#1
|
|||||||
|
|||||||
حصري: تقنين جلسات العلاج الفردية والجماعية ومخاطر جلسات العلاج المختلطة
الكاتب: بهاء الدين شلبي. في بحث لي بعنوان (أهمية عقد جلسات العلاج) أكدت على أهمية عقد جلسات العلاج للمريض بحضور معالج متخصص، له من العلم والخبرة في التعامل مع السحر والسحرة، وعلى دراية واسعة بألاعيب الجن والشياطين وحيلهم التي لا تنتهي، فضلا عن أنه مطلع بسعة خبرته على الكثير من أسرار عالم الجن وخباياهم، فلديه من العلم ما يؤهله للتعامل مع عالم موازي لنا، وبدون تلك الجسات العلاجية لا يكون علاج. وجدير بالذكر أن الراقي وهو من يقوم بالدعاء وترديد الآيات القرآنية، لا يصلح أن يقوم بدور المعالج، ولا أن يحل محله، لوجود فارق جوهري بين المعالج كما بيناه، وبين الراقي وهو مجرد داعي يدعو بما يحفظه من الأدعية، وتلاوة بعض الآيات القرآنية، فدور الراقي يستطيع أي إنسان غير مؤهل أن يقوم به، فليس لديه من العلم ما يتميز به، ويؤهله ليقوم بدور المعالج. وفي الواقع أن الغالبية العظمى ممن يزاولون العلاج هم مجرد رقاة، وغير مؤهلين ليكونوا معالجين، بدليل أن ليس لديهم أية أبحاث علمية تبين وتوضح مدى ما وصلوا إليه من علم يؤهلهم للقيام بهذا الدور، وعجزهم عن تقديم ردود علمية تسد مساحة الجهل الشاسعة بالطب الروحي، وعالم الجن، فردودهم تفتقر للعلم والحجة، وتزيد الجهل حين تخلطه بالجهالات والضلالات وما أكثرها. وقد فاقت كثرة الرقاة الحد، حتى صارت الرقية مهنة من لا مهنة له، وموردا لكل عاطل يبحث عن لقمة عيشه، حتى أتخموا من وفرة ما يحصلون عليه من أموال طائلة، من وجهة نظرهم حصلوا عليها بطريق مشروع، رغم عجزهم عن الوصول بأغلب المرضى إلى حد الشفاء التام، وإن قلت لأحدهم: لقد رقيت فلانا ولم شفي المريض، فيلجمك بقوله: أنا رقيت، والله لم يقدر الشفاء، أو يفسر لك استمرار علته بأن السحر متجدد، وكأن السحرة تفرغوا للتجديد لهذا المسحور. أو أن القرين متمرد، رغم أن المريض ملتزم بالأذكار. وقد يتمادى في نشر الجهالات فيدعي أن المريض مصاب بسحر سفلي. فلدى كل مدعي علم قائمة من الأعذار والتبريرات لا حصر لها، ولا أول لها من آخر، ليستحل ما دخل جيبه من مال بغير وجه حق. فمن المفترض أن يقوم المعالج الشرعي صاحب العلم والخبرة بعقد جلسة كشف، يشخص فيها حالة المريض منذ البداية، وقبل أن يدخل في رحلة العلاج، والتي قد تمتد عدة أشهر على أقل تقدير، فالمفترض أنه بعد جلسة الكشف أن يحدد إصابة المريض، وأن يعطيه تقرير شفوي يشرح فيه مدى صعوبة الحالة وتعقيدها، إلى هنا من حقه أخذ الأجر. أما إن عجز عن التشخيص فله أن يكرر جلسة الكشف عدة مرات، فبعض الحالات يكون التشخيص فيها مستعصي بسبب وجود عوائق عند المريض، أو هناك أسحار لتعطيل جلسات العلاج. أذكر في إحدى الحالات المستعصية، بل أصعب حالة وجدتها في حياتي كلها، ولن أقابل مثلها أبدا، استمر التشخيص قرابة الشهرين إلى ثلاثة أشهر، لا أذكر تحديدا على وجه الدقة، بمعدل جلستين يوميا، حتى نطق العارض وتكلم بصيغة المذكر، بدلا من الكلام بصيغة المؤنث، مما فضحه وكشف أن الحالة سحر وليست مرضا نفسيا كما توهم كل من شخصوا الحالة. هذا بعد أن عانت الحالة أكثر من ربع قرن من المرض، مرت خلالها على كبار مشاهير المعالجين والرقاة، وكبار الأطباء النفسيين، وفشلوا جميعا في الجزم بأن حالتها سحر، أم مرض نفسي. لكني كنت صريحا مع صاحبة الحالة، في أن حالتها صعبة، وتقاضيت أجري عن متابعتها لفترة زمنية محددة بثلاثة أشهر، رغم أن العلاج استمر أضعاف هذا الزمن بكثير جدا، فلم أفرض عليها أجرا، وقبلت ما عرضته علي برضى نفس، وتفرغت تماما لعلاجها فقط، لو أني عالجت خلال الشهرين حالات أخرى غيرها ربما كسبت أضعاف ما اتفقت عليه، ولكن لم يكن هدفي المال مطلقا، بل هدفي كان الوصول للتشخيص، وزيادة العلم والخبرة، فانتقي الحالات الصعبة وبالغة التعقيد لكي أتعلم أكثر، هذا كله بعد إرضاء الله عز وجل، والتوجه إليه وحده بما أقوم به. وفي واقع الأمر؛ بغض النظر عن صعوبة الحالة، ولكني كنت مصر على تطهير البيت من أي مخالفات شرعية، حتى اكتشف أن والدة المصابة صنعت لها أحجبة عن السحرة والدجالين، وأوهموها أنها بالقرآن، والقرآن لم ينزل ليصنع منه أحجبة، ولفائف، ومعلقات، بل نزل لأعظم من هذا. في كل أسبوع تقريبا كنا نكتشف وجود حجاب كان مخبأ في مكان مختلف، وكانت مصنوعة من الجلد الغليظ، حتى تعذر علي تمزيقها وفتحها، بل تعذر حرقها، فكانت النيران لا تؤثر فيها، حتى اضطررت لسكب بنزين عليها لكي تحترق، وبالفعل بعد التخلص من آخر حجاب بإسبوع واحد تقريبا، سقط العارض في ذلة لسان كشفته، وثبت ما كنت متيقنا منه أن هناك سحر، وفي هذه اللحظة استنشقنا جميعا أنفاسنا، بعد أن كاد اليأس يدب في القلوب مما أقوم به من علاجات، ومحاولات. وبالفعل قنط كل المحيطون بالمريضة من المحاولات، وبدأ من حولها ينصحونها بوقف المحاولات، دون التشكيك في كفائتي كمعالج، لولا مشيئة الله عز وجل، ولولا ثقة المريضة في المعالج لما تمكنا من إكمال المحاولات. في الحقيقة كنت متيقنا حينها من أنها مسحورة بالفعل، لأن الأعراض بحسب خبرتي تجزم أنها مصابة بسحر، وهذا ما دعاني للإستمرار في متابعة التشخيص، ليس لأتأكد بدليل قطعي يثبت إصابتها، ولكني كنت بحاجة لديل يقنع المريضة، ويقنع أهلها بأنها بالفعل مصابة بسحر، حتى وقع العارض في ذلة لسان، وبعدها بدأ يتكلم معي، والمحيطون بها يسمعون له ويصغون، فتيقنوا من إصابتها. وهذه النتيجة في حد ذاتها كانت حلا لأهم معاناة قابلتها المريضة في حياتها، وهي تشكيك أهلها في إصابتها بالسحر، ويرون أنها مريضة نفسيا، رغم أنها أسلم منهم نفسا، وأقوم دينا، وارجح عقلا حتى أنهم كانوا يستفتونها في أمور دينهم ودنياهم. فتعطيل النتائج لم أكن مسؤولا عنه كمعالج، ولم تكن المريضة مسؤولة عنه، ولكن والدتها وما صنعته لابنتها من أحجبة كان هو السبب في إفشال ما نقوم به من جهد دؤوب متواصل. فإن وجد الحالة مستعصية عليه، فله أحد أمرين يخير المريض بينهما، فإما أن يقر المعالج بحهله ويستأذن المريض في محاولة علاجه عسى أن يصل لنتيجة، وإما يعتذر له عن إكمال علاجه وتنتهي العلاقة بين المعالج عند هذا الحد، ودون ان يستنفذ اموال المريض بغير وجه حق. فمسألة أنها حلال هذه تخصهم وتخص المريض، لكن إن كان المريض يبحث عن معالج، وتوهم أن الراقي يغني عن المعالج، فهذا فهم خاطئ من المريض، وإن أوهم الراقي المريض بأنه معالج فقد غرر به وخدعه. والحقيقة أن وفرة الرقاة في مقابل ندرة المعالجين الذين آثروا الانسحاب من مزاولة العلاج الواحد تلو الآخر، فكلما بادر مخلص واجتهد وحصل من العلم، حتى يتراجع بعد فترة، حفاظا على دينه وسمعته، حتى لم نعد نسمع عن المعالجين خبرا. وهذا بسبب اقتران صورة العلاج الشرعي بشبهة الدجل، فالناس لا تميز بين المعالج، والراقي، والدجال، مما تسبب في وجود خلط شائع لدى أغلب الناس، والعلماء خاصة، بين مفهوم المعالج كطبيب عالم، وبين الراقي كمبتهل يدعو الله تعالى. فهم لا يرون على الساحة إلا الرقاة فقط، في حين أن غالبيتهم لا يتحرجون أن يدّعوا العلم، فينخدع فيهم العوام لمجرد أن يستهل العراض صارخا من تأثير الرقية، فيظن العوام أنه رجل على علم وله سطوة على الجن، وأن دعاءه مستجاب، طبعا الدعاء المستجاب مهم جدا، ولكن العلاج الروحي غير قاصر على الدعاء وحده، بل هو تطبيب كما الطب البشري تماما. فكثير من الرقاة يزعمون أنهم معالجون، رغم أنهم غير مؤهلين للقيام بهذا الدور، ولم يجيزهم من هم أسبق منهم في هذا المجال، فكان فشلهم في العلاج، سببا في تسويد صورة المعالجين ذوي العلم والخبرة، وفتح الباب على أوجه أمام المرتزقة من الرقاة، والمنتفعين من الرقية، لولوج هذا المجال، وبالتالي أوصد الباب في وجه المعالجين الشرعيين ذوي العلم والخبرة، حتى صار عملهم شاذا، وينظر إليه بريبة، وخارجا عن المألوف، رغم أن المألوف والدارج لم يحقق أي نجاحات تذكر، ولكن الناس تسارع وراء أي أمل كاذب، ومكاسب وهمية لن تتحقق. فهم ينظرون لعلاج الأمراض الروحية من وجهة نظر الشيوخ والدعاة، وبحسب ما يملونه عليهم من مفاهيم، فطالما أن فلان من الناس يرقي بكتاب الله، ويدعو بالأدعية المسنونة فهذا عنهم معالج شرعي، ويتم تزكيته على هذا الأساس، وهذه تزكية باطلة، بل فيها من الإثم ما لا يخفى، فهي توسد الأمر لغير أهله، فيطلقون على الراقي لقب معالج، ويزكونه كمعالج شرعي، وليس كراقي شرعي. وبكل أسف أنها مفاهيم العلماء عن العلاج مغلوطة، وتنم عن جهل كبير بالطب الروحي، بل لا علم لهم بعلم العلاج الروحي على وجه الإطلاق، ولا يحق لهم تزكية معالج شرعي، إلا من جهة سلامة منهجه من الشركيات فقط، أما علوم الطب الروحي، وأمور الجن، فهذه لا يزكيه فيها إلا من سبقه من أهل التخصص. فوجل علمهم ومعرفتهم بالرقية فقط لا غير، فهم لا يفرقون بين مفهوم (العلاج) ومفهوم (الرقية)، وبالتالي فهم يخلطون في المسميات والمفاهيم، وعلى هذا صارت جميع جلسات الرقية يطلق عليها خطئا جلسات علاجية، رغم انقطاع الصلة بينهما. وهنا يجب أن نقف على حقيقة هامة جدا؛ وهي أن المريض لا رصيد له من العلم يؤهله للقيام بدور المعالج، ولا يمكنه الاستغناء عن دور المعالج في رحلة علاجه. بل بكل أسف لا أحد يفهم دور المعالج الشرعي، ولا ما يقوم به، وهذا بسبب اختلاط المفاهيم لدى الناس، وتصدير صورة مشوشة ومشوهة عن دور المعالج الشرعي، فالناس لا يمكنها التفريق بين ما يقوم به المعالج الشرعي، وما يقوم به الساحر، فطالما أنهم لا يفقهون شيئا مما يقوم به المعالج ففي ظنهم أنه ساحر أو دجال، فالمعالج دائما متهم، وينظر إليه بنظرة شك وريبة، فبالكاد عقولهم تدرك دور الراقي، فهو يدعو ويردد آيات القرآن الكريم فحسب، فهذا مفهوم لدى الناس، وهو ما يمكن أن تستوعبه عقولهم، فلا يمكنها استيعاب أبعد من ذلك. وسبب تفشي الجهل بدور المعالج إنغلاق عقول الشيوخ والدعاة على مفهوم سطحي للطب الروحي، يخلطون فيه بين دور المعالج والراقي، فلا يعلمون شيئا عما يقوم به المعالج، ولا طبيعة عمله، وكل علمهم منحصر في