#1
|
|||||||
|
|||||||
حصري: نظرية قرين المادة الجني
الكاتب: بهاء الدين شلبي.
بقيت هناك نقطة هامة جدا أود الإشارة إليها من باب الأمانة العلمية، أن مجرد حضور القرين او أي جني على مخ الإنسان ليس كافيا ليبصر الإنسي ما في عالم الجن، لأن العالمين منفصلين عن بعضهما البعض، هذا بسبب تفاوت خصائص قدرات المخ البشري، وخصائص قدرات المخ الجني، لذلك لا بد من وجود وسيط، يحمل صفات الإنسي، وخصائص الجني كقدرات فائقة، بحيث يكون حلقة اتصال بين مخ الجني ومخ الإنسي معا، فيتم بهذا الشكل الاتصال بين عالمين مختلفين، أي أن لمادة جسم الإنسان قرين متصل بالجسد لا يفارقه. فلولا وجود قرين مادة الجسم لما تمكن الشيطان من الوسوسة، ولا تصوير الأحلام الشيطانية، ولا إصابة الناس بالصرع، ولاختفى الكثير من الأمراض المعضلة، ولولا قرين المادة لما أمكن توصيل الرسالات السماوية من عالم الإنس إلى عالم الجن، ولا أمكن للجن نقل عرش بلقيس من سبأ إلى القدس، هذا بسبب فقدان حلقة الاتصال بين عالمين مختلفين، فإذا اتحد قرين العرش بمقرونه أمكن للجن حمل القرين لأنه يوافق خصائص قدراته، ولارتباط القرين بمقرونه سينتقل العرش تبعا لحركة قرينه الجني، وبسرعة حسب قدرات الجن الفائقة. فقرين مادة المخ له نفس صفات مخ الإنسي وتكوينه، ولكن في نفس الوقت يمتلك خصائص قدرات المخلوفات الجنية، كسرعة الحركة وإعادة التشكل وتغيير الحجم، إلى آخر ما هناك من خصائص قدرات غير متوفرة في المقرون الإنسي، وبالتالي فالقرين وسيط يجمع بين خصائص عالمين مختلفين والقدرات، وهنا أن الجني من خلال قرين مادة الجسم باعتباره يحمل خصائص قدرات مشتركة، خاصة لو كان قرين الإنسان فهو يحمل نفس صفات مقرونه أيضا، يستطيع الحضور من خلال قرين مادة مقرونه على مركز الإبصار في المخ فيبصر الإنس كل ما يدركه الجني المستحوذ على مخه، أي أنه يتم هناك اتحاد بين الجني وبين قرين مادة جسم الإنسان المتحد مع مادة جسم الإنسان الإنسية، وهنا تكون السيطرة لمخ الجني على قرين مادة مخ الإنسان، وبهذه الطريقة يدرك مركز الإبصار في مخ الإنسان حسب مشيئة الجني ورغبته، أو ما قد يكره عليه هذا الجني من قبل جني آخر، سواء من قبل جني أقوى منه، أو حسب مشيئة الله رب العالمين، تماما كما يحدث في الكشف البصري والسمعي المنامي واليقظي. لذلك قد يشعر المريض أن أحد يضربه ضربا مبرحا، ويلتفت حوله فلا يجد من البشر أحدا، وهنا يتم الضرب من أحد الجن على قرين مادة جسم المريض، فيشعر المريض بوقوع الضرب عليه مباشرة، وأحيانا عند سؤال أحد الجن عن سبب تلبسه بجسد المريض يصرح بأن المريص صاطدم به أو سقط عليه أو رمى عليه حجرا فأصابه أو أصاب أحد أبناءه، بل إن كل الأمراض الروحية يتم التسلط فيها على (قرين مادة الجسم)، وربما كثير من الأمراض العضوية أيضا، فإذا شفي قرين المادة شفي المقرون من فوره، وكأن شيئا لم يكن، على أي حال هذا الموضوع له تفصيل علمي يطول شرحه، فقد تبتر ساق إننسان ما، لكنه يظل يشعر بوجود ساقه المبتورة، لكن شعوره بوجود ساقه لا يمنع سقوطه على الأرض إذا ما حاول الاستناد عليها، وهذا كلام للروحانيين فيه دراسات وأبحاث مستفيضة، ولكن كما بينت فهذا بحاجة إلى أغطس في أعماق الكتب والمراجع لدي لكي ألخصه، وهذا أمر ليس بالهين، لكن أحببت ان اذكر بأنه ثابت لدى علماء الروحانيات. لكن هل هناك أدلة صريحة مباشرة عن وجود قرين مادة الجسم؟ للإجابة عن هذا السؤال أقول: للأسف أنني حتى الآن لم أقف على دليل صريح مباشر، ولكن من الممكن استنباط أدلة وجوده من خلال أدلة شرعية صحيحة كثيرة حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسمعيل بن إبراهيم عن داود عن الشعبي عن علقمة قال: قلت: لابن مسعود رضي الله عنه هل صحب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد؟ قال: ما صحبه منا أحد، ولكن قد افتقدناه ذات ليلة وهو بمكة فقلنا اغتيل أو استطير ما فعل به فبتنا بشر ليلة بات بها قوم حتى إذا أصبحنا أو كان في وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حراء قال: فذكروا له الذي كانوا فيه فقال: (أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم) فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم قال الشعبي وسألوه الزاد وكانوا من جن الجزيرة فقال: (كل عظم يذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم الجن) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح * أخرجه: الترمذي (3181). نخلص من هذا الحديث أن العظم في ذاته ليس هو طعام الجن، ولكن طعامهم هو ما نبت على العظم من لحم، وهذا اللحم ليس لحما إنسيا مما نطعمه كبشر، لأن اللحم الإنسي الذي كان يغطي العظم قد تناوله الإنس، ولم يبقى إلا العظم الإنسي فقط، وعليه فهذا اللحم الذي سوف يأكله الجن هو لحم جني خفي غير منظور لنا، أي أن لمادة اللحم الإنسي قرين جني، وهذا القرين هو الذي سوف يقتات منه الجن، وعلى هذا فاللحم الجني لا بد له أن ينبت على عظم يوافق طبيعته الجنية، أي أن العظم الإنسي له قرين لمادته، وقرين العظم هذا هو الذي سوف ينبت عليه اللحم الجني. عن أبي حذيفة عن حذيفة قال: كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها) أخرجه: مسلم (3761). والشاهد من هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يستحل الطعام) فقوله يستحل هنا يفيد أن هذا الطعام محرم على الشيطان، أي أن الشيطان وهو من الجن يريد تناول هذا الطعام المحرم عليه، والواقع يشهد بأن الطعام رغم سرقة الشيطان منه يبقى كما هو لا ينقص، إذا فالجني لا يتناول مادة الطعام الإنسية، ولكنه يتناول مقرونا جنيا لمادة الطعام الإنسية، لأن مادة الطعام موجودة ويتناولها الإنسي، ثم تمتصها المعدة، لتخرج من جسده في النهاية على هيئة كتلة من الفضلات، إذا فالمادة الإنسية لم تفقد، ولم يحدث لها استجنان (أي انتقال من عالم الإنس إلى عالم الجن)، وهذا يدل على أن ما يتناوله الجني من الطعام ليس إلا قرينا جنيا لمادة الطعام الإنسية. وعلى هذا فكل مادة في عالم الإنس لها قرين في عالم الجن، سواء كانت سائلة أم صلبة أم غازية، ومن خلال قرين المادة نستطيع كإنس ويستطيع الجن أن يؤثر كل منهما في عالم الآخر، كأن يحمل الجن عرش بلقيس من سبأ إلى القدس، أو أن يخنق الإنسي الجني ويوجعه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة قال: (إن الشيطان عرض لي، فشد علي ليقطع الصلاة علي، فأمكنني الله منه فذعته، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه، فذكرت قول سليمان عليه السلام (رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ) فرده الله خاسيا) . ( ) وفي رواية عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مر علي الشيطان، فأخذته فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه في يدي، فقال: أوجعتني أوجعتني).