10-27-2022, 09:51 AM
|
المدير
|
|
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,813
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
إتحاف المهرة بتخريج حديث الدعاء عشية عرفة
فبعد حمد الله سبحانه، والصلاة على نبيه ورسوله، فهذا جزء لطيف في تخريج حديث الدعاء عشية عرفة المروي عن عباس بن مرداس رضي الله عنه سميته (إتحاف المهرة بتخريج حديث الدعاء عشية عرفة).
فقد حصل في هذا الحديث كلام، وحامت حوله الملابسات، فأحببت أن أبين حالته، وأذكر من خرجه ورواه، وأعقبه بكلام أهل العلم حوله.
وقد سقت ألفاظ من خرّجه من الأئمة بأسانيدها، حتى تقف على كل جزئية منه بنفسك، وترى ما فيه من بعض الاختلاف في العبارات.
على أن للحديث شواهد عديدة صحيحة، قد أعرضت عن بيانها لعدم دخولها في شرطي لهذا الجزء، وستجد ألماحة إلى بعضها في ثنايا الحديث.
قد استوعبت في الكلام على الحديث مما لن تجده مجتمعا في غير هذا الجزء، إكراما لهذا المنتدى ورواده، فالله الحمد من قبل ومن بعد. وهذا أوان بيان المقصود، فأقول وبالله التوفيق:
هذا الحديث قد تفرد بروايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي واحد، هو: عباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه. (أسلم قبل فتح مكة بيسير وأقبل في تسع مائة من قومه يشهد فتح مكة وهو من المؤلفة قلوبهم وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية).
ثم هو قد تفرد بروايته عنه ابنه كنانة بن عباس بن مرداس. (اختلف في توثيقه وتجريحه وتجهيله، ويقال أن له صحبة، وذكره ابن منده وتبعه ابن حجر فيهم، والراجح قبوله لعدم معارضة توثيقه، أو على الأقل تجهيله، ولا عبرة في اضطراب ابن حبان فيه؛ فقد أشكل عليه، بناء على ظنه أن البخاري إنما لم يصحح حديثه هو أيضا).
وهو قد تفرد بالرواية عنه ابنه عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس. (مجهول، لم يوثق ولم يعدل، ولم يصحح البخاري حديثه). وقد اختلف في تحديد اسمه اختلافا كبيرا. وسترى ذلك جليا في روايات الأئمة بإذن الله.
وهو قد تفرد بالرواية عنه عبد القاهر بن السري السلمي. (قال ابن معين: صالح، وقال الذهبي: صدوق، وقال ابن حجر: مقبول، وذكره ابن شاهين في الثقات، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم؛ وكأنه لم يرتضه).
وهو يروى عنه من طريق تسعة (9) من الرواة.
الطريق الأول: من رواية: أيوب بن محمد الهاشمي الصالحي، يرويه:
(1) ابن ماجة في (السنن ج2/ص1002) قال:
حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي، ثنا عبد القاهر بن السري السلمي، ثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي، أن أباه أخبره، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب: إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم؛ فإني آخذ للمظلوم منه. قال: (أي رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم)، فلم يجب عشيته، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال: تبسم. فقال له أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها، فما الذي أضحكك؛ أضحك الله سنك؟ قال: (إن عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه).
(2) ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال ج6/ص74) قال:
حدثنا علي بن سعيد واللفظ له، ثنا أيوب بن محمد الصالحي، ثنا عبد القاهر بن السري السلمي، ثنا عبد الله بن كنانة بن العباس بن مرداس السلمي: أن أباه حدثه، عن أبيه العباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه عشية عرفة بالمغفرة لأمته، وإن الله أصابه بالمغفرة لأمته إلا ظلم بعضهم بعضا؛ فإنه آخذ للمظلوم من الظالم. قال: فأعاد الدعاء. فقال: (أي رب إنك قادر أن تثيب المظلوم خيرا من مظلمته الجنة، وتغفر لهذا الظالم). قال: فلم يجب تلك العشية شيئا، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجابه عز وجل: إني قد فعلت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تبسم، فقال أبو بكر وعمر: والله لقد ضحكت في ساعة ما كنت تضحك فيها، فما أضحكك أضحك الله سنك؟ فقال: (ضحكت أن الخبيث إبليس حين علم أن الله قد غفر لأمتي واستجاب دعائي لهم؛ أهوى يحثي التراب على رأسه ويدعو بالويل والثبور فضحكت من الخبيث من جزعه).