مفهوم الرقية فقط لا غير، فمن تجاوز بعلمه حدود الرقية فحكمه عندهم أنه دجال أو ساحر. حتى المعالج إن تعرض للإصابة، وصرعته الشياطين، فرغم أن لديه من العلم والخبرة كمعالج قد صار بحاجة إلى معالج ليعالجه، فيتحول من معالج إلى مريض. فلا يصلح بصفته صار مريضا أن يضع خطة العلاج، ولا أن ينفذها، لأن عقله وما يفكر فيه صار مكشوفا للشياطين المتسلطة عليه، وسيأخذون حذرهم وسيتلاعبون به، فيلجأ المعالج بعد أن صار مريضا إلى معالج آخر يقوم بعلاجه، وإلا فإن اعتمد على نفسه في علاجها، فسوف يستغرق هذا زمنا طويلا، فقد يحتاج لسنوات طويلة، ولكن كل هذا لن يحقق إلا تأقلمه مع حالته، فيتعايش معها في وضع استقرار، لكن هذا لا يعني شفاؤه تماما. فلا صحة لفكرة علاج المريض نفسه بنفسه، صحيح أنه يمكنه رقية نفسه بنفسه، وهذا لا خلاف حوله، لكن ليس في كل الأحوال يستطيع المريض الرقية ذاتيا، فقد يصرع ويغيب عن الوعي، وقد يكون مربوطا بأسحار ربط بأشخاص آخرين، ربما داخل محيط أسرته، أو عائلته، وربما أشخاص من خارج هذه الدائرة كالأصدقاء، وزملاء العمل، أو مجهولين له تماما، وحينها لن يستطيع التشخيص، ولن يحسن اختيار الرقية الموافقة للحال. وليكن من المعلوم أن سحر الإنس أشد من سحر الجن، لأنه تم بصناعة مشتركة بين الجن والإنس، وبالتالي يصعب ابطاله إلا بتدخل معالج إنسي في مقابل سحرة الإنس، وهذا لفض التشابك بين العالمين. أما سحر الجن فهو مبني على عمل الجن فقط، ولا دخل لسحرة الإنس به، والجهد في إبطاله أسهل لعدم وجود التشابك الذي يعقد إبطاله. ما يجب أن نعيه هنا؛ أن العلاج يختلف عن الرقية، وهو تعاطي الأساليب الحسية في التعامل مع المرض العضوي والروحي، بينما الرقية هي الدعاء، أو تلاوة بعض الآيات القرآنية، ربما الرقية جزء أساسي من من العلاج، وهي عصب الطب الروحي، بل والطب العضوي أيضا، إلا أنه تم إقصاء دور الرقية من الطب العضوي كتوجه علماني، فصارت تمارس على نحو شخصي بعيدا عن دور الطبيب. فعلاج الأمراض الروحية فرع لا ينفصل عن الطب العضوي، لأن تسلط خادم السحر دائما ما يكون على جسد المسحور، فيعتل البدن لاعتلال الروح، وتظهر عليه أعراض حقيقية أحيانا، ووهمية أحيانا أخرى، وكلاهما قد يكون بفعل الجن، وبتأثير السحر. ولهذا لابد من وجود تقنيات علاجية تتعامل مع أعضاء جسم المسحور، للتخلص من المركبات العضوية للأسحار السارية داخل جسمه. وهذه التقنيات ليست شفاءا من السحر، بقدر ما هي علاجات لوقف بعض أعراض السحر التي يشعر بها المريض، وهذا مما ييسر الوصول إلى إبطال السحر الذي ينتج عنه تلك الأعراض. حقيقة لا قيمة لعلم العلاج الروحي، ولا وزن للمعالج، إن فصلنا الطب العضوي عن الطب الروحي، فإن كان المعالجون على يقين بأن الجن يدخل جسم الإنسان، فمن الضروري لكي يكون المعالج جديرا بمزاولة العلاج أن لا يكون ملما بعلم التشريح، وعلم وظائف الأعضاء فحسب، بل أن يكون مطلعا قدر الإمكان على مستجدات هذه العلوم، فكلما اكتشفنا معلومات حديثة تطور فهمنا عن الجسم وعمله، وكلامي هذا حجة عليهم، ودليل قطعي على أن بينهم وبين علم العلاج بعد المشرق والمغرب، فهم غير مؤهلين لمزاولة هذا الفرع من الطب. ففي العلاج أعتمد على الدمج بين الطب العضوي والطب الروحي، وهكذا يعمل المعالجون من الجن المسلم كذلك، وهم أدرى منا بهذا العلم، وأكثر علما منا، فعمر الطب الروحي المعاصر لا يتجاوز ثلاثة عقود، وقبل ذلك كان مزيجا من الرقية والسحر، وخليطا من الشعوذة والدجل. والجن المسلم يحاولون قدر استطاعتهم تسريب المعلومات الصحيحة إلى المعالجين، ولكن فرط غرورهم، وفداحة جهلهم يقفان عائقا وحائط سد يمنع الجن المسلم من تسريب هذه المعلومات إليهم، فغرورهم زين لهم أن لا يقبلوا من الجن المسلم إلا ما يوافق أهوائهم، هذا فضلا عن أن الجن المسلم عز أن يجدوا من المعالجين من يستحق الثمن الفادح الذي يدفعونه لتسريب هذه المعلومات إليه، لأنهم يحرفونها وفقا لفهمهم الشخصي، ويستغلونها لجني المال، وليس لإخراج العلم وتنميته، وتبليغه للناس، فيظل حكرا على بعض الرقاة، بينما يحرم منه آخرون أحق به منهم، لذلك فهم ينتقون من يسربون إليهم المعلومات، ممن يجدون ويبحثون، ويدرسون، ويبلغون الناس، فلا يستأثرون بالعلم لأنفسهم. أضف إلى هذا أن للشياطين وخدام السحر وسحرة الجن ألاعيبهم وحيلهم لتضليل المريض والمعالج على حد سواء، بهدف صرفهم عن طريقة العلاج الصحيحة، وهذا بإيهام المريض أحيانا ببعض الأعراض الحقيقية، أو إظهار أعراض وهمية أحيانا أخرى، والتي قد يفسرها المريض بإحساسه، لا بخبرة المعالج وعلمه، ويفتعل الجن هذه الأعراض بهدف إفساد التشخيص، وبالتالي إفساد خطة العلاج برمتها. لذلك لابد للمعالج من امتلاك مهارات خاصة قابلة للتطوير، من اجل القيام باختبارات للتأكد من صحة ما يشعر به المريض، وكشف ألاعيب الجن وحيلهم، ومن ثم تشخيص الأعراض على نحو صحيح، مما يفسح أمامه المجال لوضع خطة علاجية مناسبة، وقابلة للتعديل إن حاول الجن التغيير من أسلوبهم للتفلت من تأثير الرقية النازل عليهم. فلا يوجد تشخيص ثابت لأي حالة مرضية، بل التشخيص متجدد بتجدد وتغير الأعراض حتى وإن كانت طفيفة، فمن المحتمل أن يكون لها دلالتها لدى المعالج. كل الأعراض التي تعتري المريض لا إرادية، ولكن منها أعراض حقيقية موجودة بالفعل، ومنها أعراض وهمية لا وجود، وإنما الألم الذي يجده هو مجرد رد فعل لتأثير في موضع آخر من الجسم. نأخذ مثال؛ قد يشكو المريض من نوبات صداع شديدة، ومتكررة، وبالقراءة على رأسه لا يتوقف الصداع ولا ينقطع. وبفشل الرقية نسأل المريض هل تشعر بألم في موضع آخر من جسمك يسبق شعورك بالصداع مباشرة؟ فإن أجاب بنعم، رقينا المكان الذي يؤلمه أولا، كبطنه مثلا، أو كليته، فيتوقف الصداع فورا، وسبب ذلك أن هناك عصب يسري في الجسم يسمى [العصب الحائر Vagus nerve]، فإذا ضغط العارض على العصب الواصل إلى البطن أو الكلية أو أي عضو آخر، تسبب هذا الفعل في الإحساس بألم شديد في الرأس، فيظن المريض أنه مصاب بنوبة صداع، وإذا رقى المعالج بالنية على رأسه لم يشفى، لأن مسبب الألم ليس مصدره الرأس على الإطلاق، بينما لو نوى بالرقية على موضع الألم الحقيقي توقف الصداع تماما. في هذه الحالة ينكشف كيد الشيطان، وتدرك حيلته، وبالتالي لم يعد لتكرار هذه الحيلة أي أهمية، فيبحث له عن حيلة أخرى. أما في حالة تكرار نفس الحيلة مع اكتشافها، فنعلم أن هذا المريض مسحور له بسحر مخصوص لإحداث هذا الصداع بنفس هذه الطريقة، وهنا نعالج السحر حتى يتوقف الخادم عن عمله. وكما نرى تغيرت طريقة العلاج عدة مرات في وقت واحد، وجلسة واحدة، وهذا يقينا سيعجز عن إدراكه أي معالج يمارس الجلسات المختلطة، لأن ذهنه وعقله مشتت، وهو يقفز من هذا المريض إلى ذاك، وينشغل بهذه الحالة عن تلك، والنتيجة الحتمية الفشل، والذي لا يمكن لأي راقي أو مريض أن ينكر حدوثه. إذن المريض بحاجة لعقد جلسات علاجية فردية، يفصل بينها فترات زمنية يتزود فيها المريض بجرعات قرآنية تؤهله لتقي الجلسة التي تليها، والتي يتواصل فيها مع المعالج مباشرة، بهدف التشخيص المتغير، حيث تختفي أعراض كانت تظهر بشكل دائم أو متقطع، ويجد ظهور أعراض مختلفة لم تكن تظهر من قبل، وهذا يعني تقدم في العلاج، وبطلان أسحار خدمية كثيرة، كانت تساعد على تثبيت السحر، وتمكين الخدام من الجسد، والنتيجة أن السحر المخدوم يضعف، ويسهل إباطله بسبب التخلص من المعوقات والقضاء عليها. فهذه الجلسات الفردية تحتاج من المعالج قدر كبير من التركيز، وقدرة على التفاعل مع الأعراض التي يجد ظهورها على المريض. فيوظف اللأدعية المناسبة، والآيات القرآنية ضد ما يجد من أعراض. وتأهيل للمريض بين كل جلسة والأخرى، من خلال النظام العلاجي المؤثر والذي تظهر نتائجه في كل جلسة علاجية. فمن الأخطاء الشائعة الاعتقاد أن المطلوب من المعالج التخلص مما يشكو منه المريض من أعراض للمس والسحر، وما خيفى عنهم أن هذه الأعراض مجرد مؤشر فقط، يدل على وجود مشكلة كبيرة تحتاج لعلاج للتخلص منها، فإن تخلصنا من الحر اختفت الأعراض، فمسؤولية المعالج ليست تخليص المريض من الأعراض، وإنما القضاء على المسبب لها. وهذا تفكير بديهي! فشخص مثلا مصاب بالصداع، الصداع هنا مجرد عرض، ولكن أسباب الصداع عديدة، لذلك فتناول المسكنات لا تعني زوال المسبب للصداع، بل المسبب موجود، رغم اختفاء الإحساس بالعرض، قس على هذا فالمريض مصاب بسحر مثلا، هذا السحر مخدوم بأسحار متفرعة عنه، كل سحر منها له أعراضه، منها ما هو ظاهر يشعر به المريض، ومنها ما هو خفي لا يشعر به المريض، فإن تخلصنا من أحد هذه الأسحار اختفت أعراضه، ثم يظهر سحر فرعي آخر له أعراض جديدة خلاف أعراض السحر الأول، ويستمر المعالج في التعامل مع كل تلك الأسحار حتى يتجرد السحر الأساس من كل الأسحار الخدمية فيضعف، ثم يتم التخلص منه بكل سهولة. لذلك فبين الجلسة والأخرى يقوم المريض باتباع نظام علاجي يتفق مع حالته، ويضعه المعالج وفق رؤيته وتقديره لطبيعة الحالة، هذا النظام يضعف الأسحار الخدمية، والفرعية، وفي الجلسة يدعو المعالج بالتخلص من تلك الأسحار، ثم يعيد وضع نظام ملائم تبعا للمستجدات. فما قوم به المريض من اتباع النظام العلاجي يعادل 90% من المطلوب لنجاح الجلسات العلاجية، بينما دور المعالج في الجلسة لا يتجاوز نسبة 10% فقط، لكن لا غنى للمريض عن دور المعالج الذي وضع النظام العلاجي المناسب، والذي يقوم في الجلسة بالتشخيص السليم، واختيار الرقى المناسبة، ثم تجديد وتطوير النظام العلاجي وفق المستجدات. حقيقة أن تعمل الشياطين في جماعات منمظمة، وجيوش مدربة، خاضعة لنظام السخرة، فيسخر القوي منهم الضعيف، ويجور بعضهم على بعض، في نظام يفتقد أدنى معاني الرحمة. إذن فقوتهم في تلاحمهم، ووقوفهم صفا واحدا ضد ضربات المعالج، وهذا يدعوهم لتكثيف الجهود للتصدي لما يقوم به أثناء الجلسات، فإن كان المعالج يعتمد على 90% من جهد المريض، من خلال اتباعه للنظام العلاجي، فإن الشياطين تعمل على خفض تلك النسبة ما استطاعوا لذلك سبيلا، فكلما قلت تلك النسبة قلت معها فرصة