#1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الحبر العربي
الكاتب:بلال الرفاعي الحبرُ لغة النفسِ أو المداد الذي يُكتبُ به، وموضعه “المحبرة”، وتحبير الخطّ تحسينه وتزيينه، والحبر اصطلاحاً معلقات غروية في وسطٍ سائل أو لزج له القدرة على الالتصاق، يستعمل الحبر في الكتابة والرسم والطباعة، أنواعه كثيرة وألوانه لا تحصى.مدرب التقنيات الصباغية في الاتحاد العربي للصناعات النسيجية وغرفتي صناعة دمشق وحلب. مشرف على الجوانب التطبيقية بكلية العلوم بجامعة دمشق مقدمة: يرجُع استخدام الحبر في الكتابة إلى أكثر من 2500 سنة قبل الميلاد، ويُعدُّ المصريون والصينيون من أوائل الشعوب التي استعملت الحبر، وكانوا يصنعونه من معلقات مواد طبيعية مختلفة كالفحم والسناج “سخام المصابيح” وغيره محلولاً بالماء والصمغ، والفحم كما هو معلوم مقاوم لعوامل التخريب الطبيعية كالنور والرطوبة والهواء وبالتالي فقد أمكن حفظ كتاباتٍ كثيرةً على مرّ الزمن. لا يُعرف بالضبط تاريخ ابتكار الحبر الثابت الحاوي أملاح الحديد غير أنه استُخِدمَ في العصور الوسطى، الأمر الذي أبقى كثيراً من الوثائق القديمة، وقد استخدم الزعفران بعد حله في آح البيض في العصور الماضية بدل الفحم لإضفاء لون ذهبي على الحبر الملون، واستخدم كذلك ثمر التوت وزيت بزر الكتان والكحل والعفص وثمر البلوط لصنع أحبار ملونة، وثمة حبر ملون آخر صُنِعَ من الحشرات القرمزية المجففة بلونٍ أصفر ضارب إلى الحمرة وشاع استعماله في القرون المتأخرة، وتطورت صناعة الأحبار تطوراً كبيراً بعد التوصل لابتكار أول صباغ صنعي سنة 1856، وتنتج مصانع الحبر اليوم آلاف الأنواع من الأحبار المختلفة. مكونات الحبر الأساسية: تشترك الأحبار الزيتية أو المائية بالمكونات الرئيسة التالية: 1. المعلقات الملونة: وهي المعلقات التي تمنح الحبر لونه، منها معلقات معدنية من فلزات طبيعية أو تركيبية كالأكاسيد، ومنها معلقات ذات منشأ عضوي، ويشترط فيها كلها النقاوة والنعومة لضمان صفاء اللون وعدم ترك رواسب. 2. وسط الانتشار: وهو المائع الذي يحوي المعلقات ويحافظ على نداوتها، ولعل الماء أكثرها شيوعاً كما هي حال أحبار الكتابة والطلاء المائي، وقد يكون الوسط زيتاً قابلاً للجفاف كما في أكثر أحبار الطباعة والطلاء الزيتي وفي بعض أنواع الأقلام، وقد يكون غولياً في بعض أقلام الكتابة الملونة وأقلام اللباد، ويشترط في وسط الانتشار إمكانية تجانسه مع المعلقات وجميع الإضافات التي تدخل في تركيب الحبر، وقابليته للجفاف بالتبخر أو التأكسد من دون أن يترك أثراً يضر بمادة الكتابة سواءً أكان ورقاً أم جلداً أم…، واحتماله شروط الخزن دون فساد. 3. المواد الرابطة: وترتبط بخواص مكونات الحبر، فالحبر الزيتي لا يحتاج لمواد رابطة لتأكسد عجينته بملامسة الهواء وتشكيلها طبقةً رقيقةً تحبس المكونات الغروية، أما الأحبار المائية فلا يبقى ما يربطها بسطح مادة الكتابة بعد تبخر الماء إلا وجود إضافات رابطة كالصمغ أو الغراء أو الراتنج تلصقها بالورق. 