بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
منتـدى آخـر الزمـان  

العودة   منتـدى آخـر الزمـان > منتدى الباحث الشرعي [بهاء الدين شلبي] > مناقشة الأبحاث والدراسات > الأبحاث والدراسات

الأبحاث والدراسات
جميع أبحاث ودراسات الباحث: بهاء الدين شلبي.(للاطلاع فقط والمناقشات في قسم مناقشة الأبحاث والدراسات).

               
 
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-13-2024, 11:30 AM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,833
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
Lightbulb أساسيات علم العلاج الشرعي

بسم الله الرحمن الرحيم
أساسيات علم العلاج الشرعي

دراسة علمية موثقة بالكتاب والسنة موجهة للمعالجين والمرضى ولكل مسلم

للتعليق ومناقشة الدراسة يمكن التواصل على الرابط أدناه





  #2  
قديم 12-15-2024, 09:51 AM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,833
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

التوحيد:

يعد التوحيد أحد أهم أسس علم العلاج الشرعي للسحر، هذا إن لم يكن التوحيد هو أهمها، وذلك بتحقيق توحيد الله عز وجل الخالص والخالي من الشرك، فلا يستقيم التوحيد بدون تطبيق عملي يشمل كلا من الفهم، والقول، والعمل، فإن حدث أي خلل عقائدي أو قولي أو عملي وقع الإنسان في الشرك وبذلك يزداد السحر قوة بدلا من أن يضعف ويبطل، وهكذا يستمر المسحور في ضنك بعد ضنك قال تعالى: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِی فَإِنَّ لَهُۥ مَعِیشَةࣰ ضَنكࣰا وَنَحۡشُرُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَعۡمَىٰ﴾ [طه ١٢٤] وهذا لن يتحقق حتى يتخلص من الشرك، ويطبق التوحيد بلا أي معوقات شركية قال تعالى: ﴿لَاۤ إِكۡرَاهَ فِی ٱلدِّینِۖ قَد تَّبَیَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَیِّۚ فَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَیُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ﴾ [البقرة ٢٥٦]. فبدأ بالكفر بالطاغوت أولا، ثم أتبعه بالإيمان بالله تعالى فقال (فَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَیُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ) فنبذ الكفر والشرك يسبق في الترتيب التوحيد، لأن التوحيد لن يستقيم مالم يتخلص الإنسان تماما من الشرك.

يعد علم العلاج الشرعي للسحر هو أحد التطبيقات العملية للتوحيد، فإذا كان السحر قائم على الشرك فإن التوحيد يهدم السحر، قال تعالى: ﴿فَلَمَّاۤ أَلۡقَوۡا۟ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ إِنَّ ٱللَّهَ سَیُبۡطِلُهُۥۤ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُصۡلِحُ عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ﴾ [يونس ٨١]. أي أن الله عز وجل هو من يبطل السحر، فإن كانت الشياطين هي من ابتدعت السحر فإنها هي من تنفذه باستخدام خصائص قدراتهم التي ميزهم الله عز وجل بها عن الإنس، وعليه فإن الشياطين تعلم الناس السحر، أي تعلمهم [طقوس السحر] أي العبادات والإجراءات الشركية التي في مقابلها تنفذ الشياطين السحر، ويوم القيامة يتبرأ الشيطان منهم، قال تعالى: ﴿كَمَثَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ إِذۡ قَالَ لِلۡإِنسَـٰنِ ٱكۡفُرۡ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّنكَ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الحشر ١٦]، فالشياطين تنفذ السحر للإنس مقابل الشرك بالله تعالى، وبهذا يكفر سحرة الجن والإنس، قال تعالى: ﴿وَٱتَّبَعُوا۟ مَا تَتۡلُوا۟ ٱلشَّیَـٰطِینُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَیۡمَـٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَیۡمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ كَفَرُوا۟ یُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ﴾ [البقرة ١٠٢] وعليه فإن التوحيد سبب في هدم السحر، وهذا لا يتحقق إلا باللجوء إلى الله تبارك تعالى.


وما يؤكد أن السحر مصدره شياطين الجن، وأنها تتسلط بالسحر على الإنسان ما ورد في الحديث القدسي من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ([ يقومُ ] الرَّجلُ مِن أمتي منَ اللَّيلِ يعالجُ نفسَهُ إلى الطَّهورِ وعليهِ عُقدٌ فإذا وضَّأَ يديهِ انحلَّت عُقدةٌ، وإذا وضَّأَ وجهَهُ انحلَّت عقدةٌ، وإذا مسحَ رأسَهُ انحلَّت عقدةٌ وإذا وضَّأَ رجليهِ انحلَّت عقدةٌ فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ للَّذين وراءَ الحجابِ : انظروا إلى عَبدي هذا يعالجُ نفسَه يسألُني ما سألَني عبدي هذا فَهوَ لَهُ، [ ما سألَني عبدي هذا فَهوَ لَهُ ]). [1] والمراد هنا بالعقد في الحديث عقدا سحرية يعقدها الشيطان على قافية رأس النائم لقول رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ). [2] والعقدة أو العقد الشيطانية هي أسحار يعزم عليها بعزيمة سحرية كقول الشيطان على قافية رأس النائم (عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ)، وضرب العقد السحرية بمعنى البيعة، أي مبايعة الشيطان والتحالف معه على تنفيذ سحر محدد، وهذا يمين وقسم على أداء سحر ما قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ عَقَدَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ﴾ [النساء ٣٣] أي التعاقد والتحالف والقسم على ذلك. ولأن العقد السحرية لا تقتصر على صناعة عقد بخيط أو حبل وما شابه، وإن كان السحرة يفعلون هذا، إلا أن المعنى أعم وأشمل لأن السحرة لا يفعلون هذا في كل أحوالهم، فلديهم وسائل بديلة لا حصر لها، كما أنهم يبتكرون الجديد من صور العقود كل يوم، فمعنى الآية أوسع وأعم بحيث يشمل جميع العقود السحرية بأشكالها وصورها.


ولا يكتمل العقد السحري إلا بالنفث عليه بما يتلى من تعاويذ وعزائم وأقسام سحرية قال تعالى: ﴿وَٱتَّبَعُوا۟ مَا تَتۡلُوا۟ ٱلشَّیَـٰطِینُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَیۡمَـٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَیۡمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ كَفَرُوا۟ یُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ﴾ [البقرة ١٠٢]، والنفث على العقد السحرية ثابت في قول الله تعالى: ﴿وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِی ٱلۡعُقَدِ﴾ [الفلق ٤] وقوله (ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ) أي الأنفس النفاثات من السحرة، وبهذا فإن اللفظ عام يشمل كلا من سحرة الجن والإنس، الإناث منهم بحسب ظاهر اللفظ، والذكور كذلك، وهذا باعتبار أن لفظ النفاثات عام، فيشمل السحرة بعمومهم، بصرف النظر عن جنسهم من الإناث والذكور. وما يؤكد أن الشياطين تنفث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من نفث الشيطان فقال: (اللهُ أكبرُ كبيرًا، و الحمدُ للهِ كثيرًا، و سُبحانَ اللهِ بكرةً و أصيلًا، ثلاثًا، أعوذُ باللهِ من الشَّيطانِ الرَّجيمِ، من نَفخِه و نَفثِه و همزِه). [3] وعليه فالعزائم السحرية (حتى وإن كانت بلسان عربي مبين) والنفث بها على العقد السحرية من الممارسات الشركية التي لا تضعف إلا بالتوحيد الخالص الهادم للشرك.