قال: وعبد القاهر بن السري لم يحدث بهذا الحديث غيره عن عبد الله بن كنانة بن العباس.
(3) ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق ج26/ص403 وما بعدها) قال:وابن كنانة الذي لم يسم في هذه الرواية هو: عبد الله بن كنانة، سماه أيوب بن محمد الهاشمي، عن عبد القاهر.
أخبرناه أبو سعد عبد الرحمن بن عبد الله الفقيه الحصيري، أنا محمد بن الحسين بن أحمد المقدمي، أنا القاسم بن أبي المنذر الخطيب، أنا علي بن إبراهيم بن سلمة، نا محمد بن يزيد بن ماجة، نا أيوب بن محمد الهاشمي، نا عبد القاهر بن السري السلمي، نا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي، أن أباه أخبره، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب: إني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإني آخذ للمظلوم منه. قال: (أي رب الله إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم)، فلم يجب عشيته، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال: تبسم، فقال له أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها؛ فما الذي أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: (إن عدو الله إبليس لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه).
(4) ابن الجوزي في (الموضوعات ج2/ص592) قال:
أنبأنا محمد بن عبد الملك؛ قال: أنبأنا إسماعيل بن مسعدة؛ قال: أنبأنا حمزة بن يوسف؛ قال: أنبأنا أبو أحمد بن عدي؛ قال: حدثنا علي بن سعيد؛ قال حدثنا أيوب بن محمد الصالحي. فذكره بنحو ما ذكر ابن عدي في (الكامل).
(5) الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة ج8/ص398) قال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد، أن فاطمة الجوزدانية أخبرتهم، أبنا محمد بن ريذة، أبنا سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا زكريا بن يحيى الساجي، ثنا أيوب بن محمد الصالحي، ثنا عبد القاهر بن السري، عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الطريق الثاني: من رواية: عيسى بن إبراهيم البركي، يرويه:
(1) أبو داود في (السنن ج4/ص359) قال:
حدثنا عيسى بن إبراهيم البركي، (ح) وسمعته من أبي الوليد الطيالسي، وأنا لحديث عيسى أضبط قال: ثنا عبد القاهر بن السري يعني السلمي، ثنا ابن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده، قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو بكر أو عمر: أضحك الله سنك. وساق الحديث.
(2) الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة ج8/ص397) قال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد، أن فاطمة الجوزدانية أخبرتهم، أبنا محمد بن ريذة، أبنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا عيسى بن إبراهيم البركي قال: ثنا عبد القاهر بن السري، عن ابن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء لأمته عشية عرفة بالمغفرة والرحمة، فأكثر الدعاء؛ فأجابه: إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا، فأما ما بيني وبينهم فقد غفرتها. فقال: (يا رب فإنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم). فلم يجب تلك العشية بشيء، فلما كانت غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه: إني قد غفرت لهم. ثم قال: تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله إنك قد تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها. فقال: (تبسمت من عدو الله إبليس إنه لما أن علم أن الله قد استجاب لي أخذ يدعو بالويل والثبور يحثو التراب على رأسه).
الطريق الثالث: من رواية: أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، يرويه:
(1) أبو داود في (السنن ج4/ص359) قال:
حدثنا عيسى بن إبراهيم البركي، (ح) وسمعته من أبي الوليد الطيالسي، وأنا لحديث عيسى أضبط قال: ثنا عبد القاهر بن السري يعني السلمي، ثنا ابن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده، قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو بكر أو عمر: أضحك الله سنك. وساق الحديث.
(2) الفاكهي في (أخبار مكة ج5/ص15) قال:حدثني الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي؛ قال: ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، عن عبد القاهر بن السري؛ قال: حدثني ابن لكنانة ابن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء، قال: فأجابه الله عز وجل: أنى قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا، فأما ذنوبهم فما بيني وبينهم فقد غفرتها لهم. فقال: (يا رب أنك قادر أن تثيب هذا المظلوم من مظلمته أو تغفر لهذا الظالم). قال: لم يجبه تلك العشية، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه الله عز وجل: أنى قد غفرت لهم. ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها. فقال: صلى الله عليه وسلم: (تبسمت من عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي هو يدعو بالويل والثبور ويحثي التراب على رأسه).
(3) الفسوي في (المعرفة والتاريخ ج1/ص130) قال:
حدثنا أبو يوسف، حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي، حدثني ابن [كنانة] بن عباس بن مر داس السلمي، عن أبيه، عن جده عباس بن مداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ وأكثر الدعاء فأجابه الله: أني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا فأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها. قال: (أي رب إنك قادر أن تثبيت هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم). فلما يجبه تلك العشية، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه الله: أني قد غفرت لهم. ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تبتسم فيها. فقال: (تبسمت من عدو الله إبليس أنه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوي يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب علي رأسه).
(4) العقيلي في (الضعفاء ج4/ص10) قال:
حدثناه جدي رحمه الله ومحمد بن إسماعيل واليمان بن عباد وعلي بن عبد العزيز وإبراهيم بن بكر بن خلف؛ قالوا: حدثنا أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، حدثني عبد القاهر السري السلمي؛ قال: حدثني ابن لكنانة بن عباس بن مرداس، حدثني أبي، عن جدي عباس بن مرداس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه: أني قد فعلت إلا الظلم بعضهم بعضا فأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها لهم. قال: فقال: (أي رب إنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر للظالم). قال: فلم يجبه. فلما كان بالمزدلفة فعاد المسألة قال فأجابه: إني قد فعلت. قال: فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو بكر: يا رسول الله لقد ضحكت في ساعة ما كنت تضحك فيها، فما أضحك؟ فقال: (تبسمت من عدو الله إبليس أنه لما علم أن الله تعالى استجاب لي في أمتي هو يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه).
قال: وقد روي هذا من غير هذا الوجه بإسناد يقارب هذا.
(5) ابن قانع في (معجم الصحابة ج2/ص276) قال:حدثنا علي بن محمد، نا أبو الوليد، نا عبد القاهر السلمي، نا ابن لكنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة فأجابه: (أني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا).
(6) الحكيم الترمذي في (نوادر الأصول ج2/ص230[ق 1635]) قال:
حدثنا حاتم بن نعيم التميمي؛ قال: حدثنا.....؛ قال: حدثنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي؛ قال: حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي؛ قال: حدثني ابن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه: (أني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا، وأما ذنوبهم فيما بيني و بينهم فقد غفرتها). قال: (يا رب إنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته و تغفر لهذا الظالم). فلم يجبه تلك العشية، فلما كان الغداة؛ غداة المزدلفة اجتهد في الدعاء فأجابه: أني قد غفرت لهم. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: تبسمت يا رسول الله في ساعة لم تكن تتبسم فيها. فقال: (تبسمت من عدو الله إبليس؛ أنه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل و الثبور و يحثي على رأسه و يفر).
(7) ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال ج6/ص74) قال:
أخبرنا الفضل بن الحباب، ثنا أبو الوليد. (ح) وأخبرنا أبو يعلى، ثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي، قالا: ثنا عبد القاهر بن السري السلمي، حدثني ابن لكنانة بن العباس بن مرداس السلمي: أن أباه حدثه، عن أبيه العباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه.
