بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
منتـدى آخـر الزمـان  

العودة   منتـدى آخـر الزمـان > منتدى اللغة العربية > اللغة العربية > علوم اللغة العربية وآدابها

علوم اللغة العربية وآدابها
دراسة اللغة العربية وآدابها والنحو والإعراب.

               
 
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-14-2016, 10:26 PM
عضو
 Morocco
 Male
 
تاريخ التسجيل: 19-12-2013
الدولة: DRT
المشاركات: 678
معدل تقييم المستوى: 11
مسلم is on a distinguished road
افتراضي الفرق بين [أن] و [إن]

بسم الله الرحمن الرحيم
(إن) المكسورة الخفية:

تَرِدُ لِمَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: الشَّرْطِيَّةُ وَهُوَ الْكَثِيرُ نَحْوُ: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} {إن ينتهوا يغفر لهم}.
ثُمَّ الْأَصْلُ فِي عَدَمِ جَزْمِ الْمُتَكَلِّمِ بِوُقُوعِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} وعيسى جَازِمٌ بِعَدَمِ وُقُوعِ قَوْلِهِ.
وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى المتيقن وجوده إذا أبهم زمانه كقوله: {أفإن مت فهم الخالدون}.
وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ نَحْوُ: {إِنْ كَانَ للرحمن ولد}.
وَمِنْ أَحْكَامِهَا أَنَّهَا لِلِاسْتِقْبَالِ وَأَنَّهَا تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا كَقَوْلِكَ إِنْ أَكْرَمْتَنِي أَكْرَمْتُكَ وَمَعْنَاهُ إِنْ تُكْرِمْنِي وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنْ أَكْرَمْتَنِي الْيَوْمَ فَقَدْ أَكْرَمْتُكَ أَمْسِ وَقَوْلُهُ: {إِنْ كان قميصه قد من قبل فصدقت}، فقيل: معنى أكرمتني اليوم يكون سبب لِلْإِخْبَارِ بِذَلِكَ.
وَإِنْ ثَبَتَ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِخْبَارِ بِذَلِكَ.
قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهِيَ عَكْسُ لَوْ فَإِنَّهَا لِلْمَاضِي وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْمُضَارِعِ.

.مَسْأَلَةٌ:
إِنْ دَخَلَتْ (إن) على لم يكن الجزم بـ: (لم) لَا بِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا} {فإن لم تفعلوا} وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى لَا كَانَ الْجَزْمُ بِهَا لَا بِـ: (لَا) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لي}.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ لَمْ عَامِلٌ يَلْزَمُ مَعْمُولَهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٌ وَإِنْ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَعْمُولِهَا مَعْمُولُ مَعْمُولِهَا نَحْوُ إِنْ زَيْدًا يَضْرِبْ أَضْرِبْهُ.
وَتَدْخُلُ أَيْضًا عَلَى الْمَاضِي فَلَا تَعْمَلُ فِي لَفْظِهِ وَلَا تُفَارِقُ الْعَمَلَ وَأَمَّا لَا فَلَيْسَتْ عَامِلَةً فِي الْفِعْلِ فأضيف العمل إلى إن.
الثاني: بِمَنْزِلَةِ لَا وَتَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ كَقَوْلِهِ فِي الْأَنْعَامِ: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}، بِدَلِيلِ مَا فِي الْجَاثِيَةِ: {مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدنيا}.
وقوله: {إن أنت إلا نذير}.
{إن الكافرون إلا في غرور}.
{إن كل نفس لما عليها حافظ}.
{إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم}.
{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتي الرحمن عبدا}.
{إن نحن إلا بشر مثلكم}.
{إن أنتم إلا بشر مثلنا}.
وَعَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ نَحْوُ: {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الحسنى}.
{إن يقولون إلا كذبا}.
{إن يدعون من دونه إلا إناثا}.
{وتظنون إن لبثتم إلا قليلا}.
{إن كانت إلا صيحة واحدة}.
{بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَرْطَ النَّافِيَةِ مَجِيءُ إِلَّا فِي خَبَرِهَا كَهَذِهِ الْآيَاتِ أَوْ لَمَّا الَّتِي بِمَعْنَاهَا كَقِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عليها حافظ} بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ مَا كَانَ نَفْسٌ إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ.
{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا محضرون}.
{وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
وَرُدَّ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ}.
{وإن أدري أقريب أم بعيد}.
{إن عندكم من سلطان}.
{بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به} فَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أحد من بعده} فَالْأُولَى شَرْطِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ نَافِيَةٌ جَوَابٌ لِلْقَسَمِ الَّذِي أَذِنَتْ بِهِ اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْأُولَى وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وُجُوبًا.
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ مكناهم فيما إن مكناكم فيه} فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ الشَّجَرِيِّ إِنْ نَافِيَةٌ أَيْ فِيمَا مَا مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ إِلَّا أَنَّ إِنْ أَحْسَنُ فِي اللَّفْظِ لِمَا فِي مُجَامَعَةِ مِثْلِهَا مِنَ التَّكْرَارِ الْمُسْتَبْشَعِ وَمِثْلُهُ يُتَجَنَّبُ قَالَا وَيَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض ما لم نمكن لكم} وَحَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّهَا زَائِدَةٌ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَفْخَمُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي وَإِنْ نَافِيَةٌ وَقَعَتْ مَكَانَ مَا فَيَخْتَلِفُ اللَّفْظُ وَلَا تَتَّصِلُ مَا بِـ: (مَا) وَالْمَعْنَى لَقَدْ أَعْطَيْنَاهُمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْغِنَى مَا لَمْ نُعْطِكُمْ وَنَالَهُمْ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ هَذَا الْعِقَابُ فَأَنْتُمْ أَحْرَى بِذَلِكَ إِذَا كَفَرْتُمْ.
وَقِيلَ إِنْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيِ الَّذِي إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ طَغَيْتُمْ.
وَقَالَ وَهَذَا مُطَّرَحٌ فِي التَّأْوِيلِ.
وَعَنْ قُطْرُبٍ أَنَّهَا بِمَعْنَى قَدْ حَكَاهُ ابْنُ الشَّجَرِيِّ.
وَيَحْتَمِلُ النَّكِرَةَ الْمَوْصُوفَةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْكَرَ مَجِيءَ النَّافِيَةِ وَقَالَ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ إِنَّ مَا مَحْذُوفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ مَا إِنْ تَدْعُونَ مَا إِنْ أَدْرِي وَنَظَائِرُهَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا إِنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَلَكِنْ ** مَنَايَانَا وَدُولَةُ آخِرِينَا

