12-13-2020, 07:19 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 215
معدل تقييم المستوى: 5
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى (وَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن يَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَٰتٍ غَيۡرَ مُسَٰفِحَٰتٖ وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخۡدَانٖۚ فَإِذَآ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَيۡنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ)[النساء:25]
اللافت في الآية قوله تعالى (فتياتكم) واقترانها بمصطح ملك اليمين، فلماذا (فتياتكم) تحديدا ؟ هل المقصود الشابات -بغض النظر عن مسألة الحر والعبد- ؟ وإن كان كذلك لماذا الشابات دون غيرهم من المتقدمات في السن ؟
فتا (لسان العرب):
الفتاء: الشَّباب.
والفَتى والفَتِيَّةُ: السابُّ والشابَّةُ ، والفعل فَتُوَ يَفْتُو فَتاء. ....
والأُنثى فَتاة، والجمع فَتَياتٌ.
ويقال للجارية الحدثة فَتاة وللغلام فَتًى، وتصغير الفَتاة فُتَيَّةٌ، والفتى فُتَيٌّ، ... ا.هـ
على هذا الوجه لم تتضح لنا الحكمة من نكاح الفتيات الشابات تحديدا.
وذُكر في لسان العرب معنى آخر للفتى والفتاة:
والفَتى والفَتاةُ: العبد والأَمة.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم ، أَنه قال: لا يَقولَنَّ أَحدُكم عبدي وأَمتي ولكن ليَقل فَتايَ وفَتاتي أَي غلامي وجاريتي،[1] كأَنه كره ذكر العُبودية لغير الله، وسمى الله تعالى صاحبَ موسى، عليه السلام، الذي صحبه في البحر فَتاه فقال تعالى: وإذ قالَ موسى لِفَتاه، قال: لأنه كان يخدمه في سفره، ودليله قوله: آتِنا غَداءنا.
ويقال في حديث عمران بن حُصين: جَذَعَةٌ أَحبُّ إ َّ مَن هَرِمةٍ، الله أَحقُّ بالفَتاء والكَرَم؛ الفَتاء، بالفتح والمد: المصدر من الفَتى السِّنّ. (* قوله «الفتى السن» كذا في الأصل وغير نسخة يوثق بها من النهاية.) يقال: فَتِيٌّ بيِّن الفَتاء أَي طَرِيّ السن، والكَرمُ الحُسن. ا.هـ
هذا المعنى أقوى وأرجح خاصة في ضوء الشواهد القرآنية كفتى موسى عليه السلام الذي خدمه في سفره فآتاه الغذاء[2]، وقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام لمّا أمر خادميه (وَقَالَ لِفِتۡیَـٰنِهِ ٱجۡعَلُوا۟ بِضَـٰعَتَهُمۡ فِی رِحَالِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ یَعۡرِفُونَهَاۤ إِذَا ٱنقَلَبُوۤا۟ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ)[يوسف:62]
على هذا الوجه نفهم أن الآية تجيز الذين لا يستطيعون طولا أن ينكحوا المحصنات المؤمنات باعتبار أن المحصنات هن الحرائر؛ تجيزهم في نكح الخادمات المؤمنات مع ضرورة استئذان أهلهن وكذلك إيتائهم أجورهم بالمعروف، أي بعقد نكاح شرعي كنكاح الحرائر ولكن مهر الخادمة يكون أبخس وأنسب لمن لا تسمح له حالته المادية بدفع مبلغ أكبر، ويؤخذ من ذكر شرط الاستئذان وإيتاء الأجر تحديدا؛ حماية النص لحقوق الخادمات في حال نكحهم حتى لا تُهضم تلك الحقوق بحجة مكانتهن الاجتماعية.
صحيح أن من أهداف الإسلام العظيم إخماء نار العبودية والرق التي اكتوى بها ما الله أعلم به من البشر رجالا ونساء شيوخا وأطفالا، حيث أمرت النصوص الشرعية بتحرير الرقاب والإنفاق عليهم والرفق بهم ونحو ذلك من الأخلاق الفضيلة اتجاههم واتجاه غيرهم، وفي المقابل لا توجد نصوص تبيح أو تُحل الاستعباد، وعليه نهاية هذه الظاهرة حتمية، ويحدث ذلك تدريجيا مع مرور الزمن .. طالما طُبّق حكم الله تعالى ولم يُبدّل أو يُحرّف.
لكن لابد أيضا للتشريع أن يُغطي ويستوعب هذه الفئة من المسلمين وغير المسلمين ريثما تنتهي هذه الظاهرة، فيُبيّن حقوقهم وواجباتهم الشرعية .. تشريع يكمن بانتهاء ظاهرة الرق ويظهر مرة أخرى في حال عودته.
ولكن يبقى الإشكال قائما في إسقاط هذا المعنى على بعض الآيات الأخرى التي ذُكر فيها ملك اليمين:
كما في قوله تعالى (وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ)[المؤمنون:5،6]
فإذا كان معنى (ما ملكت أيمانهم) اللاتي ينكحن من الخادمات .. ما الحكمة من إضافته ل (أزواجهم) كاستثناء ؟
هذا والله تعالى أعلم.
_____________
[1] لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ عَبْدِي وأَمَتي كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللهِ، وكُلُّ نِسائِكُمْ إماءُ اللهِ، ولَكِنْ لِيَقُلْ غُلامِي وجارِيَتي وفَتايَ وفَتاتِي.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2249 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
لا يَقُلْ أحَدُكُمْ: أطْعِمْ رَبَّكَ وضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ، ولْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلايَ، ولا يَقُلْ أحَدُكُمْ: عَبْدِي أمَتِي، ولْيَقُلْ: فَتايَ وفَتاتي وغُلامِي.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2552 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
[2] تُذكرنا هذه الجزئية بقول النبي صلى الله عليه عن الخادمين ( أَطعِموهم مما تأكلون ، و اكسُوهم مما تكتَسونَ
الراوي : كعب بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد
الصفحة أو الرقم: 566 | خلاصة حكم المحدث : صحيح |
|