بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
منتـدى آخـر الزمـان  

العودة   منتـدى آخـر الزمـان > منتدى مقارنة الأديان > الحوارات والمناظرات الدينية > الرد على الشبهات

الرد على الشبهات
الرد على الشبهات وتصحيح المفاهيم والمعتقدات

               
 
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-15-2015, 06:34 PM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,813
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي خطيئة آدم في التوراة والإنجيل والقرآن - دراسة مقارنة

بسم الله الرحمن الرحيم


خطيئة آدم في التوراة والإنجيل والقرآن
دراسة مقارنة
د. عماد الدين عبد الله طه الشنطي
قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة – كلية أصول الدين - الجامعة الإسلامية – غزة – فلسطين
نُشر في مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية -المجلد العشرون- العدد الأول
ـــــــــــــــــ
مثلت عقيدة توارث الخطيئة عند اليهود والنصارى عقيدة أساسية بينت عليها أصول يدينهم, وتعتبر هي التأصيل الفكري للعقيدة الأكثر دلالة على النصرانية وهي عقيدة الصلب والفداء, وهذه عقيدة باطلة شرعا وعقلا وعرفا إذ لا تقبلها أي من المجتمعات ولم تقر بها الدساتير لكونها ظلما محضا يستحيل أن يصدر من الخالق القدير سبحانه.
فتعرض الباحث إلى إلي جوانب عدة من المقارنة بين الإنجيل والتوراة والقرآن حول خطيئة آدم، فبين الباحث تناقض التوراة والأناجيل بخصوص هذه القضية مما يدل دلالة واضحة علي بطلان هذا المفهوم حتى من خلال نصوصهم.
وتطرق الباحث إلى بعض من هذه التناقضات بالتفصيل واختمها بالبرهان الواضح والحقيقي من القرآن الكريم.
فعرض الباحث في مقدمته مفهوما لعقيدة الصلب باعتبارها الركن الأصلي لبقية عقائد المسيحية، ذلك المعتقد قامت أسسه علي مفهوم الخطيئة التي وقع فيها آدم، حيث يعتقد المسيحيون أن آدم ورّث تلك الخطيئة لذريته من بعده؛ فأشفق الرب علي الناس؛ فبذل ابنه الوحيد، فنزل وصُلب وقتل علي الصليب، ليكفر خطايا الناس التي ورثوها عن أبيهم آدم.
وجاء البحث بعد المقدمة في مباحث أربعة كما يلي:-
المبحث الأول: خطيئة آدم في التوراة.
ترتبط عقيدة الخلاص والفداء بقصة آدم في الجنة وإغواء إبليس له ثم وقوع آدم وحواء في شراك كيده وأكلهما من الشجرة المحرمة, فعاقبهما الله تعالي بإنزالهما إلي الأرض، ووردت القصة كاملة كما يراها اليهود في سفر التكوين (الإصحاح الثاني والثالث).
وكان للباحث بعض من الملاحظات حول القصة التوراتية للخطيئة الأولي من أهمها:
- تحدثت الرواية عن الذات الإلهية بما لا يليق بذات الله تعالي وصفاته وكذلك نسبت الرواية الإغواء إلي الحية، وهل الحيوان يكلف ويعاقب؟ وهل أرسل له رسل من جنسه؟
- زعمت أن معصية آدم كانت في أكله من شجرة معرفة الخير والشر، والتي ترتب عليها معرفه آدم وحواء أنهما عريانان.
- تمثلت العقوبات التي تعرض لها الجميع في إنزال آدم إلي الأرض؛ ليعمل فيها ويتعب، أما عقوبة حواء فتبلورت في التعب في الحبل والولادة، وبالنسبة للحية فكانت عقوبتها هلي اللعن، ولا تأكل إلا التراب, وهذا مالا يعقل أن يكون العمل في الدنيا عقوبة أو إنجاب الأبناء عقوبة وتعاقب الحية وهي من الحيوانات غير المكلفة.
- جعلت التوراة الحية أصدق قولاً من الله –تعالي الله عن ذلك– إذ قال الله لآدم: وعده بالموت ولم يمت، وكانت الحية أصدق حيث وعدته بأنه سيكون مثل الله وحدث ذلك واتخذه النصارى آلة فهل يعقل ورود تلك هذه الخرافات والتناقضات في كتاب ينسب إلي الله العليم القدير؟
المبحث الثاني: كان عن الخطيئة والفداء ومدي تطابقها مع نصوص الكتاب المقدس.
وفيه ركز الباحث على قضية الخطيئة في الأناجيل المختلفة وكان له ملاحظات أهمها:
أ- ان المسيح أنكر الخطيئة الأصلية.
ب- واثبت بطلان وراثة الخطيئة بإثبات براءة الكثيرين من الخطيئة الأصلية.
المبحث الثالث: على خطيئة آدم في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
فقال إن القرآن الكريم قد تحدث عن خطيئة آدم في سور عدة, وفي بعض السور تفصيل ما أُجمل في الأخرى كما في سور البقرة والأعراف وطه والتي يبين فيها الله تعالي توبته سبحانه على آدم وزوجه؛ والقرآن الكريم فصل وبين أن خطيئة آدم لا علاقة لأحد من ذريته بها فقال: (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)، وأن الإنسان يولد علي الفطرة والتوحيد، وليس في الخطيئة كما زعم النصارى.
ثم تناول الباحث مفهوم الخطية عند النصارى:
اعتقد المسيحيون -ولا يزالون- أن خطيئة آدم التي فعلها هو وحواء هي الأكل من الثمر المنهي عنه، وأن العهد لم يُقطع مع آدم من أجل نفسه؛ بل من أجل نسله، وعلية فالجنس البشري جميعه المتناسل منه تناسلاً طبيعياً قد أخطأ فيه، وسقط معه بخطيئته الأولي فعقد الله عهد علي نعمته؛ لينقذ الجنس البشري من حال الخطيئة والشقاوة، ويدخلهم إلي الخلاص بواسطة فادٍ لهم فكان الفادي الوحيد هو (المسيح) الذي هو من الأزل ابن الله –تعالى الله عن ذلك الإفك علوا كبيرا- ثم صار إنساناً, ثم عرض الباحث بعض الشواهد على ذلك من الأناجيل المختلفة.
المبحث الرابع: مسألة صلب المسيح في الأناجيل والقرآن الكريم.
فناقش قصة الصلب التي صيغت لترسيخ ذلك المعتقد للوقوف علي صحة ذلك المعتقد من بطلانه, وبعد بحثه الموثق بالأدلة اتضح له بطلان ما يزعمونه وذلك من أناجيلهم أنفسها.
أولاً- روايات صلب المسيح في الأناجيل ثم استخرج منها عدة ملاحظات عن التضارب الذي وقعت فيه الأناجيل في الحادثة نفسها و ومن أمثلة التضارب:
1- شهود حادثة الصلب: فالأناجيل مضاربة ومتناقضة في نقل حادثة الصلب ومن كان شاهدها وحاضرها.
2- هل كان المسيح معروفاً لدي اليهود والناس في زمانه أم لا ؟.
3- يهوذا مسلم المسيح.
من المعروف أن (يهوذا الاسخريوطي) من تلاميذ المسيح الاثني عشر المذكورين في الأناجيل، وقد تعلقت بيهوذا مسائل متضاربة كثيرة من أهمها:
أ-سقوط يهوذا.
ب- نهاية يهوذا، والاختلاف في كيفيه موته.
4- من الذي القي القبض علي المسيح.
5- عدد صيحات الديك.
6- من الذي حمل الصليب المسيح أم سمعان؟.
7- آخر ما قاله المصلوب قبل موته.
وهكذا فالروايات تكاد لا تجتمع على تفصيلة واحدة من تفاصيل ذلك الصلب المزعوم لعيسى عليه السلام
ثانياً - مسألة صلب المسيح في القرآن الكريم والسنة.
فقد زعم أعداء الله وافتخروا بقتل نبي الله عيسي، وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه، ولكن الله أبطل زعمهم، واخبر أن عيسي لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة.
وذكر الباحث براهين أخري داعمة لما جاء في القرآن الكريم وهو نزول عيسي آخر الزمان ويعد هذا دليلا قاطعا علي حياته ورفع الله إليه ونجاته من كيد اليهود, فعيسي حي في السماء، وهو مقيم هناك حتى ينزل إلي الأرض ويقتل الدجال، ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً.
ثم ناقش بعدها الباحث قضية كيفية الخلاص مما سبق فنقل ما يقوله النصارى: "لم يعرف التاريخ حلاً لتلك العقدة أو علاجاً من الذنب؛ حتى جاء المسيح؛ ليكفر عن خطايانا علي الصليب، ويدفع ثمن وعقوبة أبشع خطية ارتكبها إنسان علي الأرض". رغم ان النصوص لديهم تنفي وراثة وتؤكد أن كل إنسان يتحمل مسئولية عمله.
وتناول الباحث براهين أخري للقرآن الكريم وهو نزول عيسي آخر الزمان ويعد هذا دليل قاطع علي حياته ورفع الله إليه، ونجاته من كيد اليهود.
فعيسي حي في السماء، وهو مقيم هناك حتي ينظل إلي الأرض ويقتل الدجال، ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً.
وفي خاتمة الكتاب يعرض الباحث ملخص سريعاً مختصراً لما ورد طياته وفيها أهم نتائج البحث:
1-تناقض التوراة والأناجيل حول خطيئة آدم توريثها لذريته من بعده؛ يدل دلالة واضحة علي بطلان ذلك المفهوم.
2-نصوص التوراة والإنجيل والقرآن تتفق علي أن الابن لا يحمل ذنب الأب أو العكس مما يؤكد بطلان مفهوم توريث خطيئة آدم عند النصارى.
3-التناقض بين نصوص الكتاب المقدس يدل بوضوح علي تحريف هذا الكتاب.
4-يتبع بطلان مفهوم توريث الخطيئة بطلان عقيدة الصلب؛ لأن مفهوم توريث الخطيئة هو الأساس الذي قامت علية قصة صلب المسيح.
5-الصورة الواضحة والنقية حول آدم وخطيئته فصل فيها القرآن الكريم وذكرها دون لبس أو غموض، كما في التوراة والأناجيل.
جزى الله الباحث خير الجزاء
لتحميل الدراسة انقر هنا:






رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-15-2015, 10:49 PM
عضو
 Algeria
 Female
 
تاريخ التسجيل: 02-12-2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,262
معدل تقييم المستوى: 11
أمل بالله is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله على نعمة الاسلام.. جزاكم الله خيرا وبارك فيكم



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-16-2015, 04:50 AM
أبو الياس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيراً وبارك فيكم.