(8) أبو نعيم في (تاريخ أصبهان ج2/ص297) قال:
حدثنا محمد بن معمر، ثنا أبي، ثنا إبراهيم بن نصر الرازي، ثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا عبد القاهر بن السري السلمي، عن ابن لكنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة فأجابه الله تعالى: (إني غفرت لهم إلا ظلم بعضهم بعضا). فذكر الحديث بطوله.
(9) ابن عبد البر في (التمهيد ج1/ص122) قال:أخبرنا عبيد بن محمد؛ قال: حدثنا عبد الله بن مسرور؛ قال: حدثنا عيسى بن مسكين؛ قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني. (ح) وأخبرنا سلمة بن سعيد ومحمد بن خليفة؛ قالا: حدثنا محمد بن الحسين؛ قال: حدثنا الحسن بن الحباب أبو علي المقرئ؛ قال: حدثنا الحسين بن عرفة، قالا: حدثنا هشام بن عبد الملك الطيالسي؛ قال: حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي؛ قال: حدثني ابن لكنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه الله: (أني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا، فأما ذنوبهم بيني وبينهم فقد غفرتها لهم). فقال: (أي رب إنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم). قال: فلم يجبه تلك العشية، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه: أني قد غفرت لهم. قال: ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال له أصحابه: يا رسول الله تبسمت في ساعة لن تكن تتبسم فيها. قال: (تبسمت من عدو الله إبليس لما عرف انه قد استجاب الله لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثي التراب على رأسه).
(10) الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة ج8/ص397) قال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد: أن فاطمة الجوزدانية أخبرتهم: أبنا محمد بن ريذة، أبنا سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكشي ومعاذ بن المثنى ومحمد بن يعقوب بن سورة البغدادي قالوا: ثنا أبو الوليد الطيالسي. (ح) وقال سليمان بن أحمد: وحدثنا معاذ بن المثنى، ثنا عيسى بن إبراهيم البركي قالا: ثنا عبد القاهر بن السري، عن ابن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء لأمته عشية عرفة بالمغفرة والرحمة، فأكثر الدعاء؛ فأجابه: (إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا، فأما ما بيني وبينهم فقد غفرتها). فقال: (يا رب فإنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم). فلم يجب تلك العشية بشيء، فلما كانت غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه: إني قد غفرت لهم. ثم قال: تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله إنك قد تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها. فقال: (تبسمت من عدو الله إبليس إنه لما أن علم أن الله قد استجاب لي أخذ يدعو بالويل والثبور يحثو التراب على رأسه).
قال ابن عساكر: رواه أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ومحمد بن مخلد الحضرمي، عن عبد القاهر. ورواه عن أبي الوليد الناس.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا أبو الحسن العتيقي. (ح) وأخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنا الحسين بن جعفر، قالا: نا الوليد بن بكر، أنا أبو الحسن الهاشمي، نا أبو مسلم العجلي، حدثني أبي؛ قال: وكان كثيرا مما يسأل يعني أبا الوليد الطيالسي عن حديث عباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة.
وهو غريب، وليس يروي عن عباس بن مرداس سوى هذا الحديث، وكان إذا سألوه عنه قال: أي شيء ليس عندي سوى هذا الحديث.
الطريق الرابع: من رواية: إبراهيم بن الحجاج السامي (الشامي) (الناجي)، يرويه:
(1) ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني ج3/ص74) قال:
حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، نا عبد القاهر بن السري، نا نعيم بن كنانة بن عباس بن مرداس: أن أباه حدثه، عن العباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والتوبة فأجابه الله تعالى: أني قد فعلت غفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم بعضا. فعاد فقال: (يا رب إنك قادر على أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من ظلامته). فلم يكن تلك العيشة إلا ذي، فلما كان من الغد؛ غداة المزدلفة عاد يدعو لأمته، فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم؛ فقال له أصحابه: بأبي أنت يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تضحك، فما أضحكك أضحك الله عز وجل سنك؟ قال: (ضحكت من عدو الله حين علم أن الله عز وجل قد أجاب لي في أمتي وغفر للظالم أدبر يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه فتبسمت بما صنع من جزعه).
