#1
|
|||||||
|
|||||||
أودية المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم بالمدينة العديد من الأودية، وهي: 1- وادي بَطحان: وهو يتكون مِن أربعة وِدْيانٍ صغيرة، ويخترق المدينة المنورة مِن وَسَطِها نحو الشَّمال الغربي، وكأنه يُنَصِّف الزاوية التي حَدَثَت مِن التقاء وادي العَقيق ووادي قَناة، إلى أن يلتقي بهما في منطقة الزغابة أيضًا، حيث يلتقي وادي العَقيق القادم مِن الجَنوب، ووادي قَناة القادم مِن الشرق، ووادي بَطحان القادم مِن الجنوب الشرقي، فتكون نقطة الالتقاء في منطقة الزغابة، شمال غرب المدينة المنورة حيث يشكل وادي الحمض. ومِن الملاحظ أن أرضيةَ حوض المدينة المنورة ينحصر بين مِحْوَرَين أكثر انخفاضًا هما مَجرى وادي العَقيق في الغرب، وترتفع أرضيته مِن (575) إلى (625) مترًا عن سطح البحر، كما أن مِحْوَر القِيعَان في الشرق ترتفع أرضيته مِن (700) إلى (750) مترًا عن سطح البحر. ويبدأ وادي بَطحان مِن شمال المرتفع البركاني المسمى حليات الأتاهي في شَمال حَرَّة رهط، ويتجه نحو شَمال الشمال الغربي مخترقًا المدينة مِن وَسطها إلى أن يلتقي بِبَطْحان قُبَيْل بابِ قُباء الواقع جنوب المدينة المنورة، ولهذا الوادي عِدَّة رَوَافد، منها وادي مُذَيْنِيب (مُذَيْنِب) و(مُذنب) الذي يرفد وادي بطحان مِن الجهة اليمني، ويقع إلى الشرق منه، ويبدأ مِن جَبَلَيْ حلاتي، وصعب الكائنين في الحَرَّة، واللذان يَقَعَان على بُعد (12 كم) جنوب شرق المدينة المنورة، ويتجه هذا الوادي نحو الشمال الغربي، فيمُرُّ مِن غرب العوالي، ويخترق المدينة، ويفيض في بطحان. كما أن مِن روافد بَطحان واديَ مَهْزُور، ويقع هذا الوادي في الشرق إلى الشرق مِن وادي مُزَيْنِب، ويبدأ مِن حَرَّة وَاقِمٍ في شرق جَبَل الملسا الواقع على بُعد (25كم) في جنوب شرق المدينة المنورة، ويمر الوادي بشَرْق العوالي، كما يَمُرُّ مِن قُريظة، ويتجه نحو الشمال الغربي إلى أن يَفِيض في مُذَيْنِيب على مَشارف المدينة المنورة قُبَيل أن يَفيض مُذَينيب في بطحان. ويُعرف وادي بَطْحان بوادي أبو جيدة أيضًا، ويُعتبر مِن المعالم البارزة والمهمة، لأنه قامت على ضِفافه الكثيرُ مِن المزارع، كما استوطن عنده بعض القبائل. وقد وَرَدَ اسم وادي بطحان في الحديث الشريف، كما في صحيح البخاري أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- توضأ مِن هذا الوادي يوم غزوة الخندق، فعَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا». فَنَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ(1). وهو مِن الأودية التي تمر بالمدينة المنورة مِن جَنوبها إلى الجهة الغربية منها، أي غرب جبل سَلْع. ويمكن اعتبار ابتداء وادي بطحان -بالتقريب- مِن السَّدِّ المعروف بِسَدِّ بطحان، وهو ابتداءُ تَجَمُّع مياه السُّيول، ثم يسيل باتجاه قربان، إلى إشارة قربان مع العَوالي عند مَغْسَلة القَين، ثم المَدْشُونية، ثم يأخذ طريق قربان النازل إلى السَّيح، ثم إلى غرب المساجد السبع، ثم إلى منطقة العيون، حيث يلتقي مع وادي العَقيق في زَغابة. 2- وادي قناة: ويتشكل هذا الوادي مِن اجتماع عددٍ مِن الروافد والشِّعاب، أولُها وأقربُها للجَنُوب هو مفيض قاعِ العاقُول الواقع شَرْقَ المدينة المنورة والذي يبدأ بوادي عواء في الطرَف الشمالي الشرقي لحَرَّة رَهْطٍ، ويتجه الوادي