الحقيقة أزعجونا النصارى بموضوع الخطيئة وتطاولهم على الله تعالى بأنه غير قادر على المغفرة وغير عادل ، وتطاولهم على نبي الله آدم عليه السلام ، وكأنه لا يوجد بالكون سوى هالموضوع ، وموضوع الخطيئة كله هو مجرد موضوع عاطفي ليبعد العقول عن التفكير في منطقية الثالوث المقدس لديهم ، فحتى لا تعمل عقول أتباعهم أو من يُنصِرونهم ضد منطقية فكرة الثلاثة في واحد ، يقومون بجرهم عاطفياً بأن الله عز وجل قد ضحى بابنه لينقذهم من خطيئة آدم عليه السلام.

فإن جاء المسيح لينقذهم من خطيئة آدم ، فماهو مصير الأمم التي كانت قبل المسيح ؟ فهل يعقل أن خطيئة آدم يحمل وزرها كل البشر منذ آدم إلى زمن المسيح الذي يعتبر من آواخر الأنبياء في تاريخ البشرية ؟ هذا ظلم وإجحاف تعالى الله عنه.

ثم هل يعجز الله عز وجل أن يغفر لآدم عليه السلام ؟ فهو التواب الغفور الرحيم وهذا ما حصل فعلاً (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ) [طه:122] ، (فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:37] .. فقط وانتهى الموضوع .. فلم كل هذا الضجيج سوى أنهم فقط يريدون اللعب على عواطف أتباعهم والكذب عليهم.



رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-17-2015, 12:53 PM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,813
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الملف يحتوي على أدلة وردود رائعة .. فلا تقيموه فقط من النبذة عنه أو من العناوين .. بل أنصح الجميع بقرائته فسوف يفيدكم في تنبيه عقولكم وزيادة وعيكم أكثر

الملف من 24 ورقة فقط .. عسى أن يوفق الله الأخت "أمل بالله" على تحويله كتابة ونشره هنا فهو يستحق



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-28-2015, 12:38 AM
عضو
 Algeria
 Female
 
تاريخ التسجيل: 02-12-2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,262
معدل تقييم المستوى: 11
أمل بالله is on a distinguished road
افتراضي

خطيئة آدم في التوراة والإنجيل والقرآن: دراسة مقارنة


د.عماد الدين عبد اﷲ طه الشنطي
قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة - كلية أصول الدين الجامعة الإسلامية - غزة- فلسطين

ملخص: خطيئة آدم _ عليه السلام_ وتوريثها لذريته من بعده من العقائـد التـي ركـز عليهـا النصارى؛ ليبرهنوا على صدق عقيدة الصلب التي يعتقدونها، فكان لابد من التركيز على مفهوم الخطيئة في كتابهم المقدس، ثم بيان بطلان ذلك؛ لأنه يترتب عليه إبطـال عقيـدة الصلب حيث سينزل المسيح-عليه السلام- آخر الزمان ويكسر رمزها، ويـدعوهم لوحدانيـة اﷲ-تعالى-،ثم بيان ما يجب اعتقاده بخصوص ما سبق في القرآن الكريم وسنة النبي-عليه الصلاة والسلام-.

The Sin of Adam in the Torah, the Bible and the
Quran



Abstract: The sin of Adam PBUH and its bequeathal to his descendants were among the beliefs stressed by Christians to prove the validity of the Crucifixion Doctrine. This paper dwelt on the concept of the Original Sin in the Christian Holy Book and proved the statement was false. The refutation of the Original Sin removes the foundation of the Crucifixion Doctrine, which would be repealed by Christ PBUH upon his return by the end of time. He would then break its symbol and invite people to have faith in the Oneness of God SWT. The paper then outlined the relevant tenets of faith in the Holy Quran and Sunnah of the Prophet PBUH.

مقدمة:

تعتبر عقيدة الصلب أساساﹰ لبقية عقائد المسيحية، ذلك المعتقد قامـت أسـسه علـى مفهـوم الخطيئة التي وقع فيها آدم عليه السلام، فيعتقد المسيحيون أن آدم ورث تلك الخطيئة لذريته مـن بعـده؛ فأشفق الرب على الناس؛ فبذل ابنه الوحيد، فنزل وصلب وقتل على الصليب، ليكفر خطايا الناس التي ورثوها عن أبيهم آدم.

ذلك هو التصور الذي يعتقد به النصارى بخصوص الخطيئة باختصار.
ولتكتمل الصورة حول مفهوم الخطيئة، وبيان أصلها في الكتاب المقدس، والمفهوم الـصحيح في القرآن الكريم؛ جاء البحث في مقدمة تحدثت عن مفهوم الخطيئة عند النصارى بشكل عام، ثم مباحث أربعة كما يلي:

المبحث الأول: خطيئة آدم في التوراة.
المبحث الثاني: الخطيئة والفداء ومدى تطابقها مع نصوص الكتاب المقدس.
المبحث الثالث: خطيئة آدم في القرآن الكريم و السنة المطهرة.
المبحث الرابع: مسألة صلب المسيح في الأناجيل و القرآن الكريم.

مقدمة حول مفهوم الخطيئة(1):

اعتقد المسيحيون وما زالوا: أن خطيئة آدم التي سقط بها هو وحواء هي الأكل من الثمر المنهي عنه، وأن العهد لم يقطع مع آدم من أجل نفسه؛ بل من أجل نسله، وعليه فـالجنس البشري جميعه المتناسل منه تناسلاﹰ طبيعياﹰ قد أخطأ فيه، وسقط معه بخطيئته الأولـى، فعقـد اﷲ عهد نعمته ؛ لينقذ الجنس البشري من حال الخطيئة والشقاوة، ويدخلهم إلى الخلاص بواسطة فـادٍ لهم، فكان الفادي الوحيد هو (المسيح) الذي هو من الأزل ابن اﷲ ثم صار إنساناﹰ.

وحول مفهوم الخطيئة وفداء الإله لتلك الخطيئة التي اقترفهـا الإنـسان، ونـتج عنهـا استحواذ الشيطان على الإنسان واستحقاقه للموت، قال بولس: ( من أَجلِ ذلِك كَأَنَّما بِإِنْسانٍ واحـد دخَلَت الْخَطيئةُ إِلَى الْعالَمِ، وبِالْخَطية الموتُ، وهكَذَا اجتَاز الْموتُ إِلَى جميـعِ النَّـاسِ، إِذْ أَخْطَـأَ الْجميع.) (رومية 5: 12) ، ويقصدون بالإنسان آدم قال بولس(لأَنَّه كَما في آدم يموتُ الْجميـع، هكَذَا في الْمسيحِ سيحيا الْجميع (1كو15: 22) ، وقال أيضاً موضحاً سبب ذلك الموت(لأَنَّه إِن كَان بِخَطية الْواحد قَد ملَك الْموتُ بِالْواحد...)(رومية 5 :17)، كما قالوا: بأن الإنسان عندما يولد يولد خاطئاً بطبيعته لأن الفساد جاء إلينا من أبوينا الأولين فكلنا خطاة لأننا كلنا بشر(5). فيعتقد المسيحيون أن المسيح صلب ومات، ثم قام من موته؛ ليكفر خطايا النـاس، فيقولون: "إن المسيح تألم لأجل خطايانا؛ فقام في اليوم الثالث لأجل تبريرنا" (.6) وأكد ذلك يوحنا بقوله (وهو كَفَّارةٌ لِخَطَايانَا. لَيس لِخَطَايانَا فَقَطْ، بلْ لِخَطَايا كُـلِّ الْعـالَمِ أَيضا.)( يوحنا 2:2)

وركز بولس على هذا المعنى في رسائله، فقال: (الَّذي فيه لَنَـا الْفـداء بِدمـه، غُفْـران الإِنْسان يسوع الْمسيح، الَّذي بذَلَ نَفْسه فديةً لأَجلِ الْجميعِ ) (1 تيموثاوس 2:5ـ6 ).

وقد لخص القس (إلياس مقار) مفهوم الخطية والخلاص منها بقوله:"و من كل هذا نفهـم معنى و مدلول الخلاص، وهو تحرير الإنسان الكامل من: دين الخطية، ومرضـها، وسـلطانها، واستعبادها نفساً وروحاً وجسداً، والأخذ بيده؛ كى يقف أمام الله في كمال: البر والقداسة والمجد و العزة و البهاء إلى أبد الآبدين"(7)

ويوضح بعدها كيفية الخلاص مما سبق فقال(8):" لم يعرف التاريخ حلاً لتلك العقـدة أو علاجاً لذلك الذنب؛ حتى جاء المسيح ؛ ليكفر عن خطايانا على الصليب، و يدفع ثمـن وعقوبـة أبشع خطية ارتكبها إنسان على الأرض، وكل مؤمن به يستطيع أن يصبح منتصراً في مواجهـة الخطية بالقول: (إِذًا لاَ شَيء من الدينُونَة الآن علَى الَّذين هم في الْمسيحِ يسوع، الـسالِكين لَـيس حسب الْجسد بلْ حسب الروحِ)"( رومية 1: 8) .

المبحث الأول: خطيئة آدم في التوراة

ترتبط عقيدة الخلاص والفداء بقصة آدم - عليه السلام - في الجنة وأكلـه مـن أحـد أشـجارها، وإغواء إبليس له، ثم وقوع آدم وحواء في شراك كيده، وأكلهما من الشجرة المحرمة، فعاقبهما االله تعالى بإنزالهما إلى الأرض، والقصة وردت في سفر التكوين.

الأصحاح الثاني


( 15 وأَخَذَ الرب الإِله آدم ووضعه في جنَّة عدنٍ لِيعملَها ويحفَظَها. 16 وأَوصـى الـرب الإِلـه آدم قَائِلاً: من جميعِ شَجرِ الْجنَّة تَأْكُلُ أَكْلاً، 17 وأَما شَجرةُ معرِفَة الْخَيرِ والشَّر فَلاَ تَأْكُلْ منْها، لأَنَّك يوم تَأْكُلُ منْها موتًا تَموتُ. وقَالَ الرب الإِله: لَيس جيدا أَن يكُون آدم وحـده، فَأَصـنَع لَـه معينًـا 18 نَظيره. 19 وجبلَ الرب الإِله من الأَرضِ كُلَّ حيوانَات الْبرية وكُلَّ طُيورِ السماء، فَأَحضرها إِلَى آدم لِيرى ماذَا يدعوها، وكُلُّ ما دعا بِه آدم ذَاتَ نَفْسٍ حية فَهو اسمها. 20 فَدعا آدم بِأَسماء جميع الْبهائِمِ وطُيور السماء وجميع حيوانَات الْبرية. وأَما لِنَفْسه فَلَم يجِد معينًا نَظيره. فَأَوقَع الرب الإِله سباتًا 21 علَى آدم فَنَام، فَأَخَذ واحدةً من أَضلاَعه وملأَ مكَانَها لَحما. وبنَى الرب الإِله الضلْع الَّتي أَخَـذَها 22 من آدم امرأَةً وأَحضرها إِلَى آدم. 23 فَقَالَ آدم:هذه الآن عظْم من عظَامي ولَحم من لَحمـي. هـذه تُدعى امرأَةً ؛ لأَنَّها منِ امرِء أُخذَتْ. 24 لِذلِك يتْرك الرجلُ أَباه وأُمه ويلْتَصقُ بِامرأَتـه ويكُونَـانِ جسدا واحدا. 25 وكَانَا كلاَهما عريانَينِ، آدم وامرأَتُه، وهما لاَ يخْجلاَنِ