4. المواد المساعدة: يحتاج كل نوعٍ من الحبر لمواد مساعدة تحسن أداءه، مثل: زيادة لزوجته أو منع ترسب مكوناته، تسريع جفافه أو منعه، تنشيط أكسدته بالهواء، منح الحبر بعضاً من البريق أو اللمعان، تخليصه من الشحنات الكهربائية الساكنة كما في الطباعة على اللدائن أو غير ذلك. أحبار الكتابة: يجب أن تتوفر في حبر الكتابة مواصفات محددة بأن يترك أثراً واضحاً ودائماً فلا يبهت لتعرضه للضوء أو يُمحى إذا تعرّض للرطوبة، وأن يسيل من القلم بسهولة ويجف بسرعة ويعطي طبقةً رقيقةً لدنة مقاومةً للتكسر بعد جفافه، وألا يترك رواسب تعوق جريانه، ولا يحتوي على مواد تُفسد القلم أو الورق. إنّ كثيراً من أحبار الكتابة الحديثة محاليل لأصبغة مائية، وأغلبها أحبار غير ثابتة تفسد عند تعرضها للضوء أو تُمحى إذا تعرضت للرطوبة، أما أحبار الكتابة الثابتة الحديثة فغالباً ما تحوي كبريتات الحديد “الزاج الأخضر” وحمض العفص Gallic Acid، وتتكتل هذه المكونات مجتمعةً بعد جفاف الحبر على الورق لتشكل راسباً مقاوماً للماء والضوء، غير أنه باهت اللون يكاد لا يُرى عند الكتابة، ويتكاثف لدى تعرضه للهواء لفترةٍ طويلة فيسودّ تدريجياً، لذا يعمد صُناع الحبر لإضافة صباغٍ أسود أو أزرق غامق إلى لمركب السابق ليتمكن الكاتب من رؤية ما يكتب، وأهم مواصفات هذا الحبر أنه لا يبهت ولا ينحل بالماء ولا يمكن محوه، غير أن ارتفاع مستوى الحموضة في محتوياته قد يتسبب في تلف الورق أو سطوح المواد الأخرى التي نكتب عليها. شهدت أربعينات القرن العشرين تطوراً كبيراً في أحبار الكتابة نتيجةَ تطوير الكثير من وسائل الكتابة الحديثة، مثل أقلام الحبر الجافة ذات الرأس الكروي وأقلام اللباد، فالحبر المستعمل في الأقلام الجافة ذات الرأس الكروي معجون من أصبغةٍ وزيوتٍ وراتنج، ولا يمتصه الورق كالحبر السائل، غير أنه مقاوم للمحو، أما الأقلام اللبادية أو ذوات الرأس الدقيق فأحبارها سائلة ومتنوعة تتألف غالباً من أصبغة وماء أو مادة كيماوية عضوية مثل: بروبيلين غليكول Propylene glycol، الغول البروبيلي Propyl alcohol، التولوينToluene ، ايترات الغليكول Glyco ethers ، وتحوي معظم هذه الأحبار مركبات راتنجية ومواد حافظة أو مرطبة. الحبر العربي الأسود: ينفرد الحبر العربي بمواصفاتٍ خاصة تتفق مع طبيعة الخط العربي ومواصفات الورق المستعمل في الكتابة، وغالباً ما يتكون من معلقات غروية سوداء في وسط انتشار مائي ومواد رابطة ومحسنات، وأهم المعلقات الغروية هباب الفحم والسناج “السخام” وعفصات الحديدي، وكان يستحضر الخطاطون هباب الفحم بجمعه على سطحٍ أملسٍ كالزجاج فوق مصباحٍ لحرق الزيت، أو يضعون كمية من الشحوم والدهون في جرةٍ فخارية محكمة الإغلاق ويتركونها في فرنٍ شهوراً فتتفحم محتوياتها، أما اليوم فتقدم الصناعة الكيماوية أنواعاً من الهباب غاية في النقاوة والنعومة. أما عفصات الحديدي فكان يُحضرها الخطاطون من غلي الزاج الأخضر “كبريتات