علم الملكين هاروت وماروت والدجال
الكاتب: بهاء الدين شلبي.
إن كان الدجال سيجتاح العالم بسحره مدعوما بعلم الملكين هاروت وماروت مسخرا هذه العلوم الخفية في صناعة أشباه الآيات أو صناعة الآيات الكاذبة المضلة إلا أنه لن يعتمد في غزوه لأهل الأرض على العلم وحده وإنما سيركن بشكل أكبر على عقلية أهل زمن أقصوا الدين من قلوبهم فأصيبوا بالخواء العقائدي .. بينما أقوام آخرين تعطنت مفاهيم الدين في عقولهم .. وآخرين ترسخت لديهم رواسب مفاهيم بائدة ومعتقدات فاسدة فيتمسكون بما يعتقدونه ثوابت لا يمكن التزحزح عنها وهي مجرد مغالطات يتمسكون بها .. وهذا الجمود الفكري والافتقار إلى ليونة العقل يمنح الدجال فرصة استغلال الثبات الذهني لديهم فيقدم لهم براهينه المصطنعة وفق مفاهيمهم المغلوطة ونصوصهم المحرفة والتي غالبا من وضعها هم أعوانه وأنصاره من السحرة
فمثل هذه العقليات هي الأمثل لتقبل ضلالات الدجال وإلا فإن أشباه الآيات لن تروج على مؤمن يغربل ما يتلقاه من مفاهيم ويجددها أولا بأول ويحرص على ملازمة الحق ما أمكنه .. لذلك يخرج الدجال حين يخرج في زمن يستخف أهله بالدين .. اللهم إلا الإتيان ببعض المظاهر الدينية دون الحفاظ على الجوهر تبعا لأهواءهم .. ويركنون إلى ما وافق أهواءهم من أقوال العلماء أصابوا أم أخطؤوا .. ويتركون ترسيخ العلم الشرعي لديهم ويهملون تصحيح مفاهيمهم ليتنافسوا على تحصيل العلوم الوضعية وينشغلوا بها لمجرد الوجاهة الاجتماعية ونيل المناصب القيادية وتحصيل المنافع الدنيوية .. حتى من ينشغل منهم بتلقي العلوم الشرعية فإنه لا يعي شيئا من مضمون ما يحفظه .. والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: (يخرجُ الدجالُ في خفْقَةٍ مِنَ الدينِ وإدْبَارٍ من العلمِ ...)
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 7/346
خلاصة حكم المحدث: [روي] بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح
وخفة الدين لا يفهم منها تفريط الناس في دينهم بل على العكس هم متمسكون به وبشدة تبلغ حد التعصب ولكنه تعصب أعمى .. وإنما المقصود من خفة دينهم فساد ما يتمسكون به من مفاهيم تخالف مقاصد الدين .. أي أن مفاهيمهم للدين مغلوطة ويشوبها الجهل بسبب إدبارهم عن العلم وترك التدبر الواجب والركون إلى فهم البشر وتأويلاتهم الباطلة وترك ظاهر دلالة النصوص وتوافقها مع بعضها البعض .. ففهمهم للدين ليس بالثقل الذي يمنحهم الثبات على الحق .. فعلمهم غير راسخ لأنه يستند إلى مفاهيم متغيرة أقحمت في الدين وليست منه .. وما أسهل أن تعصف الشبهات بأمثال هؤلاء .. فمن يملك القدرة على توظيف الشبهات يسهل عليه إعادة توجيههم وتسييرهم حيث يشاء
إن ركن الدجال إلى فساد أهل زمن خروجه إلا أن الدافع لخروجه ليس خفة الدين وحدها وإدبار العلم .. خاصة وأن هذه الصفات يتكرر ظهورها في كل زمان ومكان .. وهذا لا يعني إدبار من العلم على إطلاقه .. إنما المقصد من النص هو الإدبار من العلم الشرعي وافتتان كل ذي رأي برأيه .. وفي المقابل سيصاب الناس بالهوس العلمي الدنيوي على حساب العلم الشرعي جراء خفة الدين لديهم .. لكن سيخرج الدجال في زمن تتحطم فيه أسطورة العلم بآيات الله تبارك وتعالى لينهار أعظم قناع في تاريخ البشرية ستر الفساد في صورة العلم الحديث البراقة المبهرة .. وهو الزمن الذي تزول فيه فتنة العلم وتعلو آيات الله تبارك وتعالى .. وإن كانت الآيات تقترن بالمرسلين لتأييدهم فإن زمن خروج الدجال سيقترن بخروج رسول أخبر به الله تعالى وهو الدابة المهدية بوحي من الله تبارك وتعالى
مما ذكره نعيم بن حماد عن أبي سعيد الخدري قال: "مع الدجال امرأة يقال لها لئيبة لا يؤم قرية إلا سبقته إليها فتقول: هذا الرجل داخل عليكم فاحذروه". [كنز العمال 39691] أخرجه نعيم بن حماد فى الفتن (2/520، رقم 1457).