( ) وهذا السر الذي أصرح به هنا هو من أشد أسرار عالم الجن خطورة على الشياطين، وبدون هذا السر الخطير لن يتمكن المعالج ليس من النجاح في العلاج والتطبيب فقط، ولكن بدون هذا السر يستحيل أن يتفوق المعالج في التطبيب، هذا فضلا عن عجزه عن مواجهة السحرة وجها لوجه، وما أدراك ما معنى أن يواجه معالج شرعي ساحرا مباشرة، وأن تتحداه، قد يصل التحدي إلى حد أن يقتل أحدهما الآخر، ولو كان بينهما بلاد شاسعة. فهذا شأن عظيم تصدى له موسى عليه السلام، وهذا نبي من أولي العزم من الرسل قد تصدى للسحرة، وهذا يشهد إلى ان مواجهة السحرة أمر عظيم لا يقدر عليه أي أحد من البشر، فلك أن تتخيل أنك تواجه ساحرا مثل شنودة أو بابا الفاتيكان، ليس أمرا هينا أن تتحدى أحدهما في ميدان عام والكاميرات مسلطة عليكما أيهما سينصره الله، الأمر ليس بهين، بل جد عسير، لأنك إلى جوار الإيمان والتوحيد والعقيدة الصحية بحاجة إلى العلم المتخصص حتى تنصر عليه. لذلك عكفت على تأسيس علم جديد باسم (علم القرائن)، ولم أبدأ حتى الآن في وضع مؤلف بسبب جمع المادة العلمية والبحث والدراسة التي لم تنتهي بعد حتى الآن، فتأسيس علم جديد ليس بالأمر الهين، خاصة وأنه باب علم لم يتكلم في أحد من قبل من العلماء، وإن كان (الروحانيون) قد خاضوا فيه خوضا عظيما، ولكن يهدم بنيانهم أن علمهم كله بني على باطل، لأنه أسس على حسب معتقداتهم الكتابية المحرفة، على كل الأحوال أنبه أنني لم أبني أقوالي هذه بناءا على ما وصل إليه أهل الكتاب من علم، ولكنني وصلت إليها قبل أن أقرأ أو أعرف ما وصلوا إليه من ابحاث ودراسات علمية استخدم فيها أجهزة حديثة، حيث ثبتت لدي هذه الأمور بالتجربة، وببعض الاستنباطات الشرعية، لذلك بحثت هنا وهناك حتى وقع في يدي أبحاثهم العلمية. يقول النصراني الدكتوررؤوف عبيد في مؤلفه الضخم (الإنسان روح لا جسد): (أجمع بحاث العلم الروحاني في كل البيئات على انه يوجد لكل كائن حي إنسانا كان ام حيوانا جسد اثيري أو نجميEtheral, Astral Body وهذا الجسد الأثيري له كيان مادي إلا أنه بالنظر إلى ارتفاع اهتزازه إلى ما فوق اهتزاز الضوء بكثير لا يكون له على المستوى الأرضي وبالنسبة لحواسنا المادية هذا الكيان المادي الذي يكون له هناك. وهذا الجسد يلازم الجنين في بطن أمه، ثم ينمو بنمو الجسد المادي، فهو يشكله ويتشكل به عند كل كائن حي لا عند الإنسان فقط، لأنه يتخلله كما يتخلل الماء العود الرطب، ويشغل معه نفس الحيز من الفراغ، وهذا جائز علميا الآن، بالنظر إلى تفاوت مرتبتي الاهتزاز بينهما، وبالتالي إلى تفاوت (طول الموجة) حسب التعبير الذي يستعمله علم اللاسلكي. وهذا الجسد الأثيري هو صلة الوصل بين الروح (بمعنى الشرارة القدسية التي تهبنا الحياة) وبين الجسد المادي، ويصل بين الجسدين المادي والأثيري حبل من ضوء يسمى الحبل الأثيري، وقد وصفه الكتاب المقدس (بالحبل الفضي)، وهو يعد مقابلا للحبل السري الذي يصل الجنين بالمشيمة ويلزم قطعه وربطه عند الولادة، أما هذا الحبل الفضي فينقطع من تلقاء نفسه عند الوفاة فتتوقف بانقطاعه الحياة في الجسد المادي. ومن خصائص الجسد الأثيري أنه لا يتلف ولا يهرم مهما تلف الجسد المادي أو لحقه الهرم، فإذا بتر ذراع إنسان حي في حادث أو إثر جراحة فإن الذي يبتر هو ذراعه المادي فقط، أما الذراع الأثيري فيظل في مكانه يؤدي وظائفه كاملة في حالتي الطرح الروحي المؤقت أو الغيبوبة الوساطية أو النومية أحيانا والطرح الروحي النهائي أو الوفاة. وقد بحث بعض الأطباء والعلماء أمر وجود أعضاء أثيرية في موضع الأعضاء المادية المبتورة قد يشعر بها أصحابها ويتألمون أحيانا من موضعها، وقد يتأثرون بما يلامسها من برودة أو حرارة، وما تحركه من لذة أو ألم ومن راحة أو تعب في أحوال كثيرة). ا. هـ بكل تأكيد هناك تعليقات كثيرة لدي على كلامه السابق، ولكن أهم نقاط أنه يستمد علمه من معتقدات كتابه المقدس، فذكر القرين هنا باسم الروح، وفرق بين روح الإنسان التي بخروجها يفارق الإنسان الحياة وسماها (الشرارة القدسية التي تهبنا الحياة)، وبين الروح هنا وهي القرين الجني لمادة الجسم، والقرين هو لفظ قرآني، وهو أدق في التعبير من مسمى روح، على الأقل حتى نفرق بين المسميين، لكن علماء الروحانيات نتيجة لأن معتقدهم نابع من كتبهم المحرفة فهم يبتعدون تماما عن ذكر اسم الجن، لأن وجود الجن يتعارض مع معتقدهم أنه ليس هناك جنا من بين المخلوقات. مع ملاحظة أخرى هامة جدا، وهي أنه ذكر (يوجد لكل كائن حي إنسانا كان ام حيوانا جسد اثيري أو نجمي) ولم يذكر المواد الإنسية في حالتها الثلاث السائلة الصلبة والغازية، على أي حال المادة العلمية لديهم غزيرة جدا ووفيرة، ولا يزال بحثي ودراستي مستمرين، لذلك فهذا العلم الذي وقف عليه الغرب واستخف به المسلمون بحاجة إلى مرحلة كبيرة من التأصيل الشرعي، حتى لا نضل ولا نشقى. المادة وقرين المادة: وهناك دراسة أئتنس إليها في إثبات ما وصلت إليه أبحاثي وتجاربي تشير إلى وجود قرين للمادة، وهذا من كتاب " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د : يحيى المحجري يقول: (قال تعالى: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذاريات) فكلمة "شيء" تشمل الإنسان والحيوان والنبات والجماد، فوجود الجماد أو المادة في صورة زوجين المادة وقرينها، ليس قاصرًا على عالم الإنس فقط بما يشمله من البشر والحيوان والنبات والجماد، بل خلق كذلك عالم الجن بما يشمله من الجن والحيوان والنبات والجماد، وهذا ثابت عن عالم الجن بما ورد في الكتاب والسنة، بل جعل من كل شيء زوجين حتى من الجماد والمادة وهذا هو تفسير الشمول التام الذي نراه في الآية: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). (في النصف الأول من القرن العشرين كان أحد الفيزيائين الإنجليز – واسمه ديراك Dirak – يقوم بأبحاث على معادلات الإلكترونات، والإلكترونات كما نعلم هي الجسيمات السالبة الشحنة التي تدور حول نواه الذرة، وفي أثناء قيامه بهذه الأبحاث اكتشف أن المعادلات لها حلين وليس حل واحد، وأي واحد منا تعامل مع معادلات الدرجة الثانية يستطيع أن يدرك بسهوله هذا الموقف، فمعادلات الدرجة الثانية تحتوي على مربع كمية مجهولة، والكمية المربعة دائما موجبة، فحاصل ضرب 2 ×2 يعطى 4، كذلك حاصل ضرب _2 × _2 يعطي أيضا نفس النتيجة، ومعنى ذلك أن الجذر التربيعي لــ 4 هو إما 2 أو – 2، وقد كانت معادلات (ديراك) أكثر تعقيدا من هذا المثال، ولكن المبدأ هو نفسه، فقد حصل على مجموعتين من المعادلات إحداهما للإلكترونات السالبة الشحنة والأخرى لجسم مجهول ذو شحنة موجبة، وقد قام (ديراك) ببعض المحاولات الغير ناجحة لتفسير سر هذا الجسيم المجهول، فقد كان يؤمن بوجوده، ولكن الفيزيائيون تجاهلوا بعد ذلك فكرة وجود جسيم موجب الشحنة، ممكن أن يكون قرينا للإلكترونات، تماما كما يتجاهل المهندس الذي يتعامل مع معادلات الدرجة الثانية الحلول التي تعطي أطوالاً أو كتلاً سالبة. وبعد عدة سنوات من أعمال (ديراك) النظرية، وفي أوائل الثلاثينات اكتشف أثار هذا الجسيم المجهول في جهاز يسمى بغرفة الضباب (cloud chambre)، وعند دراسة تأثير المجال المغناطيسي على هذه الآثار، اكتشف أن كتلة ذلك الجسيم تساوي كتلة الإلكترون، وأنه يحمل شحنة موجبة ومساوية لشحنة الإلكترون، وعندئذ سمى هذا الجسيم بقرين الإلكترون (Antielectron)، أو بالبوزترون (Positron)، ومن ثم بدأ البحث عن قرائن الجسيمات الأخرى، فمعنى وجود قرين للإلكترون وجود قرائن للجسيمات الأخرى، وفعلاً بدأ اكتشاف هذه القرائن الواحد يلي الآخر، وبدأ تقسيمها إلى أنواع لن ندخل في تفاصيلها، وسوف نكتفي بذكر نتيجتها النهائية، وهي وجود قرين لكل جسيم بل ولكل جسم). ويعلق الدكتور يحيى المحجري على هذا قائلاً: (واكتشاف قرين المادة يخبرنا باحتمال وجود عالم آخر يناظر عالمنا المادي، ويتكون من قرائن الجسيمات أي من قرين المادة، أي هو هذا العالم الذي يتكون من قرين المادة؟ هذا هو السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة عليه، فالأرض تتكون أساسا من مادة، وليس من قرائن المادة، أما قرائن المادة التي يتم إنتاجها في الأشعة الكونية (Cosmic rays)، أو في معجلات الجسيمات (Particle accelerator) لا تعيش مدة طويلة في الأجواء الأرضية، فبمجرد أن تنخفض سرعتها بعض الشيء تحتم عليها أن تواجه مصيرها المؤلم الذي لا تستطيع الفرار منه وهو المحق أو الإبادة بواسطة المادة المقابلة لها التي تملأ أجواء الأرض، فعندما يتقابل الجسيم مع قرينه أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر ويختفي الاثنان في شيء يشبه الانفجار متحولين كليهما إلى طاقة معظمها في صورة أشعة جاما). (وأحد الألغاز التي حيرت الفيزيائيين هو مقدار القرائن الداخلة في بناء هذا الكون فهل تعتبر الأرض نموذجا مصغرا لبقية الكون؟ أي هل تزيد نسبة المادة في الكون كله عن نسبة قرائنها كما هو الحال في الأرض؟ قد نستطيع الجزم بأن نسبة قرائن المادة في مجرتها نسبة ضئيلة، وإلا تبددت أكثر المواد الموجودة بين النجوم، ولسجلت مراصدنا كميات أكبر بكثير من أشعة جاما، ولكن من يدرينا أن الأمر لا يختلف عن ذلك في المجرات الأخرى النائية التي تقع في أطراف الكون النائية، فربما وجدت مجرات بأكملها تسمى بقرائن المجرات، وتتكون من قرائن النجوم، وإذا سلمنا بوجود قرينًا للمجرة، وجدنا أنفسنا أمام سؤال آخر محير وهو؛ ما الذي يمنع المجرة وقرينها من الاقتراب من بعضها، ومن ثم التبدد والزوال؟ هل هو الفراغ الكوني الهائل، والمسافات الشاسعة، التي أوجدها العلي القدير لتفصل بين المجرات وقرائنها؟ وهل تقدم لنا هذه النظرية تفسيرًا جديدًا لقوله العزيز الحكيم: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) فتبدد المجرات وقرائنها وزوالها بهذه الطريقة قد يتم في لحظات، ويكون نتيجته كمية هائلة من الطاقة، فتبدو السماء وكأنها وردة كالدهان قال تعالى: (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)، ونحن لا نستطيع تصور انشقاق السماء كيف ستنشق؟ وأي جزء منها سيبدو منشقا؟ ولكن إذا حدث وتبددت مجرتنا مع قرينتها، فذلك يعني تبدد كل مستوى المجرة الذي نراه نحن من داخلها، وكأنه يقسم الكون إلى قسمين فتبدوا السماء منشقة وعندئذ تنكر النجوم وتنطمس، فكل نجم يتبدد عندنا يقترب من قرين النجم، قال تعالى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ)، وإذا تبددت النجوم بهده الطريقة وتحولت كتلتها إلى طاقة، فعندئذ تتلاشى تلك القوى التي تجذب الكواكب إلى النجوم في مساراتها، فتتعثر الكواكب وتنتثر، قال تعالى : (إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ)، ونتج عن ذلك اضطرابات هائلة على كوكبنا الأرض، قال تعالى : (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)، وقال تعالى : (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) .. [الانفطار] إنها علامات الساعة التي أخبرنا الخالق البارئ بها، وقد يقدم لنا موضوع فيزياء الجسيمات وقرائنها تفسيرا لها، فزوال المادة وقرينها أصبح حقيقة علمية تحدث يوميا في معجلات الجسيمات التي تحول الطاقة إلى مادة، وإذا عدنا إلى الآية الكريمة: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) لوجدنا أن إجابتنا ستكون بالإيجاب على سؤال وجود الجماد أو المادة في صورة زوجين المادة وقرينها، فالخلاق الكريم لم يخلق الإنسان والحيوان والنبات فقط في صورة زوجين بل جعل من كل شيء زوجين حتى من الجماد والمادة وهذا هو تفسير الشمول التام الذي نراه في الآية: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) سورة الذاريات ومما يذكر أن الفيزيائي المسلم – محمد عبد السلام الباكستاني الجنسية الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 والذي قام بأبحاث هامة في موضوع الجسيمات وقرائنها، وكان له الفضل في وضع النظرية التي جمعت بين قوتين رئيسيتين من القوى الأربع المؤثرة في هذا الكون، وهما القوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية الضعيفة، صرح بعد حصوله على الجائزة أن الآية القرآنية: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)، كانت بمثابة إحساس خفي وإلهام قوي له، وذلك أثناء أبحاثه على قرائن الجسيمات المادية، فقد فهم هذه الآية فهما شاملا يطوي بنى كلماتها حقيقة وجود قرائن للمادة، كحقيقة وجود أزواج أو قرائن في مملكة النبات والحيوان الإنسان.
المصدر: منتـدى آخـر الزمـان
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
المادة, الجني, حصري:, نظرية, قرين |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|