السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد فرض الله عز وجل علينا الصيام فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]
وفرض علينا كتابة الوصية قبل الموت فقال: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة: 180]
وفرض علينا القصاص في القتلى فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) [البقرة: 178]
في جميع الآيات السابقة نجد قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ) تكرر بمعني فرض عليكم، وكلها جاءت في سورة واحدة وهي [سورة البقرة]، والتي ورد فيها نفس الكلمة في قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216]
فإن تكررت الكلمة بنفس معنى الفريضة، فالمراد من الآية هنا أن القتال فريضة من فرائض الإسلام، تتساوى في الأهمية مع كل الفرائض، ألا وإن [فريضة القتال] هي فريضة أسقطناها من حياتنا رجالا ونساءا، واهتمت بها الصين والدول والشعوب الأخرى، حتى أن الصينيون أدخلوا فنون القتال في معابدهم فصارت جزء من الديانة البوذية. أما مساجدنا فأسقطت من على المنابر فريضة تعلم فنون القتال، فنجد شيوخنا ومثلنا الأعلى هرمين، منتفخة بطونهم، يتلهون بتعدد الزوجات فانشغلوا بإقامة سنة بحجة إقامة الدين عن إقامة فريضة القتال، والحقيقة أنهم منشغلون بإسشباع شهوات فروجهم، رغم أنهم يعانون الأمراض والأسقام، وكأنهم يستعدون للموت، ملتصقة النظازات بأعينهم المكبة على صفحات الكتب، فانشغلوا بالمطالعة عن فريضة إعداد العدة، والتطبيق العملي لما تعلموه. ولو صدقوا الله فيما ينشرونه من علم، لانشغلوا بإعداد العدة، وتقوية أبدانهم عسى أن يطيل الله في أعمارهم، وتعينهم أجسادهم على استفراغ الجهاد في سبيل الله تعالى، ولو فعلوا لشفاهم الله من أسقامهم ولبارك لهم في أعمارهم، ولكنهم على العكس مستسلمون للموت ويخافونه!! هذه الازدواجية في النوايا تتسبب في تسلط الأسحار والشياطين عليهم بالموت البطيء والسريع، فيهرمون في سن صغيرة، ويموتون سريعا، ولو صدقوا الله عز وجل لصرف عنهم كيد الشيطان، ولقويت أجسادهم، وطالت أعمارهم بإذن الله تعالى.
فلم نجد شيخا يرتدي ملابس رياضية ويتدرب مع تلاميذه، وكأن هذا يخل بهيبته ووقاره!!! وخلت المساجد من وجود ساحات ملحقة بها للتدريب، ولكن لا مانع لديهم من تخصيص قاعات للأعراس، وأخرى للعزاء في الموتى. بينما خصص النبي صلى الله عليه وسلم ساحات خارج حدود بيوت المدينة لتدريب الجيوش والمقاتلين على شتى أنواع الفنون القتالية، من المصارعة، والرماية وركوب الخيل، والمبارزة بالسيوف، وللأسف لم يصلنا عنها نصوص مستفيضة وشحيحة.
ويجب أن ألفت الانتباه! أن هناك فارق بين [فنون القتال] وهي فنون الالتحام مع العدو، والدفاع عن النفس والعرض والمال، وبين [القتل]، فالإسلام لم يفرض القتل إلا بالحق في القصاص، وجعل سلطته في يد الحاكم، حتى لا يصير القتل مستباحا بين الناس، فقال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) [المائدة: 32]
فتعلم القتال والدفاع عن النفس فريضة شرعية واجبة على القادر والعاجز، فلا يعتذر الأعرج بعرجه، ولا الأعمي بعماه، فيمكنه تعلم تقنيات قتالية تتناسب مع وضع كل منهم، حتى المرأة، والطفل (أنظر أطفال الصين في معابد الشاولن كيف يتدربون على مهارات فائقة) ... إلخ، يجب تعلم فنون القتال عسكريين ومدنيين كما تعلمنا الصلاة والصيام، فليس قاصرا القتال على العسكر فقط، أو في أزمنة الحرب فقط، بل يجب على الرجال والنساء، الكبير والصغير، المدني والعسكري، وأصحاب العجز بحسب حالات عجزهم، التدرب في الحرب والسلم من باب إعداد العدة البدنية للقتال في أي وقت، ومن باب الوقاية من أن يفكر العدو في الاعتداء علينا، ولتدافع المرأة عن عرضها زمن الحرب والسلم، وهذا من قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) [الأنفال: 60]
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قرأ هذهِ الآيةَ علَى المِنبرِ : (وَأعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) قالَ ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ - ثلاثَ مرَّاتٍ - ألا إنَّ اللَّهَ سَيفتحُ لَكمُ الأرضَ وستُكفَونَ المؤنةَ فلا يعجِزنَّ أحدُكم أن يلهوَ بأسهُمِهِ). [1]
وقوله (ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ) ليس على سبيل الحصر، وإنما ليبني عليه السامع أن يتقن مهارات القتال وفنونه. فبناء الجسد وتغذيته، وتلين المفاصل، وتقوية العضلات، واتقان فنون الاشتباك مع العدو باليد، والمبارزة بالسيف، كلها تدخل في القوة المطلوبة لدفع الصائل المعتدي.
فعلى كل امرأة أن تتعلم فنون القتال، وتتدرب على أخيها، أو زوجها، أو والدها، أو ابنها أو أي محرم لها، فيصير هدفا لها تتدرب عليه كيف تدافع عن نفسها.
وفريضة على كل مسلم أن يعتني بجسده، فهو محاسب عليه يوم القيامة، ومحرم عليه إيذاء بدنه بالسمنة، وسوء التغذية، وقتل النفس، لذلك من العار أن نجد مسلم أو مسلمة بدين، أو ذو كرش منتفخ أمامه.
لذلك عمدت إلى فتح قسم خاص بالفنون القتالية، والتغذية، واللياقة البدنية، لتوجيه المسلمين لإحياء هذه الفريضة المنسية.
ويجب أن نتنبه إلى أن من خصائص المعالج الشرعي للمس والسحر، ومحاربة الشياطين أن يكون ذو بنية قوية، متقن لفنون القتال والدفاع عن النفس، وذو لياقة بدنية عالية، وإلا لا يصلح لدخول [الحرب الكونية الثالثة والأخيرة] القادمة أو التى بدأت بالفعل والناس لا يشعرون بعد، أو يتغافلون عنها هروبا من المواجهة. فكيف سنقاتل سحرة الجن والإنس جهارا نهارا عيانا ونحن بهذه الأجساد الهزيل؟ فضلا عن أن قتال شياطين الجن يحتاج لأساليب ومواصفات خاصة في إعداد المقاتل المناسب لهذا، فليست كل الحركات والفنون القتالية تصلح لهذا. بل هناك تقنيات مهمة، وفن واحد من فنون القتال لا يفي وحده بالغرض، بل تعدد فنون القتال من نقاط ضعف عدونا (فتنبهوا).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 3083 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح