06-29-2019, 12:45 PM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,834
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسكندر
فعلا هذا ما يحدث اليوم لقد علا شأن شرار القوم و تقلبوا في البلاد كثيرا و اشتدت شوكتهم و صاروا هم أصحاب الحل و العقد في الوقت الذي كبل فيه أصحاب المواهب و الحكمة و الخير و أذلوا كثيرا ..لله المشتكى و عليه التكلان و هو المستعان و به المستغاث و حسبنا الله و نعم الوكيل
|
لا والذي بيده مقاليد السموات والأرض لن يدوم علو أهل البغي والضلال، بل العلو والعزة لمن اعتصموا بحبل الله عز وجل، فلا يجب أن نجلس ننعي حظنا العاثر ونجتر آلامنا ونشكو إلى الله بثنا وحزننا، كمثل العاجز البائس عديم الحيلة ينتظر معجزة تنتشله من عثراته (فهذا فكر صوفي تواكلي). بل يجب أن نبادر إلى عدم الاستسلام للواقع البائس والمرير، ولأهل الباطل، وأن نعمل على تغير الواقع ببسالة وإقدام حتى وإن فشلنا في البداية وهذا لابد منه، فسنتعلم من أخطاءنا، وستكون خطواتنا القادمة أكثر صوابا وأشد تأثيرا، فالفشل جزء من النجاح حتى نسد ثغراتنا أولا وما أكثرها. فهذا يونس عليه السلام، انعدمت حيلته حين حبس في بطن الحوت، وأحاطت به الظلمات، فلم يعدم الحيلة، بأن لجأ إلى الله عز وجل بالدعاء، بالاعتراف بذنبه، وتسبيح الله وتنزيهه عن كل نقص، وليس بالشكوى وأن ينعي حاله، فقال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87، 88].
هذا على خلاف ما فعله يعقوب عليه السلام إذ كان يشكو بثه وحزنه إلى الله عز وجل، ويكظم آلامه، حتى ابيضت عيناه من الحزن، فطال عليه الزمن حتى جمعه الله عز وجل بيوسف عليه السلام، قال تعالى: (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [يوسف: 86].
وهذا هو الفارق بين دعاء يونس عليه السلام، وأخذه بالدعاء وتجديد التوحيد والإقرار بذنبه (فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)، فابتلاه الله عز وجل، فأقر بذنبه، فالتوحيد، والإقرار بالذنب واللجوء لله تعالى بالدعاء من أقوى أسباب التغيير فنجاه الله عز وجل، وبين استسلام يعقوب عليه السلام لآلامه وأحزانه، فلم يخفي تعلقه بيوسف عليه السلام، على نقيض فعل جده إبراهيم عليه السلام، قدم ابنه عليه السلام للذبح، فطال عليه الزمن حتى جمعه الله عز وجل بيوسف عليه السلام.
|