#1
|
|||||||
|
|||||||
إخراج النبي صلى الله عليه وسلم من الأرض
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى (وَإِن كَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ وَإِذٗا لَّا يَلۡبَثُونَ خِلَٰفَكَ إِلَّا قَلِيلٗا * سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلًا)[الإسراء:76،77] اختلف العلماء في تفسير الخروج من الأرض فمنهم من قال إن اليهود أرادوا إخراج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، ومنهم من قال إن مكة هي المقصودة بالأرض.[1] لغويا سأنقل من تفسير التحرير والتنوير ثم أعلق عليه إن شاء الله تعالى: (عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿وإنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ﴾ [الإسراء: ٧٣] تِعْدادًا لِسَيِّئاتِ أعْمالِهِمْ، والضَّمائِرُ مُتَّحِدَةٌ. والِاسْتِفْزازُ: الحَمْلُ عَلى التَّرَحُّلِ، وهو اسْتِفْعالٌ مِن (فَزَّ) بِمَعْنى بارَحَ المَكانَ، أيْ كادُوا أنْ يَسْعَوْا أنْ تَكُونَ فازًّا، أيْ خارِجًا مِن مَكَّةَ، وتَقَدَّمَ مَعْنى هَذا الفِعْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ واسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ في هَذِهِ السُّورَةِ، والمَعْنى: كادُوا أنْ يُخْرِجُوكَ مِن بَلَدِكَ، وذَلِكَ بِأنْ هَمُّوا بِأنْ يُخْرِجُوهُ كُرْهًا ثُمَّ صَرَفَهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ لِيَكُونَ خُرُوجُهُ بِغَيْرِ إكْراهٍ حِينَ خَرَجَ مُهاجِرًا عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنهم؛ لِأنَّهُمُ ارْتَأوْا بَعْدَ زَمانٍ أنْ يُبْقُوهُ بَيْنَهم حَتّى يَقْتُلُوهُ. والتَّعْرِيفُ في الأرْضِ تَعْرِيفُ العَهْدِ، أيْ مِن أرْضِكَ وهي مَكَّةُ. وقَوْلُهُ لِيُخْرِجُوكَ تَعْلِيلٌ لِلِاسْتِفْزازِ، أيِ اسْتِفْزازًا لِقَصْدِ الإخْراجِ. والمُرادُ بِالإخْراجِ: مُفارَقَةُ المَكانِ دُونَ رُجُوعٍ، وبِهَذا الِاعْتِبارِ جُعِلَ عِلَّةً لِلِاسْتِفْزازِ؛ لِأنَّ الِاسْتِفْزازَ أعَمُّ مِنَ الإخْراجِ. وجُمْلَةُ (﴿وإذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ﴾) عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ وإنْ كادُوا، أوْ هي اعْتِراضٌ في آخِرِ الكَلامِ، فَتَكُونُ الواوُ لِلِاعْتِراضِ و(إذًا) ظَرْفًا لِقَوْلِهِ لا يَلْبَثُونَ وهي (إذْ) المُلازِمَةُ الإضافَةِ إلى الجُمْلَةِ. ..)ا.هـ [2] قوله تعالى (كادُوا) دليل على أنهم لم يفلحوا في فتنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تقع النتيجة وهي الخروج من الأرض، وهذا ما ينفي احتمال كون الأرض هي مكة لخروج النبي منها، أضف لذلك حقيقة مضي خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة لما نزلت سورة الإسراء لأن مطلع السورة ذكر قصة الإسراء من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الاقصى في المدينة، إذن السورة مدنية وليست مكية كما جاء في أغلب التفاسير[3]. الاحتمال الأرجح أن المقصود بلفظ (الأرض) هي الأرض المقدسة أو الأرض المباركة بمجملها، أي أن الكفار أرادوا اخراج النبي صلى الله عليه وسلم من الأرض المقدسة التي تحدها المدينة ومكة لقوله تعالى (لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ * فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ * ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ * وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ)[سبأ:15، 18] صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن المدينة هي طيبة[4]، ونعلم أن مكة أرض حرام وهي جزء من الأرض المقدسة، أي أن سكان سبأ حسب الآية متواجدون في المدينة وهي سبأ، وجعل الله تعالى بين طيبة وبين القرى المباركة قرى ظاهرة، أي توجد بين المدينة ومكة قرى تقع داخل حدود الأرض المقدسة كانوا يمرون عليها آمنين في رحلتهم نحو مكة. وهنا تظهر اليد الشيطانية وراء مطلب إخراج النبي لى الله عليه وسلم من الأرض المقدسة فأنّى للكفار بمعرفة حدودها حتى يطمعوا في إخراجه منها ؟ وعليه تكون اللام في (لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ) لام العاقبة وليست لام تعليل[5]، وأكيد لم يخفى هذا الكيد على الشياطين والراجح أنهم وراءه. ثم ذكر النص سنة من سنن الله تعالى في رسله عليهم السلام قال تعالى (وَإِن كَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ وَإِذٗا لَّا يَلۡبَثُونَ خِلَٰفَكَ إِلَّا قَلِيلٗا * سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلًا)[الإسراء:76،77] وهي عدم لبوث الكفار في الأرض المقدسة بعد خروج الرسل منها إلا قليلا، وفي ذلك دليل على أن الأرض المقدسة هي مبعث الرسل عليهم السلام. والله تعالى أعلم. _______________ [1] جاء في جامع البيان للقرطبي: (واختلف أهل التأويل في الذين كادوا أن يستفزّوا رسول الله ﷺ ليخرجوه من الأرض وفي الأرض التي أرادوا أن يخرجوه منها، فقال بعضهم: الذين كادوا أن يستفزوا رسول الله ﷺ من ذلك اليهود، والأرض التي أرادوا أن يخرجوه منها المدينة. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرميّ أنه بلغه أن بعض اليهود قال للنبيّ ﷺ: إن أرض الأنبياء أرض الشام، وإن هذه ليست بأرض الأنبياء، فأنزل الله ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا﴾ . وقال آخرون: بل كان القوم الذين فعلوا ذلك قريشا، والأرض مكة.)ا.هـ [2] انظر هنا لمطالعة بقية التفسير. [3] انظر مثلا تفسير ابن كثير هنا [4] من حديث قصة تميم الداري مع الدجال ( .. قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَطَعَنَ بمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ: هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، يَعْنِي المَدِينَةَ ..) الراوي : فاطمة بنت قيس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2942 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | [5] لام العاقبة تدل على نتيجة جهلها الفاعل لما أقدم على الفعل كما في قوله تعالى ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ إذ لم يلتقطوه لكي يكون لهم عدو بل نووا تربيته لكن عاقبة الأمر أن كان لهم عدو. لمزيد من التفصيل حول لام العاقبة ولام التعليل انظر هنا
المصدر: منتـدى آخـر الزمـان
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
من, الأرض, الله, النبي, صلى, عليه, إخراج, وسلم |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|