عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-16-2014, 10:15 PM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي غير متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,813
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

فضل الله تبارك وتعالى الناس بعضهم على بعض .. حتى الرسل فضلهم بعضهم على بعض قال تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) [البقرة: 253]

وقد نهانا ربنا تبارك وتعالى أن نتمنى ما فضل به بعضنا .. وأمرنا أن نسأله من عموم فضله .. قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [النساء: 32]

كمثال: علمنا أن الله تبارك وتعالى سيرسل امرأة دابة ويؤتيها من فضله العظيم .. ولأنها مجهولة الهوية حتى الآن فسوف تتمنى كل امرأة أن تكون هي الدآبة .. وتجلس تتمنى وتدعو الله (يارب أكون أنا الدابة) .. حتى إذا خرجت الدابة وثبت أنها امرأة أخرى خلاف من تدعو بهذا الدعاء فسوف تصاب بالحقد والغل على الدابة فتكتم كراهيتها لها وتظهر الحب والود .. كل هذا لأنها لم توفق أن يكون لها ما تمنت .. رغم أن ما تمنته خير وليس شرا .. تمنت أن تكون امرأة صالحة

أو خرقاء تنتظر ظهور المهدي مثلا (بحسب الفهم الباطل أو الخليفة الراشد وهو الأصح) ليتزوجها ويأخذها على حصانه الأبيض ويحلق بها بين السحاب .. أو تبحث لها عن أفضل الرجال علما ودينا فتفوت على نفسها فرصة الزواج أو تعطل زواجها المقدر بسبب سفاهة عقلها .. وما أكثر من هن بهذه العقلية السقيمة والنفسية المختلة في زماننا .. وهذا مما رسخه الإعلام الفاسد في عقول الكثيرين .. فظهر جيل لا سقف لحدود طموحاته وربما إمكانياته لا تؤهله ليستحق ما يصبو إليه .. فجيب أن تتناسب طموحات الإنسان مع قدراته وإمكانيته

صحيح أن الزواج خير وليس شرا .. لكن أمثال أصحاب تلك العقليات تمني نفسها بأمر دنيوي يفوق قدراتهم وإمكانياتهم .. لأنهم لا يرون النقص والعيب فيهم .. فدائما ما يرون أنهم أفضل حالا مقارنة بحال غيرهم من الفاسدين ولا يقارنون حالهم بحال الصالحين .. فيرون أنهم أفضل السيئين ويهملوا أنهم أسوأ الصالحين

ومثل هذه تتمني وتحلم لمجرد أن تؤثر نفسها بالخير دون سائر النساء (فهي تراهن فاسدات وهذا واقع متفشي) لكونها ترى نفسها أفضل منهن وخيرا منهن وأصلح النساء .. وأنها أهل للزواج من مثل هذا الرجل الذي سيقضي حياته في جهاد ونصب مقبلا على الآخرة معرضا عن الدنيا .. بينما هي تحلم بالدنيا مقبلة عليها تتمنى وتتخيل في حين أنها جاهلة مقصرة وقلبها عامر بالمفاسد وهذا من سفاهة العقل ولقلة الدين والجهل به .. بينما هي لا تدرك ولا تريد أن تعترف بأنها أسوأ وافسد الصالحين وربما خالط قلبها النفاق وهي لا تدري عن ذلك .. فلكي يقدر الله عز وجل لإنسان فضلا ما يجب أن يبتليه ويمتحنه ويحصه ويعده بحلول المصائب والمحن به حتى يؤهله لهذا الفضل ولن تتحمل امرأة مهما ادعت أنها قادرة على تحمل مثل تلك المشاق إلا بتوفيق الله تعالى

فضل الله عز وجل هبة منه يمنحها من يشاء وليس أمرا مكتسب نحصله بالاجتهاد .. فشخص لديه موهبة ما من المواهب هذه قدرة يضعها الله فيه وليست مكتسبة لكن قد ينميها بالدراسة والتجربة والخبرة .. فمهما حاول إنسان يفتقد هذه الموهبة فلن يصل إليها باجتهاده .. شخص آخر ثري ثراء فاحش .. مهما حاول شخص فقير أن يصل إلى ما وصل إليه هذا الثري فلن يصل لأن الله وهبه علم يستطيع به الحصول على كل هذا المال والآخر حرم من هذه الهبة

كلنا نجتهد لكسب المال لكن ليس كلنا يمتلك هبة من الله يكتسب بها هذا المال كالعلم أو رأس مال أو تجارة .. قال تعالى: (فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 49] مثل قارون أتاه الله المال بعلم عنده .. فتمنى الناس مثل ما أوتي قارون .. رغم أنهم لم يتمنوا أن تزول النعمة عنه وإلا كان حسدا ونقمة عليه .. إلا أن من آتاهم الله العلم وبخوهم على فعلهم هذا وهو ما أثبته الله عز وجل في كتابه العظيم

(قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) [القصص: 78؛ 80]

وتمني الناس مثل ما أوتي قارون لا يجوز لأنهم تمنوا حظا دنيويا .. لأنهم (الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) وعن الآخرة هم معرضون .. أما أن يتمنى الإنسان حظا أخرويا كالجنة والفردوس وخاصة الفردوس الأعلى فهذا مطلوب ممن عمل لها عملها من الصالحات فهو يرجو به رحمة ربه وأن يؤتيه ثواب الدنيا بأن ييسر له عمل خير آخر يقربه إليه .. وحسن ثواب الآخرة الجنة ورضوان من الله .. أما من هو نائم غافل لاعب لاه يقفز بين متع الدنيا وملذاتها كالكبش الأقرن يقفز متنقلا بين الصخور .. فلا يؤدي ما فرضه الله عليه .. ثم يتمدد على أريكته مسترخيا ويتمنى على الله الأماني والجنة فهذا شر لا خير فيه .. فمن المفترض أن المؤمن يدعو الله بأن يعينه على العمل الصالح وأن يتقبل منه قبل أن يتمنى على الله الجنة

فموسى عليه السلام سأل الله أمورا دنوية فقال تعالى: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [طه: 25؛ 32] لكن كل هذه الدنويات التي طلبها كان الهدف منها كما قال تعالى: (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا) [طه: 33؛ 35] .. وشتان بين من يسأل الله تعالى الدنيا للتمتع والتلذذ وبين من يطلبها ليستعين بها على طاعة الله عز وجل كأسباب يتقرب بها إلى الله عز وجل



رد مع اقتباس