الأصحاح الثَّالِثُ

1 وكَانَت الْحيةُ أَحيَل جميعِ حيوانَات الْبرية الَّتي عملَها الرب الإِله، فَقَالَتْ لِلْمرأَة:أَحقا قَالَ االلهُ لاَ تَأْكَلا من كُلِّ شَجرِ الْجنَّة؟ 2 فَقَالَت الْمرأَةُ لِلْحية : من ثَمرِ شَجرِ الْجنَّة نَأْكُلُ، 3 وأَما ثَمر الشَّجرة الَّتي في وسط الْجنَّة فَقَالَ االلهُ: لاَ تَأْكُلا منْه ولاَ تَمساه؛ لِئَلاَّ تَموتَا. 4 فَقَالَت الْحيةُ لِلْمرأَة: لَن تَموتَا! 5 بلِ 6 االلهُ عالِم أَنَّه يوم تَأْكُلاَنِ منْه تَنْفَتح أَعينُكُما وتَكُونَانِ كَااللهِ عارِفَينِ الْخَير والشَّر. فَرأَت الْمرأَةُ أَن الشَّجرة جيدةٌ لِلأَكْلِ، وأَنَّها بهِجةٌ لِلْعيونِ، وأَن الشَّجرةَ شَهِيةٌ لِلنَّظَرِ؛ فَأَخَذَتْ من ثَمرِها وأَكَلَتْ، وأَعطَتْ رجلَها أَيضا معها فَأَكَلَ. 7 فَانْفَتَحتْ أَعينُهما وعلما أَنَّهما عريانَانِ. فَخَاطَا أَوراَق تينٍ وصنَعا لأَنْفُسهِما مآزِر. 8 وسمعا صوتَ الرب الإِله ماشيا في الْجنَّة عنْد هبوبِ رِيحِ النَّهارِ؛ فَاخْتَبأ آدم وامرأَتُه من وجه الرب الإِله في وسط شَجرِ الْجنَّة. فَنَادى الرب الإِله آدم وقَالَ لَه:أَين أَنَت؟. 10 فَقَالَ: سمعتُ صوتَك في الْجنَّة فَخَشيتُ، لأَنِّي عريان فَاخْتَبأْتُ. فَقَالَ: من أَعلَمك أَنَّك عريان؟ 11 هلْ أَكَلَت من الشَّجرة الَّتي أَوصيتُك أَ َلا تَأْكُل منْها؟ 12 فَقَالَ آدم: الْمرأَةُ الَّتي جعلْتَها معي هي أَعطَتْني من الشَّجرة فَأَكَلْتُ. 13 فَقَالَ الرب الإِله لِلْمرأَة: ما هذَا الَّذي فَعلْت؟ فَقَالَت الْمرأَةُ: الْحيةُ غَرتْني ؛ فَأَكَلْتُ. 14 فَقَالَ الرب الإِله لِلْحية:لأَنَّك فَعلْت هذَا، ملْعونَةٌ أَنْت من جميعِ الْبهائِمِ ومن جميعِ وحوشِ الْبرية. علَى بطْنك تَسعين وتُرابا تَأْكُلين كُلَّ أَيامِ حياتك. 15 وأَضع عداوةً بينَك وبين 16 الْمرأَة، وبين نَسلك ونَسلها. هو يسحقُ رأْسك، وأَنْت تَسقين عقبه. وقَال لِلْمرأَة:تَكْثيرا أُكَثِّر أَتْعاب حبلك، بِالْوجعِ تَلدين أَولاَدا. وإِلَى رجلك يكُون اشْتياقُك وهو يسود علَيك. 17 وقَالَ لآدم:لأَنَّك سمعت لِقَولِ امرأَتك وأَكَلْت من الشَّجرة الَّتي أَوصيتُك قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ منْها؛ ملْعونَةٌ الأَرض بِسببِك. بِالتَّعبِ تَأْكُلُ منْها كُلَّ أَيامِ حياتك. 18 وشَوكًا وحسكًا تُنْبِتُ لَك، وتَأْكُلُ عشْب الْحقْلِ. 19 بِعرق وجهِك تَأْكُلُ خُبزا حتَّى تَعود إِلَى الأَرضِ الَّتي أُخذْت منْها. لأَنَّك تُراب، وإِلَى تُرابٍ تَعود. 20 ودعا آدم 21 اسم امرأَته "حواء"؛ لأَنَّها أُم كُلِّ حي. وصنَع الرب الإِله لآدم وامرأَته أَقْمصةً من جِلْد وأَلْبسهما. 22 وقَالَ الرب الإِله: هوذَا الإِنْسان قَد صار كَواحد منَّا عارِفًا الْخَير والشَّر. والآن لَعلَّه يمـد يـده ويأْخُذُ من شَجرة الْحياة أَيضا ويأْكُلُ ويحيا إِلَى الأَبد. 23 فَأَخْرجه الرب الإِله من جنَّة عدنٍ لِيعمـلَ الأَرض الَّتي أُخذ منْها 24فَطَرد الإِنْسان، وأَقَام شَرقي جنَّة عدنٍ الْكَروبِيم، ولَهِيب سـيف متَقَلِّـبٍ لِحراسة طَرِيق شَجرة الْحياة.)




التعديل الأخير تم بواسطة أمل بالله ; 04-28-2015 الساعة 12:40 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-28-2015, 01:52 AM
عضو
 Algeria
 Female
 
تاريخ التسجيل: 02-12-2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,262
معدل تقييم المستوى: 11
أمل بالله is on a distinguished road
افتراضي

أولاﹰ: ملاحظات حول القصة التوراتية للخطيئة الأولى:

بالنظر في قصة التوراة السابقة فإنها تسجل عليها ملاحظات كثيرة من أهمها:

_ تحدثت الرواية عن الذات الإلهية بما لا يليق بذات اﷲ تعـالى وصـفاته، فـالفقرات الـسابقة وصفت المولى بالجهل ، تعالى اﷲ عن ذلك، فهو صاحب الكمال المطلق، قال الـسفر: (وسـمعا صوت الرب الإله ماشياﹰ في الجنّةﹾ عند هبوبﹺ رﹺيحﹺ النَّهارﹺ فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإِله في وسط ﹶشجرﹺ ﹾالجنَّة. 9ﹶ فنادى الرب الإله آدم:َ أين أنت ؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة ﹶفخشيت
لأَنِّي عريان ﹶفاختبأتُﹸ)
( تكوين3: 8 -10)، فالسؤال ليس تقريرياﹰ؛ بل استفهامي، يدل على جهـلا الإله بمكان آدم.

_ نسبت الرواية الإغواء إلى الحية، وهل الحيوان يكلف ويعاقب؟، وهل أرسل لـه رسـل مـن جنسه؟

_ يجعل السفر سبب إخراج آدم من الجنة الخوف من تسلط آدم على شجرة الحياة "والآن ﹶلعَّله يمد يده ويأخذ من ﹶشجرة الحياة َأيضاﹰ ويأكل ويحيا إلى اَلأبـد . فأخرجه الـرب الإله مـن جنَّة عدنﹴ"(تكوين3: 22، 23 ).

زعمت التوراة أن معصية آدم كانت في أكله من شجرة معرفـة الخيـر والـشر، والتي ترتب عليها معرفة آدم وحواء أنهما عريانان.

وكيف يعاقب آدم - حسب النص - على ذنب لم يدرك قبحه؟ ولم يعرف بعد الخير مـن الشر، بل كيف وقع آدم في الإثم وهو غير ميال للشر والخطيئة التي دخلت للإنسان بعده ؟
فخطيئة آدم لا ﹸتحتسب عليه؛ لأنه لم يكن حينئذ يميز بين الخير والشر _ حـسب نـص التوراة_ إلا بعد أكله من شجرة المعرفة، وذلك يعنى أنه وقع في تلك الخطيئة وهو لا يدري أنها خطيئة، إلا بعد وقوعه فيها، وهل يعقل أن يغفر ويعفو الإله للإنسان المتعمد فعـل الـشر، ولـم يستطع أن يعفو أو يغفر لآدم فعله للشر الذي وقع فيه دون أن يدري؟

والغريب أن الرب عاقب آدم؛ فأنزله إلى الأرض ؛ ليعمل فيها ويتعب، وفي نفس الوقت لُعنت الأرض، وهي بذلك خرجت من رحمة اﷲ، ثم زعم النصارى أن الإله غفر لآدم من خلال قصة الفداء والصلب المزعومتين، إذ بعد أن تجسد الإله نزل إلى الأرض ( في صورة المـسيح عيسى ابن مريم على زعمهم) أخذ يغفر جميع أنواع خطايا الناس ببساطة شديدة، فهل يحل الإلـه في أرض ملعونة ؟ تعالى اﷲ عن ذلك علواﹰ كبيراﹰ.

ثانياﹰ: العقوبات الواردة في النص:

بالنظر في العقوبة التي لحقت بآدم وحواء والحية؛ فإنها كانت كما يلي:

أ. عقوبة آدم :

بين النص السابق براءة آدم من غواية الحية وإدانة حواء بها، ففيه أن حواء أغوتها الحيـة
فأكلت( ﹶفأخذتﹾ من ﹶثمرﹺها وأكلت وأعطﹶتﹾ رجلَهَا َأيضاﹰ معها فأكل، ولما سئل آدم عن فعلته قال:" المرأةﹸ الَّتي جعلْتَهَا معي هي َأعطتني من الشَّجرة ﹶفأَكلْتُﹸ) .

ورغم محاولة آدم تبرئته لنفسه ، لحق به العقاب كما في نص سـفر التكـوين: (َلأنَّـك سَمِعْتَ لِقَولِ امرأتك وأَكَلْتَ من الَّشجرة التي َأَوصيتُكَ ﹶقائِلاﹰ : ﹶلا ﹶتأْكُلْ منها ملعونة اَلأرض بسببك . بالتَّعبﹺ تأكل منها ﹸكل َأَياﹺم حياتك.18 و شوكا وحسكاﹰ ﹸتُنْبِتُ ﹶلك وﹶتأْ ﹸكلُ عـﹾشب الحقل .19 بعرق وجهك تأكل ﹸخبزﹰا حتَّى ﹶتعود إِﹶلى اَلأ رضﹺ الَّتي أخذْتَ منها؛ َلأَّنك ﹸتراب وإِﹶلى ﹸترابﹴ ﹶتعود).


‌ب. عقوبة حواء:

كانت عقوبة حواء على النحو الآتي: (ﹶتكثيرا ﹾأﹶكثِّر َأَتْعابَ حَبَلك. بالوجع ﹶتلـدين َأَولاﹶداﹰ. وِإﹶلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك"، وبالنظر فإن عقوبة آدم وحواء تختلفان عن العقوبة التي ﹸذكرت بحق من يأكل من الشجرة "وأَما ﹶشجرةﹸ معرفة الخير و الشَّر ﹶفلاﹶ تأكل منها؛ َلأَنَّك يوم تأكل منها موتاﹰ ﹶتموتﹸ)، ولم يمت آدم وحواء يومها، بل عاشا فترةﹰ طويلةﹰ، وكانت عقوبتهما كمـاسبق، ولم يصبهما الموت الذي توعدهما به الرب .

‌ج. عقوبة الحية:

أما الحية فكانت عقوبتها: (ملعونة أنتِ من جميع البهائم ومن جميعﹺ وحوشﹺ البرية. على بطﹾنك ﹶتسعين وترابا تأكلين ﹸكلَّ َأيامﹺ حياتك . 15وأضع عداوةﹰ بينك وبين المرأة وبين ﹶنسلك ونسلها. هو يسحقﹸ رأْسك وأنت ﹶتسحقين عقبه).

والقارئ لهذا النص ليسأل كيف كانت الحية قبل ذلك ؟ هل كانت مستوية القامة حـسناء لا تأكل التراب؟ وهل تأكل الحيات اليوم التراب ؟ أم رفعت العقوبة عنها بعد صـلب المـسيح؟ فالحيات اليوم تأكل ما تأكل من الطيور و الحيوانات وغيرها.

بل جعلت التوراة الحية أصدق في قولها من اﷲ_ تعالى اﷲ عن ذلك_ إذ قـال اﷲ لآدم:
(ﹶفلاﹶ تأكل منها ، َلأنَّك يوم تأكل منها موتاﹰ ﹶتموتﹸ)، ولم يمت حين أكل منها، وصدقت الحية حـين قالت: (ﹶلن ﹶتموتا بلِ اﷲُ عالِم َأنَّه يوم ﹶتأْكلاﹶنﹺ منه تنفتح أعينكما وتكونانﹺ ﹶكـاﷲِ عـارﹺفَينِﹺ الخيرَ والشرَ)، وكان كما أخبرت، فهل يعقل ورود تلك هذه الخرافات والتناقضات في كتاب ينسب إلـى اﷲ العليم القدير؟




التعديل الأخير تم بواسطة أمل بالله ; 04-28-2015 الساعة 02:03 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-28-2015, 05:22 PM
عضو
 Algeria
 Female
 
تاريخ التسجيل: 02-12-2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,262
معدل تقييم المستوى: 11
أمل بالله is on a distinguished road
افتراضي

المبحث الثاني: الخطيئة والفداء ومدى تطابقها مع نصوص الكتاب المقدس

ركز النصارى في كتبهم على خطيئة آدم و توريثها لذريته، وطريقة الخلاص منها كماسبق، وفي ظل ذلك التركيز على ذلك المعتقد لا بد من إلقاء نظرة سريعة، وبموضـوعية علـى معتقدهم في نصوص كتابهم المقدس؛ للوقوف على أصالة فكرتهم، ومدى تطابقها مع نـصوصهم المقدسة .

أولاﹰ: الخطيئة والفداء ومدى تطابقها مع نصوص العهد القديم:

بالنظر في نصوص العهد القديم فإنها جاءت بخلاف ذلك المعتقـد ، فالنـصوص تنفـي وراثة الذنب، وتؤكد أن كل إنسان يتحمل مسؤولية عمله، وهذا يتضح فيما يلي:

1- في التثنية:( ﹶلا يُقْتَلُ الآباء عوضاﹰ عنﹺ الأبنَاء، و لاﹶ يقْتَلُ الأبنَاءُ بدلاﹰ من الآباء، ﹶفكلُّ إنسان يتحمّلُ وﹺزر ﹶنفسِه )( تثنية 24 : 16 ).

2ـ في أرميا:( وفي تلك الأيامﹺ ﹶلن يقول َأحد: ﹶقد َأكل الآباء الحصرم ﹶفضرستﹾ َأسنان الأبناء. بلْ ﹸكلُّ واحد يموتﹸ بإثمه، ومن يأكل حصرﹺماﹰ ﹶتضرس أسنانه.)( أرميا 31 : 29 ، 30).

3ـ في أرميا :( الَّذي عيناك مفتوحتانﹺ على ﹸكلِّ ﹸطرق بني آدم لتعطي ﹸكلَّ واحد حـسب ﹸطرقـه، وحسب ﹶثمرﹺ َأعماِله.)( أرميا 32/19 ) .

4ـ في التكوين:(َأفتهلك البار مع الأثيمﹺ؟ عسى َأن يكون ﹶخمسون بارا في المدينة. َفأتهلك المكان وﹶلا تصفح عنه من َأجلِ الخمسين بارا الَّذين فيه؟ حاشا ﹶلك َأن تفعل مثل هذﹶا الأَمرﹺ، َأن ﹸتميـت البار مع الأثيمﹺ، فيكون البار ﹶكالأثيمﹺ . حاشا ﹶلك! َأَديا ن ﹸكلِّ الأرضﹺ ﹶلا يصنع عـدلاﹰ؟ )( التكـوين
.(25 – 23/18

5ـ وفي أخبار الأيام:( وأَما بنوهم فلم يقتلهم، بلْ ﹶكما هو مكتوب في الشَّرﹺيعة في سفر موسـى حيثﹸ أَمر الرب ﹶقائِلاﹰ: "ﹶلا ﹶتموتﹸ الآباء َلأجلِ البنين، ولاﹶ البنون يموتون َلأجلِ الآباء، بلْ ﹸكـلُّ واحد يموتﹸ لأَجلِ ﹶخطيته)( أخبار الأيام الثاني 4:25).

فإن كان المرء يموت لأجل خطيئته لا لأجل خطيئة غيره ، فلا شك أن المـسيح لـم يصلب ولم يمت على الصليب لأجل خطايانا، ثم من ناحية أخرى فإن النص المذكور يدل علـى أن البشر لا يمكن أن يرثوا خطيئة أبيهم آدم.

6ـ وفي حزقيال: ( وكان إِلي ﹶكلاﹶم الرب ﹶقائِلاﹰ: ما لكم أنتم تضربون هـذﹶا المَثَلَ على َأرض ﹺإِسرائيلَ، ﹶقائلين : الآباء َأكلوا الحصرم وأسنان الأبناء ضرﹺستﹾ؟ حي أنا، يقول السيد الـرب، ﹶلا يكون لكم من بعد أن ﹶتضرﹺبوا هذﹶا المثل في إِسرائيلَ. ها ﹸكلُّ النفوس هي لي. ﹶنفس الأَبﹺ ﹶكنفسِﹺ الابن، كلاﹶ هما لي. النفس الَّتي ﹸتخطُئُ هي ﹶتموتﹸ. والإنسان الَّذي ﹶكان بارا وفعل حقا وعدلاﹰ، ﹶلم يأْﹸكلْ على الجبال وﹶلم يرفع عينيه إلى أصنام بيت إسرائيلَ، و لم ينجس امرأةﹶ ﹶقرﹺﹺيبه، و لم يقرب ﹺامرأةﹰ طامثا، و لم يظﹾلم إنسانا، بلْ رد للمديون رهنه، و لم يغتصب اغتصابا بـلْ بذلَ ﹸخبـزه للجوعان ﹺ، وﹶكسا ﹾالعريان ﹶثوبا، وﹶلم يعط بالربا، و لم يأخذ مربحةﹰ، وكفَّ يده عنﹺ الﹾجوﹺر، وأجرى العدل ﹾالحقّ بين الإنسان والإنسان، وسلك في ﹶفرائضي وحفظﹶ َأحكامي ليعملَ بالحقّﹾ ﹶفهو بـار. حياةﹰ يحيا، يقول السيد الرب.)( حزقيال18 : 1 ، 9).

وواصل قائلاﹰ :( وأنتم تقولون: لِماذﹶا ﹶلا يحملُ الابن من إثم الأَبﹺ؟ َأَما الاب ن فقد ﹶفعلَ حقا وعدلاﹰ، حف ﹶظ جميع ﹶفرائضي و ع ملَ بها ﹶفحياﹰة يحيا. ﹶالنَّفس الَّتي تخطئ هي ﹶتموتﹸ. ﹶالابن ﹶلا يحملُ من إثم الأَﹺب، والأَب ﹶلا يحملُ مـن إﹾثـمﹺ الابـنﹺ. بر ﹾالبار عليه يكون، وشر الـشرير عليه يكون)(حزقيال18:19 - 20 ).

وقال أيضاﹰ:
( ﹶفإِذﹶا رجع الشِّرير عن جميعﹺ ﹶخطﹶاياه الَّتي فعلها وحفظﹶ ﹸكلَّ ﹶفرائضي وفعل حقـا وعـدلاﹰ ﹶف حيـاة ﹰيحيا. ﹶلا يموتﹸ. ﹸكلُّ معاصيه َّ التي فعلها ﹶلا تُذْكَرُ عليه . في بره الَّذي عملَ يحيا. هلْ مسرةﹰ أسـر بموت الشِّريرﹺ؟ يقول السيد الرب. َأ ﹶلا برجوعه عن ﹸطرقه ﹶفيحيا؟)( حزقيال 18 :21 - 23 ) .

8- وفي إشعيا أكد الوعد فقال( ليترك الشِّرير طريقه، ورجلُ الإثم أفكاره، ولْيَتُبْ إلى الـرب ﹶفيرحمه، وإلى إلهنا َلأَنَّه يكثر الغفران.) (إشعيا 55/7) ، فالرب الحليم الـرحيم يعـد عبـاده العاصين بالرحمة حال توبتهم، من غير أن يتناقض عدله مع رحمته، فإنه فعال لما يريد.


ثانياﹰ- الخطيئة والفداء ومدى تطابقها مع نصوص العهد الجديد:

أـ أنكر المسيح الخطيئة الأصلية بقوله:( ﹶلو ﹶلم أكن ﹶقد جئت وكلمتهم، ﹶلم تكن ﹶلهم ﹶخطيةﹲ، و أَمـا الآن فليس ﹶلهم عذﹾر في خطيتهم. ﹶاَّلذي يبغضني يبغض أبي َأيضا. ﹶلو ﹶلم أكن ﹶقد عملت بينهم أعمالاﹰ ﹶلم يعملها َأحد ﹶغيرﹺي، ﹶلم تكن ﹶلهم ﹶخطيةﹲ، وأَما الآن فقد رأَوا وأبغضوني أنا وأبي )
(يوحنا 15/22 - 24 )، فالنص لا يتحدث عن خطأ سبق وجوده، بل يتحدث عن خطـأ وقـع فيه بنو إسرائيل تجاهه، هو عدم الإيمان بالمسيح، وليس فيه أي ذكر للخطيئة الموروثة، بل لم يشر لخطيئة سابقة.

هاهو المسيح يجلس مع العشارين والخطاة، فيتذمر الفريسيون والكتبـة لـذلك قـائلين:
( فتذمر الفريسيون والكتبة ﹶقائلين:"هذﹶا يقبل ﹸخطﹶاةﹰ ويأْكلُ معهم!)، فأراهم المسيح حرصـه علـى التوبة وفرح ﷲ بالتائب ﹰ(ﹶ فكلمهم بهذا المثل قائِلاﹰ: أَي إنسان منكم ﹶله مئَـة ﹸﹶخروف، وأضاع واحدا منها، َأ ﹶلا يترك التسعة والتِّسعين في البرية، ويذﹾهب َلأجلِ الـضالِّ حتَّى ـ يجده؟ وإِذﹶا وجده يضعه على منكبيه ﹶفرﹺحا، ويأتي إلى بيته ويدعو الأصدقاء والجيران ﹶقائِلاﹰ ﹶلهـم: افرحوا معي، َلأنِّي وجدتﹸ ﹶخروفي الضالَّ !. َأقول لكم : إنَّه هكذا يكون ﹶفرح في الـسماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا ﹶلا يحتاجون إلى ﹶتوبة.)( لوقا 15/2_7).

وفي هذا المعنى ورد عن رسولِ اللَّه أنه قال:( ﹶلَّله أشد ﹶفرحا بتوبة عبده المؤمن من رجلٍ في َأرضﹴ دوية مهلكة معه راحلته عليها ﹶطعامه وشرابه فنام ﹶفاستيقظﹶ وقد ﹶذهبتﹾ فطلبها حتَّىَ أدركه العطش ﹸثم ﹶقالَ َأرجع إلى مكاني الَّذي كنت فيه فأنام حتَّى َأَموتﹶ ﹶفوضع رأْسه على سـاعده ليموتﹶ ﹶفاستيقظﹶ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه ﹶفاللَّه أشد ﹶفرحا بتوبة العبد المؤمن من هذﹶا براحلته وزاده)(9) .

فالتوبة مقبولة عند اﷲ كوسيلة للخلاص من الذنب، ولا تتناقض مع قـدر اﷲ القاضـي بالقصاص من العاصي.

ولقد ضرب المسيح للتوبة وأهلها ومنزلتها مثلين آخرين، فشبه الفرح بالتائب بفرح الأب بعودة ابنه الضال وبعثور صاحب الدرهم الضائع على درهمه.( انظر لوقا 15/8– 32).

ب. بطلان وراثة الخطيئة بإثبات براءة الكثيرين من الخطيئة الأصلية.

شهدت نصوص العهد الجديد عند النصارى لكثيرين بالخيرية وأثنت عليهم، ولو كـانوا ورثوا خطيئة آدم لما استحقوا ذلك الثناء:

- من أولئك الأطفال الذين قال فيهم المسيح في إحدى وصاياه:
اعتبر المسيح الأولاد أبراراﹰ وأنقياء، ولم يولدوا خطاة وذلك واضح من تـصريحاته عنـدما نهر تلاميذه أطفالاﹰ فقال: (دعوا الأَولاﹶد يأتون إلي ولاﹶ تمنعوهم؛ َلأن لمثل هـؤُلاﹶء ملكوت اﷲِ. الحقَّ أقولُ لكم: من ﹶلا يقبل ملكوت اﷲِ مثل ولد فلن يدخله. فاحتضنهم ووضـع يديـه عليهم وباركهم.) ( مرقص10: 13– 16).

وهو القائل عنهم أيضاﹰ:( انظروا، ﹶلا تحتقروا َأحد هؤُﹶلاء الصغار؛ َلأنِّي َأقول لكم: إن ملائكتهم في السموات ﹸكلَّ حينﹴ ينظرون وجه أبي الَّذي في السموات؛ َلأن ابن الإنسان ﹶقـد جـاء لكي يخلص ما ﹶقد هلك. ماذﹶا ﹶتظﹸنُّون؟ إن ﹶكان لإنسان مئَةﹸ ﹶخروف، وضلَّ واحد منها، َأفلا يترك التِّسعة التِّسعين على الجبال ويذﹾهب يطﹾﹸلب الضالَّ ؟) (متى18/10 -13) .

فالنصوص السابقة بينت طهارة الأطفال من الخطيئة الأصلية وغيرها؛ لـذلك جعلهـم المسيح مثلاﹰ للأبرار الذين يدخلون الجنة، دون حاجة أولئك الكفارة .

- ولقد بين المسيح بأن رسالته رسالة رحمة وتوبة لا ذبيحة فقال:(ﹶفاذﹾهبوا وتعلموا مـاهو: إنِّي أرﹺيد رحمةﹰ ﹶلا ذبيحة؛ َلأنِّي ﹶلم آت َلأَدعو َأبرارا بلْ ﹸخطﹶاةﹰ إلى التَّوبة)( متى 9: 13).

- الطهارة لم تقتصر على الأطفال، بل كان هناك أبراراﹰ أيضاﹰ لم يحملوا بتلك الخطيئة ، ولقد وجه المسيح دعوته إليهم (ﹶلا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بلِ المرضى. ﹶلم آت َلأَدعو َأبـرارا بلْ ﹸخطﹶاةﹰ إلى التَّوبة)( لوقا 5/31-32)، فكيف يوجد أبرار يحملون الخطيئة؟ والمـسيح قـال عنهم بأنهم أبرار، ولما يصلب بعد ليكفر عنهم خطأهم؟ بل دعاهم صـراحة للتوبـة كوسـيلة للتخلص من خطاياهم.

- ومن أولئك أخنوخ الذي أثنت عليه التوراة (وسار َأخنوخﹸ مع اﷲِ، ولم يوجـد َلأن اﷲَ َأخذه )
(التكوين 5/24) ، وقد قال عنه بولس:(بالإيمان ﹸنقلَ َأخنوخﹸ لِكَي ﹶلا يرى الموت، و لم يوجد َلأن اﷲَ نقله. إِذﹾ ﹶقبلَ نقله ﹸشهِدَ ﹶله بأنه ﹶقد َأرضى اﷲَ)(عبرانيين 11/5).

- ومنهم يوحنا المعمدان(الحقَّ أقولُ لكم : ﹶلم يقم بين المولودين من النِّـساء َأعظﹶـم مـن يوحنّاَ المعمدان)( متى 11/11)، وقال عنه لوقا(َلأنَّه يكون عظيما َأَمام الرب، وخمرا ومـسكرا ﹶلايشْربُ، ومن بطﹾنﹺ أمه يمتلئ من الروحﹺ القدس)( لوقا 1/15) .

فأولئك جميعاﹰ لم يرثوا الخطيئة، ولم تؤثر بهم مع أنهم من ذرية آدم، والكتـاب يعلـن صلاحهم وعدم احتياجهم إلى الخلاص بدم المسيح أو غيره.
وإن العاقل ليسأل المسيحيين: ما تقولون فيمن كانوا قبل مجيء المسيح، أكفاراﹰ كـانوا أم مؤمنين ؟

فإن قالوا: مؤمنين، فقد اعترفوا أنه لا حاجة إلى قتل المسيح في تخليصهم، إذ إيمانهم هو الـذي خلصهم .
وإن قالوا: بل كفاراﹰ ، كذبهم المسيح إذ قال:( فلما سمع يسوع ﹶقالَ ﹶلهم:"ﹶلا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بلِ المرضى ﹶفاذﹾهبوا وتعَّلموا ما هو: إنِّي أرﹺيد رحمةﹰ ﹶلا ذبيحة، َلأنِّي ﹶلم آت َلأَدعوَ أبرارا بلْ ﹸخطﹶاةﹰ إلى التَّوبة)( متى 9 :12ــ13، مرقس2:17، لوقا 5 :32،31).

فإذا كان المسيح يصرح بأنه لم يأت ليدعو الأبرار؛ بل لدعوة الخطـاة ، فكيـف تـدعي المسيحية بأن الناس كلهم خطاة ؟
ثم قال لهم : أخبرونا لو لم يتب آدم ولقي اﷲ بخطيئته ، هل كان صـلب المـسيح يؤدي إلى خلاصه ؟!
فإن قالوا : لا ، أحالوا الخلاص إلى التوبة دون صلب المسيح .
وإن قالوا: نعم في دم المسيح خلاص لآدم ، وإن لم يتب ، فقد أخلوا التوبة عن الفائدة ، ولزم أن يكون كل فاجر فاسق قاتل ظالم مستبد مات ولم يتب قد نال الخلاص بموت المسيح .


ومن خلال النصوص السابقة نستنتج أموراﹰ أهمها:

- النفس التي تخطي هي تموت ، والمسيح لم يرتكب خطأ فلماذا يموت بسبب ذنوب الآخرين؟

- الابن لا يحمل إثم الأب، وعليه فليست هناك خطيئة موروثة ليموت المسيح من أجلها.

- بر الأبرار يكون لهم، فلا يحتاجون لمـوت المـسيح، وبـذلك لا قيمـة لمفهـوم الكفـارة و الصلب.

- إذا تاب الشرير من خطاياه وذنوبه التي فعلها، وحفظ جميع فرائض ﷲ، وفعل حقا وعـدلا، سينال المغفرة من اﷲ ، وسيحيى حياة أبدية من غير أن يكون بحاجة إلى من يمـوت عنـه

ليكفر عنه خطاياه، فالإنسان ليس بريئا فقط من خطيئة أبيه، بل يمكنه أيـضا أن يتحـرر مـن ماضيه مهما بلغت ذنوبه، وذلك بالتوبة و الإنابة إلى اﷲ.

- إن دعوة المسيح ليس فيها أي ذكر للخطيئة الموروثة، بل لم يشر لخطيئة سابقة.




التعديل الأخير تم بواسطة أمل بالله ; 04-28-2015 الساعة 05:32 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-29-2015, 04:55 PM
عضو
 Algeria
 Female
 
تاريخ التسجيل: 02-12-2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,262
معدل تقييم المستوى: 11
أمل بالله is on a distinguished road
افتراضي

المبحث الثالث- خطيئة آدم في القرآن الكريم و السنة المطهرة

وضح القرآن الكريم الصورة عندما تحدث عن خطيئة آدم في سور عدة، و في بعـض السور تفصيلٌ ما أجمل في الأخرى، قال الله تعالى:﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * ﹴ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ * فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾( البقرة: 34- 37 ).

ولقد ذكر الإمام الطبري رحمه اﷲ تعالى أقوالاﹰ حول الكلمات التي تلقاها آدم، من ذلك:

أـ ما رواه عن عبيد بن عمير أنه قال: قال آدم عليه السلام : يا رب، خطيئتي التي أخطأتها، أشـيء كتبتـه علي قبل أن تخلقني؟ ، أم شيء ابتدعتُهُ من قِبَلِ نفسي؟ قال: بلى، شيء كتبته عليـك قبـل أن أخلقك. قال: فكما كتبته علي فاغفره لي. قال: فهو قول اﷲ:"فتلقَّى آدم من ربه كلمات".(10) وروى قريباﹰ من ذلك عن مجاهد، والسدي ، وعبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، وغيرهم.(11)

ب- ما رواه عن قتادة في قوله:"( فتلقى آدم من ربه كلمات )، قال : هو قوله :﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾"(12) ، وروي بمثـل ذلـك عـن أبـي العالية، ومجاهد ، و عبيد بن عمير، وغيرهم(13)، وروى ابن كثير عن الضحاك بنحوه(14).

وتلك الأقوال وإن كانت مختلفة الألفاظ، فإن معانيها متفقة في أن اﷲ جل ثناؤه لقَّـى آدم كلمات، فتلقَّاهن آدم من ربه فقبلهن وعمل بهن، وتاب إلى اﷲ تعالى بقيله إياهن وعملـه بهـن، معترفا بذنبه، متنصلا إلى ربه من خطيئته، نادما على ما سلف منه من خلاف أمـره، فتـاب اﷲ عليه بقبوله الكلمات التي تلقاهن منه، وندمه على سالف الذنب منه(15).

ولقد بين القرآن الكريم الكلمات التي تلقاها آدم وذلك في عرضه للقـصة فـي سـورة الأعراف، قال الله تعالى :﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ *فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ *وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * ﹶفَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَاعَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ *قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﹴ﴾( الأعراف:19-24).

وفي سورة طه بين المولى- توبته على آدم -عليه السلام- ، قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا *وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ *فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ *إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ *وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ *فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ *فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ *ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ *قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴾( طه:115-123).

فالقصة واضحة المعالم لا لبس فيها مطلقاﹰ، فآدم -عليه السلام- أخطأ، و لكن سرعان ما اعتـرف بخطئه، فتاب وأناب إلى اﷲ ؛ فغفر المولى زلته، دون تعقيد أو ذكـر للحيـة، أو توريـث لخطيئته لأحد من ذريته، كما في نص التوراة السابق.

ولقد ذكرت السنة النبوية تلك المحاجة بين آدم وموسى عليهما الـسلام والتـي أزالـت اللبس فيما وقع فيه آدم ، حيث بينت أنها كانت بقدر اﷲ تعالى،وتم غفرانها له بمجرد أن تـاب منها، ولم يحملها أحد من بعده، فقد روى البخاري أن رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ﹶقالَ :(احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خَيَّبْتَنَا وأَخْرَجْتَنَا من الجنة فقال ﹶله آدم أنت موسى اصطفاك اللَّـه بكلامه وخط ﹶلك بيده أتلومني على َأَمرﹴ ﹶقدره اللَّه علي ﹶقبلَ َأن يخلقني بأربعين سنة؟ فقال النبي - صـَّلى اللَّه عليه وسلم - ﹶفحج آدم موسى ﹶفحج آدم موسى)(16) .

- و في رواية أخرى:( ﹶقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : احتج آدم وموسى عليهما السلام عند ربهما ﹶفحـج آدم موسى ﹶقالَ موسى َأنت آدم الذي خلقك اللَّه بيده و نفخ فيك من روحه وأَسجد ﹶلك ملائكته و أسكنك في جنَّته ﹸثم َأهبطت النَّاس بخطيئتك إلى الأرض، فقال: آدم أنت موسى الَّـذي اصطفاك اللَّـه برسالته وبكلامه وأعطﹶاك الألواح فيها تبيان ﹸكلِّ ﹶشيء و قربك نجيا فبِكَمْ وجدتﹶ اللَّه كتب التَّوراةﹶﹶ قبلَ َأن أخلق ﹶقالَ موسى: بأربعين عاما ﹶقالَ آدم ﹶفهلْ وجدت فيها وعصى آدم ربه فغوى ﹶقـالَ: ﹶنعم ﹶقالَ َأ فتلومني على َأن عملتُ عملا كتبه اللَّه علي َأن أعمله ﹶقبلَ َأن يخلقني بأربعين سنة ﹶقالَ رسولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسَّلم - ﹶفحج آدم موسى)(17).

والقرآن الكريم فصل في ذلك وبين أن خطيئة آدم - عليه السلام- لا علاقة لأحد مـن ذريتـه بها، قال الله تعالى:( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾( المدثر :38) ، وقـال تعالى:﴿مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾( الإسراء :15).

والإنسان يولد على الفطرة و التوحيد، وليس في حمأة الخطيئة كما زعم النصارى، فقـد روي الإمام البخاري َأن َأبا هريرةﹶ -رضي الله عنه- ﹶقالَ: ﹶقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : ( ما من موﹸلود إَّلا يُولَدُ على ﹾالفطﹾرة فأبواه يهودانه َأَو ينصرانه َأَو يمجسانه ﹶكما ﹸتُنْتِجُ البهيمةُ بهيمةﹰ جمعاء هلْ ﹸتحسون فيها من جدعاء ﹸثم يقول فطﹾرةﹶ اللَّه الَّتي ﹶفطﹶر النَّاس عليها ﹶلا ﹶتبديلَ لخلق اللَّه ﹶذلِك الدين القيّمﹾ)(18) ،

والإنسان المسلم ليس بحاجة إلى من يتوسط بينه وبين ربه، قال الله تعالى:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾( سـورة البقرة:186).
بل لا يملك النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكفر خطيئة أحد من الناس، و لا أن يشفع إلا بإذن اﷲ تعالى،
قال الله تعالى:﴿ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾( سورة البقرة: 255) ، وهذا فيما هـو دون الـشرك الذي لا تنفع فيه شفاعة الشافعين، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا﴾(النساء: 48)، وعليه فلا ينفع أو يشفع في الإشراك مع اﷲ تعالى عقيدة الفداءِ أو الخلاص، قالالله تعالى لأحب خلقه :﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾( آل عمران: 128) .

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال:( ﹶقام رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم- حين أنزل اللَّـه و أنذر عشيرتك الأقربين ﹶقالَ يا معشر ﹸقريشﹴ َأَو ﹶكلمةﹰ ﹶنحوها اشتروا أنفسكم ﹶلا أغني عنكم من اللَّه ﹶشيئا يا بني عبد مناف ﹶلا أغني عنكم من اللَّه ﹶشيئا يا عباس بن عبد المطلب ﹶلا أغني عنك من اللَّه ﹶشيئا ويا صفيةﹸ عمة رسولِ اللَّه ﹶلا أغني عنك من اللَّه ﹶشيئا ويا ﹶفاطمةﹸ بنت محمد سـليني مـاشئْت من مالي ﹶلا أغني عنك من اللَّه ﹶشيئا)(19) .

وإن من أصول ديننا التي تؤكد على ألا ذنب للذرية بخطيئة الآبـاء أو غيـرهم، قولـه تعالى :﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾(فاطر:18).
وقال تعالى:﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾( فصلت: 46).

هذه هي العدالة الإلهية التي انحرف عنها النصارى؛ فساروا وراء رهبانهم وقـساوستهم الذين ابتدعوا واخترعوا لهم فكرة وعقيدة الفداء، التي ﹸتريحهم من التكاليف، وتعينهم على اقتراف الآثام والموبقات ؛ فالمسيح صلب بزعمهم ؛ ليفديهم ويكفر ذنوبهم، وعليه فليغرقوا في مـستنقع الخطايا والآثام؛ فمصيرها الغفران بمجرد الإيمان بالمسيح مصلوباﹰ.

هذه العقيدة المتهافتة عند النصارى من أصول دينهم ودعائم عقيـدتهم، التـي لا يقبـل الإيمان إلا بها، ذلك يستدعي الوقوف على قصة الصلب ومدى صدق تلك القصة؛ لأن صدق تلك القصة أو عدمها يترتب عليه إثبات أو نفي لخطيئة آدم عليه السلام و توريثه الخطيئة لذريته من بعده، وكذلك إبطال لفكرة الفداء.



رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-01-2015, 01:12 AM
عضو
 Algeria
 Female
 
تاريخ التسجيل: 02-12-2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,262
معدل تقييم المستوى: 11
أمل بالله is on a distinguished road
افتراضي

المبحث الرابع: مسألة صلب المسيح في الأناجيل والقرآن الكريم.

إن مما يؤكد بطلان عقيدة الخطيئة والفداء، قصة الصلب التي صـيغت لترسـيخ ذلـك المعتقد، وهذا البطلان يتضح من خلال مناقشة مسألة الصلب ؛ للوقوف على صحة ذلك المعتقـد من بطلانه.

أولاﹰ- صلب المسيح في الأناجيل:

روايات الصلب في الأناجيل :

القارئ في روايات قصة الصلب في الأناجيل الأربعة يسجل الكثير من الملاحظات التـي تنفي الصلب و القتل عن المسيح، وهذه بعض الملاحظات التي تسجل على الحادثة:

1 - شهود حادثة الصلب:

- الأناجيل دليل النصارى وحجتهم في عقائدهم، والصلب واحدة من تلك العقائـد التـي ترويهـا أناجيلهم، وعند تفحص تلك الأناجيل ورواتها الأربعة الذين شهدوا بصلب المسيح، فإن اثنين من الأربعة(مرقس ولوقا) لم يشاهدا المسيح، ولم يكونوا من تلاميذه، فكيف يعتبرون شهودا؟(20)

- ويزيد الشك في القضية عندما ذكر مرقس أن شهود الإثبات جميعا لم يحضروا واقعة الـصلب التي يشهدون فيها، حيث قال:(ﹶفأجاب يسوع و قال ﹶ لهم: ﹶكأنَّه على لِص خرجتم بسيوف وعـصي لتأخذوني، ﹸكلَّ يوﹴم كنتُ معكم في الهيكل أعلِّم ولم تمسكوني ولكن لكي ﹸتُكمَلَ الكتب، ﹶفتركه الجميع و هربوا )( مرقس 14/48ـ50 ).

وأيضا في إنجيل متى:( في تلك الساعة ﹶقالَ يسوع للجموع ﹺ:ﹶكأَّنه على لص خرجتُم بسيوف وعصيّ لتأخذوني ﹸكلَّ يوم كُنتُ أجلس معكم اُعَلِّمُ في الهيكل وﹶلم ﹸتمسكوني ، وأَما ﹶهذا ﹸكُّله ﹶفقد ﹶكان لكي تُكمَلَ كتبُ الأنبياء. حينئذ تركه التلاميذ ﹸكلّهم و هربوا)( متى26/55ـ56).

فكتبة الأناجيل الأربعة لم يحضر أحد منهم واقعة الصلب، بل لم ينقلوا عن أحد من تلاميـذ المسيح تلك الحادثة بنص الإنجيلين السابقين، فإذا كانت تلك هي البداية التي بدأتها روايـات الصلب، فكيف يمكن أن يصدقها عاقل ؟!.