بينما ذكر عبد الغني المقدسي في "أخبار الدجال" بإسناد ضغيف جدا ما نصه: عيسى الخياط عن محمد بن يحيى بن حبان سمعت أبا سعيد الخدري يقول: مع الدجال امرأة يقال لها طيبة لا يقدم قرية إلا سبقت إليها تقول هذا الدجال دخل عليكم فاحذروه. رقم (29) صفحة 30
على فرض صحة المتن رغم ضعف الإسناد فالسلف لا ينقلون رواية خاصة بعلامات الساعة والمستقبل إلا أن تكون وحيا سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. مع ملاحظة الاختلاف بين كلمة (طيبة) وكلمة (لئيبة) في الرواتين .. إلا أن كلمة [لئيبة] أرجح وأدل .. وهو لفظ له دلالته في زمن النبوة يفهمه أهل زمانه ولا يشترط أن هذه المرأة تلقب بهذا في زمن خروجها .. وإنما قد تلقب بلقب موافق في المعنى لنفس اللفظ المستخدم في الرواية
في واقع الأمر لم أجد لكلمة [لئيبة] بهذا التركيب وجود في كتب اللغة .. إلا أن أقرب كلمة لجذرها [لاب] هي كلمة "لائبة" تأنيث لكلمة "لائب" من لاب يلوب لوبا فهو لائب ولائبة .. وفي لسان العرب: "اللَّوْبُ واللُّوبُ واللُّـؤُوبُ واللُّوَابُ: العَطَش، وقيل: هو استدارةُ الـحَائِم حَوْلَ الماءِ، وهو عَطشان، لا يَصِل إِليه.
وقد لاب يَلُوبُ لَوْباً ولُوباً ولُوَاباً ولَوَباناً أَي عَطِشَ، فهو لائِبٌ؛ والجمع، لُـؤُوب، مثل: شاهدٍ وشُهُود؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِـيّ:
حتى إِذا ما اشْتَدَّ لُوبانُ النَّجَرْ، * ولاحَ للعَيْنِ سُهَيْل بسَحَرْ
والنَّجَرُ: عَطَشٌ يُصيب الإِبلَ من أَكْلِ الـحِبَّة، وهي بُزُور الصَّحْراء؛ قال الأَصمعي: إِذا طافت الإِبل على الحوض، ولم تقدر على الماءِ، لكثرة الزحام، فذلك اللَّوْبُ. يُقال: تَرَكْتُها لَوَائِبَ على الحوض، وإِبِل لُوبٌ، ونخلٌ لَوَائِبُ، ولُوبٌ: عِطاشٌ، بعيدة من الماءِ. ابن السكيت: لابَ يَلُوبُ إِذا حامَ حول الماء من العطش؛ وأَنشد:
بأَلذَّ مِنكِ مُقَبَّلاً لِـمُحَـَّلإٍ * عَطشَانَ، دَاغَشَ
ثم عادَ يَلُوبُ وأَلابَ الرجلُ، فهو مُلِـيبٌ إِذا حامَتْ إِبلُه حولَ الماءِ من العطش. ابن الأَعرابي: يُقال ما وَجَدَ لَياباً أَي قَدْرَ لُعْقَةٍ من الطَّعام يَلُوكُها؛ قال: واللَّيابُ أَقل من مِلْءِ الفم.".
