عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-16-2020, 09:44 AM
محمد عبد الوكيل محمد عبد الوكيل غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Male
 
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 239
معدل تقييم المستوى: 5
محمد عبد الوكيل is on a distinguished road
افتراضي

وانظر كيف يُقيم أهل العلم الحجة على أنفسهم بخصوص جنس الدابّة عليه السلام:
____________

قاعدةٌ فِي حَمْلِ اللفظ

يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَتِهِ دُونَ مَجَازٍ إِلَّا لِقَرِينَةٍ أَوْ دَلِيلٍ(١٠-[أي: أنَّ المَجازَ الذي هو اللفظُ المُسْتَعْمَلُ في غيرِ موضوعِه على وجهٍ يصحُّ لا يُصارُ إليه إلَّا عند امتناعِ حَمْلِ اللفظ على حقيقته، سواءٌ كانَتْ شرعيةً أو عرفيةً أو لغويةً، فمتى أَمْكَنَ حَمْلُ اللفظِ على الحقيقة وَجَبَ حَمْلُه عليها وامتنع حَمْلُه على المَجاز، ومتى امتنع حَمْلُه على الحقيقة حُمِلَ على المَجازِ إذا وُجِدَتِ القرينةُ الدالَّةُ على الامتناع.
وعليه؛ فالمَجازُ خِلافُ الأصل: كإطلاقِ لفظِ: «الأسد» على «الحيوان المُفْتَرِس» فإنه حقيقةٌ؛ لأنَّ الأصلَ الحقيقةُ، وإطلاقُه على «الرجل الشُّجاع» مَجازٌ إِنْ وُجِدَتْ قرينةٌ، مثل: «رأيتُ أسدًا شاهرًا سيفَه»، فإذا كان اللفظُ مُحْتَمِلًا لحقيقته ومَجازِه فإنه راجحٌ في الحقيقة، [انظر مَظانَّ هذه المَسائِلِ فيما أَثْبَتْناهُ على هامش: «مفتاح الوصول» للشريف التلمساني (٥١٥)
].
هذا، والحقيقةُ لا تَسْتَلْزِمُ المَجازَ اتِّفاقًا، بينما يَسْتَلْزِمُ كُلُّ مَجازٍ وجودَ حقيقتِه في شيءٍ آخَرَ لِفَرْعِيَّتِه، وهو مذهبُ الجمهور.])، وَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى المَعْنَى العُرْفِيِّ لِلْمُتَكَلِّمِ(١١-[الحقيقة العرفيةُ قسمان:
ـ عرفيةٌ عامَّةٌ: وهي اللفظ الذي وُضِع ـ لغةً ـ لمعنًى، ولكِنِ استعمله أهلُ العُرْفِ العامِّ في غيرِ ذلك المعنى، وشاعَ عندهم استعمالُه: مثل لفظِ: «الدابَّة»؛ فهو موضوعٌ ـ لغةً ـ لكُلِّ ما يَدِبُّ على وجهِ الأرض مِنْ إنسانٍ وحيوانٍ، ثمَّ اسْتُعْمِلَ عُرفًا فيما له حافرٌ كالفرس والبغل والحمار.
ـ وعرفيةٌ خاصَّةٌ: وهي اللفظُ الذي وُضِع ـ لُغةً ـ لمعنًى، واستعمله أهلُ العرفِ الخاصِّ في غيرِه، وشاعَ استعمالُه ـ عندهم ـ فيه: كالرفع والنَّصْب والجرِّ عند النُّحاة، والنقضِ والقلب عند الأصوليِّين.]) دُونَ المَعْنَى اللُّغَوِيِّ(١٢-[إنما يُحْمَلُ اللفظُ على المعنى العرفيِّ إجماعًا إذا ما أُمِيتَتِ الحقيقةُ اللغويةُ كُلِّيَّةً، وأصبحَتْ كالمتروكة؛ فمَنْ حَلَفَ: «لَيأكلنَّ مِنْ هذه النخلة» ـ مثلًا ـ فإنَّ مقتضى الحقيقةِ العرفية أنه يأكل مِنْ ثمرتها لا مِنْ نَفْسِ جِذْعِها كما هو مقتضى الحقيقةِ اللغوية، وهي مُماتةٌ بالكُلِّيَّة في هذا المثال؛ إذ لا يقصد عاقلٌ الأكلَ مِنْ جِذْعِ النخلة إطلاقًا؛ لذلك كان المَصيرُ إلى الحقيقة العرفية واجبًا حتميًّا.