- أما شهود الصلب فقد قال لوقا:(وكان جميع معارفه، ونساء ﹸكنَّ ﹶقد ﹶتَبِعْنَهُ من الجليل، واقفـين من بعيد ينظرون ذلِك)( لوقا23/49) .
فإنجيل لوقا لم يحدد من الموجود وقت الحادثة، بينما حددهم متى فقال:(وكانت هناك نساء ﹶكثيراتﹲ ينظرن من بعيد، وهنّ ﹸكنّ ﹶقد تبعن يسوع من الجليل يخْدُمْنَهُ ، وبينهن مريم المجدليةﹸ، ومريم أم يعقوب ويوسي، وأم ابنَي زبدي)( متى27/55ـ56).

واختلف مرقس مع متى حول سالومة وأم ابني زبدي:(وكانت َأيضا نساء ينظرن من بعيـد، بينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب الصغيرﹺ ويوسي، وساﹸلومةﹸ، اللَّواتي َأيضا تَبِعْنَهُ و خَدَمْنَهُ حين ﹶكان في الجليل. وأُﹶخَر ﹶكثيراتﹲ اللَّواتي صَعدْن معه إلى أورشليم)( مرقس15/40ـ41).

واختلف إنجيل يوحنا فذكر آخرين (وكانت واقفات عند صليبﹺ يسوع، أمه، وأخت أمـه مريم زوجةﹸ كِلُوبَا، ومريم المجدلية)( يوحنا19/25) .

هذه الملاحظات التي ﹸتسجل على شهود حادثة الصلب، والتي يفترض أن تتوافـق فـيذكر شهود روايتها بدلاﹰ من الاختلاف، تشهد على ضعف وتناقض رواتها؛ وعليه تنعـدم الثقـة بقصة الصلب .

فالمفروض في الروايات السابقة أن تتكامل وتتطابق حول قصة الـصلب إذا كانـت وحياﹰ كما زعم النصارى، ولكن عند قراءة تفاصيل روايات الصلب ﹸتُسجل عليهـا الكثيـر مـن التناقضات والاختلافات التي لا يمكن من خلالها التسليم بصدقها.

2- هل كان المسيح معروفاﹰ لدى اليهود والناس في زمانه أم لا؟

أجاب على ذلك المسيح -عليه السلام- بنفسه في الإنجيل كما ورد في يوحنا عندما سأله رئيس الكهنـة عن تلاميذه، وتعاليمه ( ﹶفسألَ رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن ﹶتعليمه.َأجابه يسوع:"أنا ﹶكلَّمتُ العالمَ علانية . أنا علَّمتﹸ ﹸكلَّ حينﹴ في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهودُ دائما. وفي الخفاء لم أتكلَّم بشيء)( يوحنا18/19ـ20 ) .

فالجميع يعرفون المسيح - عليه السلام - سواء أكانوا من الشعب ؟ أم اليهود أم الكهنة، وذلـك مـن خلال معجزاته التي اشتُهِرَ بها أمام الجموع من رد بصر للأعمى، أو إحياء الموتى بإذن اﷲ عز و جل وغيرها، فكيف يعطيهم يهوذا الذي سلمه لهم وخانه علامة عليه؟ فهـل كـانوا يجهلـون شخص السيد المسيح؟ أم كانوا يشكون في شخصه؟ ففي إنجيل متى:(وفيما هو يتكلّم، إِذﹶا يهـوذﹶا أحد الاثني عشر ﹶقد جاء ومعه جمعٌ ﹶكثير بسيوف وعصيّ من عند رؤَساء الكهنة وشيوخ الشَّعبﹺ. والَّذي َأسلَمَه أعطﹶاهم علاﹶمةﹰ ﹶقائِلاﹰ: الَّذي أقَبِّلُهُ هو هو. َأمسكوه. فللوقت تقدم إلى يـسوع وقال: السلاﹶم يا سيدي وقَبَّله. فقال ﹶله يسوع: يا صاحب، لِماﹶذا جئت؟ حينئذ تقدموا وألقوا الأيادي على يسوع وأمسكوه )( متى26/47ـ50)، بل وأكد ذلك إنجيل مرقس:(وكان مُسَلِّمُهُ ﹶقد َأعطاهم علاﹶمة ﹰﹶقائِلاﹰ:الَّذي أقبِّلُهُ هو هو. َأمسِكوه، وامضُوا به بحرص)(6مرقس14/44).

ومما يؤكد ذلك ما ذكر على لسان المسيح:(ﹸكلَّ يومﹴ كنت معكم في الهيكل أعَلِّمُ و لم تمسكوني)( مرقس 14/49).
فالمسيح - عليه السلام- شخصيته معروفة للجميع في زمانه، فهو لا يحتاج إلى مـن يـدلهم عليه بمثل تلك العلامة، والتناقض بين الجهل بشخص المسيح - عليه السلام - والمعرفة به ليؤكد كـذب قصة الصلب، إذ الأولى في مثل هذه القضية المركزية أن تتفق الروايات فيما بينها.

3ـ يهوذا مسِّلم المسيح :

من المعروف أن (يهوذا الاسخريوطي ) من تلاميـذ المـسيح - عليه السلام- الاثنـي عـشرالمذكورين في الأناجيل:( وهذه أسماء الاثني عشر رسولاﹰ: سمعان الَّذي دعي بطﹾرس ،وأنْدراوُس أﹸخوه ، ويعقوب بن زَبَدي، ويوحنا َأخوه؛ فليبُّس، وبرثُلماوُس؛ ﹸتوما، و مَّتـى جابي الـضرائب ﹺ؛ يعقوب بن حلْفَى، وتدَّاوُس؛ سمعان القانوي ؛ ويهوذﹶا الاسخريوطي الذي خانه.)( متي 10/2ـ4).

وقد بشر المسيح تلاميذه بالجلوس على اثني عشر عرشا ( حـسب عـددهم) ليـدينوا أسباط إسرائيل، عندئذ ﹶقالَ بطﹾرس: (ها ﹶنحن ﹶقد تركناﹸك َّ لشيء وتبعناك، ﹶفماذﹶا يكون ﹶنصيبنا؟ﹶ فأجابهم يسوع: الحق َأﹸقولُ ﹶلكم: إنَّه عندما يجلس ابن الانسان على عرش مجده في زمن التَّجديد ، ﹶتجلسون أنتم الَّذين تبعتموني على اثني عشر عرشاﹰ لتَدينُوا َأَسباﹶط إِسرائيلَ الاثني عشر. ﹶفأَيُّ من ترك بيوتاﹰ َأَو إﹾخوةﹰ أو أخوات َأَو َأباﹰ َأَ و أماﹰ أو أوﹶلاداﹰ َأو أراضي من َأجلِ اسمي، ينال مئة ضعف و يرﹸث ﹾالحياةﹶ الأبدية. و لكن أوّلون ﹶكثيرون يصيرو ن آخِرﹺين ، وآخِرون ﹶكثيرو ن يـصيرون َأَوّلِـين) (متي 19/27ـ30).

ولقد تعلقت بيهوذا مسائل عدة من أهمها:

أ- سقوط يهوذا:

سقط يهوذا الاسخريوطي وفاوض الكهنة لتسليم المسيح، فكيف يرافق يهـوذا المـسيح فـي الآخرة وقد وعد بالهلاك؟ قال متى:(عندئذ ﹶذهب واحد من الاثني عشر، وهـو المدعو يهـوذﹶا الإسخريوطي، إلى رؤَساء الكهنة، وقال: ﹶكم تعطونني لأُسَلِّمه إليكم؟ فوزنوا ﹶله ﹶثلاﹶثين قطعة مـن الفضة. ومن ﹶذلِك الوقت، َأخذﹶ يهوذﹶا يتحيّن الفرصة لتسليمه.)( متي26 /14ـ16 ).

وهذا النص يتناقض بشكل واضح فيما يتعلق بمكانة يهوذا السابقة ومصيره الـذي انتهـى إليه؛ ففي أول الأمر بشر المسيح تلاميذه الاثني عشر جميعاﹰ بالجلوس علي اثني عشر عرشاﹰ، ثـم يتوعد بالويل لمن سيُسلِّمُه، وأنه خير لذلك الرجل لو لم يولد:(وعند المساء اتكأ مع الاثني عشر . وبينما كانوا يأكلون، ﹶقالَ:الحقَّ َأقول لكم: إن واحداﹰ منكم سيُسسَلِّمني. فاستولى عليهم الحزن الشَّديد، وَ أخذ ﹸكلٌّ منهم يسأﹸله: هلْ َأنا يارب؟ ﹶفأجاب: الَّذي يغمس يده معي في الصَّحْفَة هو الَّذي يُسلّمني . إن ابن الإﹾنسانﹺ ﹶلابد َأن يمضي ﹶكما ﹶقد ﹸكُتب عنه، ولكن الويل لِذﹶلِك الرجلِ الَّذي على يده يُسَلَّم ابن الإنسان. ﹶكان ﹶخيراﹰ لِذﹶلِك الرجلِ ﹶلو ﹶلم يولد، فسأله يهوذﹶا مسلِّمُه:هلْ َأناهو يا معلم؟ َأجابه: َأنت ﹶﹸقلْتَ!)( متي 26 /20ـ25 ).

ووصل الأمر إلى نهايته فكانت خيانة يهوذا للمسيح: ( وفيما هو يتكلم، إِذﹶا يهوذﹶا، َأحد الاثني عشر، ﹶقد وصلَ ومعه جمع عظيم يحملون السيوﹶف والعصيّ، و قد أرسلهم رؤَساء الكهنة وشيوخ الشعب . و كان مُسَلِّمُه قد َأعطﹶاهم علاﹶمةﹰ ﹶقائِلاﹰ:َّ الذي أقَبّلُه ﹶفهو هو؛ ﹶفاقبضوا عليه! فتقدم في الحـالِ إِﹶلى يسوع و قال: سلام يا سيدي و قَبَّلَه، فقال ﹶله يسوع: ياصاحبي، لماذا َأﹾنتﹶ هنا؟ فتقدم ﹾالجمع وألقوا القبض على يسوع)( متي26/47ـ50 ) .

ومما سبق يتبين لنا التناقض في بشارة المسيح لتلاميذه الاثني عشر بالجلوس علي العرش، والنهاية التي انتهى إليها يهوذا وهو أحد التلاميذ المبشرين. كل ذلك يدل على تحريف الأناجيل وبطلان قصة الصلب التي ﹸذكرت فيها.

ب- نهاية يهوذا:

ذكرت نهايتان مختلفتان ليهوذا الأسخريوطي الذي خان المسيح وسعى في الدلالة عليـه مقابل ثلاثين درهماﹰ من الفضة، قال متى :( حينئذ ﹶلما رأَى يهوذﹶا الَّذي َأسلمه َأنَّه ﹶقد دِينَ، ﹶندم وردّ الثَّلاﹶثين من الفضة إلى رؤَساء الكهنة والشُّيوخ ﹺ ﹶقائِلاﹰ: ﹶقد أخطأت إِذﹾ سلمتﹸ دما برﹺيئا. فقالوا : مـاذﹶاعلينا؟ َأنت َأبصِرْ ﹶفطﹶرح الفضة في الهيكل وانصرفَ، ﹸثم مضى وخنق نفسه. فأخذ رؤَساء الكهنة الفضة و قالوا :ﹶلا يحلُّ َأن نلقيها في الخزانة ؛ َلأنَّها ﹶثمنُ دمﹴ. فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرةً للغرباء. لِهذﹶا سمي ذِلِك الحقلُ "حقل الدمﹺ" إلى هذﹶا اليوم.)( متى27/3ـ8).