وإضافة الياء بعد الهمزة تفيد المبالغة .. وعليه فإن [لئيبة] لفظ يفيد المبالغة من [لائبة] وهو كناية عن كثرة طواف هذه المرأة في الأرض فتكون أسرع من الدجال فتسبقه حيث يقصد قبل أن يصل .. فاللئيبة حالها فرط الدب أي التنقل من مكان إلى مكان وهذا موافق لحال الدابة عليها السلام لكثرة تنقلها من كل مكان إلى كل مكان .. وكذلك في اللفظ كناية عن تعطشها لتصديق الناس لها واتباعهم لدعوتها إلى الحق وتعطشها يفيد انصراف الناس عنها وتكذيبها وهذا مما يوافق قوله تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) [النمل: 82]
ولنتأمل معا إلى سرعة تنقل الدجال وسياحته في الأرض ففي الحديث قلنا : يا رسولَ اللهِ ! وما إسراعُه في الأرضِ ؟ قال " كالغيثِ استدبرتْه الريحُ . فيأتي على القومِ فيدعوهم ، فيؤمنون به ويستجيبون له ...)
الراوي: النواس بن سمعان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2937
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وخروجا عن منهجي وهو الاستشهاد بالنصوص الصحيحة فإن هذا النص رغم عدم ثبوته إلا أن مضمونه يتفق وما أحدثكم به عن الدابة عليها السلام .. وهذا ما يجعلني أرجح صحة متنه والله أعلم
فإن كانت سرعة الدجال كالغيث استدبرته الريح فبحسب النص فإن "اللائبة" أو بحسب لفظ القرآن الكريم "الدابة" هي امرأة تدب أي تتنقل في الأرض أسرع من تنقل الدجال .. ولا يمكن لامرأة أن تكون أسرع من الرجال حركة وأسرع من الدجال تنقلا إلا أن يأتيها الله تبارك وتعالى آىية كبرى ويمنحها قوة منه تمكنها من التنقل بسرعة تفوق سرعة تنقل الدجال .. هذا فضلا عن كونها تعلم وجهة الدجال قبل أن يقصدها فتسبقه إليها .. وفي هذا دليل يؤكد على أنها امرأة مهدية يوحى إليها بوحي من الله تبارك وتعالى .. وكونها تحذر الناس من اتباع الدجال فهي امرأة مؤمنة صالحة وعلى يقين من حقيقة الدجال يؤتيها الله عز وجل آياته ووحيه ويؤيدها بقوة منه تتصدى بها لفتنة الدجال .. نخلص من هذا إلى أن الدافع لخروج الدجال هو إخراج هذه المرأة الصالحة التي بما منحها الله عز وجل من آيات ستقلب كل الموازين في زمن خروج الدجال .. فتكون الآيات الربانية ضد العلوم الوضعية لتفند بطلانها وكذبها وخداعها .. وهذا مما يهدد سلطان الدجال فيخرج بآياته الكاذبة والمصطنعة في محاولة منه لتكذيب الآيات الربانية .. فينطلق الدجال بالسحر مدعوما بعلم الملكين هاروت وماروت في محاولات مضادة للآيات الربانية للتلبيس على الناس فلا يدرى ما هو آية صادقة وما هو كاذب فيقع الناس في حيرة من أمرهم فيتبعوا الدجال إلا من ثبته الله عز وجل على الحق ورزقه البصيرة
في حقيقة الأمر أن آيات الله تبارك وتعالى بينات واضحات جليات لا يلتبس أمرها إلا على جاحد .. ولكن الجاحدين للحق سرعان ما يطعنون في آيات الله فينسبونها إلى السحر تكذيبا منهم لها .. والسحر يتخذونه آيات كاذبة لتأييد الباطل ويستنكروون أنها سحرا كما يحدث مع الصوفية والدجال .. لقوله تعالى: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ * فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل: 12؛ 14].. ولقوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) [القمر: 1؛ 3] .. وأمثال هؤلاء ممن انتكست فطرتهم وانقلبت موازينهم واختلطت معاييرهم لا يخفى عليهم حقيقة السحر لاقترانه بالكفر والضلال .. على خلاف الآيات الربانية التي تقترن بالإيمان والحق لنصرته وتأييده .. فآيات الله لا تحتاج دليلا لإثبات حقيقتها بل آيات الله عز وجل مبصرة تنطق بالحق غنية عن الحاجة لحجة وبرهان وليست بعمياء صماء بكماء .. وفي لسان العرب: "والبَصِيرَةُ: الحجةُ والاستبصار في الشيء"