فَحُذِفَتْ مَا اخْتِصَارًا كَمَا حُذِفَ لَا في {تالله تفتأ}.
الثَّالِثُ: مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ فَتَعْمَلُ فِي اسْمِهَا وَخَبَرِهَا وَيَلْزَمُ خَبَرُهَا اللَّامَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم}.
وَيَكْثُرُ إِهْمَالُهَا، نَحْوُ: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا متاع الحياة الدنيا} {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} {إن كل نفس لما عليها حافظ}، فِي قِرَاءَةِ مَنْ خَفَّفَ لَمَّا أَيْ أَنَّهُ كُلُّ نَفْسٍ لَعَلَيْهَا حَافِظٌ.
الرَّابِعُ: لِلتَّعْلِيلِ بِمَعْنَى إذ عند الكوفيين كقوله: {وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُخْبِرْهُمْ بِعُلُوِّهِمْ إِلَّا بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ.
وَقَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
قالبعضهم: لَوْ كَانَتْ لِلْخَبَرِ لَكَانَ الْخِطَابُ لِغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ.
وكذا: {وإن كنتم في ريب} ونحوه مما الفعل في مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ وَالْبَصْرِيُّونَ يَمْنَعُونَ ذَلِكَ وَهُوَ التَّحْقِيقُ كَالْمَعْنَى مَعَ (إِذَا).
وَأَجَابُوا عَنْ دُخُولِهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّهْيِيجِ نَحْوُ إِنْ كُنْتَ وَلَدِي فَأَطْعِمْنِي.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} فَالِاسْتِثْنَاءُ مَعَ تَحَقُّقِ الدُّخُولِ تَأَدُّبًا بِأَدَبِ اللَّهِ فِي الْمَشِيئَةِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الدَّاخِلِينَ لَا مِنَ الرُّؤْيَا لِأَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الرُّؤْيَا وَتَصْدِيقِهَا سَنَةٌ وَمَاتَ بَيْنَهُمَا خَلْقٌ كَثِيرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلُّكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
الْخَامِسُ: بِمَعْنَى (لَقَدْ) فِي قوله: {إن كنا عن عبادتكم لغافلين} أَيْ لَقَدْ كُنَّا.
{إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لمفعولا}.
و: {تالله إن كدت لتردين}.
{تالله إن كنا لفي ضلال مبين}
.