وإذا كان السحر يصيب الإنسان بأنواع الأذى المختلفة، فإن قال تعالى: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَاۤ أَیُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ﴾ [ص ٤١] فقوله (مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ) أي أصابني الشيطان (بِنُصۡبࣲ) وهو الداء والبلاء والشر كما ورد في [لسان العرب] "قَالَ اللَّيْثُ: النَّصْبُ نَصْبُ الدَّاءِ؛ يُقَالُ: أَصابه نَصْبٌ مِنَ الدَّاءِ. والنَّصْبُ والنُّصْبُ والنُّصُبُ: الداءُ والبَلاءُ والشرُّ." (وَعَذَابٍ) العقوبة والتنكيل، كما في [لسان العرب] "والعَذَابُ: النَّكَالُ والعُقُوبة. يُقَالُ: عَذَّبْتُه تَعْذِيباً وعَذَاباً، وكَسَّرَه الزَّجَّاجُ عَلَى أَعْذِبَةٍ ..." أي أن العذاب هو يشمل كل ضرر جسدي ومادي، قال تعالى: ﴿وَأَیُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰ⁠حِمِینَ﴾ [الأنبياء ٨٣] فالشيطان يصيب الإنسان بشتى أنواع الأذى الجسدي والمادي، قال تعالى: ﴿ٱلَّذِینَ یَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰا۟ لَا یَقُومُونَ إِلَّا كَمَا یَقُومُ ٱلَّذِی یَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ﴾ [البقرة ٢٧٥].

نخلص مما سبق إلى أن ﴿مَا تَتۡلُوا۟ ٱلشَّیَـٰطِینُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَیۡمَـٰنَۖ﴾ كانت عزائم كفرية تتلوها الشياطين على ملك سليمان، سواء كانت شعرا أم نثرا، بصرف النظر كانت بلغة مفهومة أم مجهولة. ولذلك فهناك رقى شركيه مما علمته الشياطين للناس، ليتداوى بها من الأمراض الروحية أو العضوية، فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: كُنَّا نَرْقِي في الجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَرَى في ذلكَ؟ فَقالَ: (اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ). [4] وعليه فمن تطبيق توحيد الله عز وجل عرض الرقى على النبي صلى الله عليه وسلم وهو حي، ومن بعده نعرضها على منهاج النبوة الكتاب والسنة فإن خل نص الرقية من الشرك، ولم تقترن بأفعال شركيه، ووافقت التوحيد جاز الرقية بها.
_______________________
[1] (مَن كذبَ عليَّ متعمِّدًا؛ فليتبوَّأ بيتًا من جَهَنَّم) وسمعتُ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: ([ يقومُ ] الرَّجلُ مِن أمتي منَ اللَّيلِ يعالجُ نفسَهُ إلى الطَّهورِ وعليهِ عُقدٌ فإذا وضَّأَ يديهِ انحلَّت عُقدةٌ، وإذا وضَّأَ وجهَهُ انحلَّت عقدةٌ، وإذا مسحَ رأسَهُ انحلَّت عقدةٌ وإذا وضَّأَ رجليهِ انحلَّت عقدةٌ فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ للَّذين وراءَ الحجابِ : انظروا إلى عَبدي هذا يعالجُ نفسَه يسألُني ما سألَني عبدي هذا فَهوَ لَهُ، [ ما سألَني عبدي هذا فَهوَ لَهُ ]).
الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الموارد الصفحة أو الرقم : 146 | خلاصة حكم المحدث : حسن
[2] الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 3269 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
[3] الراوي : جبير بن مطعم | المحدث : الألباني | المصدر : الكلم الطيب الصفحة أو الرقم : 80 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه أبو داود (764)، وابن ماجه (807)، وأحمد (16786) باختلاف يسير.
[4] الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم : 2200 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]




ــــــ تـابـع ــــــ



  #3  
قديم 12-16-2024, 02:55 PM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,833
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

إن كان العلاج الشرعي قائما على التوحيد علما وعملا فإن العلاج لا يجدي نفعا إن اقترن بالشرك وبذلك يفقد صفة الشرعية، فعلى النقيض من ذلك نجد أن السحر مرتبط بالشرك، ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَیۡمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ كَفَرُوا۟ یُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ﴾ [البقرة ١٠٢] فتعليم السحر لا يكون إلا في مقابل قبول دعوة الشيطان للكفر برب العالمين لقوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ إِذۡ قَالَ لِلۡإِنسَـٰنِ ٱكۡفُرۡ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّنكَ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الحشر ١٦]، ثم يتبرأ الشيطان من أولياءه يوم القيامة قال تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لَمَّا قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِیَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ فَلَا تَلُومُونِی وَلُومُوۤا۟ أَنفُسَكُمۖ مَّاۤ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَاۤ أَنتُم بِمُصۡرِخِیَّ إِنِّی كَفَرۡتُ بِمَاۤ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [إبراهيم ٢٢].