نجاح المعالج في عمله، وبهذه الطريقة تخترق الشياطين المعالج وتفشل علاجاته من خلال المريض. طبعا ليس كل المرضى سواء في معدلات الإهمال والاستسلام للشياطين، ولكن المعالج يعي هذه المسألة، ويعلم يقينا أن ما طلبه من المريض لم ولن ينفذ على نحو الكمال، لذلك فمن أهم أولوياته عند عقد الجسات، القيام على هدم وحدة الشياطين وتفكيكها، بهدف عزلهم بعضهم عن بعض، وبالتالي يجهض كل انجازاتهم في فترة اتباع المريض للنظام العلاجي، فالمعالج يتردد على المريض بجلسة كل أسبوع أو أو أسبوعين، أو كل بضعة أيام، الأمر هنا متروك لتقدير المعالج لحاجة الحالة إلى جلسة، وأحيانا يضطر لإرجاءها وتأخيرها، كما في حالة مرور المريضة بفترة الحيض. هنا لابد للمعالج أن يكون مستوعبا تماما للنظام العسكري لفرق المقاتلين من الشياطين، وطبيعة الخطط القتالية التي يعتمدون عليها، ولكن كما قلنا أن الشياطين تحشد بعضها بعضا في جماعات قتالية متلاحمة، ومنظمة، يعاضد بعضهم بعضا، وهنا يجب أن يعمل المعالج على تفكيك وحدتهم، وتفريق صفهم، بأن يعزلهم بعضهم عن بعض. وهنا قد يعزل أكابرهم وقادتهم عن عناصر جيوشهم، وقد يعزل قادتهم بعضهم عن بعض، وخطة العمل هنا تعتمد على عزل الجيوش عن قادتهم، وعزل القادة عن مرؤوسيهم من القيادات الفرعية، كعزل الساحر عن الخادم. لذلك فالتحصينات المعروفة بين المعالجين تختلف تمام عن فكرة العزل التي سبق وشرحتها في مبحثها، فنحن هنا نعزل أفراد القطيع بعضهم عن بعضهم، فالشياطين تقسم جيوشها إلى فرق تعمل داخل الجسد الواحد، أو تنقسم إلى فرق تتسلط على عدة أجساد داخل جماعة الأسرة الواحدة. تفريق صف القطيع سيدعوهم إلى محاولة التلاحم مرة أخرى، ورأب الصدع أثناء الجلسات، هذا داخل محيط الأسرة الواحدة، لكن في حالة الجلسات المختلطة فهناك صفقات تعثدها الشياطين مع بعضها البعض، والمعالج لا يرى الجن، ولا يدري ما يتم من خفاء، فهناك صفقات تبادل أسحار، وتبادل خبرات، وتناقل معلومات، فهذه الجلسات فرصة ذهبية لاكتساب ما لم تكن الشياطين تكتسبه دون هذا السوق التجاري الكبير الذي أتاحه لهم الراقي المغمور. ومن هنا دونت بحثي بعنوان (أهمية دور المعالج)، والذي لا يمكن الاستغناء عنه لكشف حيل وألاعيب الشياطين والتصدي لها. في بعض الحالات المرضية يقوم الساحر بربط فرد بعدة أفراد آخرين، وهذا مبالغة منه في تعقيد صياغة السحر، حتى يتعذر إبطاله، ويحتار فيه المعالجون. و(أسحار الربط) قد تكون بين فردين كزوج وزجه كما في أسحار التفريق، أو عدة أفراد قد يكونوا مقربين من المريض كالأسرة، والأصدقاء، أو زملاء العمل، أو قد يكونوا مجهولين له تماما، كما في حال رش السحر في مفترق طرق، فكلما مر فوقه إنسان تلبست به الأسحار، فيصير المسحور مربوط بعدد كبير جدا من الأشخاص لا حصر لهم، فيجب على المعالج جمع الأسحار والتخلص منها بالرقية، وهنا يأتي توظيف الدعاء والرقية بحسب الحال المشخص تشخيصا سليما. وكما في حالات المس والسحر الوراثي، نضطر لعلاج الأم مع أولادها، بصفتهم ورثة الأسحار من بعدها، ولرفع الأسحار الوراثية عنهم. في مثل هذه الحالات يجب عقد جلسات جماعية، تجمع الزوج بزوجته، أو الأم بأولادها، لعلاجهم والتخلص من أسحارهم، أما في حالة السحر المرشوش في مفترق طرق فيعتمد على تجميع الأسحار والتخلص منها، ولا يلزم منه عقد جلسات جماعية. بحث تحت التدوين
المصدر: منتـدى آخـر الزمـان
|
#2
|
|||||||
|
|||||||
حصري: تقنين جلسات العلاج الفردية والجماعية ومخاطر جلسات العلاج المختلطة
جلسات العلاج الفردية:
الأصل في الطب الروحي علاج كل مريض على حدته، حتى يأخذ كل مريض حقه كاملا من الاهتمام والرعاية المطلوبة، من تحصينات، ووعظ، وسرد تفاصيل معانته، وكذلك أن يأخذ المعالج فرصته كاملة للكشف والتشخيص، وهذا من الأساسيات في عموم الممارسات الطبية العضوية أو الروحية. إلا أنه في الطب العضوي قد يجتمع عدة مرضى في غرفة واحدة داخل مصحة أو مشفى، لكن في حالة بعض الأمراض يتم عزل بعضهم عن بعض كإجراء وقائي، للحد من انتشار المرض، وانتقاله من مريض إلى الآخر، فضلا عن حماية الأطباء المعالجين، وطاقم التمريض. قد لا يتبادر لذهن الكثيرين أن الأمراض الروحية معدية، والحقيقة أن الإصابة بالمس والسحر متعدية، فقد يتعايش المريض في بيئته المحيطة بين أفراد أسرته، وزملائه في العمل بشكل طبيعي، وفي الحقيقة أن إصابته تؤثر في المحيطين به بشكل ظاهر أو خفي، بل ويتأثر بهم إن كانوا صالحين أم فاسدين. فقد اكتشفنا وجود (الأسحار الوراثية) التي تنتقل من الأم إلى أولادها، أضف إلى ذلك (أسحار منعكسة) داخل أفراد الأسرة الواحدة، بمعنى أن وجود شخص مصاب بالسحر يتسبب في انعكاس ما به من أسحار على المحيطين به، خاصة فاقدي التحصين من المفرطين في دينهم، أو أصحاب التحصينات المحدودة، كالنساء والأطفال. فنجد لدى بعض الأفراد شكاوى مختلفة، كالفزع ليلا أو نهارا غير المسبب، والكوابيس المزعجة، وبعض الآلام المتفرقة في الجسد، إلى آخر ما هناك من أعراض لا يتسع المقام لذكرها، وبالكشف عليهم تأتي النتائج سلبية، وبالبحث في نطاق الأسرة وذلك بالكشف عليهم فردا فردا، نكتشف أن أحدهم مصاب روحيا، وما تلك المنغصات إلا مجرد انعكاسات مما في هذا الفرد من سحر، فنشاط الأسحار المتعدي يكسبها قوة، ويزيد تمكنها من المريض. فتعدي نشاط الشياطين إلى خارج الجسم يفيدهم في الحصول على مدد من حشود شيطانية لتعويض النقص من الشياطين النافقة، أو إضافة أسحار دفاعية وهجومية لمواجهة تأثيرات رقية المعالج، وذلك بسحب ما يتطلبه الموقف أثناء جلسة العلاج. في مثل هذه الحالات المرضية نحن بحاجة إلى محاصرة نشاط الأسحار داخل جسد المسحور، فلا تتعداه إلى غيره، وذلك بعمل جلسات علاج خاصة به على حدته. وهذا يتم بعدة طرق مخلتفة؛ منها اشغال الشياطين بمواجهة النظام العلاجي الذي يقوم به المريض، ويشتمل على الأذكار، والأوراد، والتحصينات، أضف إلى هذا ما يقوم به المعالج من تحصينات لمقر الجلسة، وعزل جسم المريض عن المحيطين به من الحضور، وهذا قبل بداية الجلسة، وبهذا يتم حصار السحر بخدامه داخل حدود الجسم، فلا تتعداه إلى إلى خارجه، وهذه تعتبر جلسة فردية، غير جماعية. بل جدير بالذكر؛ أن ألفت انتباه المعالجين، إلى أن إعداد نفسه قبل الذهاب إلى الجلسة هو جزء من الجلسة، عليه الإكثار من الاستغفار، والاستعانة بالأعمال الصالحة تمهيدا لدخوله الجلسة، كإخراج الصدقات، وتلاوة القرآن، وتدبر كلام الله تعالى للخروج بفائدة جديدة منه تقوي قلبه وتقربه من الله عز وجل. هذا شرط لا يستطيع المعالج القيام به بشكل دائم، فقفي بعض الأحيان تكون هناك تستلزم تدخل فوري، وحينها لا يمكنه إعداد نفسه، ولكن الأمثل والأفضل أن يعد نفسه قبل مواعيد الجلسات المقررة مسبقا. حتى الجلسة الواحدة قد تستلزم منه إجراءات خاصة بكل حالة، ففي بعض الحالات قد يكون الجن مراقبون للمنطقة المقيم بها المريض، يترقبون قدوم المعالج، فيجب على المعالج مباغتتهم، والمجيء في أقوات غير متوقعة بالمرة، ومن طرق غير مألوفة، ويجب أن يكون ملم بمواعيد الدورة الشهرية للمريضة، ليحسن تحديد مواعيد جلساتها، تجنبا للحضور في موعد الدورة فتفسد الجلسة، وتتحول إلى جلسة دفاعية بدلا من هجومية. وهذا جهد شخصي يعتمد على المكر والحيلة والخداع لعالم غيبي غير منظور لنا، ولكن يجب ان يكون للمعالج تصوره لطريقة تفكير هذا العالم المغيب عنا، وهذا باعتبارهم عالم ذكي، يفكر ويدبر ويخطط، مستغلين تهفيهم عن أعيننا. هذا الباب في حد ذاته يستحق أن يفرد له مبحث خاص، وإن كان من المستحيل استيعاب الكثير من المعلومات الهامة حوله، خاصة وأنه عمل اجتهادي يعتمد على الحيل، وابتكار الخدع، وهذا باب لا نهاية له. تتم جلسة العلاج الفردية تحت إشراف معالج واحد، إلا أنه في كثير من الحالات يساعده عدد من طلبة العلم، وهذا بحسب ما تتطلبه الحالة، وذلك تبعا للظروف والإمكانيات المساعدة المتاحة. مع لفت الانتباه إلى خطأ أن يقوم بالرقية عدة أشخاص في وقت واحد، كل يدعو بدعوة على هواه، فتتعارض الدعوات مع بعضها البعض، وهذا التخبط فرصة ليتفلت الشيطان من تأثير الرقية. فكثيرا ما أجد من يصرع في أي مكان، فيتزاحم الإخوة حوله كل يبادر برقيته، هذا يؤذن، وذاك يرقي برقية عذاب، وهذا يرقي برقية ابطال سحر، فتحدث فوضى من الرقى المختلفة والمتباينة، وربما الأمر أبسط من هذا ولا يحتاج كل هذا التكلف منهم. ولذلك أنبه أنه في حالة حدوث صرع أن لا يتزاحم الناس على رقيته، وأن يخلو بين المصاب ومن هو أكثرهم علما ودراية، خاصة إن كان متخصص، ولا مانع أن يدعون له دعاءا عاما بالشفاء والاستعاذة لا أكثر، وأن ينصرفوا عنه أفضل، فقد يتمادى الشيطان في صرعه مع كثرة الزحام، بعكس أن يهملوه ولا يلتفتوا إليه. هذا فيما أن يكون هناك اتفاق مسبق متفق عليه بينهم، كل يؤدي دوره في التوقيت المناسب، بدون يتعارض دور كل منهم مع أدوار الآخرين، بمعنى أن هناك المعالج قائد فريق العمل، هو المخطط والمدبر، وهو من يدير علاج الحالة، من المفترض أن يحتفظ بخطته العلاجية سرا لا يبوح به حتى بينه وبين نفسه، إنما يضمره داخل عقله الباطن في اللاوعي، وهذه مسألة صعبة جدا، وبحاجة لتدريب، وإلى زمن حتى يتقنها المعالج ويتمرس عليها. فعضو من الفريق قد يقوم بأداء الآذان في لحظة معينة، بينما عضو آخر يردد التكبير والبسلمة، وعضو ثالث يرقي، بحيث يكمل كل منهم ما يقوم به الآخر، وهذا وفق خطة علاجية يجب أن يتحكم بها فرد واحد، فيشير لهذا ابدأ بكذا، وللآخر إفعل كذا. وفي واقع الأمر كنت أستعيض عن فريق العمل باستخدام عدة تسجيلات صوتية، تسجيل للآذان مكرر، وآخر لآيات قرآنية مكررة، وهي متاحة على يوتيوب، وأحيانا كنت أستخدم عدة سماعات مختلفة، وربما أضع سماعة على أذن المريض فيها آيات قرآنية، بينما أضع على الأخرى الآذان مكرر. فالآذان طارد للشياطين التيت حمي الخادم من تأثير الرقية، فيخلون بينه وبين تأثرها فيضعف تدريجيا، إذن أحتاح حينها للرقية والآذان المكرر في وقت واحد، وهنا أستعيض عن المؤذن بالتسجيلات الصوتية، وأشرع في ترديد الرقية.
|
#3
|
|||||||
|
|||||||
جلسات العلاج الجماعية
جلسات العلاج الجماعية:
تكلمنا فيما سبق بخصوص جلسات العلاج الفردية، وهي الأصل في عقد جلسات العلاج، لكن في بعض الحالات الاستثنائية، قد يضطر المعالج لعقد جلسات علاج جماعية، يشترك فيها عدة أفراد في إصابة واحدة، فيجمع بينهم داخل غرفة علاج واحدة، سواء بغرض الكشف والتشخيص، أم بغرض العلاج. فالعلاج الجماعي كاستثناء على الأصل لا غبار عليه، هذا إن دعت له الحاجة، أو لضرورة ملحة، مع تقديم سبب حتمي له وجاهته. وهنا يجب أن نلفت الانتباه؛ إلى أن جلسات العلاج الفردية، هي في حقيقتها جلسة جماعية، هذا باعتبار أهمية حضور بعض الأفراد داخل مقر الجلسة، فلا يمكن أن نتجاهل وجود أهل المريض، أو محارم المرأة، أو المعالج نفسه بصفته عضو رئيس في الجلسة، أضف إلى ذلك مساعدوا المعالج. صحيح أن المريض الخاضع للعلاج يعد فردا واحدا، لكن في أثناء عقد الجلسة فإن المريض يؤثر ويتأثر بكل الحاضرين معه، بداية من المعالج نفسه، الذي يدفع بالدعاء في اتجاه الشياطين والأسحار على المريض، وانتهاءا بأقارب المريض وأهله، باعتبارهم ناقصي حصانة، مقارنة بمدى ارتفاع حصانة المريض المواظب على اتباع نظام علاجي وأوراد يومية، لكن هذا لا يمنع من اختراق جسده ما دام الجسد لا يزال مفتوحا، وقابلا لاستقبال أي مدد شيطاني، وإضافة أسحار مساعدة جديدة لم تكن فيه. إن نقصان حصانة الحاضرين في الجلسة يعتبر سببا في اختراق جسد المريض، باعتبار أجسادهم ناقلا يحمل داخله الأسحار والشياطين لمقر الجلسة، وهذا مخل بأمن وأمان الجلسة، ويلزمه اتخاذ إجراءات كالعزل والتحصين. وعلى العكس من ذلك؛ فإن حضر الأطفال الجلسة، فلا مانع من انتقال الأسحار والشياطين من المريض إليهم، لذلك يمنع حضورهم، خاصة في حالة إن كانوا رضعا، أو غير مميزين. وإن حضرت إمرأة حائض؛ فمن السهل أن تخترق بعدوان من جسد المريض، لأن تحصينها ناقص بسبب الحيض، وعرضة للإصابة في أي وقت. أضف لهذا أنه لا مانع من أن يكون أحد الحاضرين مصاب بالمس، أو السحر، أو كلاهما، فلا يمكن للمعالج أن يعلم بإصابته، بل قد يجهل الشخص الحاضر أنه مصاب بالفعل، وهذا قد يؤثر على نجاح الجلسة، خاصة إن كانت الشياطين على جسده أقوى ممن على المريض، فيفسدون الجلسة وتأتي النتائج غير مرضية بالمره. ولهذا يجب على المعالج تحديد عدد الحاضرين داخل الجلسة، وحصرهم في أقل عدد ممكن، لتقليل فرصة فشل الجلسة، فكلما زاد عدد الحاضرين كلما زادت فرصة اختراق الجلسة، وإخفاق العلاج، وليكن حازما في إصدار تعليماته قبل بداية الجلسة، خاصة وأن الفضول يدفع بالكثيرين للزج بأنفسهم داخل مقر الجلسة، للمشاهدة، ومتابعة ما يحدث، وفي أحيان كثيرة ما يتعمد بعضهم الحضور عسى أن يتأثر بالقراءة، بغرض أن يطمئن إن كان مصابا من عدمه، لكن هذه المحاولة ليست وسيلة صائبة للتشخيص، فما إن يبدأ المعالج في القراءة حتى نجد من يصرع من الحاضرين، فبدلا من أن يتفرغ لعلاج المريض، صار مضطرا للتعامل مع حالة أخرى، لم يكن مستعدا لها، فيهمل الحالة التي قدم لعلاجها، فإما أن ينهي الجلسة ويتفرغ لإسعاف الحالة العارضة، وإما أن يسحب الشخص لخارج مقر الجسلة ثم يستأنف علاج الحالة. فليس من البطولة أن يشتت المعالج جهده ويهدر وقته في التعامل مع أكثر من حالة في وقت واحد، بشرط أن لا تكون هناك صلة مرضية بين الطرفين. فلا يمكن بحال إغفال أن وجود عدد من الأفراد داخل مقر الجلسة هو جزء من تكوينها؛ المريض أو المريضة، محرم المريضة، المعالج، مساعدوا المعالج، وقد يكونوا معالجين تحت التدريب، أو من يتطوع من أهله أو أصدقاءه لحضور الجلسة وتقديم يد العون، هذا في بعض الحالات إن لزم الأمر، ورأة المعالج أنه بحاجة لمعين له، خاصة في حالات الصرع، أو وجود مارد عنيف، فيحتاج المريض لتكتيف، رغم أنه من المفترض أن المعالج له قدرته ومهارته في التحكم في مثل هذه الحالات. فالمريض يتعايش مع أفراد أسرته، يتأثرون بإصابته بسبب [الأسحار المنعكسة] من المريض عليهم، ويتأثر بهم بسبب ضعف تحصيناتهم، وما يتسرب منهم من أسحار وشياطين تأسرهم الخدام على جسد المريض، أو في حالة وجود [أسحار وراثية]. بينما المريض يتأثر بالمعالج سلبا أحيانا بسب أخطائه، وثغراته، وجهله في أحيان كثيرة جدا، وإيجابا بسبب رقيته، وما يقوم به من دور تطبيبي، وبمدى سعة علمته، وعمق تجربته. في واقع الأمر هناك نشاط سحري مستمر لا يتوقف، وحركة تفاعلية بين الأسحار على جسد المريض، والأجساد المحيطة به، ليس في نطاق بيته فحسب، وإنما قد يشمل في كثير من الأحيان من يقابلهم في الشوارع والطرقات، وكل من يتعامل معهم خارج حدود بيته، كزملائه في العمل، أو كل من يتعامل معهم في الأسواق، والمتاجر، وغير ذلك من المتعامل معهم. لذلك يجب أن يخضع المريض لسلسلة من الإجرائات الأمنية لتأمينه من تأثير الأسحار المتسلطة عليه، وبمعنى أدق الحد من نشاط تلك الأسحار، لأن نشاطها سبب في تقويتها، وإكسابها صلاحيات تتعارض مع دور المعالج، والنظام العلاجي. نلاحظ عند علاج جميع الحالات المرضية وجود صراع دائر ما بين المعالج والشياطين وسحرة الجن من جهة، وبين الجن المسلم والشياطين وسحرتهم من جهة أخرى، وهذا الصراع جزء منه يدور داخل جسم المريض، وجزء آخر منه يكون دائر خارج جسم المريض. ودور المعالج هنا متشعب؛ فهو من جهة يعالج المريض، ويتعامل مع الشياطين وسحرة الجن، سواءا من هم داخل الجسد أم خارجه، وكلمة خارجه هذا تتسع فقد تشمل نطاق غرفة العلاج، وقد تتعداها لأماكن خارج حدود البيت تماما، كل هذا مطلوب من المعالج مراعاته. لكن هناك جانب مهم جدا على المعالج أن يعيره قدرا كبيرا من الاهتمام والرعاية، وهو دور الجن المسلم، فهم شريك لنا في حياتنا، وصراعهم مع سحرة الجن جزء لا ينفصل عن صراع المريض مع مرضه، وأن للمعالج دور كبير جدا في نصرة هؤلاء الجن المسلم، أدرك دوهم أم لم يدركه، ولكن الكشوفات البصرية تؤكد على مشاركتهم في الجلسات العلاجية، فيراهم المريض يقاتلون الشياطين. الحقيقة أن دور المعالج الشرعي الإنسي، لا يمكن أن ينفصل بحال عن دور المعالج من الجن المسلم، قد لا يكون هناك أي تواصل بينهما من أي نوع، لكن لا يمكن لدور أحدهما أن ينجح في غياب دور الآخر، صحيح أن كلا منهما يعمل في عالمه، لكن ما يقوم به كلا منهما يعتبر مكملا لما يقوم به الآخر في عالمه، فأدوارهم تكاملية. فلا يمكن للمعالج من الجن المسلم أن ينجح في علاج المس والسحر، وتخليص الأسرى من الجن المسلمين بدون دور المعالج الإنسي، ولا يمكن للمعالج الإنسي أن ينجح في علاج أي حالة مرضية بدون دور الجن المسلمين. فجلسة العلاج سواء فردية أو جماعية تحتاج لتأمين وتحصين، لحماية الإنس، ولحماية الجن المسلم. على سبيل المثال؛ ما يقوم به المعالج من تحصينات قبل بدأ الجلسة، ما هي إلا خطة موضوعة بترتيب خاص لحماية عمار البيت من الجن المسلم، ومنحهم فرصة وحماية كافية لتأمين سلامتهم، فمنهم الأطفال الصغار، والنساء، والعجائز، والمرضى، والمصابين، كل هؤلاء لا قدرة لهم على قتال الشياطين، ولا حيلة لهم لخوض صراعات مريرة مع السحرة من الجن، بل هم أكثر عرضة للمخاطر، ويعتبرون ورقة ضغط على المقاتلين من الجن المسلم، هذا في حالة ما تم أسرهم، ومساومة الجن المسلم عليهم، وهذا مما يعطل مسيرة العلاج، ويؤخر الشفاء. ربما هذه المعلومات جديدة على مسامع الناس، لكنها بديهيات، لا تتعارض مع العقل الحصيف. فلا يصح أن يبدأ المعالج جلسته قبل القيام بعملية تأمين لنفسه أولا، وللمكان ثانيا، وللمريض ثالثا، وأن لا يفوته تأمين الجن المسلم. في بعض الحالات يرى المريض الجن المسلم يقاتلون، يحسبهم يدافعون عنه فحسب، والحقيقة أن لهم أسراهم، وهم من أسرهم السحرة من عمار البيت، حتى تتمكن الشياطين من الاستيلاء على الإنسي وإصابته بالسحر، هم بكل المقاييس ضحية لإصابته، فيتحملون معه قدره، فهم شركاء له حتى في قدره. هذه الشراكة بين الجن والإنس يجب أن توضع في حسابات المعالج، مع التنبه إلى الفصل بين الشراكة الشيطانية، بين الكفرة والشياطين، والشراكة الرحمانية، والتي بين الإنس المسلم، والجن المسلم. وهذا الشراكة وإن ذكرها الله تعالى عن الشياطين خاصة، إلا أنها شراكة عامة بين عالم الجن والإنس، وهذا في قوله تبارك وتعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) [الإسراء: 64]. ففعل الأمر في قوله (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) يفيد التهديد، والوعيد، أي وشاركهم إن استطعت في الأموال والأولاد، وسوف ترى عاقبة فعلك الوخيمة. بمعنى أن الله عز وجل قدر له عوائق تمنعه من مشاركة المؤمنين من الإنس، كأن يستحل الطعام ما لم يذكر اسم الله عليه، فالتسمية تحرمه من الانتفاع بطعام الإنس، هذا فضلا عن الوعيد بعذاب شديد يوم القيامة. يفهم من هذا أن تلك الشراكة الشيطانية تلحق الضرر بالإنسان، وإن لم يدرك علاقة الشيطان بهذا الضرر الواقع عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: (أما إنَّ أحدَكم إذا أتى أهلَه، وقال: بسمِ اللهِ، اللهمَّ جَنِّبْنا الشيطانَ، وجَنِّبِ الشيطانَ ما رزَقْتَنا، فرُزِقا ولَدًا لم يَضُرَّه الشيطانُ). وفي رواية أخرى جاءت ذكر إضرار الشيطان على التأبيد قال: (لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك، لم يضره شيطان أبدا). فقول الرجل (اللهمَّ جَنِّبْنا الشيطانَ) يفيد تسلط الشيطان على كل من الرجل وأهله حال وقع بينهما الجماع، فتفسد العلاقة بينهما، وقد يلحق الأذى بذريتهما من تلك الليلة إن قدر بينهما فيها ولد، لذلك فوله (وجَنِّبِ الشيطانَ ما رزَقْتَنا) عائد على عموم ما قدر لهما من رزق، وعلى الأخص تسلط الشيطان على الولد إن قدر لهما ذلك. فضلا عن أن يحرما لذة الجماع، واستمتاع كل منهما بالآخر، فتظهر العلل المتفشية بين الأزواج كالضعف والبرود الجنسي، وسرعة القذف، رغم السلامة العضوية، وكفاءة كلا الطرفين. وهذا يفيد قدرة عموم الجن مؤمنهم وكافرهم على مشاركة عموم الإنس في الأموال والأولاد. إلا أن القدرة على الفعل، وهي إمكانية الفعل الكائنة في الجن، تختلف عن استطاعتهم فعل ذلك، هذا إن خلت الموانع، وأتيحت الأسباب لتفعيل القدرة. فالإنسان خلق مبصر قادر على الرؤية، لكن إن وجد مانع لتفعيل الرؤية، فإنه لن يستطيع رؤية ما وراء هذا المانع، فلا