.فَائِدَةٌ:
ادَّعَى ابْنُ جِنِّي فِي كِتَابِ الْقَدْ أَنَّ (إِنِ) الشَّرْطِيَّةَ تُفِيدُ مَعْنَى التَّكْثِيرِ لِمَا كَانَ فِي هَذَا الشِّيَاعُ وَالْعُمُومُ لِأَنَّهُ شَائِعٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ دُخُولُهَا عَلَى أحد التي لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي النَّفْيِ الْعَامِّ كَقَوْلِهِ تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك} لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وَاحِدٍ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ أَدْخَلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ الَّذِي لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ.
قَالَ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَحَدٌ هُنَا لَيْسَتِ الَّتِي لِلْعُمُومِ بَلْ بِمَنْزِلَةِ أَحَدٍ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ دَخَلَهُ مَعْنَى الْعُمُومِ لِأَجْلِ إِنْ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنِ امرأة} {إن امرؤ}.

.تَنْبِيهٌ:
قِيلَ: قَدْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ إِنْ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فِي مَوَاضِعَ:
{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أردن تحصنا}.
وقوله: {واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون}.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتبا فرهان مقبوضة}.
وَقَوْلِهِ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}.
وقوله: {إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر}.
وَقَدْ يُقَالُ أَمَّا الْأُولَى فَيَمْتَنِعُ النَّهْيُ عَنْ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ فَإِنَّهُنَّ إِذَا لَمْ يُرِدْنَ التَّحَصُّنَ يُرِدْنَ الْبِغَاءَ وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْمُرَادِ مُمْتَنِعٌ:
وَقِيلَ: إِنَّهَا بِمَعْنَى إِذَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِكْرَاهُهُنَّ عَلَى الزِّنَا إِنْ لَمْ يُرِدْنَ التَّحَصُّنَ أَوْ هُوَ شَرْطٌ مُقْحَمٌ لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِكْرَاهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُنَّ لَا يُكْرِهْنَهُنَّ إِلَّا عِنْدَ إِرَادَةِ التَّحْصِينِ وَفَائِدَةُ إِيجَابِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْإِكْرَاهِ فَالْمَعْنَى إِنْ أَرَدْنَ الْعِفَّةَ فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بإرادة ذلك.
وأما الرابعة فَهُوَ يُشْعِرُ بِالْإِتْمَامِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَظَاهِرُ الشَّرْطِ مُمْتَنِعٌ فِيهِ بِدَلِيلِ التَّعَجُّبِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مُخَالَفَةَ الظَّاهِرِ لِعَارِضٍ.

.(أَنْ) الْمَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ السَّاكِنَةُ النُّونِ:
تَرِدُ لِمَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: حَرْفًا مَصْدَرِيًّا نَاصِبًا لِلْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَتَقَعُ مَعَهُ فِي مَوْقِعِ الْمُبْتَدَأِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ.
فَالْمُبْتَدَأُ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، نَحْوُ: {وأن تصوموا خير لكم}.
{وأن تصبروا خير لكم} {وأن يستعففن خير لهن}.
{وأن تعفوا أقرب للتقوى}
.
وَالْفَاعِلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ من الأعراب أن يتخلفوا}.
{أكان للناس عجبا أن أوحينا}.

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا} فِي قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ جَوَابَ.
وَتَقَعُ مَعَهُ مَوْقِعَ الْمَفْعُولِ بِهِ فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَحْوُ: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى}.
{يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} {فأردت أن أعيبها}.
{وأمرت لأن أكون}.

