02-06-2020, 07:09 AM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,813
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
لم تظهر عقيدة التثليث، وعقيدة تأليه المسيح وأمه عليهما السلام إبان حياته، وإنما هي معتقدات أحدثت بعد وفاته، والشاهد قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة: 116، 117]، فلم تكن عقيدة تأليه المسيح وأمه مطروحة في حياته، ولا بعد رفعه إلى السماء بحسب القائلين بذلك، وإلا لعلم بها وردها عليهم، وإنما تم تأليهه بعد وفاته، لقوله تعالى: (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)، فلم يكن له علم بذك قبل بعثه يوم القيامة.
وبما أن عقيدة تأليه المسيح عليه السلام ظهرت في وقت سابق على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ)، خاصة وأن الله دفع تلك الفرية عن المسيح عليه السلام، فكفر من قالوا بألوهيته في موضعين من سورة المائدة؛
فقال تعالى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة: 17].
ثم قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [المائدة: 72].
أي أن المسيح لم يقل بهذا الادعاء، خاصة أنه سينكر هذا عليهم يوم القيامة كما في قوله تعالى: (قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ). فأخبرنا الله عز وجل بإنكار المسيح عليه السلام يوم القيامة، فلو صح القول بنزوله قبل يوم القيامة لتكفل بدفع تلك الفرية عن نفسه في الدنيا، وما لزم أن يردها الله عنه في أكثر من موضع من القرآن الكريم،
فهذا يلزم منه أن المسيح عليه السلام توفي قبل نزول القرآن الكريم بزمن قل أو كثر، كما أنه لو صح أنه حي الآن، وسينزل آخر الزمان، فسوف يعلم بما قيل عنه بعد رفعه، وينكره عليهم في الدنيا، لا أن ينكره عليهم في الآخرة، إلا أن يكون قد مات، وانقطع عمله. لكن هذا المعتقد قيل عنه بعد وفاته، وليس بعد رفعه، وهذا ينفي أنه الآن حي يرزق، وأنه سينزل آخر الزمان، ثم يموت.
|