نحوَ الشَّمال الغربي في الغرب، حتى يَفِيض في قاع العاقول، وتَفيض مياه قاع العاقول في وادي قناةَ بوادي العقيق، ويتكون مجرًى واحد بَعد ذلك، يُعرَف بوادي الحِمْض. ومِن روافد وادي قناة وادي الخضراء الذي يأتي مِن الشَّمال، ويواصل طريقه إلى مَجراه الأدنى باتجاه الجَنوب مِن مَطار المدينة المنورة شرقًا، وتِلال الوعيرة غربًا، إلى أن يلتقي بوادي قناة. ويُسَمَّى أيضًا وادي شَظَاة، وكان قد نَزَلَه مَلِك حِمْيَرَ (تُبَّع)، فلما شَخَصَ منه قال: هذه قناة الأرض. فسُمِّيَ به. وفي قولٍ أنه عند المدينة المنورة يُسمى قناة، ومِن أعلى منها سَدُّ نار الحَرَّة، يُسَمَّى شَظَاة. ويُعتبر وادي قناة مِن أكبر أودية المدينة المنورة، وأصلُه مِن وادي وَجٍّ بالطائف. ويبعُد وادي العاقول عن مركز المدينة المنورة بحوالي (14كم) تقريبًا. ومَجري هذا الوادي حاليًّا مِن سَدِّ العاقول، ثم في منطقة الدُّويخلة إلى جبل تَيْأَب (جبل الخزان)، ثم يتجه إلى منطقة سيدنا حمزة، حيث يَمُرُّ بجوار جَبَل الرُّماة مِن الجهة الجنوبية إلى منطقة العُيون، ثم منطقة الزبير، فمنطقة تَجَمُّع السيول بِزَغَابة. 3- وادي مُذَيْنِب: مصدر وادي مذينب ( مذينيب ) و(مذنب) مِن منطقة ذي الجَدْر، وهو نفس مصدر وادي بطحان، وهو شُعبة مِن شُعَب وادي بطحان، حيث يتفرع منه عند شِعب العَجُوز قَبْل قَصر كعب بن الأشرف، ويدخل منطقة بني أمية بن زيد، وهى منطقة البلدان التالية العِهن لآل البَرْزَنْجِي، ومُقابلها الضابطة لنايف بن جدوع الشريف، وبِجوارها سوالة للشريف شحات بن علي، ثم يخرج مِن هذه البلدان، ويلتقي ببطحان عند منزل حليت بن مسلم حاليًّا. 4- وادي الرانُوناء: ويُعرف أيضًا بـ (مسيل الوادي)، ويقال له أيضًا (وادي رانون)، وهو أَحد أودية المدينة المنورة الجنوبية، ويأتي مِن جبلٍ صغير شرقَ جبل عَيْر، يُسمى (قرين خرطة)، ويأخذ طريقه إلى مخطط الأمير نايف، ويَصُبُّ في العصبة، ثم يتجه شَمال شَرق إلى قاع البلويين، وهو الآن يقع بطريق الهجرة، ثم يخرج مِن القاع المذكور، ويَصُبُّ في وادي ذي صلب عند مسجد الجُمعة، ثم يتجه إلى الشَّمال محاذيًا تقريبًا طريقَ قباء، فيلتقي مع بطحان عند مبنى البنك الأهلي القديم، أي بالقُرب مِن حَيّ (المشرفية). 5- وادي مَهزور: وهو مِن الأودية المهمة بالمدينة المنورة، فهو مِن المصادر الأساسية التي تروي الأرض بالمياه لمنطقة الحَرَّة الجنوبية (شُوران) فَبِفَيَضَانه تَزيد مياه الآبار. ويُعرف باسم وادي قريظة، نِسْبَةً لسَكَنِهم إلى جِواره. ويُعرف أيضًا بوادي (المبعوث)، وبعضهم يطلقون عليه وادي (الفَحل). وأَصْلُ مَصَبِّه مِن حَرَّة مَيْطان، حيث ينحدر بسرعة إلى الشُّرَيبات، ويَصُبُّ بها، ثم على مسجد الفَضيخ، ومَشْرَبة أُمِّ إبراهيم، ثم يمر بجوار المسجد النبوي الشريف، أي مِن عند البَقيع، ثم يتجه إلى منطقة العيون، ومنطقة الترسيس، ثم على الزبارة الحمراء، أو ما تُسمى كومة أبي الحمراء، وهناك يلتقي بوادي قناة عند قصر هذه ليلتي. 