يستطيع الرؤية إلا إذا انتفت الموانع. فالجن عموما قادرون على مشاركة الإنس في الأموال والأولاد، لكن استطاعتهم فعل ذلك مرهونة بانتفاء الموانع، فإن ذكر المؤمن اسم الله تبارك وتعالى، لم يستطع الشيطان تحقيق المشاركة. لذلك كان السحر وسيلة الشيطان تعينه على تجاوز الموانع، وتحقيق كثيرا مما يعجز عنه، إلا أن السحر إن مكن الشيطان من إتيان فعل ما، إلا أنه لا يتجاوز قدر الله عز وجل، فالقدر مانع، لا يستطيع الشيطان تجاوزه رغم قدرته على فعل ذلك. يؤكد عموم هذه الشراكة نصوص عديدة من السنة، ومن ذلك أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نهى عن الاستنجاءِ بالعَظْمِ وقال: (هو زادُ إخوانِكم من الجِنِّ). فهم شركاء لنا في الغذاء، وفي نص آخر سألتِ الجنُّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في آخرِ ليلةٍ لقيَهُم في بَعضِ شعبا مَكَّةَ، الزَّادَ. فقالَ: (كلُّ عظمٍ يَقعُ في أيديكم، قد ذُكِرَ اسمُ اللَّهِ عليهِ تَجِدونَهُ أوفرُ ما يَكونُ لحمًا، والبَعرُ علفًا لدوابِّكم) فقالوا: إنَّ بَني آدمَ ينجِّسونَهُ علَينا فعندَ ذلِكَ قالَ: (لا تستَنجوا برَوثِ دابَّةٍ ولا بعَظمٍ، إنَّهُ زادُ إخوانِكُم منَ الجنِّ). وفي رواية أنَّ فِتًى مِنَ الأنصارِ كان حديثَ عَهْدٍ بعرسٍ فخرَجَ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزاةٍ فرجع من الطريقِ ينظرُ إلى أهلِهِ فإِذَا هو بامرأَتِهِ قائِمَةً في الحجرةِ فبوَّأَ إليْها الرمْحَ فقالَتْ ادْخُلْ فانظرْ ما في البيتِ فدخلَ فإذا هو بحيَّةٍ مُنْطَوِيَةٍ على فراشِهِ فانتَظَمَها برمْحِهِ ثم ركَزَ الرمْحَ في الدارِ فانْتَفَضَتْ الحيَّةُ وانْتَفَضَ الرجلُ فماتَتْ الحيَّةُ ومات الرجلُ فذُكِرَ ذلِكَ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (إنه نزل بالمدينةِ جِنُّ مسلمونَ أو قال بهذِهِ البيوتِ عوامرُ، فإذا رأيتم منها شيئًا فتَعَوَّذُوا منه، فإِنْ عاد فاقتُلُوهُ). فكرة أن جلسات العلاج فردية هي فكرة نسبية بعض الشيء، هذا إن قسناها على أساس تداخل عمل الجن مع الإنس، وعمل المعالج مع مساعديه، وحضور ذوي المريض وأهله. فكل من يحضر الجلسة من الجن والإنس خاضعين لحسن تصرف المعالج، وعرضة للمخاطر إن هو أساء التصرف، أو افتقد تصرفه للحكمة. فإن لم تقنن جلسة العلاج، وتخضع لإجراءات غاية في الشدة والصرامة، تمكنت الشياطين من اختراق الجلسة، وتعرض الجن والإنس للمخاطر والويلات،. طبعا لتحصينات لا تدوم طويلا، ومقر الجلسة عرضة للاختراق في كل لحظة، وبمرور الوقت تتهاوى التحصينات، لكن نستطيع القول بأنها تحد من قدرات الشياطين على الاختراق، وتشتتهم، وتهدر من طاقتهم، حتى إن اخترقوا جلسة العلاج سيكونوا في حالة من الإجهاد والإعياء، وفي حالة ضعف بين، فيسهل على الجن المسلم التصدي لهم، والتمكن منهم قبل اختراق جسد المريض، أو العرض لضعفائهم من الجن المسلم. صحيح أن المعالج يقوم بعلاج المريض على حدته، بدون شركاء له في العلاج، لكن في الحقيقة أن الجلسة الفردية بشكل أو آخر هي في حقيقتها جلسة جماعية، لأنها تحتوي على عدد من الحضور يتعامل معهم المعالج، سواءا بشكل مباشر كالمريض، أو بشكل غير مباشر مع الحاضرين للجلسة. فهو يتعامل مع نفسه أولا؛ فيهيئها، ويعدها لجلسة العلاج، بأن يتزود بالعلم، فيدرس الحالة جيدا، ويضع الخطة العلاجية المناسبة، وتقديم ما أمكن من العمل الصالح والصدقات، ويتعامل مع المريض، فيقوم بتهيئته عقائديا، ونفسيا، هذا بخلاف ما يقوم به من علاجات أثناء الجلسة العلاج، ويتعامل مع مقر الجلسة، باتخاذ إجرائات وقائية، وعمل تحصينات تأمينية، وذلك قبل الشروع في العمل، ويتعامل مع الحاضرين للجلسة من ذوي المريض، فيحصنهم، ويعزلهم عن بعضهم البعض، ويتعامل مع الشياطين وسحرة الجن، فيراوغهم بالدعاء، ويصغي إليهم، ويحاورهم، ويتعامل مع الجن المسلم فيوظف دعاءه لنصرتهم على سحرة الجن، فكل ما يحققونه من إنجازات داخل عالم الجن، ووما يصلون إليه من نتائج سيصب في النهاية لصالح المريض. إذا كان المعالج يتحمل أعباء كل تلك المسؤوليات، ويواجه كل تلك الصراعات، سواء الدائر منها داخل جسم المريض، أم خارجه، فهذا يعني أنه يتحلى بقدرات خاصة، منها ما هو فطري فيه، ومنها ما يكتسبه أثناء تلقيه العلم على يد معلم أسبق له في الخبرة، وأكثر منه تجربة، وأوسع منه علما. إن كان هذا الجهد الشاق يتم أثناء علاج حالة واحدة، فإن الجهد سيكون مضاعفا كلما زاد عدد المرضى الحاضرين في جلسة العلاج، وهذه القدرات البشرية لها حدود قصوى، لابد وأن تنتهي عندها، فإن انتهت قدرته فحتما سوف يقصر ويتراخى في أداء دوره، خاصة إن قام بعلاج عدة حالات مجتمعة في جلسة علاجية واحدة. لذلك يقوم المعالج بتقسيم جهده أثناء الجلسة، وترتيب أولوياته، من خطة علاجية غاية في التنظيم والتعقيد، فيكون في حالة من التركيز الشديد جدا، ومن التنبه واليقظة، وما تكاد تنتهي الجلسة حتى يفيق المريض ويتنبه، بينما يصاب المعالج بالإرهاق والتعب، وربما تلتهب حنجرته جراء الدعاء التفاعلي مع كل موقف بلا توقف. فإن كان يكابد كل هذه المشاق من علاج حالة واحدة، فيقينا ستتقلص قدرته، ويتشتت جهد، ويفقد تركيزه إن قام بعلاج عدة مرضى في جلسة واحدة، وإلا سيضطر أن يركز جهد في علاج فرد واحد، في مقابل إهمال الآخرين، فلن يستفدوا من علاجه شيئا. يمكن تقسيم جلسات العلاج الجماعية إلى جلسات نظامية فيما يمكن أن نطلق عليه مسمى (جلسات علاج مشتركة) تجمع بين عدد من الأفراد تربطهم بصلة مشتركة، وجلسات علاح غير نظامية، تتسم بالفوضوية، ويمكن أن نطلق عليها مسمى (جلسات علاج مختلطة) يجتمع فيها أفراد مختلفون، لا يوجد أي صلة تربط بينهم. فجلسات العلاج الجماعية العشوائية التي تجمع عدة مرضى مختلفين مع بعضهم البعض داخل قاعة واحدة، تعتبر بيئة مناسبة لتناقل الأسحار وتبادلها فيما بينهم، وفرصة كبيرة لإكساب العارض خبرات سحرية، ومكائد شيطانية غالبا ما كان يفتقدها، بل هي فرصة كبيرة تتيح للشياطين وسحرتهم تسلط بعضهم على بعض، فمن الممكن للخادم أن يكتسب أسحارا من مريض آخر، ومن الممكن أن يسلط أسحار أخرى عليه. ناهيك عن أن هذه الجلسات الجماعية هي بيئة فوضوية، تحرم المريض من حقه في الخصوصية، خاصة إن كانت امرأة، خاصة وأنها تفوت على المريض فرصة الحوار مع المعالج، وذكر تفاصيل عن حالته، يقينا ستزيد المعالج علما وخبرة أكثر، هذا فضلا عن تفريغ شحنة المعاناة، والعزلة التي يشعر بها المريض نتيجة جهل المحيطين بحالته، فما إن يجد المعالج أهلا للثقة وعلى علم حتى يبوح له بأسراره وخصوصياته، والتي ربما لا يستطيع البوح بها لأقرب المقربين منه، فهناك فارق كبير بين أن سرد الخصوصيات لمن لا يملك لها تفسيرا، وربما لن يصدقها، وبين سردها على عالم متخصص، لديه إجابات وتفسيرات لها، على الأقل لديه القدرة على البحث عن إجابات وتفسيرات لها، فكل جلسة علاج تكسب المعالج علما وخبرات جديدة.
|
#4
|
|||||||
|
|||||||
جلسات العلاج المختلطة
جلسات العلاج المشتركة:
هي من جلسات العلاج الجماعية تتسم بالتنظيم، وتعد للجمع بين عدد من الأفراد تربطهم صلة مشتركة فيما بينهم، كأن يكونوا أفراد أسرة واحدة، كالزوج والزوجة، والأم وأولادها، والأخ وإخوته، أو مالكين لمؤسسة، أو زميلين في العمل. وهنا يجري المعالج محاولات لتحديد الجسد المصاب، أو فض الاشتباط بين الأسحار التي تجمع طرفين مختلفين. وهذا النوع من الجلسات العلاجية يحد من الصعوبات التي قد يقابلها المعالج عند علاج هذه الأسحار، وإن كان من الممكن الاستغناء عنها، ولكن هذا سوف يكلف المعالج مزيدا من الجهد والمشقة، ويكبد المريض مزيدا من طول المعانات حتى ينهي المعالج عمله. في حالة أسحار الربط بين أفراد الأسرة الواحدة، نحتاج هنا إلى (جلسة كشف) جماعية، للتأكد من وجود الربط بينهم، ومن أجل تحديد الجسد مخزن السحر، ومصدر الاعتداء على سائر أفراد الأسرة، فقد يسحر للزوج بإفساد أسرته، وخاصة أولاده، فينتقل السحر منه إلى زوجته، ومنها إلى أولاده. وفي بعض الحالات يكون مخزن الأسحار داخل جسم الأم، ولكنها تكون كبيرة في السن وقارب أجلها على الانتهاء، وهنا يستعد الشياطين لاتخاذ جسد بديل من بين بناتها، وغالبا ما تكون البنت الكبرى، أو أقرب البنات محبة إلى أمها، وهنا نحتاج لتحديد الجسد المخزن، والجسد البديل، لنضع خطة العلاج المناسبة، وهنا نحتاج لعقد جلسة العلاج الجماعية، فلا يمكن الاستغناء عنها، وغالبا لا يوجد حلول بديلة مرضية. من القواعد الثابتة التي لا تتغير أبدا، أن الخادم لا يمكن أن يخرج من الجسد طالما أن السحر لم يبطل، لأن الخادم وأعوانه مربوطون في الجسد بسحر يربطهم بالسحر الأساس. وإنما المعالجون وقعوا في لبس، حيث اختلط عليهم الأمر، فلوجود كم كبير من الأسحار، فإن الأسحار الصغيرة تبطل سريعا، ويخرج الخدام المكلفون بها، فيحسب من لا علم له أن السحر بطل، وقبل انتهاء الجلسة، وربما قبل أن يبدأ الجن المسلم في أسر وسحب الخادم من الجسم، حتى يظهر خادم لسحر آخر أقوى من السابق، وقد جاء الدور عليه ليظهر ويتنكشف امره، وهكذا يستمر الحال حتى القضاء على آخر سحر في الجسد. وهذه النوعية من الحالات منتشرة في بلاد المغرب العربي خاصة، حيث يعتمد السحرة في صنعتهم على كثافة الأسحار، وغزارة كميتها، فهم يغلب عليهم الجهل بعلم السحر، مع انعدام إتقان صنعته، فهم يتسمون بالجهل وانعدام الاخلاص حتى في صنعتهم، فهم بخلاف سحرة الصومال مثلا، فهم متقنون لسحرهم، وإن كانوا أقل علما من سحرة اليهود مثلا، إلا أن سحرهم يأتي محكما، يصعب التعامل معه. فسحرة الجن شحيحة مع سحرة المغرب، لا تعلمهم إلا القليل، لذلك يستعيضون عن الفقر في المعلومات بتكثيف كم الأسحار. وبكل أسف اكتسب سحرة المغرب سمعة لا يستحقونها على الإطلاق في صناعة السحر، حيث يتكالب عليهم طلاب السحر من أنحاء العالم، يحسبونهم أشد السحرة، وهذا من جهل السحرة، ومن فرط جهل المسحور لأجلهم. وهذا الجهل في صناعة السحر، بكل أسف يكبد المريض مشاقا يتحملها في سبيل التخلص من هذا السحر، بل ويحير المعالج الذي يتبع القواعد الصحيحة في التعامل مع السحر وعلاجه، بل ويتعب خدام السحر أنفسهم، بسبب الطرق الغبية في صناعة السحر، والتي لا تعتمد على أسس صناعة السحر، فيضر الساحر نفسه، وخدامه، والمسحور له، ويرهق