فالآية لا تحتاج آية أخرى لتؤكد صحتها وإلا فليست بآية مبصرة طالما افتقدت للحجة والبرهان .. لأن آيات الله هي حجة وبرهان في ذاتها تغلب كل باطل .. فالناس كانوا على علم أن ما مع موسى عليه السلام آيات بينات .. ورغم هذا كانوا يتمنون أن يغلب السحرة ليتبعونهم لقوله تعالى: (فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ *وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ) [الشعراء: 39، 40] .. ولأن الآية جاءت غالبة فإن السحرة غلبوا وسارعوا في السجود لله مؤمنين به قال تعالى: (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ) [الأعراف: 118؛ 122] .. بينما فرعون جحد بالآية رغم أنها مبصرة واستكبر وكذب وتوعد السحرة بعد أن أسلموا لله رب العالمين .. بل واتهم موسى عليه ليس بممارسة السحر فقط! وإنما اتهمه بأنه كبير السحرة وأنه من علمهم السحر .. فقال تعالى: (قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) [طه: 71] .. وهذا هو نفس ما سيحدث مع الدابة حين خروجها ولا شك في هذا .. فسيكذبها المسلمون قبل الكافرين ويحاربونها وسيسعون لقتلها وسيكيلون لها التهم .. وتهمة السحر من جملة التهم والفرى التي اتهم بها المرسلون من قبل .. في حين أنهم سينساقون خلف الدجال رغم استيقانهم أنه دجال وساحر وكذاب وله من العلامات ما لا يخفى أمرها على أحد وقد أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأكبر آية تثبت كذب الدجال ادعاءه الربوبية لقوله صلى الله عليه وسلم: (.. يقولُ : أنا ربُّكم ، ولا تَرَوْنَ ربَّكم حتى تَمُوتُوا .. )
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7875
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذا لا يعني خروج الدجال في زمن تفشي الأمية الدينية أو انصراف الناس عن الدين بل على العكس تماما .. سنجد أن مظاهر التدين غلبت على الناس وقلوبهم أنتن من جيفة .. فقد يحجون ويعتمرون نزهة وسياحة .. ويجاهدون تحت رايات عمية لعصبية وحمية فيموتون ميتة جاهلية .. ويتوافدون على المساجد أفواجا من كل حدب وصوب ويتزاحمون خلف المقرئين للصلاة يطربون لصوت المقرئ وتنهمر دموعهم فتخضب لحاهم ولا يعون مما يسمعون شيئا .. فسيخرج الدجال في بقية أقوام يقرؤون القرآن لكنه لا يلج قلوبهم منه شيء .. يقرؤونه ولا يفقهون منه شيئا إلا ما وافق هواهم .. فهم يتبعون أقوال شيوخهم وعلماءهم دون أن يتدبروا سلامة ما يقال لهم .. فجعلوا من أئمتهم أوصياء على عقولهم .. لقوله صلى الله عليه وسلم: (... سيَخرجُ أُناسٌ من أمَّتي من قِبَلِ المشرِقِ يَقرؤونَ القرآنَ لا يُجاوزُ تراقيَهُم كلَّما خرجَ منهم قرنٌ قُطِعَ كلَّما خَرجَ منهم قرنٌ قُطِعَ - حتَّى عدَّها زيادةً على عَشرةِ مرَّاتٍ - كلَّما خرجَ منهم قرنٌ قُطِعَ حتَّى يخرُجَ الدَّجَّالُ في بقيَّتِهِم).