وقوله: {فإن استطعت أن تبتغي}.
{يريد الله أن يخفف عنكم}.
{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ}
، مَعْنَاهُ بِأَنْ أَنْذِرْ فَلَمَّا حُذِفَتِ الْبَاءُ تَعَدَّى الْفِعْلُ فَنُصِبَ.
وَمِنْهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: {إِلَّا ما أمرتني به أن اعبدوا الله} نُصِبَ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ: {مَا أَمَرْتَنِي به}.
وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ كَقَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ}، {قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا} أَيْ مِنْ قَبْلِ إِتْيَانِكَ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُنْصَبْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أوحينا} وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى لِوَحْيِنَا لِأَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَهَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا لِلْإِعْرَابِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا أَنْ تَعْمَلَ فِيهِ الْعَوَامِلُ.
وَقَدْ يَعْرِضُ لِـ: (أَنْ) هَذِهِ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا}.
أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا كَمَا قُدِّرَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لهم} أَيْ بِأَنَّ لَهُمْ وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ وَنَفَاهَا الْخَلِيلُ عَلَى أَصْلِ الْجَرِّ.
وَتَقَعُ بَعْدَ عَسَى فَتَكُونُ مَعَ صِلَتِهَا فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَنْصُوبٍ إِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً نَحْوُ عَسَى زَيْدٌ أَنْ يَقُومَ.
ومثله: {عسى ربكم أن يرحمكم}.
وَتَكُونُ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَرْفُوعٍ إِنْ كَانَتْ تَامَّةً كَقَوْلِكَ عَسَى أَنْ يَنْطَلِقَ زَيْدٌ وَمِثْلُهُ: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعسى أن تحبوا شيئا}.
الثَّانِي: مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ فَتَقَعُ بَعْدَ فِعْلِ الْيَقِينِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَيَكُونُ اسْمُهَا ضَمِيرَ الشَّأْنِ وَتَقَعُ بَعْدَهَا الْجُمْلَةُ خَبَرًا عَنْهَا نَحْوُ: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا}.
{علم أن سيكون منكم مرضى}.
{وحسبوا ألا تكون فتنة}.
{وأن عسى أن يكون}.
{وألو استقاموا}.
{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
.
وجعل ابن الشجري منه: {وناديناه أن يا إبراهيم}، أَيْ أَنَّهُ يَا إِبْرَاهِيمُ.
الثَّالِثُ: مُفَسِّرَةً بِمَنْزِلَةِ أَيِ الَّتِي لِتَفْسِيرِ مَا قَبْلَهَا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ تَمَامِ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْجُمْلَةِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِمَا بَعْدَهَا وَأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الَّذِي تُفَسِّرُهُ فِي مَعْنَى الْقَوْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يا إبراهيم} {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا} {أن طهرا بيتي}.
قَالَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ: تَكُونُ هَذِهِ فِي الْأَمْرِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا شَرْطُ مَجِيئِهَا بَعْدَ كَلَامٍ تَامٍّ لِأَنَّهَا تَفْسِيرٌ وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهَا حَرْفٌ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْمَعْنَى.
وَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين} لِأَنَّ الْكَلَامَ لَمْ يَتِمَّ فَإِنَّ مَا قَبْلَهَا مُبْتَدَأٌ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ نَاصِبَةً لِوُقُوعِ الِاسْمِ بَعْدَهَا بِمُقْتَضَى أَنَّهَا الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} فَقِيلَ إِنَّهَا مُفَسِّرَةٌ لِأَنَّ الِانْطِلَاقَ مُتَضَمِّنٌ لِمَعْنَى الْقَوْلِ.
وَقَالَ: الْخَلِيلُ يُرِيدُونَ أَنَّهُمُ انْطَلَقُوا فِي الْكَلَامِ بِهَذَا وَهُوَ امْشُوا أَيِ أَكْثِرُوا يُقَالُ أَمَشَى الرَّجُلُ وَمَشَى إِذَا كَثُرَتْ مَاشِيَتُهُ فَهُوَ لَا يُرِيدُ انْطَلِقُوا بِالْمَشْيِ الَّذِي هُوَ انْتِقَالٌ إِنَّمَا يُرِيدُ قَالُوا هَذَا.
وَقِيلَ: عِبَارَةٌ عَنِ الأخذ في القول فيكون بمنزلة صريحه وأن مُفَسِّرَةً وَقِيلَ مَصْدَرِيَّةً.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ جَاءَتْ بَعْدَ صَرِيحِ الْقَوْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا الله}.
قُلْنَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ.
وَقَالَ الصَّفَّارُ: لَا تُتَصَوَّرُ الْمَصْدَرِيَّةُ هُنَا بِمَعْنَى إِلَّا عِبَادَةَ اللَّهِ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَا يَقَعُ بَعْدَهُ الْمُفْرَدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقُولُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الْمَقُولِ نَحْوُ قُلْتُ خَبَرًا وَشِعْرًا لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْكَلَامِ أَوْ يَقُولُ قُلْتُ زَيْدًا أَيْ هَذَا اللَّفْظَ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ فِي الْآيَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا هَذِهِ الْعِبَارَةَ فَثَبَتَ أَنَّهَا تَفْسِيرِيَّةٌ أَيِ اعبدوا الله.
وَقَالَ السِّيرَافِيُّ: لَيْسَتْ أَنْ تَفْسِيرًا لِلْقَوْلِ بَلْ لِلْقَوْلِ بَلْ لِلْأَمْرِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ فَلَوْ كَانَ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا قُلْتَ لِي أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ لَمْ يَجُزْ لِذِكْرِ الْقَوْلِ.
الرَّابِعُ: زَائِدَةً وَتَكُونُ بَعْدَ لَمَّا التَّوْقِيتِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ: {وَلَمَّا أن جاءت رسلنا لوطا} بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فِي سُورَةِ هُودٍ: {وَلَمَّا جَاءَتْ رسلنا لوطا} فَجَاءَ فِيهَا عَلَى الْأَصْلِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَلَمَّا أن جاء البشير} فَجِيءَ بِـ: (أَنْ) وَلَمْ يَأْتِ عَلَى الْأَصْلِ مِنَ الْحَذْفِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَجِيءُ الْبَشِيرِ إِلَى يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ طُولِ الْحُزْنِ وَتَبَاعُدِ الْمُدَّةِ نَاسَبَ ذَلِكَ زِيَادَةُ أَنْ لِمَا فِي مُقْتَضَى وَصْفِهَا مِنَ التَّرَاخِي.
وَذَهَبَ الْأَخْفَشُ إِلَى أَنَّهَا قَدْ تَنْصِبُ الْفِعْلَ وَهِيَ مَزِيدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سبيل الله} {وما لكم ألا تنفقوا} وأن فِي الْآيَتَيْنِ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ: {وَمَا لَنَا لَا نؤمن بالله}.
الْخَامِسُ: شَرْطِيَّةً فِي قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ كَقَوْلِهِ: {أَنْ تضل إحداهما فتذكر}.
قَالُوا: وَلِذَلِكَ دَخَلَتِ الْفَاءُ.
السَّادِسُ: نَافِيَةً بِمَعْنَى لَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هدى الله أن يؤتى أحد} أَيْ لَا يُؤْتَى أَحَدٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ.
وَزَعَمَ الْمُبَرِّدُ أَنَّ يُؤْتَى مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} وَاللَّامُ زَائِدَةٌ.
وَقِيلَ: إِنَّ يُؤْتَى فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ أَيْ إِنَّ الْهُدَى أَنْ يُؤْتَى.
السَّابِعُ: التَّعْلِيلُ بِمَنْزِلَةِ لِئَلَّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لكم أن تَضِلُّوا}.
وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا.
وَكَذَا قَوْلِهِ: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}.
وقوله: {أن تقول نفس يا حسرتى}.
الثَّامِنُ: بِمَعْنَى إِذْ مَعَ الْمَاضِي كَقَوْلِهِ: {بَلْ عجبوا أن جاءهم}.
وَقِيلَ بَلِ الْمَعْنَى لِأَنْ جَاءَهُمْ أَيْ مِنْ أَجْلِهِ.
قِيلَ وَمَعَ الْمُضَارِعِ كَقَوْلِهِ: {أَنْ تُؤْمِنُوا بالله ربكم} أَيْ إِذَا آمَنْتُمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ.
وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ تَقَعَ أَنْ مِثْلَ مَا فِي نِيَابَتِهَا عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ وَجَعَلَ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ في ربه أن آتاه الله الملك} وقوله: {إلا أن يصدقوا} وَرُدَّ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا لِلتَّعْلِيلِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَهُوَ لَائِقٌ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنْ آتَاهُ ولئلا يصدقوا.