المعالجين قليلي العلم. لكن هذا الكم الرهيب من الأسحار له طريقته الخاصة، والتي تنهي على هذا الكم في زمن قليل جدا. وهذا يعتمد على حبس الساحر، برد الأسحار إليه، وبرقية تجميع الأسحار، وتشبيكها، وسحبها من الجسد، ثم التخلص منها خارجه، فنستطيع بذلك جمع الكميات الكبيرة من الأسحار، مهما بلغت كميتها، والتخلص منها بسهولة، خاصة وأنها أسحار رديئة الصنعة، ضعيفة التكوين، لا تصمد طويلا أمام العلاج بمنهجية علمية. لذلك أهتم كمعالج أن أعرف جنسية المصاب، والبلدان التي أقام فيها أثناء تاريخ حياته، فتنقله من بلد إلى بلد، يكسبه تنوع في الأسحار، وربما هذا التنوع نتيجة تنقل المسحور لأجله في البلاد، يسافر بلد كذا ليصنع فيها سحرا، ثم يسافر بلدا آخر لينصع سحرا مختلف، وهكذا تتعدد وتتنوع الأسحار داخل الجسد الواحد. كما تبين لنا فإن جلسة العلاج الجماعية تجمع عدة أفراد مع بعضهم البعض، غالبا ما يكون بينهم صلة قرابة، أو صداقة، أو زمالة. ولكن في مثل هذه النوعية من الجلسات قد تتلاعب الشياطين بالمعالج والمرضى، بهدف التضليل والتمويه والخداع، لذلك يجب على المعالج اتخاذ إجراءات أمنية ووقائية، لتحصين كل عضو من أعضاء الجلسة، والعزل بينهم، وهذا حتى لا تتواصل الشياطين مع بعضهم البعض، وبالتالي حصرهم داخل الجسد الذي يعتبر مركز نشاطهم، والذي ينطلقون منه للاعتداء على الأجساد الأخرى. فمن السهل على الشياطين تقديم الدعم لبعضهم البعض لصد دعوات المعالج والتهرب منها، ولخداعه والتلاعب به وبالمرضى، وذلك بتناقل الأسحار، وتوريد المدد الشيطاني من جسد إلى جسد أثناء هذه الجلسة العلاجية، وبدون الإجراءات الوقائية ستنتهي الجلسة بالفشل. ما ذكرناه بخصوص تأمين الجلسات الجماعية، لا يقل عنه أهمية الجلسات الفردية كذلك، فغالبا ما يكون هناك حضور مع المريض، خاصة النساء، فلا تصح الجلسة في غياب شخص قاطع للخلوة، وهنا نحتاج لعزل المريض وتحصينه، فكقر عقد الجلسة لا يخلو من وجود شياطين، وأسحار منتشر في المكان، خاصة إن تمت الجلسة داخل بيت المريض، لذلك لابد من تحصين الغرفة مقر عقد الجلسة، وتأمينها بضوابط كثيرة. فهذه المحاذير تسري على الجلسات الفردية والجماعية على حد سواء. وجدير بالذكر؛ أن استغلال المعالج للكشف البصري والسمعي في التشخيص، خاصة بين عدة أفراد تربطهم صلة مشتركة، كصلة رحم، أو سحر مشترك، فهو منهج سليم تماما، لكن إن كان الراقي جاهل، وشخص مدعي، فهو يجهل مضمون تلك الكشوفات، خاصة إن لم يكن له أدنى دراية بحيل وخدع وألاعيب الجن في التمويه والتضليل، وهذا يلزمه موهبة عالية من الجن، سواء كان جن مسلم، أم شيطان، فيجب على المعالج أن يميز إن كان الذي يقوم بالتضليل جن مسلم يمكر بالشياطين على الجسد، أم جن كافر يمكر بالمريض والمعالج. نعم الجن المسلم يلجأ لهذه التقنية لخداع الشياطين، كمحاولة للتوغل بحذر داخل الجسد، وصولا إلى أسراهم من الجن المسلم، لتحريرهم من أسرهم، وسحبهم خارج الجسد. فإن كان المعالج جاهل وساذج فلن يميز إن كان ما يراه المريض جن مسلم، أم كافر، حقيقة أم تخييل، دلالة ولن يفسر معنى ما يراه المريض، كل هذا يحتاج لإجابات وردود سريعة من المعالج، وإجابات صحيحة حاسمة تماما، فأي تأخير أو خطأ في التشخيص سوف يكبد المريض الكثير من المشاق والمعناة. أما أن يعتمد المعالج على الكشف البصري تماما، فإن لم يرى المريض شيئا حكم بسلامة الحالة، فهذا دجال وليس بمعالج على الإطلاق، فهناك حالات تقابلنا لن يرى فيها المريض أي شيء، ولن يسمع أي صوت، ولن ينطق جني على لسانه بأي حرف، منذ أول جلسة حتى آخر جلسة علاجية، هذا إن كان الخاجم ساحرا، وهذا يغلب على السحر الصومالي، لأن صنعتهم للسحر محكمة. فيعتمد المعالج في التشخيص على الأعراض الجسدية، أو الكشوفات المنامية مثلا، فهذه الأعراض لها تفسيراتها، ودلالاتها، كما سبق وتكلمت عن الشعور بالصداع مثلا، هذا مجرد عرض عضوي، ولكن بالنسبة لي كمعالج له دلالة خاصة، تستلزم التعامل مع الحالة بطريقة معينة. والكشف البصري والسمعي يستلزم من المعالج متابعة وتواصل، فلا يصلح أن يتوقف عن متابعة ما يقوله المريض مما يراه ويسمع، ثم ينصرف عنه إلى مريض آخر ليقرأ عليه، فهذا من الصعب التحكم فيه، إلا في حالة الجلسات الجماعية التي تربط بين أفراد مشتركين في إصابة واحدة. فلا أخطئ الاعتماد على الكشف البصري والسمعي، كوسيلة شرعية علمية دقيقة، وإنما أخطئ من يعتمد عليه بالكلية، ومن يستخدمها بدون علم وسابق تجربة لمن هو أسبق وأعلم منه، فهذا إنسان مدعي علم، ربما دخل منتديات الرقية، فقرأ عن الكشف، ثم جرب مرة أو مرتين فوجد ردود فعل، ثم بعد ذلك لجأ للتذاكي، وإعمال عقله بدون الركون إلى خلفية علمية، فلم يناقش حتى المعالج الذي تكلم عن استخدام الكشف البصري، ولم يستفهم منه عما يقول، إنما وجدها غنيمة، ووجد لها ردود فعل فاتخذ من العلاج حرفة يسترزق منها، ولا علم له. الكشف البصري والسمعي باب علم واسع، يمكن الاستفادة منه، ويحتاج الكلام فيه إلى مصنفات وكتب، لشرح وبيان تفاصيل ودلالات ما يراه المريض، وكيف التعامل مع كل ما يراه، ولكشف حيل وخدع تخييلات الجن، وتصنيفها. فكم خدعت كمعالج كثيرا جدا ولو سردت القصص ما وسعني المقام، ولا زلت حتى اللحظة أخدع في كثير مما يقصه المرضى علي لاستشارتي، ولكن حين اتعامل مباشرة مع الحالة يتبدد الخداع وتنجلي الحقائق، فلا يصلح أن أحكم على الكشف من خلف شاشة الحاسوب أقرأ كلمات يسردها مريض تلاعبت به الجن. ولكن لا أحد يناقشني ويحاورني فيما أكتب، يقرؤون، ثم يجلسون مع شياطينهم يزينون لهم ما فهموه بأهواءهم لبعض مما قرؤوه، فيضلونهم، ويتلاعبون بهم، والمرضى لا حول لهم ولا قوة، وفي النهاية يستحلون أموال الناس الباطل، وأقولها للرقاة أموالكم حراكم، وعملكم حرام، حتى ولو رقيتم بكتاب الله تعالى.
|
#5
|
|||||||
|
|||||||
جلسات العلاج المختلطة:
وهي جلسات تتسم بالعشوائية، حيث يتم جتمع فيها عددا من الأفراد مختلفون، لا يوجد أي صلة تربط بينهم، ويلجأ إليها عادة المرتزقة من الرقاة، بهدف مواجهة الم الغفير من المرضى، أو بغرض كسب مزيد من الشهرة لاصطياد الأثرياء من المرضى، والذين سيدفعون له نظير تخليه عن حالات العلاج المختلطة، ليعقد لهم جلسات علاج فردية، بينما ينوب عنه مساعدوه في استئناف متابعة من لا يملكون دفع ما يدفعه الأثرياء لهذا المعالج. وهذه الجلسات غير شرعية، ونحذر منها، وسنحاول بيان مدى خطورتها وضررها، فضلا عن بيان مدى عجز المعالج عن القيام بدوره المنوط به تجاه مرضاه. حينما أصف جلسات العلاج الجماعية بالفوضوية، لست مبالغا في هذا التوصيف، لأنها تفتقد التنظيم، والترتيب، والإعدادات اللازمة لتكون جلسة علاج رسمية. فمكان الجلسة مفتوح، يدخل من شاء، ويخرج من شاء وقتما شاء، بدون أي تدابير تمنع تسرب الشياطين إلى غرفة العلاج، أو فرار بعضهم خارجها. فالمفترض أن مقر الجلسة محصن بإجراءات خاصة يقوم بها المعالج قبل بداية الجلسة، والشياطين داخل مقر الجلسة محاصرون لا يستطيعون الهرب خارج الجسد، أضف إلى ذلك أنه من المفترض ممنوع عنهم المدد، بفضل تلك التحصينات، والشياطين خارج مقر الجلسة معزولون عن معرفة مستجدات الجلسة. فأثناء عقد الجلسة تنهال أسحار التجسس، فيضا متصلا، ولا تتوقف محاولات الشياطين لخرق التحصينات، لاختراق مقر الجلسة. هذا هو الوضع الطبيعي، والمعتاد لجلسات العلاج، ولا يمكن تصور أي جلسة علاجية بدون هذه المنغصات مهما كان المعالج حريصا، ومهما اتخذ من التدابير لمنعها، فلن تمنع هذه التدابير نشاط الشياطين ولكن تحد من نجاح ضرباتهم بحيث يحقق المعالج أقصى نتائج ممكنة. بينما في جلسات العلاج الجماعية نجد المعالج منشغلا بمتابعة حالة مرضية عديدة في آن واحد، بعضا منها ظهرت عليها بعض الأعراض، وبهذا يغفل عن متابعة حالة أخرى قد لا تظهر عليها أية أعراض بارزة، ربما تحتاج منه لبعض التفرغ لاستثارة الأعراض الخفية، مع الأخذ في الاعتبار أن الحالة الساكنة ليس بالضرورة أن تكون سليمة، بل على العكس تماما من ذلك؛ كلما كانت الحالة خطيرة، وشديدة الصعوبة، والعارض قوي متمكن من جسم المريض، كلما اختفت الأعراض الظاهرة تماما، لأن الجني مسيطر تماما على ردود فعل الجسد، ويبدو الحال كما لو أن المريض سليم تماما. مثل هذه الحالات تحتاج لتفرغ من المعالج، ومزيدا من الاهتمام لإثارة الأعراض الظاهرة والخفية، وهو ما فصلت القول فيه تحت عنوان (إثارة الأعراض الظاهرة والخفية لكشف الاقتران الشيطاني). فمما لا شك فيه عجز المعالج عن التشخيص المتقن، للعديد من الحالات المرضية في جلسة علاجية واحدة، بسبب انشغاله بحالة عن الأخرى، وعلى هذا يخرج المريض من الجلسة وقد حصل على تشخيص قاصر، وربما تشخيص خاطئ لحالته، فتحت وطأة الضغط النفسي والعصبي نتيجة الزحام، يكون من الصعب على المعالج إدراك كل التفاصيل التي يحتاجها من أجل الوصول للتشخيص السليم، فالحالة الواحدة تحتاج لصفاء ذهن، وتركيز شديد، وسرعة بديهة لربط الأعراض ببعضها، وهذا مستبعد مع حالة التنقل بين المرضى. بات من الواضح أن لعقد أي جلسة علاجية شروط وضوابط، ترتطب بزمن عقد الجلسة، فالمرأة في فترات الحيض مثلا مخترقة طبيعيا، وتقل حصانتها فترة الحيض عنها في فترات الطهر، والعلاج في شهر رمضان أفضل من غيره من الأوقات، لذلك أفضل تأخير إغلاق أجساد من شفي من المرضى في شهر رمضان، وأخص منه العشر الأواخر مثلا، فهذه أزمنة البركة فيها عظيمة جدا، ويجب أن ينتهزها المعالج والمريض على حد سوا. وكذلك ترتبط جلسة العلاج بمكان عقدها، فبيت المريض يعتبر مستعمرة من الأسحار، تنشرها الشياطين والخدام في كل مكان من بيته، لذلك فعقد جلسات العلاج بعيدا عن بؤرة تجمع الأسحار يجعل الشياطين في حالة ضعف، وهذه فرصة أكبر لنجاح الجلسات. إذن فنجاح الجلسة ليس معقودا بمهارة المعالج ولا بكفائته فحسب، ولكنه مرهون بشروط وضوابط كلما توسعنا في الالتزام بها وتحقيقها، كلما أرتفع معدل نجاح الجلسات، وكذلك كلما فرطنا في تلك الضوابط والشروط، كلما أخفقت الجلسة ولم تؤتي ثمارها المرجوة. صحيح أن هناك ضرورات تفرض على المعالج عقد جلسة جماعية، قد تكون بين أفراد الأسرة الواحدة مثلا، لكنها تكون مقيدة بضوابط متشددة وصارمة جدا لكي تنجح، وتحقق المطلوب منها. هذه الضوابط والشروط تسري على مكان عقد الجلسة، وعلى