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 11/88
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
في زمن خروج الدجال سنجد الأئمة موفورن على المنابر والمساجد عامرة بالمصلين لكنهم سينشغلون عن ذكر الدجال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَخرُجُ الدَّجَّالُ حتى يَذهَلَ الناسُ عن ذِكرِه، وحتى يَترُكَ الأئمَّةُ ذِكرَه على المنابِرِ).
الراوي: الصعب بن جثامة المحدث: ابن السكن - المصدر: تهذيب التهذيب - الصفحة أو الرقم: 4/421
خلاصة حكم المحدث: صالح الإسناد
وهذا يعني أن الناس سيحتشدون في المساجد ويجتمعون حول أئمتهم .. ويقبلون على الصلاة في المساجد فتصير عامرة بالمصلين .. لكن بحسب النص يتبين لنا أن الناس والأئمة سيشغلهم شاغل عن ذكر الدجال فيتركون عن عمد سيرته بحر إرادتهم لا عن غفلة منهم بخطورته وأهميته .. لأن معنى قوله (يَذهَلَ الناسُ عن ذِكرِه) جاء في لسان العرب "الذَّهْل: تَرْكُكَ الشيءَ تَناساه على عَمْد أَو يَشْغَلك عنه شُغْلٌ، تقول: ذَهَلْت عنه وذَهِلْتُ وأَذْهَلَني كذا وكذا عنه؛ وأَنشد: أَذْهَلَ خِلِّي عن فِراشِي مَسْجَدُهْ وفي التنزيل العزيز: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ)؛ أَي تَسْلُو عن ولدها". ولا مانع أن يكون هذا الحدث الجلل الذي سوف يشغل الناس عن ذكر الدجال هو نفسه المتسبب في إثارة غضبه ... خاصة إذا تنامت أهميته وطغى ذكره بين الناس وتشاغلوا بذكره حتى على المنابر .. فهو سيخرج من غضبة يغضبها كما ورد في الحديث (إِنَّما يَخرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ غَضْبَةٍ يغْضَبُها).
الراوي: حفصة بنت عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2380
خلاصة حكم المحدث: صحيح
يفهم من النص بدلالة التضمن وقوع أحداث كثيرة كلها ستتسبب في تكرار إثارة غضب الدجال .. لكن إحدى تلك الأحداث ستغضبه غضبة شديدة تستفزة مما يدفعه للخروج .. أي أنه سيخرج مستفزا مدفوعا بغضبه ولن يخرج عن رغبة منه وبحر إرادته .. مما يؤكد على تردد الدجال في الخروج حتى يستفزه حدث عظيم جلل يغلب على كل الأحداث الشاغلة للناس في ذاك الوقت .. وتردد الدجال في الخروج دليل على وجود مصالح يحرص عليها ويتمسك بها ومخاوف تمنعه من هذا .. فإذا كان يعتمد على السحر في فتنة الناس فإن أشد ما يثير رعبه ويؤجج مخاوفه هو الآيات الربانية لأنها الفاضحة لكذبه والكاشفة لدجله والهادمة لأسطورة العلم الحديث .. فكلما ظهر على يد الدابة آيات عظيمة كلما تراجع الدجال عن الخروج .. لأن ما معه من آيات مصطنعة عمياء ستفضحها الآيات المبصرة وتكشف كذبها .. مما يؤكد أن الدجال يفتن الناس بآياته الكاذبة قبل خروجه وإن لم تنسب إليه .. وخروجه سيكشف أن كل ماكان الناس مفتونون به كان سحرا ويحسبونه انجازات علمية خارقة
فهي فتن يجريها الدجال على يد أولياءه ليفتنهم بها من العلماء والمخترعين والساسة الذين يديرون مؤسسة الحكم العالمية .. فجميع ما نراه اليوم من مخترعات حديثة وتقنيات معقدة ما هي إلا نوع من أنواع السحر وأصنافه تسمى (سحر الآلات) .. لا يشترط في السحر تلاوة العزائم فخفة اليد مثلا تصنف كأحد روافد السحر .. رغم أنها لا تتم بتدخل شياطين الجن .. فكما أن هناك سحر يجري على يد الجن فقط فهناك سحر كذلك يجري على يد البشر بدون تدخل الجن فيه .. وهناك أسحار مشتركة يتداخل فيها