09-14-2020, 04:22 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 215
معدل تقييم المستوى: 5
|
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جند الله
أنت لم تحدد في كلامك من الذين وقع الشك منهم، الأنصار أم عدوهم؟ أم كلاهما؟ وأين كان المسيح عليه السلام وقت الصلب؟
|
قال تعالى (يَسۡـَٔلُكَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيۡهِمۡ كِتَٰبٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ بِظُلۡمِهِمۡۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَعَفَوۡنَا عَن ذَٰلِكَۚ وَءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا * وَرَفَعۡنَا فَوۡقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَٰقِهِمۡ وَقُلۡنَا لَهُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُلۡنَا لَهُمۡ لَا تَعۡدُواْ فِي ٱلسَّبۡتِ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا * فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ وَكُفۡرِهِم بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَقَتۡلِهِمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَقَوۡلِهِمۡ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَلۡ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيۡهَا بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِيلٗا * وَبِكُفۡرِهِمۡ وَقَوۡلِهِمۡ عَلَىٰ مَرۡيَمَ بُهۡتَٰنًا عَظِيمٗا * وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا)[النساء:153؛157]
من سياق الآية نعلم قطعا أن المتكلم هم [أهل الكتاب] وإليهم تعود ضمائر الغائب في تسلسل الأفعال، ولكن الأرجح أن القوم أو الأفراد المقصودون في الآيات والذين يدخلون تحت ذلك المسمى يتغيرون مع السياق وليسوا نفسهم بدليل طلب [أهل الكتاب] من النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا، ثم نسب السياق [لأهل الكتاب] سؤال موسى عليه السلام رؤية الله تعالى جهرة بقوله تعالى (فَقَدۡ سَأَلُواْ) أي أهل الكتاب، لكن ليسوا الذين طلبوا من النبي محمد صلى الله عليه وسلم للبعد الزمني بين البعثتين.
ثم تطرق السياق لقصة عيسى ابن مريم عليهما السلام، فنسب الله تعالى الكفر [لأهل الكتاب] ببهتهم مريم عليها السلام وقولهم إنهم قتلوا المسيح.
السياق أبقى صفة [أهل الكتاب] للفاعل، لكن مستبعد أنهم أهل الكتاب الذي جاء به المسيح عليه السلام، وإلا ما بهتوا مريم وما زعموا أنهم قتلوا ابنها، إذن ليسوا نصارى، بل من الفئة الأخرى التي كفرت بما جاء به المسيح، ومع ذلك أشار السياق إلى أنهم [أهل الكتاب]، إذن كفار بني إسرائيل (الذين آمنوا بالتوراة وكفروا بالإنجيل) هم المدعون وهم الذين شبّه لهم.
قبل متابعة الجزء الأخير من الآية نتوقف عند قوله تعالى (وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ)، حسب السياق التشبيه هو ظن أهل الكتاب أنهم قتلوا عيسى ابن مريم رسول الله، أي أن أحدهم جعلهم يظنون ذلك، محتمل أنه الدجال، فما السر وراء هذه الحيلة ؟
في لجوئه لحيلة التشبيه دليل على عدم تمكنهم من المسيح الحق، أي أن الدجال علم استحالة وصولهم إليه فلن تخفى عليه سنة وقوع النبوءات واستحالة ردها، لذلك لجأ إلى أن شبه لهم قتله، فاكتسبوا معصية [قتل نبي] حتى وإن قتلوا غيره، لأنهم ظنوا أنه هو إذ الأعمال بالنيات .. فلماذا أرادهم الدجال أن يعتقدوا بأنهم قتلوا رسول الله ؟ هل فعل ذلك من أجل قرين المعصية ؟ أم من أجل إضلال الناس باعتقادهم أن رسول الله قد توفى فيكفروا ؟ انتظاره كفر الناس دليل على عدم اكتمال الرسالة أو النبوءة، ولو أنها اكتملت لما كان له حاجة في تلك التمثيلية إذ ما تزيد وفاة الرسول إلا رفعة بمقام الشهادة.
ونجد تنبيأه عليه السلام قومه وهو صبي بأنه أوتي الكتاب بصيغة الماضي أي أن الله تعالى سبق وقدر إيتاءه الكتاب لقوله تعالى (فَأَشَارَتۡ إِلَيۡهِۖ قَالُواْ كَيۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلۡمَهۡدِ صَبِيّٗا * قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗ)[مريم:29،30]
فوصل بهم الكفر إلى ظنهم برد قدر الله تعالى بقتلهم رسوله قبل أن يؤتى كتابه، لأنهم لم ينكروا كونه رسول الله تعالى فقالوا (إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ) وهذه الدرك الأسفل من الكفر الذي أراده الدجال لهم.
وحين وقع الصلب والقتل وهم يظنون أنه هو، إما أنه لم يكن حاضرا ليفنذ وينفي مزاعمهم، أو أنه سكت واختبأ لعذر ما، وأنه كان في حالة عدم اكتمال الرسالة أو النبوءة للأسباب السابقة.
قال تعالى (وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ)
ذكر النص فئة اختلفت في المسيح عليه السلام، والراجح أن الاختلاف بدأ في فتنة القتل والصلب؛ فريق ارتد وصدق، وفريق شك وارتاب، ولتتضح لنا الصورة نضع نفسنا في مقامهم؛ مسلمون آمنوا بنبوة رجل وصدقوه وآمنوا بالآيات التي أجراها الخالق عز وجل على يده ونبأهم بأنه سيؤتى الكتاب فإذا بهم يرونه يُصلب ويُقتل أمام أعينهم قبل اكتمال النبوة، لا شك أنها كانت فتنة عظيمة.
ثم استمر هذا الشك وطال المسيح نفسه لقوله تعالى (لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ) أي في شك من عيسى عليه السلام، وتدل هذه الجملة باللزوم على حقيقة عودة أو ظهور المسيح الحق مرة أخرى في قومه وعلى رده شبهة القتل والصلب إبان حياته بدليل أنه التقى مع "المختلفين فيه" وبقوا شاكين فيه.
لكني أجد شبهة في هذا الطرح على قوته؛ وهي نسبة الشك للمختلفين بصيغة المضارع (وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ) قد يوهم ذلك أن المختلفين عاشوا إبان نزول القرآن الكريم وأن الشك راودهم آنذاك، وأنه لو كان الأمر كما تقدم طرحه لوردت الآية نحو (وإن الذين اختلفوا فيه كانوا في شك منه).
وفي ختام الآية نجد أنه مع كل ما تقدم بقي المجرمون في شك من أمرهم ولم يصلوا لدرجة اليقين لقوله تعالى (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا) ربما لعلمهم في قرارة أنفسهم بأنه نبي مرسل وأنه يستحيل قتله ومع ذلك كفروا بهذه الحقيقة، والله تعالى أعلم.
ونلاحظ قوله تعالى (وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗ) أي أن المسيح عليه السلام يصلي ويزكي مادام حيا، وهنا يقع تعارض مع القائلين إنه حي في السماء فإن سلمنا أنه جدلا أنه يصلي هناك؛ فكيف يزكي ؟ ومذا يزكي وعلى من يزكي ؟
|