الاجراءات المتخذة لتحصين هذا المكان، فضلا عن إجراءات العزل بين الأفراد حاضري تلك الجلسة، حتى عزل المعالج نفسه عن الأفراد الحاضرين لتلك الجلسة، فيمنع بالعزل التواصل بين أفراد القطيع من الشياطين. فإذا كانت الجلسات الخاصة بحاجة إلى كل هذه الإجراءات حتى تنجح، فمن البديهي أنه من الصعب، بل من المستحيل تحقيق الحد الأدنى منها في الجلسات المختلطة، والتي تجمع خليطا من المرضى الغرباء، حالات سهلة مع أخرى صعبة، وحالات معقدة مع أخرة بسيطة. حقيقة يجب أن نفرق كمعالجين بين مفهوم [جلسات الجماعية]، التي تجمع أقرانا بعضهم ببعض، كأفراد الأسرة والحدة، وبين مفهوم [جلسات العلاج المختلطة] وهي تلك الجلسات التي يختلط فيها الغرباء ببعضهم البعض داخل جلسة علاج مشتركة. فما يقوم به الرقاة من جلسات يجتمع فيها العديد من الأفراد الغرباء عن بعضهم البعض، لا يمكن أن تسمى جلسات علاج على الإطلاق، بل هي على العكس من ذلك، فهي جلسات إمراض لا استشفاء، فلا يصح أن يطلق عليها علميا مسمى جلسات علاج جماعية، وإنما هي جلسات علاج مختلطة، وضررها أكبر من نفعها. وأي مبررات قد يطرحها هؤلاء الرقاة لن تسوغ قيامهم بهذه الجريمة التي يشاركون فيها، وهم يعلمون تماما، ولا يخفى عليهم، أن الشياطي تمد يد العون لبعضها البعض أثناء تلك الجلسات، بل وتسحر لبعضها البعض على سمع وبصر الراقي. ولا أخفي سرا؛ أن الراقي الذي يمارس هذه الجلسات، يستغل جهل المرضى، وجهل ذويهم، فهي جلسات يستعرض الراقي فيها ما يظنه الجاهل مهارات علاجية، فبمجرد أن يقرأ ويروا الجني يصرخ، والمريض يصرع، حتى يظنوا جهلا أنه معالج قدير، وأنهم ذهبوا للشخص المناسب، فيتعلقون بأمل كاذب، وبشخص ضال ومضلل. نعم هذا الراقي ضال ومضلل، فمثل تلك الجلسات المختلطة، هي في الحقيقة جلسات استعراضية، يستعرض فيها حالات المرضى أمام بعضها البعض، فيخرج المرضى ليقصوا القصص، وينشروا الخبر بين الناس، فيكتسب بذلك سمعة وشهرة بين الناس، حتى يتناهى خبره إلى الأثرياء من المرضى، والذي يستخلصونه من مرضاه بالأموال، وهناك يفضح جهله، وينكشف سره. لا أقول هذا عن تحمينات، وإنما عن تجارب عشتها، كنت فيها جليسا مع بعض المرضى من الأثرياء، ولأني متوقف عن مزاولة العلاج، فقد أحضرنا راقيا له اسمه وسمعته، فترك مرضاه لأجل المال، وكنت جالسا معهم في الجلسة كمجرد ضيف متابع لا أكثر، وأخفيت عن الراقي اسمي، وصفتي كمعالج، هذا الراقي كنت اعرفه وأسمع عنه، وسمعته كانت منتشرة قبل أن أفكر في مزاولة العلاج، وفي أثناء الجلسة كنت أوجهه كيف يعالج، وأضيف له ما يجهله، حتى أنه من فرط انبهاره قال لي أثناء الجلسة اكتب لي هذه الأدعية، فلم أهتم بطلبه، الهم في النهاية توقع من الحالة مبلغا كبيرا من المال، ولكنهم أعطوه أقل مما يسد نهمه، فغضب، رغم أنه لم يشترط عليهم أجرا محددا، فكان أمله أن يعطوه أكثر مما سيطلب، وكان ما حصل عليه من أجر في عدة جلسات فاشلة يفوق ما كنت أحصل عليه في عام تقريبا، أو أقل من ذلك. فهذه الجلسات المختلطة وسيلة لنشر خبره بين الناس، وجلب الأثرياء منهم، ولكن عند التجربة العملية ثبت يقينا فشلهم، وجهلهم، وقلة خبرتهم، وضحالة علمهم، وفرط جشعهم وحبهم للمال، صحيح هو يتمنى شفاء المريض، ويجتهد في سبيل هذا، ولكن اجتهاد بلا علم، لأنه لا يتعلم من جلساته، ولن يتعلم منها شيئا، طلما أنه يعالج الفقراء وعينه صوب الأثرياء تنتظر اتصالاتهم به. لا أضل جو الفوضى هذا في جلسات العلاج، صحيح أن حنجرة المعالج تكاد تبلى من فرط القراة، وينفق على علاجها الكثير، لكن الجهد الذهني والعقلي الذي يبذله يفوق أي معاناة جسدية بمراحل كبيرة جدا. يجب أن يكون حاضر الذهن، سريع البديهة، يقيم متغيرات الحالة كل لحظة، ويعدل من رقيته بحسب تلك المتغيرات من لحظة إلى الأخرى، حتى انه قد يغير الرقية في الدقيقة الواحدة عدة مرات، وهذا حين يراوغه الشيطان، فيغير من حاله كرد فعل للدعاء، أو حين يكتشف عدم تأثير الدعاء، فيعدل عن دعاء إلى دعاء آخر أكثر توافقا مع الحالة. فالتشخيص مستمر في كل دقيقة لا يتوقف، يدرس الحركات والسكنات، ويحلل الصرفات، ويربط الأعراض بعضها ببعض، ويستنتج، ويحلل. فالمعالج هنا يستدعي كل خبراته، ويستجمع كل خبراته وتجاربه من أجل أن ينجح في عمله، فيكتسب الجديد من العلم، ويجدد معلوماته، فالمعالج ليس آلة تصب قوالب جامدة يكررها مع كل مريض، بل كل لحظة مع المريض نفسه هي خبرة مستقلة، وجديدة، وتستلزم طريقة خاصة بالعلاج يجددها ي كل لحظة وحين. فخطة العلاج تتغير وتتبدل في كل لحظة وحين، بل في الدقيقة الواحدة قد أغير من خطتي عدة مرات، فما أكاد أبدا في دعاء حتى أدعه وأتوجه للدعاء بطريقة مختلفة، ربما أرقي بالقرآن، فأتركه وأرقي بالدعاء، فأتركه وأرقي بالذكر، وأتركه فأرقي بالآذان، وأتركه فأعظ المريض.... إلى آخر ما هنالك من تقنيات علاجية لا أول لها من آخر. وفي كثير من الجلسات المختلطة يختلط المرضى بالمصحين، بل لا تكاد تخلو جلسة من هذا الاختلاط الجائر، والتي يجور فيها الراقي على المصحين طالبي إجراء الكشف، فيضعهم في جلسة مشتركة مع المرضى، متغافلا عن أن جلسة العلاج حتى ولو كانت بغرض الكشف والتشخيص، ليست في حقيقتها إلا معركة بين الجن ضد بعضهم البعض، وبين الإنس، من ضحاياها الإنس، فضلا عما قد يصيب الجن المسلمين من أسر وتعذيب وتنكيل، كل هذا والراقي لا يبالي بكل هذه العواقب، الذي يعنيه من الأمر كله ترديد اسمه وشهرته بين الناس، تحت إدعاء أجوف بأنه يعمل حسبة لوجه الله تعالى، وأن نيته مساعدة المسلمين، وفي الحقيقة هو يضر المسلمين جنا وإنسا، ولا يملك أحد منهم أن يتملص من هذه الحقيقة، أو ينكرها.
فيذهب إنسان لديه شكوك بالإصابة، طالبا التشخيص، فقد يكون مريض بالفعل ويريد تشخيص سليم، لتحديد نوع إصابته، وقد يكون شخص معافى تماما، وليس به أي إصابة تذكر، لكن مثل من الاحتمالات القائمة أن يكون الشخص السليم لديه استعدادت للإصابة، فاقدا للحصانة، لديه من الثغرات ما لا يدركه المريض ويخفى عن المعالج. فلك أن تتصور إنسان بهذه المواصفات يتم الزج به داخل جلسة علاجية فيها عتاة الشياطين والأبالسة، وجسده قابل للإصابة الفورية، فيصير عرضة لاختراق جسده، فيدخل سليما ويخرج من الجلسة مصابا، وقد تلبيت به الشياطين والأسحار. لا أنكر بحال أن المس والسحر والتسلط الشيطاني وباء متفشي على مستوى العالم، فلا يكاد يعثر على إنسان سليم من الإصابة، وبدرجات متفاوتة، لا تغتر بأن فلانا لا يشكو من الأعراض الظاهرة، فربما لديه أعراض إصابة خفية، غير ظاهرة له، فيقابل في حياته منغصات متكررة أو دائما، يحسبها أمورا عارضة، أو إخفاقات تلاحقه فيعتبرها قضاء وقدر، فيصبر ويحتسب. هنا يأتي دور الجلسات التشخيصية، والغرض منها استفزاز العارض، واستثارة الأعراض الخفية، ومن خلال ردود الفعل لا نحصل على مجرد تأكيد الإصابة من عدمها، بل قد نصل إلى معلومات تشخص لنا نوع الإصابة. وألفت الانتباه إلى أن عملية الكشف هذه تتكرر باستمرار طيلة كل جلسة علاجية، ففي كل لحظة نكتشف الجديد والجديد، وفي كل جلسة نخرج بمعلومات عن الحالة لم نكن نعلمها من قبل في التشخيص الأولي، فمع الاستمرار في جلسات العلاج الواحدة تلو الأخرى، تتببدى لنا معلومات عن الحالة تغير من اتجاه سير خطة العلاج، من جلسة إلى جلسة، ومن لحظة إلى لحظة، فلا يوجد خطة علاج مستقرة وثابتة يمكن الركون إليها. وهذا ما يجعلنا هنا نطرح حقيقة يجهلها غالبية المرضى، إن لم يكن كلهم، فدائما ما يسأل المرضى عن برنامج علاجي للإصابة بنوع معين من السحر، وكأن النوع الواحد من السحر يتم تنفيذه داخل قوالب ثابتة لا تتغير، وهذا جهل كبير جدا بفنون السحر وعلومه. فالنوع الواحد من السحر لا ينفذه الخادم بنفس الطريقة، بل ينفذه بما لا حصر له من الطرق والأساليب المختلفة بحسب علم كل خادم، وبحسب نوعية الأمر المكلف به، فلا يوجد أي تطابق بين حالتين على وجه الإطلاق، فكل حالة من نوع السحر الواحد تنفذ بطرق مختلفة، وخاصة بها لا تتكرر أبدا. ناهيك عن أن الخدام ليسوا جميعا من نوع واحد، وليسوا بقوة واحدة، فمنهم القوي ومنهم الضعيف، ومنهم البليد، ومنهم شديد المكر والدهاء، ومنهم الطيار ، ومنهم الغواص، ومنهم الملك ومنهم الحقير، ومنهم المجرم ومنهم المغلوب على أمره، ومنهم الساحر ومنهم المسحور له. حقيقة إن توسعت في الكلام عن الفوارق بين خدام السحر ما وسعني المقام، فكل يوم نكتشف الجديد من المعلومات. وهذا مما يجعلنا نقف أمام حقيقة ثابتة لا تتغير أبدا، أنه لا يوجد برامج ثابتة للعلاج كما يروج بعض الرقاة، إنما طريقة البرامج العلاجية هذه هي مجرد حيلة غبية من الرقاة لصرف تزاحم المرضة الجهلاء هم، والتخلص من إلحاحهم في طلب العلاج، فلا يوجد أي برنامج ثابت يمكن للمريض تطبيقه فيشفى، وإلا كان من السهل عمل كتاب مفهرس ببرامج علاجية لكل نوع من السحر، ولا يجرؤ أي راقي منهم إخراج مثل هذا الكتاب لأنه يعلم يقينا أنه دجل. لكن الصواب أن يكون هناك نظام علاجي موحد لكل المرضى، يساعدهم على تهيئة أنفسهم لعقد الجلسات العلاجية، يتم إضافة بعض العلاجات من أعشاب، أو غسول، أو مشروبات، أو دهانات، هي ليست شفاءا من السحر، ولكنها وسائل مساعدة على إضعاف قوة السحر، فيتيسر على المعالج التعامل مع تلك الأسحار والتخلص منها. وهذا النظام العلاجي الموحد يعتمد على تصحيح مفاهيم المريض العقائدية، لأنها من أكبر الثغرات التي تفشل أي علاج، تلزمه كذلك بأداء فرائض دينه حتى يكون مسلما، وتلزمه كذلك بالالتزام بسلوكيات وأخلاقيات هي في حقيقتها تطبيقات عقائد إيمانية، وثمرة أداءات شعائر دينية. فمن البديهي لكي ينجح العلاج أن يكون المريض قد الحصل الحد الأدنى المطلوب من الدين، وإلا فلا علاج له، ولا شفاء مما هو فيه. أما العلاج الحقيقي فهو ما يقوم به المعالج من دور أثناء جلسة العلاج، فكلما التزم المريض بدينه، وبنظامه العلاجي الذي يصلح به نفسه وجسده، كلما نجح المعالج في عمله وحقق النتائج المرجوة. فقد يقوم المعالج بعلاج فردين داخل أسرة واحدة، فنجد أثناء الجلسة نتائج لدعاءه لأحدهما، بينما الآخر لا يوجد أي نتائج بالمره، إذن دعاء المعالج يستجاب مع شخص بينما لا يستجاب مع الشخص الآخر، ليس بسبب فشل المعالج، ولكن بالتحري نكتشف أن المريض لم يلتزم بالنظام العلاجي، ومفرط في دينه.