الحديدي” وحمض العفص، وهو حمض عضوي ضعيف موجود في جوزة العفص وأوراق الشاي، أو حمض الدبغ “حمض التانيك” الموجود في تدرنات شجر البلوط والصفصاف وقشوره، أو كليهما معاً. أما أهم المواد الرابطة والرافعة للزوجة الحبر العربي فهو الصمغ العربي لقابليته الانحلال بالماء، وشحنته السالبة وقوة ربطه، وبقائه ليناً بعد الجفاف ومقاومته للتكسر، وخموله الكيماوي، وثباته لعوامل الطبيعة، وانخفاض درجة لمعانه عند الجفاف. يضيف صناع الحبر العربي مواد أخرى مساعدة تُحَسِن من صفاته، ويحتفظ كل صانع أحبار بأسرار تركيبه بحسب تجاربه الخاصة، الأمر الذي يميز أحبارهم بعضها عن بعض، ومن أهم تلك الإضافات السكر لزيادة لزوجة الحبر، وذرور الغضار الناعم لإضفاء اللون البني المشوب بالحمرة والتخفيف من زرقة الحبر، والشبة التي تصلح مادةً حافظة، وأصفر الزرنيخ “كبريت الصوديوم” المضاد للأكسدة ومانع التعفن، والكافور لتطييب الرائحة، والعسل لزيادة لزوجة الحبر وتطريته، والصبر والملح وغير ذلك. أحبار الرسم: يعد الحبر الهندي أو الصيني Indian ink أكثرها شيوعاً، ونوعاً نقياً من الأحبار القديمة، ويستعمل في التصوير والرسم والكتابة، ويحوي صباغاً من الفحم الأسود أو السخام وذروراً من هباب الفحم في وسط مائي من محلول الصمغ والغراء، أما الحبر الهندي المقاوم للماء فأساسه محلول اللك Shellac والبورق Borax والنشادر Ammonia في الماء، في حين يماثل الحبر الهندي الملون الحديث في تركيبه ما سبق غير أنه يحوي صبغاتٍ معدنية مختلفة بدلاً من الفحم. أحبار الطباعة: كانت أوربة مهد أول حبر مخصص للطباعة، وقد تم تطويره في القرن الخامس عشر، وكان يتألف من مسحوق الفحم الأسود ممزوجاً بالبرنيق “الورنيش” الناتج عن طبخ زيت بزر الكتان مع راتنج طبيعي. ويفترض في أحبار الطباعة الحديثة أن تستجيب لمتطلباتٍ كثيرة لا تتوفر في أحبار الكتابة، وهي كثيرة التنوع من حيث تركيبها ومكوناتها لتوائم طرائق الطباعة المعمول بها، إذ يتوقف اختيار نوع الحبر على نوع آلة الطباعة وسرعتها، كما يتوجب أن يكون حبر الطباعة مناسباً لنوعية السطوح المختلفة المراد طباعتها، كالورق والمطاط والقماش والمعدن والخشب واللدائن، وأن تفي تلك الأحبار بالغرض المطلوب منها، فالحبر المطلوب للإعلانات اللماعة الملونة مثلاً يختلف تماماً عن الحبر المستعمل في طباعة صفحة كتاب، كذلك تختلف مدة دوام الحبر ومقاومته للعوامل المختلفة طوال الاستخدام. إنّ معظم أحبار الطباعة اليوم سوائل لزجة أو على شكل معاجين تحوي صبغات صنعية ومواد رابطة ومذيبات ومواد أخرى تساعد على جفافها، أما أهم خواصها فهو ضرورة بقائها رطبة ما دامت على المطبعة (وقد يدوم ذلك بضع ساعات)، وأن تجف بسرعة بعد الطبع. يجف الحبر بأساليب مختلفة، ويمكننا التحكم بسرعة جفافه لدرجةٍ كبيرة بإضافات من مواد معينة أو بمعالجة المطبوعات معالجة خاصة، فقد تجف بعض الأحبار بالأكسدة، وهو السبب في تسخين البرنيق في أحبار الطباعة أصلاً، إذ تُسرَّع