(2) عبد الله بن أحمد بن حنبل في (المسند ج4/ص14) قال:حدثني إبراهيم بن الحجاج الناجي؛ قال: ثنا عبد القاهر بن السري؛ قال: حدثني ابن لكنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه: أن أباه العباس بن مرداس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه الله عز وجل: (أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا من ظلم بعضهم بعضا). فقال: (يا رب إنك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من مظلمته). فلم يكن في تلك العشية إلا ذا، فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة، فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها، فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: (تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على رأسه فتبسمت مما يصنع جزعه).
(3) أبو يعلى في (المسند ج3/ص149) و (المفاريد ص88) قال:حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي، حدثني ابن كنانة بن العباس بن مرداس السلمي: أن أباه حدثه، عن أبيه العباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، وأكثر الدعاء فأجابه الله: (أني قد فعلت وغفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم بعضا). فأعاد فقال: (يا رب إنك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من مظلمته). فلم يكن تلك العشية إلا ذا، فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة؛ فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي تبسمت في ساعة لم تكن تضحك فيها، فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: (تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله قد أجابني في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على رأسه وقال مرة فضحكت من جزعه).
(4) ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال ج6/ص74) قال:
أخبرنا الفضل بن الحباب، ثنا أبو الوليد. (ح) وأخبرنا أبو يعلى، ثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي، قالا: ثنا عبد القاهر بن السري السلمي، حدثني ابن لكنانة بن العباس بن مرداس السلمي: أن أباه حدثه، عن أبيه العباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه.
(5) ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق ج26/ص403) قال:
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد الله بن أحمد، حدثني إبراهيم بن الحجاج السامي، نا عبد القادر بن السري؛ قال: حدثني ابن لكنانة بن العباس بن مرداس، عن أبيه: أن أباه العباس بن مرداس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه الله عز وجل: (أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا من ظلم بعضها بعضا). فقال: (يا رب إنك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من مظلمته). فلم تكن تلك العشية إلا ذا، فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة؛ فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك، فيها فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: (تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعو بالويل ويحثو التراب على رأسه فتبسمت مما صنع لجزعه).
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري، أنا أبو سعد الأديب، أنا أبو عمرو بن حمدان. (ح) وأخبرتنا أم المجتبا بنت ناصر قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور وأنا حاضر، أنا أبو بكر بن المقرئ قالا: أنا أبو يعلى ،نا إبراهيم بن الحجاج السامي، نا عبد القاهر بن السري، حدثني ابن لكنانة بن عباس بن مرداس السلمي: أن أباه حدثه، عن أبيه العباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه الله: أني قد فعلت وغفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم بعضا. فأعاد فقال: "يا رب إنك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من ظلامته". فلم تكن تلك العشية إلا ذا، فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة فعاد يدعو لأمته فلم ينشب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن حمدان: لم يلبث، أن تبسم. فقال بعض أصحابه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي تبسمت في ساعة لم تكن تضحك فيها، مما ضحكت؟ وقال ابن حمدان: فما أضحكك أضحك الله سنك؟. قال: "تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله تبارك وتعالى قد أجابني في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على رأسه فتبسمت". وقال مرة: "فضحكت". زاد ابن المقرئ: "مما يصنع". وقالا: "من جزعه".
(6) ابن الجوزي في (الموضوعات ج2/ص592) قال:
أنبأنا ابن الحصين؛ قال: أنبأنا ابن المذهب؛ قال: أنبأنا أحمد بن جعفر؛ قال: حدثنا عبد الله بن أحمد؛ قال: حدثني إبراهيم بن الحجاج. فذكره بنحو رواية عبد الله المتقدمة في (المسند).
