01-12-2021, 10:50 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 239
معدل تقييم المستوى: 5
|
|
قال سبحانه وتعالى (وَلَمَّا جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ نَبَذَ فَرِيقٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ كَأَنَّهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ * وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ)[البقرة: 101،102]
تكشف الآيتان الكريمتان جريمتين متعاقبتين اقترفهما فريق من أهل الكتاب عقب ردّتهم، وذلك نتيجة مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحرف لمّا يُفيد " .. وُقُوعِ شَيْءٍ عِنْدَ وُقُوعِ غَيْرِهِ، فَوُقُوعُ جَوابِها مُقارِنٌ لِوُقُوعِ شَرْطِها، وذَلِكَ مَعْنى قَوْلِهِمْ: حَرْفُ وُجُودٍ لِوُجُودٍ؛ أيْ حَرْفٌ يَدُلُّ عَلى وُجُودِ الجَوابِ لِوُجُودِ شَرْطِها .." ا.هـ [1]
أي لمّا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قام فريق من الذين أوتوا الكتاب بـ:
1/ نبذ كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.
2/ اتبّاع ما تتلو الشياطين على ملك سليمان عليه السلام.
- يُؤخذ من ذلك أن هذا الفريق لم يكن مُستغفلا أو جاهلا بحقيقة جرمه فهم يعلمون أن الرسول الذي جاءهم مُصدّقٌ لما معهم، وما اتّبعوا الشياطين إلا بعد نبذ كتاب الله وراء ظهورهم، قد تكون هذه إشارة لتضمن كتابهم حكم حرمة السحر، مع ذلك لجؤوا إلى السحر وهم يعلمون، مُستحلّين الكفر ظانّين أن الشياطين ستنصرهم على هذا الرسول، وفي هذا دليل على أنهم فشلوا في مواجهة الآيات والحجج والبراهين التي جاء بها من الله العظيم.
- فعل اتبّاعهم لما تتلو الشياطين كنتيجة لمجيء الرسول دليل على وجود علاقة بين الحادثتين، أي أن هذا الفريق المُرتّد استعان بالشياطين والسحر على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنهم سحروا له لكي لا يُتمّ مهمته، واستعمال فعل "الاتبّاع" دليل على أن هذه الجريمة لم تحدث ابتداءً؛ بل سبقتهم بها الشياطين .. ثم هم انضموا إليهم واتبعوهم في حلف شيطاني سحري بين الجن والإنس.
تتضمن هذه الحقيقة مسألة حدوث حرب مخفيّة عن أبصار الإنس إبّان البعثة النبويّة .. بين سحرة الجن وبين الملائكة والجن المسلم، وانضمّ لكل طرف فريق من البشر.
_______________
[1] ابن عاشور، التحرير والتنوير، شرح الآية 17 من سورة البقرة، انظر هنا
|