الحرارة من تفاعلات أكسدة زيت بزر الكتان جزئياً وتترك للهواء إنجاز العمل بسرعة، أما الأحبار الحديثة فتضاف إليها مجففات كيماوية تحتوي على الرصاص غالباً أو الكوبالت والغاية منها تسريع عملية الأكسدة. وقد تجف بعض الأحبار بامتصاص المادة المطبوعة، والحبر المستخدم في طباعة الجرائد خير مثالٍ على ذلك، وفي حالات أخرى يجف الحبر بتبخر المادة المميعة له لتترك راسباً صلباً على شكل رقاقة جافة، وغالباً ما يُستعمل لهذه الغاية وسط انتشارٍ منخفض درجة الغليان يتبخر بدرجة الحرارة العادية، غير أن الأسلوب الأكثر شيوعاً هو تمرير السطح المطبوع على مصدرٍ حراري مكشوف، وقد يستعمل نفثٌ من بخار الماء لتجفيف أحبار بعينها تحوي على راتنجات تبقى منحلة ما لم تصبها نداوة، وحين يمتص الحبر الماء يتكاثف ليشكل مادة صلبة في ظاهره. الحبر المغنطيسي: يحتوي هذا الحبر على مسحوق أكسيد الحديد، ويستعمل في الطباعة لأغراضٍ معينة، ومنها على سبيل المثال طبع أرقام المودعين على دفاتر حساباتهم في المصارف الكبيرة للتحقق منها في آلاتٍ مؤتمتة بدلاً عن فحصها يدوياً. حبر النسخ أو الحبر السري: وهو الحبر المستعمل في الكتابات السرية والرسائل المعماة، ويكون غير ظاهرٍ للعيان ما لم يعالج بوسائل خاصة، إذ لا يمكننا قراءة رسالة مكتوبة بعصير الليمون أو الحليب إلا بعد تعريضها للحرارة فتتحول الكتابة إلى اللون البني، أما الكتابة بمحلول كلور الكوبالت فتتحول عند تعرضها للحرارة إلى اللون الأزرق، وثمة أحبار سرية مطورة لا يمكن قراءتها إلا بمعالجتها بمواد كيماوية خاصة أو بالاستعانة بالأشعة فوق البنفسجية. الأحبار الخاصة: هناك أحبار صممت للكتابة أو الطباعة على سطوح مواد أخرى غير الورق، مثل الحبر المستعمل لطباعة الأغلفة اللدائنية، أو الحبر المرن المستعمل على الرقاقات اللدائنية الشفافة، وهناك أحبار خاصة للكتابة على الرخام والمرمر أو الزجاج وما شابهها، ومنها ما هو معد للاستعمال في محال تنظيف الملابس والمصابغ ويحوي غالباً نترات الفضة التي تتغلغل في القماش وتترك راسباً معدنياً أسود ثابتاً عند تعرضه للضوء، وتصنع الأحبار المعدنية من مسحوق معدني في المحلول المائي للصمغ العربي. زيت الكتان المغلي: يتم تسخين زيت بذور الكتان بوجود بعض الوسطاء مثل ثاني أكسيد المنغنيز MnO2، أو أكسيد الرصاص الأحمر Pb3O4 أو خلات الكوبالت (CH3COO)2Co فيتماثر ويتأكسد هذا الزيت فيصبح قادراً على الجفاف خلال أربع إلى خمس ساعات ما يؤهله للدخول في صناعة الدهانات، في حين يتم تحضيره للطباعة بدون استخدام الوسطاء وبمعزلً عن الهواء بجوٍ من ثاني أكسيد الفحم CO2. الزاج الأخضر: كبريتات الحديدي خماسية الماء FeSO4. 