(7) الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة ج8/ص399) قال:
أخبرنا أبو علي عمر بن علي الواعظ الحربي: أن هبة الله أخبرهم: أبنا الحسن، أبنا أحمد، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني إبراهيم بن الحجاج الناجي، ثنا عبد القاهر بن السري، ثنا ابن كنانة بن العباس بن مرداس، عن أبيه: أن أباه العباس بن مرداس حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه الله عز وجل: أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا من ظلم بعضهم بعضا. قال: "يا رب إنك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من مظلمته". فلم يكن تلك العشية إلا ذا، فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة؛ فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تك تضحك فيها، فما أضحكك أضحك الله سنك؟. قال: "تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على رأسه؛ فتبسمت مما يصنع من جزعه".
(8) المزي في (تهذيب الكمال ج14/ص251) قال:أخبرنا به أبو الحسن بن البخاري وأبو الغنائم بن علان وأحمد بن شيبان؛ قالوا: أخبرنا حنبل، قال: أخبرنا بن الحصين؛ قال: أخبرنا بن المذهب؛ قال: أخبرنا القطيعي؛ قال: حدثنا عبد الله بن أحمد؛ قال: حدثني إبراهيم بن الحجاج السامي؛ قال: حدثنا عبد القاهر بن السري؛ قال: حدثنا ابن لكنانة بن العباس بن مرداس، عن أبيه: أن العباس بن مرداس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأجابه الله عز وجل: أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا من ظلم بعضهم بعضا. فقال: "يا رب إنك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من مظلمته". فلم يكن تلك العشية إلا ذا، فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة، وعاد يدعو لأمته، فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها، فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: "تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه فتبسمت مما يصنع لجزعه".
الطريق الخامس: من رواية: إسماعيل بن سيف العجلي، يرويه:
(1) ابن جرير الطبري في (التفسير ج2/ص294) قال:
حدثني إسماعيل بن سيف العجلي، قال: ثنا عبد القاهر بن السري السلمي؛ قال: ثنا ابن كنانة ويكنى أبا كنانة، عن أبيه، عن العباس بن مرداس السلمي قال: قال رسول الله: "دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها فأجابني: أن قد غفرت إلا ذنوبها بينها وبين خلقي. فأعدت الدعاء يومئذ فلم أجب بشيء، فلما كان غداة المزدلفة؛ قلت: يا رب إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته وتغفر لهذا الظالم. فأجابني: أن قد غفرت". قال: فضحك رسول الله، قال: فقلنا: يا رسول الله رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه. قال: "ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذا هو يدعو بالويل والثبور ويضع التراب على رأسه".
الطريق السادس: من رواية: أبو داود الطيالسي [هكذا في الأصول]، يرويه:
(1) البيهقي في (السنن الكبرى ج5/ص118) و (شعب الإيمان ج1/ص304) و (فضائل الأوقات ج1/ص379) قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني، أنبأ أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن القطان، ثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا عبد القاهر بن السري، حدثني ابن لكنانة بن العباس بن مرداس السلمي، عن أبيه عن جده عباس بن مرداس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة؛ فأكثر الدعاء فأوحى الله تعالى إليه: أني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا، وأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها. فقال: "يا رب إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم". فلم يجبه تلك العشية، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه الله عز وجل: أني قد غفرت لهم. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها. قال: "تبسمت من عدو الله إبليس أنه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه".
قال البيهقي رحمه الله: وهذا الحديث له شواهد كثيرة، وقد ذكرناها في كتاب (البعث) فإن صح بشواهده ففيه الحجة، وإن لم يصح فقد قال الله عز وجل: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وظلم بعضهم بعضا دون الشرك. وفي الحديث الثابت عن زيد بن وهب، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة" قال: قلت: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق".
وقال الشيخ رضي الله عنه: يحتمل أن تكون هذه الإجابة في الظلم في العاقبة حتى لا يخلد في النار بظلمه الذي هو دون الشرك، فيحتمل أن يكون في الابتداء قبل أن يعاقبه بشيء من ذنوبه. فسبيلنا أن نجتنب من المظالم ما استطعنا. وبالله التوفيق.
