02-27-2014, 04:33 AM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,834
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
علم الملكين هاروت وماروت والدجال
الكاتب: بهاء الدين شلبي.
تتفق كلا الروايتان على أنه مع الدجال نبيان .. فالرواية الأولى تثبت أنهما نبيان من الأنبياء (ومعه نبيانِ منَ الأنبياءِ) والثانية ملكان في صورة نبيين من الأنبياء (مَعَهُ مَلَكَانِ مِنَ الْمَلائِكَةِ يُشْبِهَانِ نَبِيَّيْنِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ) ولا نبوة لإنس ولا جان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب: 40]
من المعلوم أن الله عز وجل اصطفى آدم وذريته بالنبوة والرسالة على الجن كما اصطفى نوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 30] .. فاستخلف الله عز وجل آدم وذريته على شرعه ودينه بعدما أفسدت الجن في الأرض فقال: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 30] .. وهذا يفيد أن الجن قبلنا كان لهم أنبياء ورسل استخلفهم الله عزو جل على شرعه ودينه فقال: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) [الأنعام: 130] ولكن من الواضح أن في الجن طائفة حاربت أنبياءهم وسفطوا دماءهم كما فعل البشر في أنبياءهم من بعد
ومن الثابت لدينا بنص صريح قاطع الدلالة أنه من الجن منظرون ومنهم إبليس عليه لعائن الله .. وقد ثبت هذا في ثلاثة مواضع من كتاب الله تعالى: (قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) [الأعراف: 15] (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) [الحجر: 37] و[ص: 80] فقوله (الْمُنْظَرِينَ) جاء بصيغة الجمع مما أفاد وجود العديد من المنظرين وليس إبليس هو المنظر الوحيد فقط .. فإن كان هناك من الجن منظرين وإبليس أحدهم فهذا لا يمنع أن يكون بعضا من أنبياء الجن منظرين أي يطيل الله تبارك وتعالى أعمارهم أزمنة طويلة قد تمتد إلى ما شاء الله عز وجل
فإن كان لا يوجد نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإن كان في الجن أنبياء منظرون فهذا لا يمنع أن يكون النبيان الذان مع الدجال هما من أنبياء الجن المنظرون لا من أنبياء الإنس .. فلا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولا أنبياء سيبعثون من قبورهم ليخالطوا الأحياء فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. فلم يبقى إلا الاحتمال الثالث أن يكونا نبيان من أنبياء الجن لا من أنبياء الإنس
لكن الملفت في النص (... فيقولُ أحدُهما: كذبتَ فلا يسمعُه منَ الناسِ أحدٌ إلا صاحبُه ويقولُ الآخرُ: صدقتَ فيسمَعُه الناسُ وذلك فتنةٌ ...) فهل الأنبياء يفتنون الناس؟ حاش وكلا .. إنما يقدر الله عز وجل ما سيحدث فتنة للناس وامتحانا لهم .. وقد ورد في كتاب الله تبارك وتعالى قوله (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) [البقرة: 102] فهو علم أنزل على الملكين ولم ينزل معهما .. فلو قلنا أنه علم أنزل معهما لعلمنا قطعيا أنهما ملكين من جنس الملائكة الكرام .. إذن فهما ملكين صفة لا ملكين جنسا .. كما سبق وبينت هذا فقلت:
"فلا مانع على وجه الإطلاق أن يكون هاروت وماروت من الجن .. وأنهما كانا نبيين من أنبياء الجن .. وأنهما كانا في حكم الملكين من جهة عصمتهما لا من جهة خلقهما .. فإبليس كان من الجن وأمره اله بالسجود مع الملائكة ثم فسق عن أمر ربه لقوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف: 50] .. وهذا يؤكد أصل خلقة إبليس كواحد من الجن وكونه كان من الملائكة فهذا كناية عن عصمته لا عن خلقته
فقد شبهت النسوة يوسف عليه السلام بملك كريم في قوله تعالى: (وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) [يوسف: 31] وهذا ليس تشبيه صوري تعبيرا عن جماله وحسن خلقته لأن النسوة لم يرون ملكا من قبل حتى يشبهنه به .. فلا يقصدن من قولهن أنه ملكا على حقيقته .. وإنما يقصدن معنى ملازم للمعنى الحقيقي للملك وهو العصمة من الوقوع في الفواحش وهذا تعبيرا عن عصمته .. وتلك العصمة هي ما أكدت عليه امرأة العزيز حين قالت (فَاسْتَعْصَمَ) من قوله تعالى: (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ) [يوسف: 32]"
ولقد قرن الله عز وجل ذكر الفتنة بهاروت وماروت وهذا عن لسانهما فقال: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) [البقرة: 102] فقد تكرر ذكر الفتنة مع هاروت وماروت وهما ملكين وكذلك مع النبيين الذين مع الدجال ( أحدُهما عن يمينِه والآخرُ عن يسارِه فيقولُ: ألستُ بربِّكم أُحيِي وأُميتُ ؟ فيقولُ أحدُهما: كذبتَ فلا يسمعُه منَ الناسِ أحدٌ إلا صاحبُه ويقولُ الآخرُ: صدقتَ فيسمَعُه الناسُ وذلك فتنةٌ) وفي الرواية الثانية (أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ , فَيَقُولُ الدَّجَّالُ لِلنَّاسِ : أَلَسْتُ رَبَّكُمْ ؟ أَلَسْتُ أُحْيِي وَأُمِيتُ ؟ فَيَقُولُ أَحَدُ الْمَلَكَيْنِ : كَذَبْتَ , فَمَا سَمِعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلا صَاحِبُهُ , فَيَقُولُ لَهُ صَدَقْتَ , فَيَسْمَعُهُ النَّاسُ فَيَظُنُّونَ إِنَّمَا صَدَّقَ الدَّجَّالَ , فَذَلِكَ فِتْنَتُهُ) .. واقتران ذكر الفتنة بالملكين هاروت وماروت مما يرجح أن الملكين والنبيين في الحديث هما نفسهما هاروت وماروت .. خاصة وأنه في إحدى الروايتين ثبت لهما نسبتهما إلى الملائكة (مَعَهُ مَلَكَانِ مِنَ الْمَلائِكَةِ يُشْبِهَانِ نَبِيَّيْنِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ) وهذه النسبة إلى الملائكة صفة لا جنسا كما نسبت النسوة يوسف عليه السلام إلى الملائكة كناية عن عصمته وهو ليس من جنسهم إنما هو من جنس البشر .. وعليه فكلمة (يُشْبِهَانِ) تعتبر زيادة من الراوي خاصة وأنه لم يرد لها ذكر في الرواية الأولى
|