.(إِنَّ) الْمَكْسُورَةُ الْمُشَدَّدَةُ:

لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا لِلتَّأْكِيدِ نَحْوُ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
وَلِلتَّعْلِيلِ، أَثْبَتَهُ ابْنُ جِنِّي مِنَ النُّحَاةِ وَكَذَا أَهْلُ الْبَيَانِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي نَوْعِ التَّعْلِيلِ مِنْ قِسْمِ التَّأْكِيدِ.
وَبِمَعْنَى (نَعَمْ) فِي قَوْلِهِ تعالى: {إن هذان لساحران} فيمن شدد النون.
قال أبو إسحاق: عَرَضْتُ هَذَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ فَرَضِيَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: كَأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا بَعْدَ التَّنَازُعِ عَلَى قَذْفِ النَّبِيِّينَ بِالسِّحْرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا.
وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ هِيَ بِمَعْنَى أَجَلْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ سُؤَالٌ عَنْ سِحْرِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ} فَتَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَصْرُوفَةً إِلَى تَصْدِيقِ أَلْسِنَتِهِمْ فِيمَا ادَّعَوْهُ مِنَ السِّحْرِ.
وَاسْتَضْعَفَهُ الْفَارِسِيُّ بِدُخُولِ اللَّامِ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي ضَرُورَةٍ فَإِنْ قُدِّرَتْ مُبْتَدَأً مَحْذُوفًا أَيْ فَهُمَا سَاحِرَانِ فَمَرْدُودٌ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَلِيقُ بِهِ الْحَذْفُ.
وَقِيلَ: دَخَلَتِ اللَّامُ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ أَوْ لِمَا كَانَتْ تَدْخُلُ مَعَهَا فِي الْخَبَرِيَّةِ.
وَقِيلَ: جَاءَ عَلَى لُغَةِ بَنِي الْحَارِثِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُثَنَّى بالألف مطلقا.