قال الشيخ رضي الله عنه: وفي كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالة على أن ما دون الشرك من الذنوب في مشيئة الله تعالى قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
الطريق السابع: من رواية: ابن أبي الشوارب القرشي الأموي، يرويه:
(1) ابن عبد البر في (التمهيد ج1/ص123) قال:
حدثنا أبو عثمان سعيد بن سيدح قال: حدثنا أبو عيسى يحيى بن عبيد الله بن أبي عيسى؛ قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن فحلون؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبيد البصري؛ قال: حدثنا ابن أبي الشوارب القرشي الأموي؛ قال: أخبرنا عبد القاهر بن السري السلمي؛ قال: حدثنا ابن لكنانة بن عباس ابن مرداس السلمي، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجابه الله: أني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا. فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فقال: "يا رب إنك قادر أن تثيب المظلوم خيرا من مظلمته وتعفو عن الظالم". فأجابه الله: أنى قد فعلت. ثم التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسما، فقلنا: يا نبي الله ما الذي أضحكك؟ قال: أن إبليس عدو الله لما علم أن الله عز وجل قد شفعني في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه".
الطريق الثامن: يرويه: عبد العزيز بن أبان، يرويه:
(1) ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق ج26/ص403) قال:
وأنبأناه أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد قالا: أنا أبو نعيم، نا أبو بكر بن خلاد، نا الحارث بن أبي أسامة، نا عبد العزيز بن أبان، نا عبد القاهر بن السري، نا عبد الله بن كنانة بن العباس بن مرداس، عن أبيه عن جده. فذكر الحديث.
الطريق التاسع: من رواية: محمد بن مخلد الحضرمي. (أشار إليها ابن عساكر، ولم أر من خرجها).
قال ابن كثير في (التفسير ج1/ص244):
وقد أوردناه في جزء جمعناه في فضل يوم عرفة.
وقال الزيلعي في (نصب الراية ج3/ص64):
أخرجه ابن ماجة في سننه، ورواه الطبراني في معجمه [ولم أره في أي من كتب الطبراني المطبوعة]، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه، وأبو يعلى الموصلي في مسنده، ورواه ابن عدي في الكامل؛ وأعله بكنانة، وأسند عن البخاري أنه قال: كنانة روى عن أبيه لم يصح. وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: كنانة بن العباس بن مرداس؛ أسلمي، يروي عن أبيه، وروى عنه ابنه، منكر الحديث جدا، فلا أدري التخليط في حديثه منه أو من أبيه، ومن أيهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روى، وذلك لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير. انتهى
قلت: وقد تقدم أنه ذكره في كتاب (الثقات).
وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة ج3/ص203):
هذا إسناد ضعيف، عبد الله بن كنانة قال البخاري: لا يصح حديثه.
ولم أر من تكلم فيه بجرح ولا توثيق، روى أبو داود بعضه عن عيسى بن إبراهيم البركي، وأبي الوليد عن عبد القاهر بن السري به، رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث العباس أيضا، ورواه البيهقي في سننه الكبرى من طريق أبي داود الطيالسي عن عبد القاهر فذكره بالإسناد والمتن جميعه، ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن إبراهيم بن الحجاج، ثنا عبد القاهر بن السري فذكره. وله شاهد من حديث عائشة رواه مسلم وغيره.
وقال ابن حجر في (القول المسدد ص35):
أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق المسند أيضا، ونقل عن ابن حبان أنه قال: كنانة منكر الحديث جدا ولا أدري التخليط منه أو من أبيه.
قلت: وحديث العباس بن مرداس هذا قد أخرجه أبو داود في السنن في أواخر كتاب الأدب منه في باب قول أضحك الله سنك؛ ولم يذكر في الباب غيره، وسكت عليه فهو صالح عنده.
وأخرجه ابن ماجه في كتاب الحج، وأخرجه أيضا الطبراني من طريق أبي الوليد وعيسى بن إبراهيم جميعا بتمامه، وأخرجه أيضا من طريق أيوب بن محمد به.