دور الجن والإنس معا .. فلو تعطلت شبكة المعلومات بقطع الطاقة عنها لتعطلت كل الأجهزة في العالم بكامله ولسقطت الحضارة المعاصرة برمتها فلن تعمل الهواتف ولا الحواسيب ولن تقلع الطائرت من مطاراتها وستتعطل الأقمار الصناعية عن عملها وسينقطع الاتصال بها فتتحول إلى مجرد علب من الخردة تسبح في الفضاء الخارجي .. وستسقط حينها هيبة الدول العظمى التي تحكم العالم .. لأن هذا يعتبر تهديد لمصالح الدجال داخل عالم البشر .. وهذا وحده كفيل باستفزازه وإثارة غضبه وإن لم يخرج حينها للناس فستضيع كل إنجازاته هباءا بسبب عزلة الناس عن مصادر المعلومات وعدم خضوعهم للسيطرة على عقولهم
تعطيل الطاقة العالمية أمر قد نرى حدوثه ضرب من المستحيل .. إذن فهو أمر معجز خارج حدود قدرات البشر .. ويستلزم حدوث آية من الله عز وجل حتى تتعطل الطاقة أو الكهرباء أو الاتصالات .. والنص التالي "مع الدجال امرأة يقال لها لئيبة لا يؤم قرية إلا سبقته إليها فتقول: هذا الرجل داخل عليكم فاحذروه" هذا دليل على تعطل الاتصالات في ذاك الزمان .. مما يستلزم أن يكون لدى هذه المرأة الصالحة القدرة على التنقل والدب من مكان إلى مكان بسرعة تفوق سرعة الدجال .. لتبلغ الناس وتحذرهم منه قبل وصوله .. ولو كانت وسائل الاتصالات تعمل حينها فكان من الممكن أن تبلغهم تحذيرها عن طريق وسائل الإعلام الحديثة فيصل تحذيرها للعالم كله من خلال وكالات الأنباء .. ولما لزم الأمر أن تتكبد مشقة الانتقال من قرية إلى قرية لتحذرهم من قدوم الدجال عليهم .. وإلا لوصل كل أهل قرية أخبار الدجال عن طريق الإعلام ولما احتاجوا لتحذير
إن كانت الآيات يجريها الله عز وجل على يد المرسلين فهذا يؤكد على حتمية خروج شخصية مرسلة من ربها عز وجل يجري على يديها الآيات والمعجزات .. ولا أحسبها إلا الدابة المهدية أولى علامات الكبرى فحتما ستخرج قبل الدجال ولابد .. فيهمل الناس والأئمة ذكر الدجال وينشغلوا بالتشكيك في صدق المهدية وما معها من آيات والطعن فيما يجريه الله عز وجل على يديها من معجزات ستشغل بال البشرية وتحيرهم في ذلك الوقت لتكون محور اهتمام الناس .. وكل الآيات الثابتة عن الدابة ستثير غضب الدجال ولا شك لأن الناس سترهبها وقد يؤمن بها البعض ويصدقها
في زماننا سنجد أن المرأة تعرضت من قبل الرجل لتهميش اجتماعي وديني بدليل تفشي الفساد بينهن .. فالرجل هو المسؤول الأكبر عما تعرضت له المرأة من حالة ضعف ووهن ديني .. فرجل مفلس دينيا يقود زمام امرأة لا حول لها ولا قوة .. يجب أن لا نغتر بما وصلت إليه المرأة من مكانة اجتماعة وسياسية في الغرب .. ليس هذا من أهداف المسلم في الحياة الدنيا .. فكما أنها ارتقت هناك أعلى المناصب فإنها لم تصل إلى تلك المناصب إلا وقد جردت من كل حقوقها الآدمية كأنثى والتي أتاحها لها الإسلام وسلبها منها الرجل المسلم بتسلطه عليها .. وبذلك تساوى دور الرجل المسلم مع دور الرجل الغربي في إفساد المرأة .. فالرجل المسلم أفرط في التضييق عليها بينما الرجل الغربي فرط الحفاظ عليها .. وعلى هذا فالمرأة تعرضت لجريمة عظمى على مدار تاريخ البشرية وبلغ أوج هذا في زمننا المعاصر زمن التمهيد لخروج الدجال
لذلك لن ينجو من فتنة الدجال إلا قلة معدودة يحاصرهم الدجال في المدينة المنورة .. ففي الأثر عن حسانِ بنِ عطيةَ قال: (لا ينجو من فتنةِ الدجالِ إلا اثنا عشرَ ألف رجلٍ وسبعةَ آلافِ امرأةٍ).
