عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 12-11-2024, 12:10 PM
محمد عبد الوكيل محمد عبد الوكيل غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Male
 
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 245
معدل تقييم المستوى: 5
محمد عبد الوكيل is on a distinguished road
افتراضي

تدوين مصاحف القرآن الكريم:

(عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أنَّهُ كانَ يَنْهَى أَنْ يُسَافَرَ بالقُرْآنِ إلى أَرْضِ العَدُوِّ، مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ العَدُوُّ.)[1]

نص النهي خاص بالقرآن المكتوب، أي أن تدوين القرآن كان منتشرا في المجتمع المدني، قد يقول قائل إن كتابة القرآن الكريم كانت محصورة في عدد قليل من الصحابة الذين يحسنون الكتابة، أو كما يقال عنهم (كتّاب الوحي)، نلاحظ أن نص النهي عام لكافة المسلمين، فالصحابة المقرّبون (القيادات) لن يسافروا إلى أرض العدو إلا لمهمة من تكليف القائد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وحتى لو اضطروا للسفر لأرض العدو لغرض شخصي فلابد لهم من استئذان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وعليه فالنص لعامة المسلمين .. خاصة إذا علمنا أن عددهم بلغ عشرات الآلاف، إذ لا يُمكن متابعة المسافرين الراحلين والوافدين فردا فردا، بدليل ما حدث مع الصحابي كعب بن مالك، حيث جاء النبطي التاجر من الشام إلى المدينة، وأبلغه كتابا من ملك غسان، وإذا علمنا أيضا -في ضوء ما تقدم من الأدلة- أن التدوين والكتابة كان منتشرا في المجتمع المدني، أي أن القرآن المكتوب كان أيضا منتشرا في المجتمع المدني شأنه شأن باقي المعاملات الشرعية التي تقتضي التدوين والكتابة.

وفي هذا السياق لابد من تناول نقطة مهمة، وهي تبليغ الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم للقرآن والسنة لكافة المسلمين، في المدينة ابتداءً، وغيرها من الأمصار، وتقوم هذه النقطة على ثلاث حقائق:

الأولى: أن القرآن لم ينزل جملة واحدة، قال الله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]

الثانية: أن الله تعالى أمر نبيّه صلى الله تعالى عليه وسلم بالتبليغ، قال الله تعالى { يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67]

الثالثة: حقيقة تواجد المسلمين في مدن وقرى وأمصار مختلفة إبّان نزول الوحي، نذكر منها على سبيل المثال، مكة، المدينة، خيبر، الطائف، اليمن، الشام، الجرش (الأردن)، الكويت، البحرين .. وغيرها

وهذا يقتضي تبليغ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أهل القرى والمدن المسلمة (كتابة) بنا ينزل عليه من وحي أولا بأول، وكذلك التشريعات والأوامر النبوية (السنة)، أي أنه كانت هناك مراسلات مكتوبة بين القيادة المركزية في المدينة وباقي الأمصار، مراسلات مكتوبة تناولت نصوص الكتاب والسنة وغيرها.

شواهد إضافية:

مراسلة بين المدينة وخيبر:

أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ، خَرَجَا إلى خَيْبَرَ مِن جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فأتَى مُحَيِّصَةُ، فأخْبَرَ أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَهْلٍ قدْ قُتِلَ وَطُرِحَ في عَيْنٍ، أَوْ فقِيرٍ ، فأتَى يَهُودَ، فَقالَ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، قالوا: وَاللَّهِ ما قَتَلْنَاهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ حتَّى قَدِمَ علَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لهمْ ذلكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ هو وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهو أَكْبَرُ منه وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهو الذي كانَ بخَيْبَرَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِمُحَيِّصَةَ: كَبِّرْ كَبِّرْ، يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وإمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بحَرْبٍ ، فَكَتَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إليهِم في ذلكَ، فَكَتَبُوا إنَّا وَاللَّهِ ما قَتَلْنَاهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِحُوَيِّصَةَ، وَمُحَيِّصَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قالوا: لَا، قالَ: فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ، قالوا: لَيْسُوا بمُسْلِمِينَ، فَوَادَاهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن عِندِهِ، فَبَعَثَ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِئَةَ نَاقَةٍ حتَّى أُدْخِلَتْ عليهمِ الدَّارَ. فَقالَ سَهْلٌ: فَلقَدْ رَكَضَتْنِي منها نَاقَةٌ حَمْرَاءُ.[2]

مراسلة من المدينة إلى أرض الفرس والشام والحبشة:

أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَالنَّجَاشِيِّ، فقِيلَ: إنَّهُمْ لا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إلَّا بخَاتَمٍ، فَصَاغَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خَاتَمًا حَلْقَتُهُ فِضَّةً، وَنَقَشَ فيه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ.[3]

مراسلة من المدينة إلى الجرش (الأردن) فيها حكم شرعي من السنة النبوية:

نَهَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا، وَأَنْ يُخْلَطَ البُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا، وَكَتَبَ إلى أَهْلِ جُرَشَ يَنْهَاهُمْ عن خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. وفي روايةٍ: ذكَرَ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ، وَلَمْ يَذْكُرِ البُسْرَ وَالتَّمْرَ.[4]

رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يطلب كتابة حكم شرعي لمسلم من الأهل اليمن كان في مكة:

لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ علَى رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكَّةَ قَامَ في النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عن مَكَّةَ الفِيلَ، وسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسوله والمُؤْمِنِينَ، فإنَّهَا لا تَحِلُّ لأحَدٍ كانَ قَبْلِي، وإنَّهَا أُحِلَّتْ لي سَاعَةً مِن نَهَارٍ، وإنَّهَا لا تَحِلُّ لأحَدٍ بَعْدِي، فلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، ولَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، ولَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ ، ومَن قُتِلَ له قَتِيلٌ فَهو بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ، إمَّا أنْ يُفْدَى وإمَّا أنْ يُقِيدَ، فَقالَ العَبَّاسُ: إلَّا الإذْخِرَ ، فإنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وبُيُوتِنَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إلَّا الإذْخِرَ فَقَامَ أبو شَاهٍ - رَجُلٌ مِن أهْلِ اليَمَنِ - فَقالَ: اكْتُبُوا لي يا رَسولَ اللَّهِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبُوا لأبِي شَاهٍ. قُلتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: ما قَوْلُهُ اكْتُبُوا لي يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: هذِه الخُطْبَةَ الَّتي سَمِعَهَا مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.[5]

صحابي شهد أحد[6] مع حكم شرعي مكتوب في أديم:

ما لي أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ تَذْكُرِ المَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَقَدْ حَرَّمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا؟! وَذلكَ عِنْدَنَا في أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ، إنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ، قالَ: فَسَكَتَ مَرْوَانُ، ثُمَّ قالَ: قدْ سَمِعْتُ بَعْضَ ذلكَ.[7]





______________
[1] الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1869 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
[2]الراوي : رجال من كبراء قوم سهل بن أبي حثمة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1669 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
[3]الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2092 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
[4]الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1990 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
[5] الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2434 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
[6] هو رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه، انظر سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج3، ص 181.
[7] الراوي : رافع بن خديج | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1361 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]



رد مع اقتباس