5H2O حمض العفص: حمض عضوي ضعيف، اسمه العلمي حمض الغاليك Gallic Acid، ويمكننا استخلاصه من مصدرين رئيسين: العفص، ومواد الدباغة، أما صيغته الكيماوية فهي: ونجد هذا الحمض عادة بشكله الحر في عفص البلوط وأوراق الشاي، وعفص البـلوط هذا ما هو إلا تضخمات في شجر البلوط تتكون محل الجروح التي تسببها الحشرات. ويمكن لحمض العفص أن يتفاعل مع نفسه ليعطي استراً عفصياً بحذف جزيئة ماء: C6H2(OH)3COO – C6H2(OH)2COOH والاستر الناتج هذا مادة ذوابة بالماء بكل النسب قد يكون لكل خطاط طريقته في تحضير الحبر العربي ، فمنهم من يعتمد عفصات الحديدي فقط، ومنهم من يعتمد الهباب فقط كحوامل لون، ومع ذلك فإننا سنتطرق للطريقة العامة التي تعتبر حلاً وسطاً يمكن لمن يريد أن يضيف عليها أو ينقص بحسب الخبرات الشخصية:
يتم استخلاص العفص عادة من جوزة العفص الغنية جداً بهذا الحمض وتحتويه على شكل غلوكـوزيد، إذ تكسر الجوزة وتطحن وتغلى بالماء حتى يثبت لون المحلول مع استمرار الغلي، نأخذ المحلول الناتج ونصفيه لنأخذ رشاحته ونسخنها مع بعض من حمض الكبريت الممدد فيتحرر الحمض الحر من الغلوكوزيد ويصبح قابلا لتشكيل الراسب الأسود مع الزاج الأخضر وقد يكون من الأفضل التسخين مع الحموض العضوية كحمض الخل أو الحصرم كما وصف ابن البواب، ومن الجدير ذكره هنا أنه حتى لو لم نجر عملية المعالجة مع الحمض وأضفنا الزاج فإن المحلول سيتلون بالأسود لوجود نسب من حمض العفص الحر أساسا ًولكننا نهمل حينها قسما كبيراً من الحمض يمكنه رفع شدة عمق اللون الأسود للحبر الناتج، ويمكننا أيضا اعتماد الشاي أو لحاء شجر البلوط وجذور شجر الرمان وقشوره كبديل أفقر لجوزة العفص، أو يمكننا الاعتماد على مادة التانين التي يتم تداولها باسم ميموزا في مجالات صناعة الدباغة، والتي تكون عادة على شكل مسحوق أسمر اللون خفيف الوزن النوعي نسبياً. تحضير عفصات الحديدي: تؤخذ الرشاحة ويضاف لها الزاج الأخضر مع التحريك المستمر فيبدأ اللون الأسود بالظهور كدليل على بدء تفاعلات تشكل عفصات الحديدي، ولا يمكننا تحديد كمية الزاج الأخضر الواجب إضافتها بدقة إلا إذا اتخذنا إجراءات مخبرية دقيقة لتحديد محتوى السائل أو الرشاحة النهائية من حمض العفص الحر والتي تتعلق بعوامل كثيرة نجد من أهمها :
وحتى نقارن بين الحدس والعلم فإن العلم يطرح المعادلة على الشكل: لو كان وزن المادة الخام مائة غرام وتحوي خمسين غراماً من حمض العفص الحر فإنه يلزمنا في هذه الحالة خمسون غراما من الزاج فقط . إضافة الهباب: بعد الانتهاء من إضافة الزاج الأخضر نبدأ بإضافة الهباب عبر عمليات تحريك شديدة قدر الإمكان حتى تمام تجانس توزع الهباب في كافة نقاط السائل. إضافة السكر أو العسل: بعد الانتهاء من إضافة الهباب نبدأ إضافة السكر أو العسل بنسبة 5% مبدئياً. إضافة المحلول الصمغي: نبدأ بإضافة محلول الصمغ العربي حتى حصولنا على درجة اللزوجة المطلوبة، أما عن تحضير محلول الصمغ العربي فإنه من المفيد التحدث عن خطواته لما لها من أهمية: ينحل الصمغ العربي بصورة تلقائية في الماء ليشكل ما يسمى باللعاب دون أن تلعب درجة الحرارة أي دور يذكر، ذلك أنه كما يرينا الجدول التالي فإن معدل ما يزيد من الانحلال هو 3% بفارق من الدرجات يبلغ 65 ْم. انحلال الصمغ العربي