فلو أن الساحر الإنسي لم يسحر للمسحور له، فلم يوالي الشيطان، لسحر الشيطان نفس ذات السحر للمسحور له، فالشيطان ليس في حاجة للساحر الإنسي لإصابة الإنسان بالأذى والضرر، وهذا هو ما يسمى [المس الشيطاني] أي الإصابة الشيطانية بدون تدخل الإنس قال تعالى: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَاۤ أَیُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ﴾ [ص ٤١]، وإنما الشيطان يستزيد من أولياءه، حيث إن ربط السحر الجني بالسحر الإنسي يزيد السحر قوة فتزداد صعوبة كشفه وعلاجه، فيختلط الأمر على المسحور له إن كان ما به من أذى بفعل السحر أم إصابة عضوية. لأن الإصابة بضرر السحر وأذاه من الأمور المقدرة بإذن الله تعالى وليس بحول الشيطان وقوته قال تعالى: ﴿وَمَا هُم بِضَاۤرِّینَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة ١٠٢]. وهذه سنة الله عز وجل في الأمم يصيبهم بالبأساء والضراء ليتضرعوا ويصبروا فيؤجروا وترفع دراجتهم قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰۤ أُمَمࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ لَعَلَّهُمۡ یَتَضَرَّعُونَ﴾ [الأنعام ٤٢]، وكان لنا مثلا في أيوب عليه السلام صبر على المس الشيطاني ولم يلجأ إلا لله عز وجل قال تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدۡنَـٰهُ صَابِرࣰاۚ نِّعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥۤ أَوَّابࣱ﴾ [ص ٤٤].

فالشيطان يتخذ له شركاء من سحرة الإنس ليضلهم، وليدعم سحره بكفرهم فيكونوا له شركاء في صناعة السحر وفي نار جهنم، قال تعالى: ﴿وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَیۡهِم بِخَیۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡوَ ٰ⁠لِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا یَعِدُهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ إِلَّا غُرُورًا﴾ فالشيطان يشارك السحرة، وهم يشاركونه في الكفر قال تعالى: [الإسراء ٦٤] ﴿وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَاۤءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُوا۟ لَهُۥ بَنِینَ وَبَنَـٰتِۭ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یَصِفُونَ﴾ [الأنعام ١٠٠]. وهذا ما يؤكد أن السحر قائم على الشرك بالله تعالى، وذلك باتخاذ الشيطان معبودا يطاع من دون الله عز وجل قال تعالى: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَیۡكُمۡ یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُوا۟ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [يس ٦٠]. فبالشرك يزداد السحر قوة وشدة، بينما علاج السحر مرتبط بالتوحيد، وبالشرك يزداد السحر قوة وشدة.

أما ما يتوهمه البعض من نتائج وراحة ملموسة لعلاج السحر بالشركيات، ما هو إلا [سكون عارض ومؤقت] وعلاج للسحر بالسحر، فبعدما كان الإنسان مصابا بسحر واحد فقط، صار مصابا بسحرين، لأن السحر لا يبطل سحرا، فالقاعدة أن السحر لا يبطله إلا الله تبارك وتعالى لقوله: ﴿قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ إِنَّ ٱللَّهَ سَیُبۡطِلُهُۥۤ﴾ [يونس ٨١]، فمن شك أن الله عز وجل هو الذي يبطل السحر وحده لا شرك له فقد كفر لإنكاره نصا صريحا. ومن اعتقد أو زعم أن السحر يبطل سحرا، فذهب إلى السحرة يطلب منهم علاجه من السحر فليس من المسلمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطيَّر أو تُطُيِّرَ له، أو تكَهنَّ أو تُكُهِّنَ له، أو سَحر أو سُحِرَ له، ومن أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزلَ على محمدٍ). [1] فإن زعم الساحر أنه يبطل السحر فقد كفر، وإن ادعى أن يبطل سحرا بسحر فقد كذب فيما يدعيه لأن السحر لا يبطل سحرا، حتى وإن وجد المسحور له نتائج مرضية له، ، لأن الساحر يحبس السحر الأول عن العمل بسحر ثاني أقوى منه يسمى [سحر حبس] يعطل السحر الأول عن العمل، فهو يعالج الكفر بكفر، فبعد أن كان المسحور يعاني من سحر واحد صار يعاني من سحرين. وعند علاج هذا المسحور له فبدلا من أن نعالج سحرا واحدا سنضطر لعلاج سحرين أو أكثر بحسب عدد من تردد عليه من السحرة، وبحسب أعداد الأسحار التي فشل السحرة في صنعها. وهذه صورة من صور تأثر العلاج وعرقلته بسبب الشرك وكثرة التردد على السحرة، فلا نتخلص من الأسحار إلا أن نتخلص أولا من الشرك بتحقيق التوحيد الخالص.