6- سيل المبعوث: هو شُعبة مِن وادي مَهْزُور، ينفصل عنه بالتقريب عند الجهة الشمالية الشرقية للإسكان، ويأخذ مَساره في الحَرَّة الشرقية، ويمر بجوار قصر المريدين للأفراح، ثم يتجه إلى جهة مسجد العريض بطريق المطار، وهناك يلتقي بوادي قناة. 7- وادي أبي هريرة: ويُسمى وادي (أبو بريقة) الآن، وهو يتفرع مِن وادي رانوناء، ويَصُبُّ في وادي العقيق عند جبل المكيمن قَبْل سَدِّ عُروة. 8- وادي العقيق (الوادي المبارك): مِن أشهر أودية المدينة، وربما أودية الحجاز كلها، تتجمع مياهُه مِن منطقة النَّقِيع التي تبعُد عن المدينة أكثر مِن مائة ميل جنوبًا. ويَسير إلى مشارف المدينة، حتى يَصِل إلى جبل عَير، ويُسمى هذا الجزء منه العقيق الأقصى، ثم يسير غربيَّ جَبل عَيْر، ويمر بِذِي الحُلَيْفة، حتى يبلغ أقصى عَيْر، فينعطف شرقًا، حتى يلتقيَ بوادي بطحان قُرْبَ منطقة القِبلتين، ثم يسير باتجاه الشمال الشرقي قليلًا، ثم شمالًا، فيلتقي بوادي قناة القادم مِن شرقيِّ المدينة عند منطقة (زغابة). ويسيل وادي العقيق في الشتاء مِثل نَهر كبير، وفي السنوات التي تكثر فيها الأمطار تَظَلُّ المياه فيه عدةَ أشهُر. وتَدُلُّ الكتابات التاريخية أنه كان في بعض العصور أشبهَ بنهرٍ دائمِ الجَرَيان، ولذلك قامت على ضِفافه في العصر الأموي، وشَطْرٍ مِن العَصر العباسي قُصورٌ كثيرة، وتزاحم الميسورون على قطع الأراضي بجانبيه حتى لم يعد فيه موضع لمزيد من البناء، ومِن أَشْهَر القُصور فيه: قَصْرُ سعد بن أبي وقاص، وما زالت بعضُ أثاره قائمة حتى الآن، وقصرُ عروة، وقصر سُكينة بنت الحسين، وغيرها كثير. كما نَشَأت بالقُرب منه مَزارعُ خِصْبَة، تُغَطِّيها أشجارُ النخيل، وشَتَلات الخُضراوات والفواكه، فَضْلًا عن الحدائق التابعة للقصور القائمة فيه. لذلك يمكن أن نتصور منطقة العقيق في فترة ازدهارها مساحة خضراء، يتخللها مَسِيلٌ مائيٌّ واسعٌ شِبْهُ مُتَعَرِّج، فيها أشجارُ النخيل والفواكه، وبساتين الخضار وغيرها، وفيه القصور المسورة المتلاصقة حينًا، والمتباعدة شيئًا حينًا آخر. غير أن هذه الحالة الزاهرة انتهت عندما تَقَلَّصَت المدينة في القَرن الهجري الثالث، وهجرت القصور وتهدمت. وتَصِفُ المصادر التاريخية مِياهَه، ومياه الآبار فيه بالعُذوبة، ولذا يتزود منها أهل المدينة، والمسافرون إليها، ومِن أشهر آباره بئرُ عُروة. ويُسمى القِسم الذي يبدأ مِن جبل عَير إلى زَغَابة العَقِيق الأدنى، وهو داخل حَرَم المدينة. وقد ورد في فضل وادي العقيق حديث عُمَرَ بن الخطاب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَادِي العَقِيقِ يَقُولُ:«أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ»(2). وقد فُرِشت أرض المسجد النبوي في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بحصى ناعمة مِن أرض العقيق. وقد امتد العُمران حاليًّا إلى أطراف العقيق، حتى ذي الحُليفة، وما زال مجراه يمتلئ بالماء كلما هَطَلَت أمطارٌ غزيرة. والجديرُ بالذِّكر أن في الجزيرة العربية عِدَّة أودية تَحْمِل هذا الاسم، ولكن أشهرها عَقِيق المدينة. وكلمة العَقِيق مُشتقة مِن العَقِّ، وهو الشَّقُّ، وربما يكون قد سُمي بهذا الاسم، وكذلك الأودية المسماة به، لأنه في الأصل سَيْلٌ يَشُقُّ الأرض، ويجري في مجراه. _________________ (1) أخرجه البخاري (4/1509، رقم 3886). (2) أخرجه البخاري (2/556، رقم 1461). المصدر:أودية المدينة المنورة – الآثار
المصدر: منتـدى آخـر الزمـان
التعديل الأخير تم بواسطة ميراد ; 03-25-2019 الساعة 10:57 PM |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أودية, المدينة, المنورة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|