بالماء وهكذا نرى أنه من غير المفيد اللجوء لغلي الصمغ إلا إذا كان الغرض القضاء على خميرة الأوكسيداز وفي هذه الحالة يتفكك بعض الصمغ مما يضطرنا لوضع نسبة تتجاوز ال40% أساساً، وعادة نأخذ 400 غرام من الصمغ ونتمم الوزن حتى الكيلو غرام بالماء العادي ونحرك كلما سنحت لنا الفرصة حتى تمام الانحلال حيث نلجأ لعملية ترشيح دقيقة قدر الإمكان ويكون لدينا آنئذ لعاب صمغي جاهز للاستخدام. إضافة المواد الحافظة: بعد الانتهاء من إضافة اللعاب الصمغي نضيف المواد الحافظة كالشبة أو بنزوات الصوديوم وقد ترافقها أحيانا الإضافات الخاصة كالكافور والصبر . لو تصفحنا الكتب القديمة التي تحدثت عن فنون وأساليب تحضير الحبر العربي الأسود لوجدنا أعداداً هائلة من الوصفات قد لا يكون لهـا حصر أو عدد، ومرد ذلك سببان رئيسان: 1. لكل خطاط خواطره وتصوراته عن المواد والطرائق الخاصة التي استلهمها من هنا وهناك. 2. عملت السيمياء (علم الكيمياء القديمة) فعلهـا بشكل كبير، إذ أن اكتشاف مادة جديدة أو خاصة جديدة لمادة قديمة قد يدفع بنا لتركيبة حبر جديدة، علاوة عن أن لكل عطار طريقته الخاصة في استخدام كل مـادة جديدة أو قديمة تحويها دكانه، كأن يصف لك مثلا أحـد العطارين الصمغ العربي وآخر يصف لك الجيلاتين أو النشاء…، علاوة عن تعليمات الاستخدام التي يضعها العطار بين يديك، كأن يصف لك أحدهم حل الصمغ على البارد والآخر ينصحك بغليـه، أو أن أحدهم ينصحك باستخدام مائة غرام لكل لتر ماء وآخر ينصحك بمثليها. مبدأ بناء الحبر العربي الأسود: يتبع الحبر العـربي في تصنيفه نظام المعلقات، والمعلقات أشكال سائلة تحوي مواد غير ذوابة وموزعة توزيعا جيداً، لذا فإنه يتوجب علينا كي نتمكن من بناء المعلق تحديد نوعية وسط الانتشار والذي هو المـاء هنا، وندعمه ببعض المواد التي ترفع من لزوجته للحفاظ على المواد غير الذوابة معلقة لأطول فترة ممكنة كالصمغ العربي والسكر، وأخيراً علينا العمل على أن لا تتجاوز أقطار المواد غير الذوابة 1 – 200 ميكرون لكل جزيئة كي تتمكن من القيام بما يسمى (الحركة البراونية) في وسط الانتشار لتؤخر سقوطها لأكبر مدى ممكن. المكونات الأساسية للحبر العربي: يمكننا تصنيف المكونات الأساسية للحبر العربي الأسود في بنود أربعة هي:
1. حوامل اللون: وقلنا أن أهمها عفصات الحديدي والهباب. عفصات الحديدي: راسب أسود اللون يتشكل بإضافة الزاج الأخضر لحمض العفص أو مركباته. حمض العفص: حمض عضوي ضعيف، اسمه العلمي حمض الغاليك Gallic Acid ويمكننا استخلاصه من مصدرين رئيسيين: العفص، ومواد الدباغة، أما صيغته الكيماوية فهي: ونجد هذا الحمض عادة بشكله الحر في عفص البلوط وأوراق الشاي، وعفص البلوط هذا ما هو إلا تضخمات في شجر البلوط تتكون محل الجروح التي تسببها الحشرات. ويمكن لحمض العفص أن يتفاعل مع نفسه ليعطي استراً عفصياً بحذف جزيئة ماء: C6H2-(OH)3COO – C6H2(OH)2COOH والاستر الناتج هذا مادة ذوابة بالماء بكل النسب كباقي المواد العفصية