وأما إعلال ابن الجوزي له تبعا لابن حبان بكنانة؛ فلم يصب ابن الجوزي في تقليده لابن حبان في ذلك؛ فإن ابن حبان تناقض كلامه فيه، فقال في (الضعفاء) ما نقله عنه ابن الجوزي، وذكره في كتاب (الثقات) في التابعين. وقال ابن منده في (تاريخه): يقال إن له رؤية، وعبد الله بن كنانة أكثر ما يقع في الروايات مبهما، وقد سمي في رواية ابن ماجه وغيرها، ولم أر فيه كلاما، إلا أن البخاري ذكر الحديث المذكور وقال: لم يصح. انتهى
ولا يلزم من كون الحديث لم يصح أن يكون موضوعا، وقد وجدت له شاهدا قويا أخرجه أبو جعفر ابن جرير في (التفسير) في سورة البقرة، من طريق عبد العزيز بن أبي داود، عن نافع، عن ابن عمر، فساق حديثا فيه المعنى المقصود من حديث العباس بن مرداس، وهو غفران جميع الذنوب لمن شهد الموقف، وليس فيه قول أبي بكر وعمر.
وقد أوسعت الكلام عليه في مكان غير هذا، وأورد ابن الجوزي الطريق المذكورة أيضا وأعلها ببشار بن بكير الحنفي راويها عن عبد العزيز فقال: إنه مجهول.
قلت: ولم أجد للمتقدمين فيه كلاما، وقد تابعه عبد الرحيم بن هانئ الغساني فرواه عن عبد العزيز نحوه، وهو عند الحسن بن سفيان في مسنده.
والحديث على هذا قوي؛ لأن عبد الله بن كنانة لم يتهم بالكذب، وقد روى حديثه من وجه آخر، وليس ما رواه شاذا، فهو على شرط الحسن عند الترمذي، وقد أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين. والله الموفق
ثم وجدت له طريقا أخرى من مخرج آخر بلفظ آخر، وفيه المعنى المقصود؛ وهو: عموم المغفرة لمن شهد الموقف، أخرجه عبد الرزاق في (مصنفه) ومن طريقه أخرجه الطبراني في (معجمه) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عنه، عن معمر، عمن سمع قتادة يقول: حدثنا خلاس بن عمرو، عن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: (أيها الناس إن الله عز وجل قد تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، فادفعوا باسم الله). فلما كان بجمع قال: (إن الله قد غفر لصالحيكم، وشفع صالحيكم في طالحيكم، ينزل المغفرة فيعممها ثم يفرق المغفرة في الأرض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده، وإبليس وجنوده على جبل عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم، فإذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل يقول: كيف استفز بهم حقبا من الدهر ثم جاءت المغفرة فعمتهم، يتفرقون وهم يدعون بالويل والثبور). رجاله ثقات أثبات معروفون إلا الواسطة الذي بين معمر وقتادة، ومعمر قد سمع من قتادة غير هذا، ولكن بين هنا أنه لم يسمع إلا بواسطة، لكن إذا انضمت هذه الطريق إلى حديث ابن عمر عرف أن لحديث عباس بن مرداس أصلا.
ثم وجدت لأصل الحديث طريقا أخرى أخرجها ابن منده في (الصحابة) من طريق ابن أبي فديك، عن صالح بن عبد الله بن صالح، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد، عن أبيه، عن جده زيد قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فقال: (أيها الناس إن الله قد تطول عليكم في يومكم هذا، فوهب مسيئكم لمحسنكم وأعطى محسنكم ما سأل، وغفر لكم ما كان منكم). وفي رواية هذا الحديث من لا يعرف حاله، إلا أن كثرة الطرق إذا اختلفت المخارج نزيد المتن قوة. والله أعلم
قلت: وقد ولو تتبعت شواهد هذا الحديث لخرج هذا الجزء عن المقصود منه، ولذلك لم أشترطه هنا، وهي كثيرة لو جمعتها لأتت هي بجزء آخر.
تم الجزء
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على إمام المتقين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
المصدر: https://majles.alukah.net/t28227/
|