السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
الإستبراء من النجاسة وردت بثلاثة ألفاظ الاستجمار باستعمال الحجارة، الاستنجاء بالماء فقط، الاستطابة بهما معا، ليس هناك تشديد في المسألة، وأيهما اتى المسلم فهي تجزئ، سواء اقتصر على الأحجار أوأتبعها بالماء وإن اكتفى بالماء فهويغني وأطهر، والإستجمار جائز في الحضر لما صح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله ، العرب كان يغلب عليهم استعمال الحجارة كما في أمم أخرى، ليس لقلة ماء كما قال بعض علماء الفقه، الرومان على وفرة الماء عندهم كانوا يستعملوا نفس صفة الاستجمار يقول أريستوفان
Aristophane [ثلاثة أحجار تكفي].
يقول ابن الرِّفْعَة (645- 710هـ) في كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه باب الاستطابة[ص450؛428]:
الاستطابة، والاستنجاء، والاستجمار: إزالة الأذى عن السلبيين؛ إلا أن الاستطابة والاستنجاء يكونان بالماء والحجر.
والاستجمار لا يكون إلا بالأحجار، مأخوذ من الجمار، وهي: الأحجار الصغار.
والاستطابة مأخوذة من طلب الطيب؛ فإن طالب قضاء الحاجة يطلب طيب نفسه بإخراج الأذى وإزالته.
والاستنجاء مأخوذ من: نجوت الشجرة، وأنجبيتها؛ إذا قطعتها؛ كأنه يقطع الأذى عنه.
..أن العين تزول بالحجر، والأثر بالماء فلا يحتاج [إلى] مخامرة النجاسة... وقال: فإذا أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل؛ لأنه الأصل، ويزيل العين والأثر، والحجر لا يزيل إلا العين. [انتهى].
- أنَّ هذه الآيةَ لمَّا أُنزِلَتْ: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108]، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (يا مَعشَرَ الأنصارِ، إنَّ اللهَ قد أثْنى عليكم خيرًا في الطُّهورِ، فما طُهورُكم هذا؟) قالوا: نَتوضَّأُ للصَّلاةِ، ونَغتسِلُ مِنَ الجَنابةِ، ونَستَنجي بالماءِ، قال: (هو ذاك، فعليكم به).[1]
- (يُطهِّرُ المؤمنَ ثلاثةُ أحجارٍ والماءُ أطهرُ)[2] وفي لفظ آخر: (يطهر المؤمن ثلاثة أحجار، والماء طهور).
-وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ: ثَنَا الْمُقْرِئُ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْأَفْرِيقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة الْجِنِّ، فَسَمِعْتُهُمْ وَهُمْ يَسْتَفْتُونَهُ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ). قَالُوا: كَيْفَ بِالْمَاءِ؟ قَالَ: (هُوَ أَطْهَرُ وَأَطْهَرُ).[3]
-أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - سألَ أَهْلَ قُباءَ ، فقالَ : (إنَّ اللَّهَ يُثني علَيكُم) فَقالوا: إنَّا نتبعُ الحِجارةَ الماءَ[4]
-أنَّ عائشةَ قالت [مُرنَ أزواجَكُنَّ أن يُتبعنَ الحجارةَ الماءَ من أثرِ الغائطِ والبَولِ فإنِّي أستحَييهم فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يفعلُهُ].[5]
-(إذا تغوَّط أحدُكم فلْيتمسَّحْ بثلاثةِ أحجارٍ فإنَّ ذلك يكفِيه)[6]
والعرب استعملوا الحجارة كسائر الأمم في عصرهم لا لقلة الماء ولكن ذلك ما غلب على عصرهم كما يغلب استعمال المناديل الورقية في عصرنا، ويقول اريستوفان(446 ق.م.- 386 ق.م.) Aristophane:[ثلاثة أحجار تكفي للإستجمار..][7]
[Trois pierres peuvent suffire pour se torcher le cul si elles sont raboteuses. Polies, il en faut quatre]
والمدينة كان ماءها وافر وفيهم من اليهود لايستغنون عن الماء في طهارتهم، في محاضرة لإبن الباز على الموقع الرسمي يذكر أن الأنصار أخذوا من اليهود جيرانهم الاستنجاء بالماء قبل الإسلام، ولقصور في البحث عندي لم أجد الأثر الذي استند عليه، إلا أن يكون استنباط منه للواقع انذاك[8].
والله أعلم.
مخطط لمسار مجرى العين الزرقاء بالمدينة المنورة
___________
[1] الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار؛الصفحة أو الرقم: 4740 | خلاصة حكم المحدث : حسن.
[2] الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : ابن عدي | المصدر : الكامل في الضعفاء؛الصفحة أو الرقم: 5/523 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] عبيد الله بن زحر يقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه.
[3] - إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (1/ 282)؛454 / 2 - رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ.. فَذَكَرَهُ.
قُلْتُ: الْأَفْرِيقِيُّ ضَعِيفٌ، لَكِنْ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ.
[4] الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : بلوغ المرام؛
الصفحة أو الرقم: 39 | خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
[5] الراوي: عائشة أم المؤمنين| المحدث: موفق الدين ابن قدامة| المصدر: الكافي؛ الصفحة أو الرقم: 1/52 | خلاصة حكم المحدث: صحيح.
[6] الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم: 7/934 | خلاصة حكم المحدث : تفرد به عمرو بن هاشم وهو صدوق يخطئ كما قال الحافظ فإن لم يحسن حديثه فلا أقل من أن يستشهد به على أنه قد توبع | التخريج : أخرجه الطبراني (4/174) (4055) باختلاف يسير.
[7] https://fr.wikipedia.org/wiki/Papier_toilette
[8]من حديث (أتى النبي ﷺ الغائط, فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار..)