|
#6
|
|||||||
|
|||||||
تعتمد سحرة الجن والشياطين في تعضيد قوتها على عمليات القرصنة، فالقوي منهم يأسر ما استطاع من خدام وأعوان ويسخرهم في خدمته، وحالة الفوضى في الجلسات المختلطة تعتبر فرصة لإجراء عمليات القننص والقرصنة، وهذا له أسبابه أهمها انشغال المعالج بين أعضاء الجلسة، فهو يتقلب بين هذا وذاك، وينشغل عن مريض بمريض آخر، لكن هذا ليس السبب الوحيد، فقد يحتال الراقي بإحضار عدد من المساعدين، وغالبا قليلي الخبرة، حتى هو نفسه قليل العلم والخبرة، فهو ليس بخير من مساعديه. ولكن هناك سبب أهم وأخطر بكثير، سنفرض أن الراقي يحصن مقر الجلسة، وهذا لا يحدث إلا نادرا جدا، وعلى فرض أنه قام بالتحصين، إلا أن كثير جدا من الرقاة لا يعلم شيئا عن العزل، وهو عزل كل شخص حاضر عن المحيطين به، فيمنع التواصل فيما بينهم، لكن لا يمكن الحفاظ على استمرار بقاء التحصينات والعزل مدة طويلا، لأن سحرة الجن ستوجه ضربات سحرية لخرق تلك التحصينات، وفك العزل طلبا للنجدة والعون بأي شكل من الأشكال، سواء بإجراء تبادلات، أو مزاولة القرصنة السحرية، أو الحصول على مدد خارجي من الساحر الجني المتابع لخدامه وأعوانه.
فالتحصينات والتدريعات والعزل مهما بلغوا من القوة، فما أسرع أن ينهار كل ذلك أمام فيض الأسحار، فتتم خروقات كثيرة جدا، وتحدث انتكاسات وإخفاقات كثيرة أثناء الجلسة الفردية، والجماعية، مما ينذر بخطر أكبر أثناء الجلسات المختلطة، والتي ينعدم فيها الحصانة والعزل. لذلك يجب على المعالج أن يجدد التحصينات والعزل أولا بأول كل عدة دقائق وبأساليب مختلفة، حتى يقلل من عدد الخروقات، ولا أخفي سرا إن قلت؛ إن أكثر وقت المعالج أثناء الجلسة يكون قائما على سد الثغرات، وصد أسحار التجسس، والمدد الشيطاني، ولولا لذلك لما استغرقت الجلسة بضعة دقائق. لذلك فالنظام العلاجي الثابت الذي يقدم للمريض، على مدرا الفترة الزمنية الفاصلة بين الجلسات، تعتبر تمهيدا للجلسة القادمة، فهي تنهك الشياطين وترهقهم، وتتركهم عاجزين عن القيام بخروقات، لأنهم يكونوا في حالة من الإعياء الشديد، ويكونوا قد استنفذوا قدر لا بأس به من أسحارهم لمقاومة ما يقوم به المريض، فإذا حضر جلسة العلاج جائت النتائج موفقة، ونسبة الخروقات تكون ضئيلة جدا، بما يسمح للمعالج القيام بعدة مهمات في الجلسة الواحدة، إلى أن يصل إلى مرحلة يجد فيها توقف النتائج، وهذا معناه أن رصيد النظام العلاجي لدى المريض قد نفذ، وعلى المريض استئناف النظام العلاجي لأسبوع آخر، من أجل تمديد صلاحيته للعلاج في الجلسة القادمة. فلنا أن نتصور ما يمكن أن يحدث أثناء الجلسات المختلطة من ممارسات سحرية، وصراعات شيطانية، والراقي يقفز من هذه الحالة إلى تلك، ويستغفله الشياطين من هنا ومن هناك، كل هذا لا يراه الراقي ولا يعلم عنه شيئا، وهذا أمر بديهي طالما أنه يتم داخل عالم الجن، وهذا يضعف هيبة الراقي، ويذهب باحترام الجن له، فيستخفون به لأن يثبت لهم بهذه الطريقة أنه جاهل، وطبعا لا يخفى عليهم جشه وحبه للمال، وأنه يفعل هذا طلبا للشهرة. فالشياطين تقيِّم المعالج والراقي، وتصنفه كل واحد منهم، وتتخذ إجراءات وتدابير ضدهم، فيطورون من آلياتهم لمواجهة المعالجين الأشداء أصحاب العلم والخبرة، فالمعالجين لهم شهرتهم الخاصة داخل عالم الجن، ومعروفون لديهم بالاسم، لكن هذه المعرفة والشهرة تكون محدودة بين الأسرى داخل الجسد، فلا يعرفون شيئا عن المعالجين إلا ما يحصلون عليه أثناء الجلسة. وبتردد المريض على الراقي عدة جلسات، يكتسب الشياطين خبرات عن الراقي، فإذا جاء مريض للكشف أول مرة، كانت الشياطين الذين على المريض الذي حضر عدة جلسات سابقة أكثر دراية وخبرة ممن يحضرون لأول مرة، وبهذا يستطيلون عليهم بهذه الخبرة، وفي المقابل تحدث تلك التبادلات في المصالح فيما بينهم.
|
#7
|
|||||||
|
|||||||
الإخلاص شرط في صحة أداء الدعاء، فضلا عن قبوله، بأن يكون الدعاء خالصا لله عز وجل، فلا يسأل به غيره، ولا يبتغى به غيره، وإلا كان شركا. أما أن يدعو ابتغاء الأجرة والمال، فهذا مخل بشروط الإخلاص، وشرك ظاهر، وآية ذلك أن يحزن إن أعطي أجرا أقل مما كان يصبو إليه، وقد يغضب ويثور إن لم يحصل على ما يطمح عليه من أجر، ومثل هذا الصنف من الناس دائم التطلع أن يغدق عليه بالمال الوفير، فإن عرض عليه من وسع عليه في رزقه لهرول إليه مسرعا، ولتخلى عمن ضيق عليه رزقه، فمثل هذا لا يصح أن يقال عنه معالج.
سبحان الله وأن يخرج الدعاء خالصا من القلب، فلا ينشغل القلب بشواغل أخره تلهيه عن تدبر ما يدعو به. وأن يكون مخلصا في أداء عمله فيتقنه، بأن يؤديه على النحو المطلوب. وأن يكون مخلصا للمريض فيعطيه حقه كاملا من الاهتمام والرعاية، فلا ينشغل عنه بأي حالة اخرى. وفي جلسات العلاج المختلطة لا يمكن أن تتحقق هذه الشروط مجتمعة، فقد يدعو الراقي ربه عز وجل، لكن سائر الشروط لا يمكن أن تتحقق والراقي مشتت الذهن، فإن إنشغال الراقي وتنقله لمتابعة ردود فعل عدة حالات مرضية في آن واحد، يؤثر على ثباته الانفعالي Emotional Stability، مما يفقد القدرة على التركيز نتيجة لتعرضه للضغط النفسي، فيعجز عن اتخاذ القرارات السليمة الخاصة بكل حالة. علاج أي حالة لا يعتمد على قوالب ثابتة من ترتيل القرآن، والدعاء، وإنما يعتمد على حسن توظيف الآيات والأدعية بما يوافق مستجدات الأعراض التي تطرأ على كل حالة. لذلك فمع حدوث متغيرات في كل حالة مرضية، فإن المعالج مضطر لتعديل رقيته باستمرار، لتناسب تغير الأعراض وردود الفعل، فإن كان من الممكن التركيز بين حالة أو حالتين داخل أسرة الواحدة، فمن المستحيل تحقيق هذا بين أكثر من مريض لا تربطهم أي صلة أو علاقة. مسألة قبول الدعاء لا يعول عليها كثيرا في تقييم المعالج، فالاستجابة ليست حكما على صحة أداء المعالج وسلامته من الأخطاء، بمعنى أن ما نراه من ردود فعل الجن من صرع وحضور وانصراف وتخبط وغير ذلك من الأعراض الظاهرة ليس دليلا على استجابة دعاء الراقي، ولا دليلا على صلاحه. وكذلك عدم وجود رد فعل لدعائه ليس دليلا على سلامة الحالة من المس والسحر، فكلما زادت الحالة قوة كانت أكثر هدوءا وثباتا أمام تأثير الدعاء والرقية، لذلك نعطي المريض نظاما علاجيا يتبعه فترة من الزمن فيما بين الجلسةو والتي تليها، فنجد أن الحالة الساكنة ضعفت، وبدأت تظهر عليها بعض أعراض الحضور، وإن كانت أعراضا قليلة أو شحيحة، ولكنها مؤشر أن الحالة إيجابية ومصابة بالفعل وأنها مؤشر للمعالج أن يستمر في أداء الكشف، فمن الأخطاء الشاعة أن يحكم المعالج على الحالة من أول جلسة، بل قد تحتاج إلى عدة جلسات حتى يكتشف إصابتها من عدمه، ثم تشخيص الحالة، حتى التشخيص الأولي قد يكون لسحر واحد هو أضعف الأسحار من مجموعة من الأسحار مصاب بها المريض، فيسقط السحر الأضعف فالأقوى، تدريجيا الواحد تلو الآخر حتى نصل إلى أشدها قوة وثباتا. إذن لا تكفي جلسة واحدة للتشخيص، بل في كل جلسة تنكشف معلومات تشخيصية جديدة لم تكن ظاهرة لنا من قبل، وسر هذا أن الأسحار محصنة ومدرعة بأسحار ضد تأثير الرقية، هذا فضلا عن وجود (أسحار إخفاء) وظيفتها إخفاء وجود أي سحر فلا تظهر له أية أعراض تذكر، فإن بطلت تلك الأسحار الإخفاء بالنظام العلاجي والرقية انكشفت وظهرت الأعراض الخفية، وفي كل جلسة تنكشف أعراض جديدة، ونشخص الوضع الجديد بتشخيص مناسب له، وهذا يدل على وجود العديد من الأسحار، حتى السحر الواحد قد يكون مركب من عدة أسحار مختلفة يدعم بعضها بعضا، أو أن هناك أسحار مستجدة الهدف منها تقوية السحر العامل، وخدمته وتثبيته، وقد تبلغ تلك الأسحار المستجدة كما غزيرا جدا لا حصر له، كلها تحول حول تحقيق هدف واحد، بمعنى أن الساحر سحر لتفريق زوجين، ولكن القدر لم يأذن بالطلاق، فيصنع الساحر أسحارا داعمة للسحر الأول، ومساندة له، ومقوية له، فيطلب المسحور لأجله من الساحر عمل مزيد من الأسحار، والساحر الإنسي يزيد في السحر طالما الأول يدفع له المال، هذا في حالة الساحر المحترف، لكن في حالة أن تكون أم الزوج هي الساحرة، فهي تسحر لطلاق ولدها ليل نهار لا تفتر عن إرسال الأسحار له، خاصة وأنها مقربة من ولدها وتعلم عنه كل صغيرة وكبيرة، وهذا نموذج مر بنا كثيرا جدا. فإذا كان الوضع كذلك؛ فليس لدى راقي الجلسات المختلطة فرصة أن يركز مع كل حالة داخل الجلسة، خاصة وأنها حالات مختلطة، فلا يوجد رابط يربط بينها، وهذا على نقيض الجلسات الجماعية التي تجمع أفراد أسرة واحدة داخل الجلسة، فصلة الدم تجمع بنيهم، والسحر الواحد مسلط عليهم جميعها، سواء كسحر مفرد، أو ملحقاته من الأسحار الداعمة له، المهم أن هناك صلة بين تلك الأسحار، ومهمة المعالج هنا إيجاد تلك الروابط بين الأسحار، وهذه هي مهتمه عند تشخيص حالة مرضية تشمل العديد من أفراد الأسرة الواحدة. لذلك لا يتحقق عنصر الإخلاص في الرقية، وذهن الراقي مشتت بين عدة حالات مختلفة، مهما اوتي من علم ومهارة وخبرة، فكل خبرته هذه سوف تنهار أمام تشتته في مواجهة زحام التفاصيل التي قد لا يلتفت إليها أثناء الرقية، فيأتي تشخيصه خاطئا أحيانا، وقاصرا أحيانا اخرى.
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
المختلطة, العلاج, الفردية, تقنين, جلسات, حصري:, ومخاطر, والجماعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|