09-26-2019, 02:58 PM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,813
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
في واقع الأمر لا يوجد معجزات بالمعنى المطلق، فالله عز وجل لا يعجزه شيء، فإن حدث أمر معجز للبشر فهو آية تدل على وجود الله تعالى ومطلق قدرته.
فما كان يعده الأولون معجزا في عهودهم الماضية، وكان يعتبر آية آنذاك، فسره العلم الحديث، فلم يعد معجزا في زماننا، ومن ذلك قوله تعالى: (وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) [لقمان: 34] وقال تعالى: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) [الرعد: 8] ففي عهد نزول القرآن الكريم لم يتمكن البشر من معرفة ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، فكان هذا آية لأهل ذلك الزمان، واليوم تمكن العلم الحديث من بيان جنس المولود، فلم تعد الآية (من حيث تحديد جنس المولود) معجزة أو آية في عصرنا.
وهذا من تأويل قوله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة: 106] فالعلم ينسخ الآية التي وقعت في الأزمنة الماضية، لأن العلم أبطل الغموض فيها، وفي لسان العرب: "والنَّسْخ إِبطال الشيء وإِقامة آخر مقامه". ا. هـ وهذا هو مفهوم النسخ في الآية الكريمة، وليس كما ذهب العلماء أن الله ينزل آية في كتابه العظيم، ثم بعد أيام يتراجع عنها فيبطلها بآية أخرى، أو يمحوها، وهذا من القول الباطل، والافتراء على الله عز وجل. حتى اليهود والنصارى؛ مع فداحة تحريفاتهم، لم تبلغ بهم الجرأة على أن يدعوا مثل هذا القول الشنيع في حق كتبهم المحرفة، وإلا لو قالوا به؛ لأثبتوا تحريف كتبهم.
فمعرفة ما في الأرحام من حيث تحديد جنس المولود، كان معجزا زمن نزول القرآن الكريم، ولكن للآية تأويلات معجزة أخرى لم يتوصل إليها المفسرن بعلمهم، ولكن فيما يتعلق بعلمي بعالم الجن، فإن الآية تتعلق كذلك بالقرائن من الجن، وبعدد المواليد الذين ستحمل بهم الأم، ففي الأرحام أيات أخرى كثيرة، وتدخل في علوم أخرى معجزة للبشر، يعجز العلم الحديث عن إدراكها، وإبطال الجهل بها، وتفسيرها وبيانها، على الأقل في الوقت الحالي، وقد يصل العلم لإبطال وجه الإعجاز فيها مستقبلا، وبذلك تنسخ الآية بالعلم.
|