عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 02-15-2020, 12:56 PM
محمد عبد الوكيل محمد عبد الوكيل غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Male
 
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 240
معدل تقييم المستوى: 5
محمد عبد الوكيل is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عدم علم المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام بما أحدث الناس بعده، وعدم ورود القرآن الكريم مع الكتب التي سيُعلمها الله عز وجل له كما جاء في سورة آل عمران، وحقيقة أنه سيموت مرة واحدة بنص القرآن الكريم؛ هذه الأدلة التي ذكرتموها حاسمة، إنما يلتبس الفهم في قوله تعالى (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) خاصة وأن قوله (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) التي قد يُفهَم أنها تدل على ظرف المكان.

يتغير معنى الرفع بحسب السياق، وقد نجده أحيانا بمعنى الصعود كاستثناء وأغلب ما نجد في لسان العرب بخصوص هذا اللفظ يفيد التشريف والرِفعة.

من لسان العرب:

ويقال : ارْتَفَعَ الشيءُ ارْتِفاعاً بنفسه إِذا عَلا.

ومن القرآن الكريم آيات اقترن فيها الرفع مع ظرف مكان واختُلِف في تبيان معانيها إذ لا نجد فيها قولا فصلا:

قال عز وجل (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)[يوسف:100]

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة:63]

ومن الحديث متون ذكرت اللفظ بالمعنيين:

( أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَتَبَ إلى أهلِ اليَمنِ بكِتابٍ فيه الفرائضُ والسُّننُ والدِّيَاتُ، وبَعَثَ به مع عَمرِو بنِ حَزْمٍ، وقُرِئَتْ على أهلِ اليَمنِ، وهذه نُسخَتُها: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مِن محمَّدٍ النَّبيِّ، إلى شُرَحْبيلَ بنِ عَبدِ كُلالٍ، ونُعَيمِ بنِ عبدِ كُلالٍ، والحارثِ بنِ عبدِ كُلالٍ- قِيلِ ذي رُعَيْنٍ ومُعافِرَ وهَمْدانَ-، أمَّا بَعدُ، فقد رُفِعَ رسولُكُم، وأَعطَيْتُم مِنَ الغَنائمِ خُمُسَ اللهِ وما كَتَبَ اللهُ على المؤْمِنينَ مِنَ العُشْرِ في العَقارِ، وما سَقَتِ السَّماءُ وكان سَيحًا أو بَعلًا ففيه العُشرُ إذا بَلَغَ خمسةَ أَوسُقٍ، وما يُسقى بالرِّشاءِ وَالدَّاليةِ ففيه نِصفُ العُشرِ إذا بَلَغَ خمسةَ أَوسُقٍ، وفي كلِّ خَمسٍ مِنَ الإبلِ سائمةُ شاةٍ إلى أنْ تَبلُغَ أربعًا وعِشرينَ، فإذا زادَتْ واحدةً على أَربعٍ وعِشرينَ ففيها ابنةُ مَخاضٍ، فإنْ لمْ توجَدِ ابنةُ مَخاضٍ فابنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، إلى أنْ تَبلُغَ خَمسًا وثلاثينَ، فإذا زادَتْ على خَمسٍ وثلاثينَ واحدةً ففيها ابنةُ لَبُونٍ، إلى أنْ تَبلُغَ خَمسًا وأربعينَ، فإنْ زادَتْ واحدةً على خَمسٍ وأربعينَ ففيها حِقَّةٌ طَروقةُ الجَمَلِ، إلى أنْ تَبلُغَ سِتِّينَ، فإذا زادَتْ على سِتِّينَ واحدةً ففيها جَذَعةٌ، إلى أنْ تَبلُغَ خَمسًا وسَبعينَ، فإنْ زادَتْ واحدةً على خَمسٍ وسَبعينَ ففيها ابنَتَا لَبُونٍ، إلى أنْ تَبلُغَ تِسعينَ، فإنْ زادَتْ واحدةً ففيها حِقَّتانِ طَروقَتَا الجَمَلِ، إلى أنْ تَبلُغَ عِشرينَ ومِئةً، فما زادَ على عِشرينَ ومِئةٍ ففي كلِّ أربعينَ بنتُ لَبُونٍ وفي كلِّ خمسينَ حِقَّةٌ طَروقةُ الجَمَلِ. وفي كلِّ ثلاثينَ باقورةً تَبِيعٌ جَذَعٌ أو جَذَعةٌ، وفي كلِّ أربعينَ باقورةً بقرةٌ. وفي كلِّ أربعينَ شاةً سائمةُ شاةٍ، إلى أنْ تَبلُغَ عِشرينَ ومِئةً، فإنْ زادَتْ على عِشرينَ ومِئةً واحدةً ففيها شاتانِ، إلى أنْ تَبلُغَ مائتَينِ، فإنْ زادَتْ واحدةً ففيها ثَلاثٌ إلى أنْ تَبلُغَ ثَلاثَ مئةٍ، فإنْ زادَتْ ففي كل مِئةِ شاةٍ شاةٌ. ولا تؤْخَذُ في الصَّدقةِ هَرِمَةٌ، ولا عَجْفاءُ، ولا ذاتُ عَوارٍ، ولا تَيْسُ الغَنَمِ، ولا يُجمَعُ بيْن مُتفرِّقٍ، ولا يُفرَّقُ بيْن مُجتمِعٍ خَشيةَ الصَّدقةِ، وما أُخِذَ مِنَ الخَليطَينِ فإنَّهُما يَتراجَعانِ بيْنهُما بالسَّويَّةِ. وفي كلِّ خَمسِ أَواقٍ مِنَ الوَرِقِ خمسةُ دَراهمَ، وما زادَ ففي كلِّ أربعينَ دِرهمًا دِرهمٌ، وليس فيما دُونَ خَمسِ أَواقٍ شيءٌ. وفي كلِّ أَربعينَ دينارًا دينارٌ. وإنَّ الصَّدقةَ لا تَحِلُّ لمحمَّدٍ وأهْلِ بَيتِه، إنَّما هي الزَّكاةُ، تُزكَّى بها أَنفُسُهُم، ولفُقراءِ المؤْمِنينَ، وفي سبيلِ اللهِ، وابنِ السَّبيلِ. وليس في رَقيقٍ ولا مَزرعةٍ ولا عُمَّالِها شَيءٌ إذا كانتْ تؤَدِّي صدَقَتَها مِنَ العُشرِ. وإنَّه ليس في عبْدٍ مُسلِمٍ ولا في فَرَسِه شيءٌ. قال يحيى: أَفْضَلُ، ثم قال: كان في الكِتابِ: إنَّ أَكبَرَ الكَبائرِ عِندَ اللهِ يَومَ القيامةِ: إشراكٌ باللهِ، وقتْلُ النَّفْسِ المؤْمِنةِ بغَيرِ حقٍّ، والفِرارُ يَومَ الزَّحفِ في سبيلِ اللهِ، وعُقوقُ الوالدَينِ، ورَميُ المُحْصَنةِ، وتَعلُّمُ السِّحرِ، وأكْلُ الرِّبا، وأكْلُ مالِ اليتيمِ. وأنَّ العُمرةَ الحجُّ الأَصغرُ. ولا يَمَسُّ القُرآنَ إلَّا طاهرٌ. ولا طَلاقَ قَبلَ إملاكٍ. ولا عَتاقَ حتَّى يُبتاعَ. ولا يُصلِّيَنَّ أحدُكُم في ثَوبٍ واحدٍ وشِقُّه بادٍ، ولا يُصلِّيَنَّ أحدُكُم في ثَوبٍ واحدٍ وشِقُّه بادٍ، ولا يُصلِّيَنَّ أحدٌ منكُم عاقِصًا شَعرَه. وأنَّ مَنِ اعتَبَطَ مؤْمِنا قَتْلًا عن بَيِّنةٍ فإنَّه قَوَدٌ إلَّا أنْ يَرضى أولياءُ المَقتولِ، وأنَّ في النَّفْسِ الدِّيَةَ مِئةً مِنَ الإبلِ، وفي الأَنْفِ إذا أُوعِبَ جَدْعُه الدِّيَةُ، وفي اللِّسانِ الدِّيَةُ، وفي البَيضتَينِ الدِّيَةُ، وفي الشَّفتَينِ الدِّيَةُ، وفي الذَّكرِ الدِّيَةُ، وفي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، وفي العَينَينِ الدِّيَةُ، وفي الرِّجْلِ الواحدةِ نِصفُ الدِّيَةِ، وفي المَأمُومةِ ثُلُثُ الدِّيةِ، وفي الجائِفةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وفي المُنقِّلةِ خَمْسَ عشْرةَ مِنَ الإبلِ، وفي كلِّ أُصبُعٍ مِنَ الأصابعِ مِنَ اليَدِ والرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الإبلِ، وفي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإبلِ، وفي المُوضِحةِ خَمْسٌ مِنَ الإبلِ، وأنَّ الرَّجُلَ يُقتَلُ بالمرأةِ، وعلى أهلِ الذَّهَبِ ألْفُ دينارٍ.) [1]

(لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتانِ عَظِيمَتانِ، يَكونُ بيْنَهُما مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُما واحِدَةٌ، وحتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذّابُونَ، قَرِيبٌ مِن ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنَّه رَسولُ اللَّهِ، وحتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ وتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، ويَتَقارَبَ الزَّمانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ: وهو القَتْلُ، وحتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المالُ فَيَفِيضَ حتَّى يُهِمَّ رَبَّ المالِ مَن يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وحتَّى يَعْرِضَهُ عليه، فَيَقُولَ الذي يَعْرِضُهُ عليه: لا أرَبَ لي به، وحتَّى يَتَطاوَلَ النَّاسُ في البُنْيانِ، وحتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بقَبْرِ الرَّجُلِ فيَقولُ: يا لَيْتَنِي مَكانَهُ، وحتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِها، فإذا طَلَعَتْ ورَآها النَّاسُ - يَعْنِي آمَنُوا - أجْمَعُونَ، فَذلكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُما بيْنَهُما، فلا يَتَبايَعانِهِ ولا يَطْوِيانِهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بلَبَنِ لِقْحَتِهِ فلا يَطْعَمُهُ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وهو يُلِيطُ حَوْضَهُ فلا يَسْقِي فِيهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إلى فيه فلا يَطْعَمُها.) [2]

ولكن بجمع الأدلة يزول اللبس.

سبق لفظ الرفع حقيقة وفاته عليه السلام والتي حاول بعض المفسرين الالتفاف حول دلالتها بقولهم أنها وفاة نوم وليس موت[3] نسبة لما جاء في قوله عز وجل (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الزمر:42] ونذكر أن منهم من نفى ذلك استنادا للدلالة اللغوية للوفاة[4]

في كلتا الحالتين؛ وبحسب المتعارف عليه عندما يموت الإنسان لا يصعد جسده إلى السماء سواء توفاه الملك في اليقضة أو في المنام والقول أن ذلك حدث على وجه الاستثناء يحتاج لدليل، لو فرضنا أن الرفع جاء بمعنى العروج أو الصعود كما يدعون، مالذي صعد ؟ الله عز وجل يقول (يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) وعيسى عليه السلام روح وجسد، والقول بأنهما انفصلا عن بعضهما فصعد أحدهما دون الثاني شطط لا يخفى على عاقل.

ثم كيف ستنزل هذه الروح مرة أخرى ويراها البشر وجسدها في الأرض ؟ وكيف ستتفاعل مع مادة العالم الإنسي ؟ لو صح خبر عودته آخر الزمان لجاء بمعنى بعثه عليه السلام من الأرض لا أن ينزل من السماء والله أعلم.
_____________

[1] الراوي : عمرو بن حزم | المحدث : الإمام أحمد | المصدر : السنن الكبرى للبيهقي، الصفحة أو الرقم: 4/89 | خلاصة حكم المحدث : أرجو أن يكون صحيحاً |
[2] الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7121 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
[3] انظر على سبيل المثال جامع البيان للطبري والأقوال التي أوردها هنا
[4] انظر قول إبن عاشور في التحرير والتنوير هنا



رد مع اقتباس