيانه وشرحه، أقدم طريقتي الخاصة للتخلص من (السحر المأكول والمشروب) بدون قيء، وعلى المعالج اتباع خطوات الرقية كالآتي:
1_ الدعاء بإبطال (أسحار الإحفاء) وذلك بترديد الدعاء التالي:
(اللهم أبطل أسحار الإخفاء، ما ظهر منها وما خفي، ما علمنا منها وما جهلنا، وما أنت به أعلم، إنك أنت علام الغيوب وإنك أنت اللطيف الخبير، بلا إله إلا الله أحد الصمد الحي القيوم، بسم الله، الله أكبر).
مع ترديد آيات إبطال السحر.
2_ الدعاء بإبطال (أسحار الربط) وذلك بترديد الدعاء التالي:
(اللهم أبطل أسحار الربط من جميع أطرافها، ما ظهر منها وما خفي، ما علمنا منها وما جهلنا، وما أنت به أعلم، إنك أنت علام الغيوب وإنك أنت اللطيف الخبير، بلا إله إلا الله أحد الصمد الحي القيوم، بسم الله، الله أكبر).
مع ترديد آيات إبطال السحر.
3_ استجنان (الأسحار المأكولة والمشروبة) وذلك بترديد الدعاء التالي:
(اللهم استجنن كل سحر مأكول ومشروب، ما ظهر منها وما خفي، ما علمنا منها وما جهلنا، وما أنت به أعلم، إنك أنت علام الغيوب، وإنك أنت اللطيف الخبير، بلا إله إلا الله أحد الصمد الحي القيوم، بسم الله، الله أكبر).
4_ الدعاء بإبطال (السحر المأكول والمشروب) وذلك بترديد الدعاء التالي:
(اللهم أبطل كل سحر مأكول ومشروب في عالم الجن، ودمره تدميرا، ما ظهر منها وما خفي، ما علمنا منها وما جهلنا، وما أنت به أعلم، إنك أنت علام الغيوب وإنك أنت اللطيف الخبيرـ بلا إله إلا الله أحد الصمد الحي القيوم، بسم الله، الله أكبر).
مع ترديد آيات إبطال السحر.
5_ نسف الأسحار بعد إبطالها للتخلص منها، فنردد قوله تعالى:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لاَ تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلاَ أَمْتًا) [طه: 105؛ 107].
مما يلفت الانتباه؛ أن هناك أسحارًا غازية قد تنفخ بطن المريض، عادة ما يصنعها الجن داخل جوف المريض. وهذه الأسحار من (سحر السيمياء)، وهو سحر معقد يعتمد على التركيبات الكيميائية، فإذا بطلت تحولت إلى الحالة الغازية، وفي هذه الحالة تنتفخ بطن المريض، ويبدأ في الجشاء إن كان الغازات داخل المعدة، أو في الضراط إن كانت الغازات داخل الأمعاء، ويكون الضراط هنا رائحة كريهة جدا، وعلى المعالج أن يتحمل هذا حتى تخرج جميع الغازات من جوف المريض، فلا يظهر منه أدنى نفور من تلك الروائح الكريهة، حرصا على معنيوات المريض، خاصة إن كان المريض امرأة، فيكون تحرجها أكثر من الرجل. ويراعى إن أمكن تدليك البطن والضغط عليها، بحسب مواضع تجمع الغازات، سواء في القولون أو المعدة، فهذا يساعد في التخلص من هذه الغازات المحبوسة.
يجب أن نفرق بين هذا النوع من السحر وسحر آخر شبيه به إلى حد كبير جدا، فلا يجب أن يقع المعالج في الخلط بينهما. في هذا السحر يقوم الشيطان بالقبض على المستقيم، فيحدث (تشنج شرجي) يمتنع معه خروج الغازات، غالبا يصاحبه إمساك، فلا يخرج منه ضراط، بينما يقوم الشيطان بالنفخ في فم المعدة والقولون، فتنتفخ بطن المريض، وهذا السحر هدفه التعذيب، وقد يصل إلى حد قتله. وهذا علاجه حقنة شرجية بزيت الزيتون، مع تناول ملعقة زيت زيتون، ثم تبدأ جلسة العلاج والرقية ويبطل بإذن الله.
فديو يشرح وظيفة الإخراج والإمساك