ولكن سفر أعمال الرسل يحكي نهاية أخرى ليهوذا وردت في سياق خطبة بطـرس،حيث قال (وفي تلك الأيامﹺ ﹶقام بطﹾرس في وسط التَّلاﹶميذ، وكان عدةﹸ َأَسماء معا ﹶنحو مئَة وعشرين. ﹶفقالَ:َأيها الرجالُ الإخوة، ﹶكان ينبغي َأن يتم هذﹶا المكتوبُ الَّذي سبقﹶ الروحُ القدسُ فقاله بفم داودَ،عن يهوذﹶا الَّذي صار دَليلاﹰ لَّلذين ﹶقبضوا على يسوع، إِذﹾ ﹶكان معدودا بيننا وصار ﹶله ﹶنـصيٍبٌ فـي هذه ﹾالخدمة . ﹶفإنَّ هذﹶا اقتنى حقلا من أجرة الظُّلم، وإِذﹾ سقط على وجهه انشقَّ من الوسط، ﹶفانسكبت أحشاؤُه كلُّها. وصار ذِلِك معلوما عند جميعﹺ سكَّانﹺ أورشليم، حتَّى دعي ذَلِك الحقل فـي لغتهم"حقل دَمَا" َأَي: حقل دمﹴ.)(أعمال الرسل 1/15-19).

فالنصان اختلفا في جملة من الأمور:

- كيفية موت يهوذا، فإما أن يكون قد خنق نفسه ومات( فطرح الفضّة في الهيكل وانصرفَ، ﹸثـم مضى وخنق نفسَه)، وإمَّا أن يكون قد مات بسقوطه، حيث انشقت بطنه وانسكبت أحشاؤُه فمات (وإِﹾذ سقط على وجهه انشقَّ من ﹾالوسط، ﹶفانسكبتﹾ َأحشاؤه ﹸكُّلها)، فلا يمكن أن يمـوت يهـوذا مرتين، وبالطريقتين معاﹰ.

- من الذي اشترى الحقل، هل هو يهوذا ؟ (ﹶفإنَّ هذﹶا اقتنى حقلا من أجرةِ الظلم)، أم الكهنة الذين أخذوا منه المال؟(ﹶفأخذﹶ رؤَساء الكهنة الفضة و قالوا :ﹶ لا يحلُّ أنْ نلقيها في الخزانة َلأَنَّها ﹶثمـن دمﹴ . فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخارﹺي مقبرةً للغرباء)

- هل رد يهوذا المال للكهنة؟ (ﹶندم و رَدَّ الثَّلاﹶثين من الفضة إلى رؤَساء الكهنة والشُّيوخﹺ)، أم أخذه واشترى به حقلا ؟ (ﹶفإِنَّ ﹶهذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم).

4 - من الذي ألقى القبض على المسيح؟

ذكر لوقا أن رؤساء الكهنة جاءوا بأنفسهم للقبض على المسيح فقال:( ﹶقـالَ يـسوع لرؤَسـاءِ الكهنة و قُوَّاد جُنْدِ الهيكلِ والشُّيوخِﹺ المقبلين عليه:" ﹶكأَنَّه على لِص خرجتم بسيوف وعصي)( لوقـا.52/22)

وقال متى :(وفيما هو يتكلم، إِذﹶا يهوذا َأحد الاثني عشر ﹶقد جاء ومعه جمع ﹶكثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب)( متى 26/47)، وزاد مرقس بأن ذكر من الجمع (والكَتَبَة و الشُّيوخﹺ)( مرقس 14/43)، وذكر يوحنا أن الآتين هم( ﹶفأخذ يهوذا الجُنْدَ وخُدّاما من عند رؤَسـاء الكهنة والفريسيين )( يوحنا 18/3 )، ولم يذكر أي من الثلاثة مجيء رؤساء الكهنـة، فالتنـاقض ظاهر بين لوقا والباقين فيمن ألقى القبض على المسيح، ذلك التناقض يزداد أكثر فأكثر كلما حللنا روايات الصلب .

5 - عدد صيحات الديك .

تبع بطرس المسيح؛ ليرى محاكمته، وقد أخبره المسيح بأنه سينكره في تلك الليلـة ثـلاث مرات قبل أن يصيح الديك، قال لوقا:( إنَّك ﹶقبـلَ َأن يـصيح الـديك تُنْكِرُني ثَلاثَ مـرا ت) ( لوقا 22/61)، وفي متى:( إنَّك ﹶقبلَ َأن يصيحَ الديك تُنْكِرُنِي ﹶثلاﹶﹶث مرّات)( متـى 26/74 )، وفي يوحنا بعد أن أنكر ثلاث مرات (وللوقت صاح الدّيكُ)(يوحنا18/27)، لكن إنجيـل مـرقس ذكر الصياح مرتين(إَّنك ﹶقبلَ َأن يصيح الديك مرتين، ﹸتنكرنيﹾ ﹶثلاﹶث مرات )(مـرقس 14/72)، فالثلاثة ذكروا صياحا واحداﹰ بخلاف مرقس الذي ذكره مرتين، وذلك أيضا من التنـاقض الـذي يزيد من الشك في قصة الصلب.


6 - من الذي حمل الصليب المسيح أم سمعان؟

ذكرت الأناجيل الثلاثة الأولى: ( متى ، مرقس ، ولوقا) صدور حكـم بـيلاطس بـصلب المسيح، وخروج اليهود لتنفيذ الحكم، وفيما هم خارجون وجدوا رجلاﹰ يقال له سمعان، فحملوه صليب المسيح:

- ففي متى : (وفيما هم ﹶخارﹺجون وجدوا إنسانا ﹶقيروانيا اسمه سمعان، ﹶفسخَّروه لِيحمـلَ صـليبه. ولما أتوا إلى موضعﹴ يقال ﹶله جلْجثَة، وهو المسمى " موضع الجمجمة")( متى 27/32ـ33).

- وفي مرقس:( ﹶفسخَّروا رجلاﹰ مجتازا ﹶكان آتيا من الحقل، وهو سمعان القيرواني َأبو أَلَكْسَنْدْرُس ورُوفُس، ليحملَ صليبه)( مرقس15/21).

- وفي لوقا :( ولمّا مضوا به َأمسكوا سمعان، رجلاﹰ ﹶقيروانيا ﹶكان آتيا من الحقل، ووضعواعليه الصليب ؛ ليحمله خلْفَ يسوع)( لوقا 23/26 ).

لكن يوحنا خالف الثلاثة، فجعل المسيح حاملاﹰ لصليبه بدلاﹰ من سـمعان، قـال يوحنـا : (ﹶفأﹶخذﹸوا يسوع ومضوا به. ﹶفخرج وهو حاملٌ صليبه إلى الموضع َّ الّذي يقال ﹶلـه "موضـع ﹾالجمجمة" ويقال ﹶله بالعبرانية "جلْجثة"، حيثﹸ صلبوه)( يوحنا 19/16ـ18 ).

كالعادة تزداد التناقضات وها هي في حمل الصليب أيضاﹰ، فالأناجيل الثلاثة ذكـرت أنّ من حمل الصليب هو سمعان، في حين لم يذكر يوحنا شيئا عن سمعان القيرواني، بل ذكر أنّ عيسى هو من حمل الصليب، فأنى للقارئ تصديق مثل هذا المعتقد الـذي يلفـه مثـل ذلـك التناقض!.

7- آخر ما قاله المصلوب قبل موته .

ذكرت الأناجيل اللحظات الأخيرة في حياة المسيح، واختلفت في وصف المسيح فـي تلـك اللحظات، فقد صور متى ومرقس حالة المسيح باليائس القانط، قال متى: (وﹶنحو الساعة التَّاسعة صرخَ يسوع بصوت عظيمﹴ ﹶقـائِلاﹰ: إيلـي، إيلـي، لما ﹶشـبقْتَني؟)َأَي: إلهي، إلهي، لِمـاذا تَركْتني) (متى27/46 )، وقال مرقس: (وفي الساعة التَّاسـعة صرخ يـسوع بصوت عظيم ﹶقائِلاﹰ:" إلُوِي، إﹸلُوِي، لما شبقتني؟" ﹶالَّذي تفسيره: إلهي، إلهي، لِماذﹶا تركتني)( مرقس 15/34).

وأما لوقا فرأى أن تلك النهاية لا تليق بالمسيح، فصوره بحال القوي الراضـي بقـضاء اﷲ حيث قال: (وﹶنادى يسوع بصوت عظيمﹴ وقال: يا َأبتاه ، في يَدَيْكَ أستودعُ روحِي)( لوقا 23/46).

ولو كانت قصة الصلب حقيقية فإن ذلك يطعن في عيسى-عليه السلام-، ويؤكد أنه دجـال؛ لأن التوراة ذكرت أن مصير من يكذب على ﷲ-تعالى- القتل(وأَما النبي الذي يُطْغِي، ﹶفيتكلّمُ باسمي ﹶكلاﹶما لم أوصِهِ أن يتكلّمَ به، َأَوﹺ الذي يتكلّم باسمﹺ آِلِهة أخرى، ﹶفيموتﹸ ذِلِك النبيُّ.)( التثنيـة 18/20)، أي تكون نهايته القتل، فلو صح قتل اليهود للمسيح لصح ادعاؤهم بأن عيسى-عليه السلام- ليس نبياﹰ؛ بـل هـو كاذب دجال(21) .

وهناك الكثير من المتناقضات في الأناجيل فيما يتعلق بصلب المسيح، وقيامتة بعد دفنه، مما يجعل تلك القصة أضعف قصص الأناجيل، وعليه لا يمكن أن نصدق بعقيدة قامت على ذلـك الروايات الضعيفة وفيها ذلك الكم الكبير من المتناقضات، و التي بدورها تطعن و بشكل واضـح في صدق عقيدة الصلب و الفداء، و يترتب على ذلك عدم الاعتقاد بتوريث خطيئة آدم-عليه السلام- لذريته من بعده، التي صاغ النصارى من أجلها فكرة الصلب والفداء.




التعديل الأخير تم بواسطة أمل بالله ; 05-01-2015 الساعة 01:31 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11-13-2019, 04:23 PM
عضو
 Saudi Arabia
 Female
 
تاريخ التسجيل: 13-11-2019
الدولة: أرض الله
المشاركات: 18
معدل تقييم المستوى: 0
سندس is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
آدم, مقارنة, التوراة, دراسة, خطيئة, في, والإنجيل, والقرآن


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
تابعونا عبر تويترتابعونا عبر فيس بوك تابعونا عبر وورد بريس


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنتدى آخر الزمان©

تابعونا عبر تويتر