الراوي: - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 13/98/
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن صحيح وهذا لا يقال من قبل الرأي فيحتمل أن يكون مرفوعاً أرسله ويحتمل أن يكون أخذه عن بعض أهل الكتاب
حيث سترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج للدجال كل منافق ومنافقة وكل فاسق وفاسقة حتى تطهر وتخلص منهم .. ولن يبقى إلا المخلصين فقط
( .... وإنه لا يَبْقَى شيءٌ من الأرضِ إلا وَطِئَه وظَهَر عليه ، إلا مكةَ والمدينةَ ، لا يأتِيهِما من نَقَب من أنقابِهِما إلا لَقِيَتْهُ الملائكةُ بالسيوفِ صَلْتَةً ، حتى يَنْزِلَ عند الضَّرِيبِ الأحمرِ ، عند مُنْقَطَعِ السَّبَخةِ ، فتَرْجُفُ المدينةُ بأهلِها ثلاثَ رَجْفاتٍ ، فلا يَبْقَى فيها منافقٌ ولا منافقةٌ إلا خرج إليه ، فتَنْفِي الخبيثَ منها ، كما يَنْفِي الكيرُ خَبَثَ الحديدِ ، ويُدْعَى ذلك اليومُ يومَ الخَلَاصِ ... ).
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7875
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وفي الحديث أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ خطبَ النَّاسَ فقالَ: (يومُ الخلاصِ وما يومُ الخلاصِ ثلاثَ مرَّاتٍ فقيلَ يا رسولَ اللَّهِ ما يومُ الخلاصِ فقالَ يجيءُ الدَّجَّالُ فيصعَدُ أُحُدًا فيطَّلِعُ فينظرُ إلى المدينةِ فيقولُ لأصحابِهِ ألا ترونَ إلى هذا القصرِ الأبيضِ هذا مسجدُ أحمدَ ثمَّ يأتي المدينةَ فيجِدُ بكلِّ ثُقبٍ من ثِقابِها ملكًا مصلتًا فيأتي سَبخَةَ الجُرفِ فيضرِبُ رواقَهُ ثمَّ ترتَجِفُ المدينةُ ثلاثَ رجفاتٍ فلا يبقى منافقٌ ولا منافِقةٌ ولا فاسقٌ ولا فاسِقةٌ إلَّا خرجَ إليهِ فتخلُصُ المدينةُ وذلكَ يومُ الخلاصِ).