.(أن) المفتوحة المشددة:
يجيء لِلتَّأْكِيدِ كَالْمَكْسُورَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّكَ لَوْ صَرَّحْتَ بِالْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْهَا لَمْ تُفِدْ تَوْكِيدًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا عُلِمَ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنَّ والفعل والمصدر.
وقال: في المفصل إن وأن تُؤَكِّدَانِ مَضْمُونَ الْجُمْلَةِ إِلَّا أَنَّ الْمَكْسُورَةَ الْجُمْلَةُ معها على استقلالها بفائدتها والمفتوحة تقلبها إلى حكم المفرد.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لِأَنَّ وَضْعَ إِنَّ تَأْكِيدٌ لِلْجُمْلَةِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ لِمَعْنَاهَا فَوَجَبَ أَنْ تَسْتَقِلَّ بِالْفَائِدَةِ بَعْدَ دُخُولِهَا وَأَمَّا الْمَفْتُوحَةُ فَوَضْعُهَا وَضْعُ الْمَوْصُولَاتِ فِي أَنَّ الْجُمْلَةَ مَعَهَا كَالْجُمْلَةِ مَعَ الْمَوْصُولِ فَلِذَلِكَ صَارَتْ مَعَ جُمْلَتِهَا فِي حُكْمِ الْخَبَرِ فَاحْتَاجَتْ إِلَى جُزْءٍ آخَرَ لِيَسْتَقِلَّ مَعَهَا بِالْكَلَامِ فَتَقُولُ إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ وَتَسْكُتُ وَتَقُولُ أَعْجَبَنِي أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ فَلَا تَجِدُ بُدًّا مِنْ هَذَا الْجُزْءِ الَّذِي مَعَهَا لِكَوْنِهَا صَارَتْ فِي حُكْمِ الْجُزْءِ الْوَاحِدِ إِذْ مَعْنَاهُ أَعْجَبَنِي قِيَامُ زَيْدٍ وَلَا يَسْتَقِلُّ بِالْفَائِدَةِ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ جُزْءٌ آخَرُ فَكَذَلِكَ الْمَفْتُوحَةُ مَعَ جُمْلَتِهَا وَلِذَلِكَ وَقَعَتْ فَاعِلَةً وَمَفْعُولَةً وَمُضَافًا إِلَيْهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَعُ فِيهِ الْمُفْرَدَاتُ.
وَمِنْ وُجُوهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا تُصَدَّرُ بِالْمَفْتُوحَةِ الْجُمْلَةُ كَمَا تُصَدَّرُ بِالْمَكْسُورَةِ لِأَنَّهَا لَوْ صُدِّرَتْ لَوَقَعَتْ مُبْتَدَأً وَالْمُبْتَدَأُ مُعَرَّضٌ لِدُخُولِ إِنَّ فَيُؤَدِّي إِلَى اجْتِمَاعِهِمَا.
وَلِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى لَعَلَّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أنها إذا جاءت لا يؤمنون} وَتِلْكَ لَهَا صَدْرُ الْكَلَامِ فَقَصَدُوا إِلَى أَنْ تكون هذه مخالفة لتلك في الوضع.

المصدر.من الصفحة 1054 الى الصفحة 1057
البرهان في علوم القرآن (ط. الحديث)
المؤلف: محمد بن عبد الله الزركشي بدر الدين
المحقق: أبو الفضل الدمياطي
الناشر: دار الحديث
سنة النشر: 1427 - 2006
الفرق [أن] [إن]






التعديل الأخير تم بواسطة مسلم ; 05-14-2016 الساعة 10:52 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الفرق, بين, [أن], [إن]


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
تابعونا عبر تويترتابعونا عبر فيس بوك تابعونا عبر وورد بريس


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنتدى آخر الزمان©

تابعونا عبر تويتر