وبسبب عدم اعتراف الأكاديميات والجامعات بعلم العلاج الشرعي فلا يمكن للمعالج الشرعي تقديم أبحاثه ودراساته للحصول على درجة الدكتوراه والأستاذية، وبسبب عدم وجود هيئة متخصصة تمنح تراخيص معتمدة من الدولة للمعالجين، وهذا من المستحيل أن يتم إن لم تكن هناك أكاديميات تؤهل المشرفين وتعدهم لتقديم تلك التصاريح للمؤهلين فعلا، لذلك صار من العسير التعرف على المعالج الشرعي وتميزه عن الساحر، وهذا بسبب عدم وجود جهة أكاديمية لتعليم العلاج الشرعي، وبسبب غياب دور الرقابة الشرعية عليهم لكشف السحرة وملاحقتهم. فليست وظيفة المريض التحقق من الساحر بسبب أنهم غير مؤهلين لهذا، حتى المعالجين أنفسهم قد يخفقون كثيرا في كشف السحرة بسبب تسترهم بالتدين الزائف إلى أن تظهر بينة تكشف الساحر، والدجال المدعي للشرعية، وهذا يحتاج لجهات تحقيق وتحري مؤهلة لكشف السحرة وضبطهم متلبسين. فغياب الدور الأكاديمي والأمني من أهم العقبات التي تعيق المعالجين الشرعيين، مما يسهم في نشر الشرطيات التي تدمر العقيدة والمجتمع.

فإن كان السحر لا يضر المؤمن أو الكافر إلا بإذن الله تعالى لقوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِضَاۤرِّینَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة ١٠٢]، فكذلك لا يبطل السحر إلا بإذن الله عز وجل، فيبطله بإذنه حتى بدون الأخذ بأي من الأسباب، حتى وإن كان المسحور كافرا، فمشيئة الله عز وجل لا تخضع للأسباب المخلوقة. حيث يمر السحر بعدة مراحل بداية من [صناعة السحر] ونهاية [بإبطال السحر]، فيبدأ بالشرك والكفر عند صناعته، ويعالج بالتوحيد حتى يبطل بإذن الله تعالى، بينما علاج السحر يقع في مرحلة انتقالية من الشرك إلى التوحيد، فبدون التوحيد لا يمكن [علاج السحر] طالما أن السحر تأسس على الشرك والكفر. حيث يمر السحر بعدة مراحل في مواجهة بين التوحيد والشرك وهي [صناعة السحر] - [أذى السحر] - [ضرر السحر] - [علاج السحر] - [فك السحر] - [إبطال السحر] فإن وحد المسحور ربه عز وجل فلم يشرك به شيئا وفق في علاجه، وإن أشرك فقد والى الشيطان والعياذ بالله.
_______________________
[1] الراوي : عمران بن الحصين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم : 3041 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره التخريج : أخرجه البزار (3578) واللفظ له، والدولابي في ((الكنى والأسماء)) (2083) مختصراً، والطبراني (18/162) (355) باختلاف يسير،



ــــــ تـابـع ــــــ



موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
أساسيات, الشرعي, العلاج, علم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
تابعونا عبر تويترتابعونا عبر فيس بوك تابعونا عبر وورد بريس


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنتدى آخر الزمان©

تابعونا عبر تويتر