أمَّا إذا لم تُتَنَاسَ اللغويةُ بالكُلِّيَّة فيجب تقديمُها على العرفية، [انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (٩٠)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (٧/ ٢٦٧)].
]) أَوِ العُرْفِيِّ لِغَيْرِهِ(١٣-[ومِمَّا لا يخفى ـ أصوليًّا ـ: أنَّ العرفية تُسمَّى حقيقةً عرفيةً ومَجازًا لغويًّا، وأنَّ اللغوية تُسمَّى عند الأصوليِّين حقيقةً لغويةً ومَجازًا عرفيًّا، وتُقدَّمُ الحقيقةُ العرفيةُ للمتكلِّمِ على الحقيقة العرفية لغيرِه، سواءٌ كان هذا الغيرُ سامعًا أم لا.])، وَتُحْمَلُ أَلْفَاظُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى المَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ(١٤-[والحقيقةُ الشرعيةُ: هي اللفظُ المُسْتَعْمَلُ في الشرعِ على غيرِ ما كان مُسْتَعْمَلًا في الوضع كالصلاة؛ فهي ـ في اللغة ـ الدعاءُ، فاسْتَعْمَلها الشارعُ في الأقوال والأفعال المخصوصةِ المُبْتَدَأَةِ بالتكبير والمُخْتَتَمةِ بالتسليم، وهي ألفاظٌ نَقَلَها الشارعُ عن مُسَمَّيَاتِها ومَعانِيهَا اللغويةِ إلى مَعانٍ أُخَرَ بينها مُناسَبةٌ مُعْتَبَرةٌ؛ فصارَتْ حقائقَ شرعيةً بعدما كانَتْ لغويةً.
وهذا مذهبُ جمهورِ العُلَماءِ، خلافًا لمَنْ يرى أنها مَعانٍ مُبْتَكَرةٌ شرعًا، يجوز أَنْ يُلاحَظ فيها المعنى اللغويُّ، فإِنْ وُجِدَ فهو اتِّفاقيٌّ وليس مقصودًا، وهو مذهبُ المعتزلةِ والخوارجِ وبعضِ الأحناف كالدبوسيِّ والبزدويِّ وبعضِ الحنابلةِ كأبي الخطَّاب الكلوذانيِّ.
وذَهَبَ الباقِلَّانيُّ وكثيرٌ مِنَ الأشاعرةِ وبعضُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ الألفاظ اللغوية لم يَنْقُلِ الشارعُ منها شيئًا، بل الاسْمُ باقٍ على ما كان عليه في اللغة، لكنَّ الشرع ضمَّ إليه أفعالًا، واشترط له شروطًا.
والصحيحُ مِنْ هذه الأقوالِ مذهبُ الجمهور وهو ما عليه المُصنِّفُ، وقد خالَفَ تقريرَه هذا في أسباب الإجمال، [راجِعِ المَصادِرَ المُثْبَتَةَ على هامش: «المفتاح» للتلمساني (٥١٨ ـ ٥١٩)].
]) دُونَ اللُّغَوِيَّةِ أَوِ العُرْفِيَّةِ(١٥-[هذا هو الصحيحُ عند جمهور الأصوليِّين: أنَّ اللفظ يُحْمَلُ على حقيقته الشرعية: كالصلاة والصوم والزكاة والحجِّ أوَّلًا، فإِنْ لم تكن فعلى حقيقته العرفية، وإلَّا فعلى حقيقته اللغوية، وهذا فيما لا يُوجَدُ دليلٌ صارفٌ أو قرينةٌ.]) غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ(١٦-[ودليلُ حَصْرِ هذه الأقسامِ في أربعةٍ هو: أنَّ اللفظ: إمَّا أَنْ يبقى على أصلِ وَضْعِه أو يُغَيَّرَ عنه، فإِنْ غُيِّرَ فيَلْزَمُ أَنْ يكون ذلك التغييرُ آتيًا مِنْ قِبَلِ الشرعِ أو عُرْفِ الاستعمالِ أو مِنْ جهةِ استعمالِ اللفظِ في غيرِ موضوعِه لعلاقةٍ بقرينةٍ: فالأوَّلُ: هو الحقيقةُ الوضعية، والثاني: الشرعيةُ، والثالثُ: العرفيةُ، والرابعُ: المَجازُ.]).

___________

المصدر



رد مع اقتباس