إلا أنه يصعب عليها أن تشكل راسبا مع الزاج الأخضر إلا إذا تحلمهت وعادت لشكلها الحمضي الحر الأصلي، وهذا يعني بالطبع أن استخلاص حمض العفص وتركه على شكل محلول مخزون لفترة طويلة قد يضعف كثيرا من فاعليته في تشكيل الراسب الأسود، أما عن مواد الدباغة فإنها مواد ذوابة بالماء وذات طعم عفصي مر، يمكننا استخلاصها من الكثير من النباتات كقشور الصفصاف والبلوط وبعض النباتات الاستوائية خاصة، مثل الكاد الهندي والعفص الهندي والسنط.ويعتبر التانين مادة دباغة نموذجية إذ يتم استخلاصه بسهولة كبيرة من العفص والشاي أيضاً “وهو الذي يمنح محلول الشاي الطعم المر والقابض”، ويمكننا أن نجده على شكل مسحوق أبيض سهل الذوبان بالماء، يتحول بغليه بحمض كلور الماء إلى حمض العفص والسكر (الغلوكوز) وللتنينات المختلفة المصدر بنى كيماوية متباينة. الزاج الأخضر: وهي كبريتات الحديدي سباعية الماء FeSO4.H2O ونجدها عادة على شكل بلورات خضراء اللون، وبما أنها من مركبات الحديدي فهي سريعة التأكسد بأكسجين الهواء الجوي الذي يحولها لكبريتات الحديد التي تعطي رواسب ملونة مع حمض العفص، وبالتالي يمكننا أن نقول عنها إنها تتخرب مع الزمن كونها لا تعطينا ما نروم إليه من رواسب سوداء. الهباب: ويتم تداوله عادة بأسماء مختلفة مثل أسود الفحم أو سخام النفط أو السخام، السناج … ويقسم الهباب عملياً بحسب مصدره إلى أنواع ثلاثة:
ولقد تفنن الخطاطون وصناع الحبر كثيرا بطرق إجراء الاحتراق الناقص هذا ، فمنهم من كان يوقد سراجا وقوده نوع من أنواع الزيوت (كزيت الزيتون أو الكتان) إذ ينضد فوقه لوحاً زجاجياً لتلقف الهباب الناعم المتصاعد من لهب الاحتراق الناقص، ومنهم من كان يعتمد طريقة تفحيم الشحوم والدهون الحيوانية – كما في بعض مناطق شرق إيران – فكانوا يضعون كمية الشحوم المراد تفحيمها في جرة فخارية مغلقة تماماً ويلقون بها في أفران الخبز العاملة على الحطب لمددٍ قد تصل لستة أشهر يستخرجون بعدها الهباب لاستخدامه في صناعة الحبر، وطرحت حالياً الشركات العالمية فحماً ناعماً بأبعاد غروية وعلى درجةٍ عاليةٍ من النقاوة لاستخدامها في مجال صناعة الدهانات وأحبار الطباعة وما إلى ذلك من مجالات أخرى ويمكننا اعتمادها بكل اطمئنان دون أدنى ريبة من جدواها العملية بشرط حسن الاختيار. 2. المواد المثخنة والرابطة: اعتمد الصمغ العربي كأحسن مادة رابطة في صناعة الحبر العربي بالإضافة لخواصه المثخنة، ويستحصل على الصمغ العربي عادة من بعض أنواع أشجار الأكاسيا، ويحتوي على أملاح المغنيزيوم والكالسيوم لحمض العارابين، حلول بالماء، وترتفع لزوجته عند تحميض محلوله، لا ينحل بالأغوال ويتنافر مع بعض المواد كالفينول، سالب الشحنة وبالتالي علينا الحذر من إضافة أية مادة موجبة الشحنة للحبر (كبعض المواد المطهرة أو الحافظة) ، ويحتوي الصمغ العربي على بعض خمائر الأوكسيداز التي يتم تخريبها عادة بتسخينه لمدة ساعة واحدة بدرجة حرارة 100 ْم أو بتسخين لعاباته لمدة نصف ساعة على حمام مائي غال، علماً بأن للحرارة تأثيراً سيئاً على فعالية الصمغ عموماً. ويعطي الصمغ العربي حبوباً قاسية بعد فترة من الزمن – في حال أردنا تجفيف الحبر كما هو معمول به في الكثير من بقاع العالم – لذا فإنه من الأفضل إضافة بعض السكر أو الغليسرين أو مسحوق عرق السوس له، وعموماً يستخدم الصمغ العربي في صناعة الحبر العربي لهدفين رئيسين:
Damar Resin وأعتقد أنه بإمكاننا إجراء تجارب على صموغ أخرى غير الصمغ العربي إن أردنا وفيما لو تحققت الشروط التالية:
4. المواد المساعدة أو الحافظة: كثيراً ما يلجأ الخطاطون أو صانعو الحبر لمواد أخرى يرونها ضرورية إن لم تكن أساسية ومن هذه المواد نجد: 1.4. السكر: بما أن حدا أدنى من اللزوجة علينا تحقيقه كي لا تترسب حوامل اللون المعلقة في السائل الحبري فإنه من الواجب علينا إضافة مادة مثخنة لأن الصمغ لا يمكننا أن نتجاوز في نسبته حداً معيناً وإلا ضعفت خواص سيولته ومده كثيراً، وهذا ما دفع بالخطاطين أن يضيفوا السكر إلى الحبر إضافة لعامل آخر أقل أهمية وينحصر في عادة لعق الحبر عند ارتكاب خطأ ما في الكتابة، ولما كان طعم العفص شديد المرارة فقد وجد أن السكر أفضل المثخنات لهذه الغاية. وأيضاً وكما أسلفنا سابقا يتصلب الصمغ بصورة قاسية عند جفافه وتفيد إضافة السكر في منع حدوث هذه الظاهرة. 2.4. مسحوق التربة الغضارية: يلجأ بعض الخطاطين لإضافة شيءٍ من التربة الغضارية البنية اللون والشديدة النعومة للتخفيف من زرقة لون السائل الحبري الذي يظهر أحياناً بسبب تخرب الزاج الأخضر وسوء عمليات استخلاص العفص. 3.4. الشبة: يطلق اسم الشبة على مجموعة كبيرة من المركبات الكيماوية، ويعد شب الألمنيوم والبوتاسيوم من أبرزها. إذ تلعب الشبة دور المادة الحافظة أو المانعة للتعفن عموماً، ولكن من الضروري جداً عدم إضافتها إلا بكميات وكميات منخفضة قدر الإمكان لأنها تتسبب بترسب حوامل اللون المعلقة. 4.4. أصفر الزرنيخ: وأشهر من نصح باستخدامه ابن البواب في رائيته: وألقِ دواتك بالدخـان مدبـراً بالخلِّ أو الحصرمِ المعصورِ وأضف إليه مغرةً قد حُوِلَت مع أصفـرِ الزرنيخِ والكـافورِ وأصفر الزرنيخ ما هو إلا مركب كبريت الصوديوم Na2S المستخدم كعامل إرجاع في الكثير من العمليات الكيماوية ويفيد هنا كمانع أكسدة وتعفن في آن معاً، ولأصفر الزرنيخ سيئتان لا يمكننا التغاضي عنهما:
6.4. العسل: له مفعول السكر كمثخن وفي الآن عينه نجد أن العسل يحوي بعض الكيماويات التي تلعب دور المادة الحافظة علاوة عن طعمه المحبب. 7.4. الصبر: يفيد في منع وقوف الذباب على الحبر. 8.4. الملح: يزيد من شدة سواد الحبر. ___________ مقدمة: الحبر العربي صناعة الحبر العربي تقنية صناعة الحبر العربي
المصدر: منتـدى آخـر الزمـان
التعديل الأخير تم بواسطة ميراد ; 02-14-2021 الساعة 08:45 PM |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الحبر, العربي |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|