الراوي: محجن بن الأدرع المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1111
خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
من الملاحظ أن أول ما يخرج الدجال في أعراض الناس .. يفهم من هذا أنه سيخرج أول ما يخرج في النساء .. فأكثر من سيتبعه هم النساء .. مما يعني أن المرأة هي المستهدف الأول من فتنة الدجال .. فإن كانت الدابة امرأة فستخرج لترد للمرأة حقوقها .. وهذا يعني أنه سينشب صراع بين النساء في العالم ما بين مؤيدات لقضية الدابة وما بين مستنكرات لما تقوله من مستجدات .. لذلك فالنساء هنا مستهدفات ليس لخفة في عقولهن أو لفتنة الجنس كما قد يتوهم
(يَكونُ للمسلِمينَ ثلاثةُ أمصارٍ : مصرٌ بِمُلتقَى البحرَينِ ، ومصرٌ بالحيرةِ ، ومصرٌ بالشَّامِ . ففزعَ النَّاسُ ثلاثَ فزعاتٍ ، فيخرجُ الدَّجَّالُ في أعراضِ النَّاسِ ، فيُهْزمُ من قبلِ المشرقِ ، فأوَّلُ مصرٍ يرِدُهُ المصرُ الَّذي بملتَقى البحرينِ ، فيصيرُ أَهْلُهُم ثلاثَ فرقٍ : فرقةٌ تقيم تقولُ : نُشامُّهُ ننظرُ ما هوَ ؟ وفرقةٌ تلحقُ بالأعرابِ ، وفرقةٌ تلحقُ بالمصرِ الَّذي يَليهم . ومعَ الدَّجَّالِ سَبعونَ ألفًا عليهمُ السِّيجانُ وأَكْثرُ من معَهُ اليَهودُ والنِّساءُ ...).
الراوي: عثمان بن أبي العاص المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/603
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]
ولكن لاجتماع النساء حول القضايا التي ستثيرها الدابة وتحفز نساء العالم للخروج على الرجال .. وهذا يستلزم من الدجال التصدي للنساء واختراق صفوفهن .. فمنهن من يؤيدن الدجال ومنهن من يؤذونه ويرفضون فكره الذي ينتقص من حقوقهن التي كشفتها الدابة عليها السلام .. وهذا مما يثير غضب الدجال وحنقه فيرجع عنهم غضبان آسفا
(لا ينزلُ الدجالُ المدينَةُ ولكنَّهُ بينَ الخندَقِ وعلَى كلِّ نَقْبٍ منْها مَلَائِكَةٌ يَحْرُسونَها فَأَوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ النساءُ فيؤْذِينَهُ فيَرْجِعُ غَضْبَانُ حتى ينزلَ الخندَقَ فعندَ ذلِكَ ينزلُ عيسى بنُ مريَمَ)
الراوي: أبو هريرة المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 7/352
خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح غير عقبة بن مكرم بن عقبة الضبي وهو ثقة
في واقع الأمر أنه ستحدث فتنة عارمة ما بين مؤيدات للدابة عليها السلام في نصرة المرأة وخروجها عن طاعة الرجل في معصية الله تبارك وتعالى .. .. وثورة من النساء على الرجال .. وما بين مؤيدات للدجال مع استمرار وضع المرأة كما هي خاضعة خانعة لجور الرجل عليها .. وجحود من النساء للدابة وكفر بها .. وهذا ما يؤكده حديث متعلق بنساء المدينة المنورة .. فأكثر نساء المدينة سيخرجن للدجال اللائي تربين على الفكر الذكوري العنصري الذي ينتهك كل حقوق المرأة .. وقلة منهن فقط سيقفن في صف الدابة عليها السلام
(ينزلُ الدجالُ في هذهِ السبخةِ بمرقناةٍ فيكونُ أكثرَ من يخرجُ إليه النساءُ حتى إن الرجلَ ليرجعَ إلى حميمِه وإلى أمِّه وإلى ابنتِه وأختِه وعمَّتِه فيوثقُها رباطًا مخافةَ أن تخرجَ إليه ثم يسلطُ اللهُ المسلمين عليه فيقتلونه ويقتلونَ شيعتَه حتى إن اليهوديَّ ليختبئَ تحتَ الشجرةِ أو الحجرِ فيقولُ الحجرُ أو الشجرةُ للمسلمِ هذا يهوديٌّ تحتي فاقتلْه).
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 7/190
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح