منتـدى آخـر الزمـان

منتـدى آخـر الزمـان (https://www.ezzman.com/vb/)
-   الدابة (https://www.ezzman.com/vb/f224/)
-   -   الدابة من المصطفين (https://www.ezzman.com/vb/t3574/)

بهاء الدين شلبي 07-12-2016 05:52 PM

الدابة من المصطفين
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

يختلف معنا الكثيرون فيلقون بالشبهات جزافا حول جنس الدابة؛ إن كانت إنسانا أم بهيمة، أي عاقل أم غير عاقل، وإن كانت ذكرًا أم أنثى، يجادلون في الحق بعدما تبين لهم. فلا مانع لديهم أن يؤمنوا ببهيمة، لأنهم مستيقنون في قرارة أنفسهم أن الله تعالى لا يخرج للعقلاء بهيمة عجماء لا تعقل ولا تميز، خاصة وأن جميع النصوص التي ذكر فيها أنها بهيمة لم يصح منها شيء بإجماع أهل العلم، وما قول بعضهم أنها بهيمة إلا محض اجتهاد يرده النص القرآني. لكن الويل والثبور وعظائم الأمور إن قبل أنها إنسان، والأشد حنقا إن قيل بأنها امرأة، فلديهم استعداد أن يؤمنوا ببهيمة فيتبعونها، لكن أن تكون امرأة فهم يكفرون بها قبل إخراجها. فيزعمون بألسنتهم أنها بهيمة تحاجج البشر وتتكلم بلسانهم، أي أنها بهيمة يجتمع لها الضدين الكلام وهو صفة العاقل رغم أنها غير عاقل. بينما في قرارة أنفسهم يأخذهم الكبر أن يتبعوا امرأة، ويصدقونها إن هي خرجت تدعوهم إلى دين الله تعالى وتصحح لهم مفاهيمهم.

والحقيقة أنهم مستيقنون في قرارة أنفسهم من أن الله لا يخرج غير العاقل يحاجج العاقل، لأن العقل مناط التكليف، وإن خرج ما يدعون، سيقولون حينها أأخرج الله إلينا بهيمة لا تعقل تكلمنا، ونحن عقلاء أحق منها بالكلام؟ يذكرنا هذا بقول بني إسرائيل في قوله تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّـهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 246]. فهم يقولون أيخرج الله لنا امرأة تكلمنا، ونحن الرجال أحق منها بالكلام، والحقيقة أن الله اصطفاها عليهم أجمعين كما قال: (إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، وهي أيضا اصطفاها الله على الرجال والنساء، وزادها بسطة في العلم فهداها إلى مالم يهدي إليه أحدا قبلها، والله يؤتي ملكه من يشاء، والله واسع عليم.

ولو أخرج الله إليهم بهيمة لقالوا؛ سحر مبين، وشيطانة، وبهيمة مسحورة، وشيطان ينطق على لسانها، كما قال تعالى: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ*وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ) [الأنعام: 7؛ 9]

فالله عز وجل لا يرسل للجن والإنس، أي جنس العاقل إلا رسلا من أنفسهم، لقوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا) [الأنعام: 130]، فالله عز وجل يخاطب الجن والإنس يوم القيامة، ويقيم عليهم الحجة بأنه أتاهم رسلا منهم، أي رسلا من الجن، ورسلا من الإنس، والرسل كل من اصطفاهم الله عز وجل ليقيم بهم الحجة على الناس، فيدخل فيهم الصديقون الذيم صدقوا الأنبياء والمرسلين حين كذبهم الناس، والصديق يوحى إليه، وتتنزل عليه الملائكة، كما كانت مريم عليها السلام صديقة تتنزل عليها الملائكة.

فهم يستنكرون أن يصطفي الله امرأة على الرجال، كما اصطفى مريم عليها الصلاة والسلام على نساء العالمين، فحملت بغير رجل، وطهرها من الرجس والنجس، فكانت تقيم في المسجد وتؤدي الصلاة مع المصلين، لأنها كانت طاهرة لا تحيض، فالطهر من الحيض من شروط الصلاة والمكث في المسجد، فقال تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [آل عمران: 42، 43]

فالطهارة والتطهر من الحيض والجنابة والغائط من شروط مناجاة الله تبارك وتعالى، حيث قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) [النساء: 43]

فتنزل الوحي على عباد الله المصطفين مشروط بالطهارة من النجاسة، والتطهر منها، لذلك قال تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79]، فلم يكتفي فقط بتطهير البدن، بل فر عليهم تطهير ثيابهم كذلك فقال تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: 4]، فالله تبارك وتعالى يحب المطهرين فقال: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108]

حتى أن الملائكة لا دخل بيت فيه جنب حتى يتطهر من جنابته، في الحديث: (لا تدخلُ الملائِكةُ بيتًا فيهِ صورةٌ ولا كلبٌ ولا جُنبٌ) الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح
الصفحة أو الرقم: 1/242 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة]

فنحن متفقون جميعا بلا مخالف على شرط طهارة عباد الله المصطفين، الجسدية والبدنية، خاصة حين تنزل الحي عليهم، سواء كانوا أنبياء، أم مرسلين، أم غير ذلك ممن اختار واصطفى، هذا بصرف النظر عن المسمى الذي يطلق على كل منهم نبي أم رسول أم مهدي أم صديق ...إلخ، قال تعالى عنهم: (وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ) [ص: 47]، وقال تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 59]

بينما تناسى هؤلاء في غفلة منهم أن البهائم تتغوط، وتتبول، وقتما دعتها الحاجة، وحيثما اقتضى الحال لها فتتغوط روثها لتصيب به كل ما حولها، وتدر بولها، فيتناثر رذاذه على جسدها، فلا هي بالطاهرة، ولا بالمتطهرة، وبذلك تفقد أحد شروط تنزل الوحي عليها. ثم تقبل عقولهم المريضة أن ينزل الوحي على بهيمة تنجس جسدها بالبول والغائط، فتعرف بوحي من ربها مغيبات قلوب العباد، فتكشف ما فيها من إيمان أو نفاق. مع العلم أن معرفة ما في القلوب من أخص خصائص الله تبارك وتعالى، فلا يطلع عليه أحدا إلا من شاء من عباده (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا) [الجن: 26؛ 28]

إذن فعلم الغيب الذي تنزل به الملائكة هو رسالة، ومن يتلقاها فهو رسول، سواء اقترن اسمه بصفة رسول، أم نبي، أم لم يقترن اسمه بالصفة، فالشرط أن يكون من المصطفين، فمريم عليها السلام تنزلت عليها الملائكة بالوحي، ولم يقترن اسمها بكلمة رسول، أو نبيئة، وإنما صرح بأنها صديقة فقال تعالى: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) [المائدة: 75] فيفهم من هذا أن الصديق تتنزل عليه الملائكة، فيوحون إليه بإذن ربهم ما يشاء، وقد يجتمع مع النبي صفة الصديق، فيبدا صديقا، ثم يصير نبيا إن نزل عليه الكتب، قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) [مريم: 41] وقال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) [مريم: 56].

والصديق هو من أمن بالله ورسله، وذلك حين يعم الكفر والضلال، كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) [الحديد: 19]، فخديجة عليها الصلاة والسلام صديقة، لأنها أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدقته حين كذبه الناس، فهي أحق وأولى أن يقال لها صديقة. لذلك فهي من عباد الله المصطفين الأخيار، فكان الوحي يتنزل على النبي عليه الصلاة والسلام في بيتها الطاهر.

سواء علينا اختلفنا أم اتفقنا حول صفة الدابة عليها السلام، فهي لن تخرج عن كونها من الصديقين، إلا أن لها خصوصية لم يحظى بها أحد قبلها، وهي صفة [الهداية]، فهي [المهدية] يهديها ربها في ليلة إلى كل علوم كل ما سبقها من الأنبياء والمرسلين، وبهذا ميزها ربها تبارك وتبارك عن كل الأنبياء والمرسلين، فكلهم هداهم الله تعالى بهداه، وايدهم بكتبه، أما هي فيهديها هداية خاصة تتفرد وتتميز بها عن سائر الأنبياء والمرسلين. فيجمع لها كل ما آتهاهم من كتب وعلوم وآيات. لذلك فمسمى [المهدي] ما هو إلا مسمى محرف، أريد صرف أنظار الناس به عن أنه خاص بالمهدية عليها السلام، والتي بشر الله تعالى بها في كتابه الكريم، فميزها بديبها، أي تنقلها من مكان إلى مكان، وبكلامها الذي تحاجج به فقهاء الأمم، حينما يؤتى بهم من كل أمه أفواجا يناظرونها فتبهتهم فلا ينطقون، كما قال تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ) [النمل: 83؛ 85]

صبح 07-13-2016 08:52 AM



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جند الله http://ezzman.com/vb/images/buttons/viewpost.gif
بسم الله الرحمن الرحيم
الكاتب: بهاء الدين شلبي.

فهم يستنكرون أن يصطفي الله امرأة على الرجال، كما اصطفى مريم عليها الصلاة والسلام على نساء العالمين، فحملت بغير رجل، وطهرها من الرجس والنجس، فكانت تقيم في المسجد وتؤدي الصلاة مع المصلين، لأنها كانت طاهرة لا تحيض، فالطهر من الحيض من شروط الصلاة والمكث في المسجد، فقال تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [آل عمران: 42، 43]

السلام عليكم ورحمة الله .
يُفهَمُ من هذا .. أنّ مريم عليها السلام حين ولدت المسيح .. تخلّفت عن الصلاة في المسجد طيلة أيام النّفاس .. لأنّها كانت جنبا .. والقول بأنّ مريم لم يحدث لها ما يحدث للمرأة العادية .. أثناء المخاض .. وبعد الوضع .. يلزمه دليل ..



اقتباس:


فتنزل الوحي على عباد الله المصطفين مشروط بالطهارة من النجاسة، والتطهر منها، لذلك قال تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79]، فلم يكتفي فقط بتطهير البدن، بل فر عليهم تطهير ثيابهم كذلك فقال تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: 4]، فالله تبارك وتعالى يحب المطهرين فقال: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108]

حتى أن الملائكة لا دخل بيت فيه جنب حتى يتطهر من جنابته، في الحديث: (لا تدخلُ الملائِكةُ بيتًا فيهِ صورةٌ ولا كلبٌ ولا جُنبٌ) الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح
الصفحة أو الرقم: 1/242 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة]

فنحن متفقون جميعا بلا مخالف على شرط طهارة عباد الله المصطفين، الجسدية والبدنية، خاصة حين تنزل الحي عليهم، سواء كانوا أنبياء، أم مرسلين، أم غير ذلك ممن اختار واصطفى، هذا بصرف النظر عن المسمى الذي يطلق على كل منهم نبي أم رسول أم مهدي أم صديق ...إلخ، قال تعالى عنهم: (وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ) [ص: 47]، وقال تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 59]

1 - صحيح .. فرض الله تعالى تطهير الثياب .. وهذا ربّما معناه .. الطهارة بصفة عامة .. وتطهير النفس من أمراضها بصفة خاصة.. وذلك حسب ما جاء في قاموس لسان العرب :
*
وقوله عز وجل: وثيابَكَ فَطَهِّرْ. قال ابن عباس، رضي اللّه عنهما، يقول: لا تَلْبَسْ ثِيابَك على مَعْصِيةٍ، ولا على فُجُورِ كُفْرٍ، واحتجَّ بقول الشاعر: إِني بِحَمْدِ اللّهِ، لا ثَوْبَ غادِرٍ * لَبِسْتُ، وَلا مِنْ خَزْيةٍ أَتَقَنَّعُ
وقال أَبو العباس: الثِّيابُ اللِّباسُ، ويقال للقَلْبِ.
وقال الفرَّاءُ: وثِيابَك فَطَهِّرْ: أَي لا تكن غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك، فإِنَّ الغادِرَ دَنِسُ الثِّيابِ، ويقال: وثِيابَك فطَهِّرْ. يقول: عَمَلَكَ فأَصْلِحْ.
ويقال: وثِيابَكَ فطهر أَي قَصِّرْ، فإِن تَقْصِيرها طُهْرٌ.
وقيل: نَفْسَكَ فطَهِّر، والعرب تَكْني بالثِّيابِ عن النَفْسِ، وقال: فَسُلِّي ثيابي عن ثِيابِكِ تَنْسَلِي وفلان دَنِسُ الثِّيابِ إِذا كان خَبيثَ الفِعْل والـمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض. قال امْرُؤُ القَيْس: ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى، نَقِيّةٌ، * وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ الـمَسافِرِ، غُرّانُ
وقال: رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ، ولا تَرَى * لها شَبَهاً، الا النَّعامَ الـمُنَفَّرا. رَمَوْها يعني الرّكابَ بِأَبْدانِهِم.
ومثله قول الراعي: فقامَ إِليها حَبْتَرٌ بِسلاحِه، * وللّه ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى يريد ما اشْتَمَل عليه ثَوْبا حَبْتَرٍ من بَدَنِه.
وفي حديث الخُدْرِيِّ لَـمَّا حَضَره الـمَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ، فَلَبِسَها ثم ذكر عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: إِن المَيّتَ يُبْعَثُ في ثِيابِه التي يَموتُ فيها. قال الخطابي: أَما أَبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهرهِ، وقد رُوي في تحسين الكَفَنِ أَحاديثُ.
قال: وقد تأَوّله بعضُ العلماء على المعنى وأَراد به الحالةَ التي يَمُوت عليها من الخَير والشرّ وعَمَلَه الذي يُخْتَم له به.
يقال فلان طاهِرُ الثيابِ إِذا وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ من العَيْبِ.
ومنه قوله تعالى: وثِيابَكَ فَطَهِّرْ.
وفلان دَنِسُ الثّياب إِذا كان خَبِيثَ الفعل والـمَذْهبِ.
قال: وهذا كالحديث الآَخَر: يُبْعَثُ العَبْدُ على ما مات عليه. قال الهَروِيُّ: وليس قَولُ من ذَهَبَ به إِلى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إِنما يُكَفَّنُ بعد الموت.
وفي الحديث: مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللّهُ تعالى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ؛ أَي يَشْمَلُه بالذلِّ كما يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه في العُيون ويُحَقِّرَه في القُلوب.


2 - بالحديث عن " الجُنُبِ" .. إن صحّ الحديث .. فهذا معناه أنّ بيوت المرسلين والأنبياء والصدّيقين .. كانت تهجرها الملائكة في كثير من الأوقات .. لأنّ هؤلاء البشر كانوا يتّزوجون .. ويأكلون الطعام .. ويتغوطون .



بهاء الدين شلبي 07-13-2016 02:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صبح http://ezzman.com/vb/images/buttons/viewpost.gif

السلام عليكم ورحمة الله .
يُفهَمُ من هذا .. أنّ مريم عليها السلام حين ولدت المسيح .. تخلّفت عن الصلاة في المسجد طيلة أيام النّفاس .. لأنّها كانت جنبا .. والقول بأنّ مريم لم يحدث لها ما يحدث للمرأة العادية .. أثناء المخاض .. وبعد الوضع .. يلزمه دليل ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذه مسألة فرعية هامة خارج سياق المقال تحتاج أن تفردي لها موضوع مستقل للبحث والنقاش والحوار حوله، فمدار كلامنا هنا عن اصطفاء الدابة كصديقة ومهدية وعلاقة هذا بإرسال المصطفين للناس. فهناك فارق بين أن أقول (أرسل الله رسولا للناس) وبين أن أقول (فلان رسول الله) أو (فلان نبي الله) فليس كل من يرسله الله للناس يطلق عليه صفة رسول أو نبي فقد يكون صديق أو مهدية، بل قد يكون عاقل ملك، أو جن، أو إنس، أو غير عاقل فقد يرسل الله الرياح مثلا:

قال تعالى: (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) [الشعراء: 17]

قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) [الفرقان: 48]

فالإرسال لا يشترط في معناه حمل كتاب منزل، وإلا فهذا هو معنى (النبوة) فكل نبي معه كتاب منزل. إنما يقصد بالرسول الاصطفاء والتكليف من الله تعالى، كما أوحى لأم موسى عليهما السلام، ولمريم عليها السلام، والتأييد بالآيات الخارقة إرسال، فكل الرسل يرسل إليهم بالآيات لإقامة الحجة على الناس، قال تعالى: (فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) [الأنبياء: 5]، والدابة معها آيات مؤيدة كالعصا والخاتم، وتعلم ما في القلوب من إيمان وكفر، فهي مكلفة من ربها، ومرسلة بالآيات والأدلة والبراهين، بل تجتمع لها آيات المرسلين من قبل لتقيم الحجة على الأمم كلها، وليس لأمة بيعنها دون الأخرى، فيجري الله عز وجل الآيات على يد المصطفين من العقلاء للعقلاء المميزين، وليس للبهائم العجماوات، قال تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الحديد: 17]. فعندما يخاطب العقلاء المميزين يختار لهم صفوتهم. فاصطفى الله تعالى آدم وذريته بالنبوة والرسالة على الجن، فنزعت من الجن بعدما كانت فيهم قبل خلق آدم عليه السلام، لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 33]، والعالمين تشمل الجن والإنس، فإن لم يكن خلق قبل آدم عاقل مكلف إلا الجن، فقد اصطفاه وذريته على الجن، فالعقل مناط التكليف، والاصطفاء تكليف، فلا يصطفي الله عز وجل إلا عاقلا ليبلغ وحيه وغيبه، وهذا يستبعد كون الدابة بهيمة.

وعليه فالدابة من الإنس وليست من الجن، وكذلك يستبعد أن تكون من البهائم، لأن الله كرم بني آدم واصطفاهم بالرسالة على العالمين فلا ينتزعها من البشر ويجعلها للبهائم العجماء الخرساء التي لا تتكلم، من قال هذا فقد أعظم الفرية على الله عز وجل لأنه يتعارض مع الآية الصريحة باصطفاء آدم على الجن. من زعم خلاف هذا فلم يقدر الله تعالى حق قدره أنه يصطفي رسله من الملائكة والناس [وتشمل الجن الإنس] فقال تعالى: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج: 74، 75]. وعليه فالقول بأنه يصطفي بهيمة فيرسلها للناس تكلمهم يتعارض مع نص الآية، خاصة وأن الله عز وجل كرم بني آدم على كثير ممن خلق، بل فضلهم بأن آثرهم بنزول الوحي والرسالات على صفوتهم، فقال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء: 70]، فالبهيمة كائن حي مهين ضد كريم، فخلقت الأنعام وهي من البهائم لتمتهن، فسخرها الله عز وجل لتكون في مهنة الإنسان، للركوب، وحمل الأثقال، فمرفوع عنها التكليف، فذكاءها فطري بحسب ما سخرت له، فقال تعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) [النحل: 5؛ 9]. لذلك فالبهائم لذكائها الفطري المحدود، الذي لا يقارن بذكاء الإنسان العاقل، ولعجمة لسانها وعجزها عن البيان، فإنه مرفوع عنها التكليف، فضلا عن أنها لا تليق بقدر الله تبارك وتعالى ليبعثها أو يخرجها للناس تكلمهم وتحاججهم.

حتى أن فرعون استنكر على موسى عليه السلام عجزه عن البيان، وقرن هذا بلفظ (مَهِينٌ)، وهذا العجز كان معروفا عنه قبل هروبه من مصر إلى مدين، فقال تعالى: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) [الزخرف: 52]، لكن من الواضح أن الله عز وجل حل عقدة لسانه استجابة لدعائه، فقال تعالى: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي) [طه: 27، 28]، فالراجح أن الله عز وجل استجاب له، وحل عقدة من لسانه. فانطلق موسى عليه السلام يكلم فرعون بعد رجوعه إلى مصر، فكان بيانه وطلاقة لسانه آية مؤيدة له، مما أدهش لفرعون، فحشر السحرة ليتصدوا له، فخرجت المواجهة عن حدود البيان إلى ميدان التحدي واستعداء السحرة ضده.

فإذا كان فرعون، وهو إنسان كسائر البشر، استنكر أن يكون المرسل إليه من الله لا يكاد يبين، فمن باب أولى أن لا يليق بقدر الله تبارك وتعالى أن يرسل بهيمة تبلغ الناس وحيه، خاصة وأنها لا ترقى إلى كرامة بني آدم حتى يصطفي عليهم بهيمة عجماء تكلمهم. حتى على فرض أن بعض البهائم نطقت فتكلمت، فكلامها كان آية للناس، فضلا عن أن وجه الإعجاز لم يكن في كلام البهائم، وإنما وجه الإعجاز أن تنطق، والآية لم يرد فيها فعل النطق، لفهم أنها بهيمة أنطقها الله فتكلمت، إنما ذكر فعل خاص بالعاقل وقاصر عليه، فقال (تُكَلِّمُهُمْ)، بينما النطق دليل على التحول من الخرس كصفة للحيوان، فنقول (حيوان أخرس) و(بهيمة خرساء) إلى الكلام كصفة للعاقل، فنقول (نطق الأخرس فتكلم). فالكلام فعل خاص بالعاقل، قال تعالى: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 46]، فلم تكن المعجزة أن يتكلم المسيح عليه السلام، لأنه عاقل، ولكن وجه الإعجاز أن يتكلم وهو لا يزال في المهد، ولم يبلغ بعد سن الكلام والبيان. أما وجه الإعجاز في البهيمة فهو أن تنطق وهي خرساء، فإذا أنطقها الله عز وجل تكلمت. فلكل مخلوق منطقه، ومنطق الإنسان الكلام، قال تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [فصلت: 20، 21]، فوجه الإعجاز في الآية النطق، لأن الجلود خرساء لا منطق لها، ثم أنطقها الله فتكلمت وشهدت على أصحابها.

بهاء الدين شلبي 07-13-2016 06:39 PM

من أهم الفوارق بين العاقل وغير العاقل التكليف والتسخير، فالعقل مناط التكليف، بينما القدرة مناط التسخير. فالإنسان مكلف بتنفيذ أوامر الله تبارك وتعالى، والتكاليف هي جملة وحيه إلى رسله عليهم السلام، فلابد أن يفهم الوحي الوزن ويعقله، حتى يقوم بتنفيذه، فإن لم يكن الإنسان عاقلا مميز فلا يمكنه فهم الوحي، ومن ثم تنفيذه، إذن فالعقل مناط التكليف. بينما من لا عقل له فإنه مسخر من الله تبارك وتعالى مقهور على فعل ما خلق له، وله القدرة على فعل ما سخر وخلق من أجله، إذن فالقدرة مناط التسخير، وهذا يدخل فيه كل الكائنات الحية كالأنعام والطير والحيتان، قال تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [النحل: 79] والكائنات الجامدة كالشمس والقمر والنجوم والكواكب، قال تعالى: (سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [النحل: 12]

فالدواب مسخرات للإنسان، خلقت لها القدرة على القيام بمهام سخرت لعملها وخلقت لديها القدرة على القيام بهذه المهام، فقال تعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) [النحل: 5؛ 9].

وكل من يقول بأن الدابة عليها السلام سوف تكلم الناس، وتناظر العلماء، وتحاججهم، ومعها عصا موسى، وخاتم سليمان، وتميز ما في قلب الإنسان من إيمان أو نفاق، فإن هذا كله لايكون إلا بوحي وهداية من الله عز وجل، فيدخل في باب التكليف، لا في باب التسخير، وهو ما يقطع أنها إنسان عاقل مكلف، وليست بهيمة مسخرة مفطورة ومجبورة على ما تفعل.

فمفاهيم الناس متناقضة ومتضاربة، يؤمنون بكائن حي عاقل مميز مكلف يحمل صفات بشرية، ثم يهملون إعراب كلمة (دَابَّةً) في الآية، ويحملونها على أنها اسم جنس، رغم أنها لا تحمل شروط اسم الجنس في هذا الموضع، وإنما تعرب حال لعامله محذوف تقديره المرأة. ولكن الصادم عند البعض أن يبعث الله عز وجل لهم إمرأة، لكن أن يبعث لهم بهيمة فهذه لا مانع عندهم منها، وهم في الحقيقة كاذبون، فلو أخرج الله عز وجل بهيمة لهم، تتبول وتتبرز في الطرقات، لقالوا لولا أتانا بإنسان عاقل، لكنهم يستكبرون أن يبعث الله امرأة تقود الرجال في أعز ما يملكونه وهو دينهم، فيقولون لولا أتنا برجل، فلقد أرسل الله تعالى رجالا من قبل فكذبتموهم وقتلتموهم، ونساءا فاتهمتموهن بالباطل ومنهن مريم عليها السلام. فالخلاف ليس إلا على أهواء، وأمراض في علقة في قلوب لا تعي ولا تفقه، فهم إلا كالأنعام بل هم أضل. فكيف يبعث الله البهائم للناس وهم أضل منهم؟!

قال تعالى: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) [الفرقان: 44]

(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]

إن كانت الأنعام ضالة لا تهتدي لأنها لا تعقل، وغير مكلفة، فكيف لغير العاقل الذي لا يهتدي أن يهدي العاقل؟ هذا خرق لسنن الله تبارك وتعالى، وإن كان الله عز وجل قادر علىخرق السنن وقتما شاء، إلا أنه إن سلمنا بأن بهيمة تهدي البشر آية من الله تعالى، فهذا يتعارض مع قوله تعالى: (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [يونس: 35]، فإن كان البشر بحاجة لمن هو أهدى منهم ليهديهم، فلا يستقيم وحكمة الله تعالى أن للعقلاء ما هو أضل منهم ليهدي العمي عن ضلالتهم، قال تعاىل: (وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ) [النمل: 81] فالأعمى بحاجة إلى مبصر ليهديه، والعاقل بحاجة لعاقل أحكم منه ليقيم عليه الحجة حتى يهتدي. وبهذا؛ فالقول بإرسال بهيمة عجماء خرساء تحاجج الناس، ليتعارض مع الآي 81 من سورة النمل، وهي التي تسبق مباشرة الآية 82 التي تذكر الدابة، وكأن الآية الأولى تنفي ما قد تذهب إليه العقول بأن المقصود بالدابة بهيمة، فالله بعلمه الغيب يعلم أن الناس سيقولون عنها بهيمة، فأقام الحجة عليهم في الآية التي تسبقها مباشرة.

بهاء الدين شلبي 07-14-2016 05:48 AM

ذكر الله تبارك وتعالى الذين أنعم عليهم فقال: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69] فعد (النَّبِيِّينَ) وهم أخص من الرسل، والرسل أعم، بينما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بصفته فقال (وَالرَّسُولَ) رغم أنه خاتم النبيين وليس خاتم المرسلين حيث قال تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب: 40]، ولذلك ذهب البعض إلى أن النبي أعم من الرسول، والرسول أخص، وبهذا نفوا أن يرسل الله عز وجل من بعده أحدا. فطالما أن النبي أعم عندهم من الرسول فكونه (خَاتَمَ النَّبِيِّينَ) شاهد على أن الله لن يبعث من بعده نبيا ولا رسول. وهذا وضع أصحاب هذا القول في إشكال كبير يعجزون عن حله، فالقرآن بشر بالدابة عليها السلام، بنما نصوص السنة المحرفة تقول بأن الله سيبعث المهدي.

ولكن هناك آية من القرآن الكريم تنسف قولهم من جذوره تماما، وهي قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) [البقرة: 213]، نخلص من هذا أن (النَّبِيِّينَ) هم من (أَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ)، فالنبي هو من انزل عليه الكتاب، والرسول أعم وهو كل من أوحي إليه، وأجرى الله عليه يديه الآيات لتأييده، وهم خواص الله تعالى من خلقه، الذين أنعم عليهم، فقال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69]. فالدابة أنعم الله عز وجل عليها بالهداية، فهي الوحيدة من رسل الله التي يقال لها (المهدية) خصوصية لها كامرأة، فلا يستحق هذا اللقب أحد من الرجال، خاصة وأن كل الرسل قبلها كانوا (مهديين)، لكن لا يقال لأحدهم (المهدي)، فقال تعالى: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام: 90].

يستشهد أصحاب هذا الرأي بأن الله حين ذكر الدابة قال: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) فذكر الإخراج، فقال (أَخْرَجْنَا لَهُمْ)، فلو كانت من المرسلين لقال (أرسلنا لهم)، وبهذا يستنكرون أنها مرسلة من ربها. بينما لفظ الخروج ذكر كذلك عن المهدي، بل ذكر بعثه، والبعث مرداف للإرسال، كما في لسان العرب: "بَعَثَهُ يَبْعَثُه بَعْثاً: أَرْسَلَهُ وَحْدَه، وبَعَثَ به: أَرسله مع غيره. وابْتَعَثَه أَيضاً أَي أَرسله فانْبعَثَ". بينما في كتاب الله تعالى ذكر البعث مقترنا بالرسول فقال: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ) [الجمعة: 2]، بينما ذكر البعث مع طالوت وكان ملكا، ولم يرد أنه رسول أو نبي، فقال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا) [البقرة: 247]

ففي رواية: (يخرج في آخرِ الزمانِ رجلٌ من ولدي اسمُه كاسمي، وكُنيتُه كنيتي، يملأُ الأرضَ عدلًا كما مُلِئَتْ جَورًا، وذلك هو المهديُّ)

وفي رواية: (إنَّ في أمَّتي المهديَّ يخرجُ يعيشُ خمسًا أو سبعًا أو تسعًا يجيءُ إليهِ الرجلٌ فيقولُ يا مهديُّ أعطني قالَ فيحثي لهُ في ثوبِهِ ما استطاعَ أن يحمِلَهُ)

وفي رواية: (إنَّ في أمَّتي المَهديَّ يخرجُ يعيشُ خمسًا أو سبعًا أو تسعًا زيدٌ الشَّاكُّ قالَ قلنا وما ذاكَ قالَ سنينَ قالَ فيجيءُ إليهِ الرجلُ فيقولُ يا مَهديُّ أعطني أعطني قالَ فيحثي لَه في ثوبِه ما استطاعَ أن يحملَه)

وفي رواية: (يخرجُ في آخرِ أُمَّتي المهديُّ ، يَسقِيه اللهُ الغَيْثَ ، و تُخرِجُ الأرضُ نباتَها ، و يُعطِي المالَ صِحاحًا ، و تكثُرُ الماشيةُ ، و تَعظُمُ الأُمَّةُ ، يعيشُ سبعًا ، أو ثمانيًا ، يعني حَجَّةً)

وفي رواية أخرى ذكر البعث: (أُبَشِّرُكُمْ بالمهديِّ يُبْعَثُ على اختلافٍ مِنَ الناسِ ...)

فالدابة يخرجها ربها، أولى علامات الساعة الكبرى، ولو كان الذي سيخرجه الله تعالى ويبعثه آخر الزمان رجلا لكان أولى أن يبشر به في كتاب الله، لا أن ينحصر ذكر المهدي في السنة فقط،

فالقرآن لم يبشر بالمهدي تصريحا أو كناية، بينما ما ورد في السنة من ذكر للمهدي وصفات له نجدها تنطبق على الدابة، خاصة أن النصوص ذكرت خروج وبعث المهدي، بينما ذكر القرآن الكريم والسنة إخراج الدابة، وهذه قرينة تشير إلى تحريف لفظ المهدية إلى المهدي، ليكون المبعوث رجلا لا امرأة. إذن فالمهدية أو الدابة عليها السلام يخرجها ربها، ويبعثها آخر الزمان لتؤدي مهمة محددة، فهي من المبعوثين للعالمين، أي مرسلة من ربها عز وجل، فهي رسول ربها عموما، والمهدية خصوصا، يهديها الله في ليلة إلى كل ما ضل عنه الخلائق، وما أخفي عنهم من دين ربهم وكتبه.

أمل بالله 07-14-2016 06:05 AM

قال الله تعالى: (ووجدك ضالّا فهدى)

قد يكون سبب تلقيب الدابة بالمهدية هداية الله لها بعد ضلال الأمة لقرون طويلة كما هدى النبي عليه الصلاة والسلام, الذي لم يرض ما كان يعبد قومه واعتزلهم في غار حراء حتى جاءه الوحي والهدى.

بهاء الدين شلبي 07-14-2016 06:14 AM

اقتباس:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل بالله http://ezzman.com/vb/images/buttons/viewpost.gif
قال الله تعالى: (ووجدك ضالّا فهدى)

قد يكون سبب تلقيب الدابة بالمهدية هداية الله لها بعد ضلال الأمة لقرون طويلة كما هدى النبي عليه الصلاة والسلام, الذي لم يرض ما كان يعبد قومه واعتزلهم في غار حراء تى جاءه الوحي والهدى.


الهداية على أقسام فلا يصح حصرها في قسم منها فحسب .. منها الهداية من الكفر إلى الإيمان .. ومنها الهداية الضلال إلى صراط الله المستقيم

لكن الهداية التي اختص الله عز وجل بها المهدية أن هداها إلى كل العلوم والمعارف السابقة والتي أخفيت عن الناس .. وكذلك تعلم غيب القلوب من إيمان وكفر وهذا لم يكن لنبي قبلها ولا لرسول

لذلك لا يجب أن نخلط بين أنواع الهداية المختلفة .. وأن نراعي خصوصية المهدية في هدايتها .. وهذا لن يكون لها قبل إخراجها وإصلاحها في ليلة فتصبح وقد وعى قلبها كل شيء وهذا بقوله تعالى لها كن فيكون .. فلا يلزمها نزول الوحي لتتعلم .. ولا يلزمها مطالعة الكتب .. ولا تحتاج للاجتهاد وإعمال عقل واستنباط الأدلة واستخراج البراهين .. وإن كان هذا لا يمنع من تنزل الملائكة عليها ومخاطبتها

من الجائز قبل إخراجها ان تجتهد وتستنبط الأدلة وتقيم الحجج العقلية بفطرتها واجتهادها .. لكن بعد إخراجها تهدى لكل العلوم والمعارف فيسقط عنها التكلف وبذل الجهد .. ويمدها الله عز وجل بالآيات تأييدا لها فيما تقوله ويجري على لسانها بدون وحي

صبح 07-15-2016 09:08 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جند الله http://ezzman.com/vb/images/buttons/viewpost.gif
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حتى أن فرعون استنكر على موسى عليه السلام عجزه عن البيان، وقرن هذا بلفظ (مَهِينٌ)، وهذا العجز كان معروفا عنه قبل هروبه من مصر إلى مدين، فقال تعالى: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) [الزخرف: 52]، لكن من الواضح أن الله عز وجل حل عقدة لسانه استجابة لدعائه، فقال تعالى: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي) [طه: 27، 28]، فالراجح أن الله عز وجل استجاب له، وحل عقدة من لسانه. فانطلق موسى عليه السلام يكلم فرعون بعد رجوعه إلى مصر، فكان بيانه وطلاقة لسانه آية مؤيدة له، مما أدهش لفرعون، فحشر السحرة ليتصدوا له، فخرجت المواجهة عن حدود البيان إلى ميدان التحدي واستعداء السحرة ضده.



السلام عليكم ورحمة الله.

قال الله تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٦ فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ ﴿٤٧ وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿٤٨ وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴿٤٩ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴿٥٠ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٥١ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَـذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴿٥٢ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسورة مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴿٥٣ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴿٥٤ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٥٥) سورة الزخرف.

-لو قُرِأَ من بداية الآيات إلى غاية الآية 50 لَلُوحِظَ أنّ موسى عليه السلام قد تمّ إرساله إلى فرعون .. وقد تمّ ظهور الآيات المشهورات .. وآيات العذاب .. و أغلب الظنّ أنّه خلال هذه الفترة التي أقام فيها موسى في مصر بعد ارساله .. قد تمّ حوار بينه وبين الناس .. بينه و بين فرعون .. أمام ملئِهِ .. ورغم كلِّ هذا الوقت .. فإنّ فرعون قال في الأخير .. " أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَـذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ " .. أي أنّّ موسى رغم كلّ تلك المدّة الفائتة .. وخلال حواره الأخير مع فرعون كان " بالكاد يبين" َ .. أي أنّ موسى لم تَحل عقدة لسانه ..( على الأقل قبل غرق فرعون).

هذا والله أعلم .

بهاء الدين شلبي 07-15-2016 09:36 PM

اقتباس:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صبح http://ezzman.com/vb/images/buttons/viewpost.gif

السلام عليكم ورحمة الله.

قال الله تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٦ فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ ﴿٤٧ وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿٤٨ وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴿٤٩ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴿٥٠ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٥١ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَـذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴿٥٢ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسورة مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴿٥٣ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴿٥٤ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٥٥) سورة الزخرف.

-لو قُرِأَ من بداية الآيات إلى غاية الآية 50 لَلُوحِظَ أنّ موسى عليه السلام قد تمّ إرساله إلى فرعون .. وقد تمّ ظهور الآيات المشهورات .. وآيات العذاب .. و أغلب الظنّ أنّه خلال هذه الفترة التي أقام فيها موسى في مصر بعد ارساله .. قد تمّ حوار بينه وبين الناس .. بينه و بين فرعون .. أمام ملئِهِ .. ورغم كلِّ هذا الوقت .. فإنّ فرعون قال في الأخير .. " أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَـذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ " .. أي أنّّ موسى رغم كلّ تلك المدّة الفائتة .. وخلال حواره الأخير مع فرعون كان " بالكاد يبين" َ .. أي أنّ موسى لم تَحل عقدة لسانه ..( على الأقل قبل غرق فرعون).

هذا والله أعلم .


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اتفق معك في قولك هذا .. ولكن هذا المفهوم يتعارض مع أمرين؛

الأول: أن موسى عليه السلام دعى ربه أن يحلل عقدة من لسانه .. والمتوقع ان يستجيب الله عز وجل له فلا يرد دعواه

الثاني: أمانة تبليغ التوراة تقتضي سلامة لسان النبي حتى تكون مخارج ألفاظه سليمة فلا يجتمع كتاب مع عقدة اللسان

وعلى هذا تحمل الآية على أن فرعون يذكر موسى بما كان منه قديما حين كان به عقدة في لسانه تعاليا منه عليه واستكبارا غير مباليا بشفاءه .. فلا يشترط أن يستمر نطقه غير سليم

وإما أن المراد من الآية معنى آخر خلاف تعسر النطق وفهمناها نحن خطأ لجهلنا بالعربية .. لذلك أرى أن نبحث للآية عن معنى آخر يتفق وسياق النص والواقع

صبح 07-15-2016 10:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جند الله http://ezzman.com/vb/images/buttons/viewpost.gif
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اتفق معك في قولك هذا .. ولكن هذا المفهوم يتعارض مع أمرين؛

الأول: أن موسى عليه السلام دعى ربه أن يحلل عقدة من لسانه .. والمتوقع ان يستجيب الله عز وجل له فلا يرد دعواه

الثاني: أمانة تبليغ التوراة تقتضي سلامة لسان النبي حتى تكون مخارج ألفاظه سليمة فلا يجتمع كتاب مع عقدة اللسان

وعلى هذا تحمل الآية على أن فرعون يذكر موسى بما كان منه قديما حين كان به عقدة في لسانه تعاليا منه عليه واستكبارا غير مباليا بشفاءه .. فلا يشترط أن يستمر نطقه غير سليم

وإما أن المراد من الآية معنى آخر خلاف تعسر النطق وفهمناها نحن خطأ لجهلنا بالعربية .. لذلك أرى أن نبحث للآية عن معنى آخر يتفق وسياق النص والواقع


صحيح .. احتمال أن يكون فرعون يَذَّكرَ موسى بما كان عليه قديما قبل أن يبعثه الله .. هو الأقرب .. لأنّ الله سبحانه صرّح في كتابه .. بأنّه استجاب لدعوات موسى عليه السلام مرتين :

قال الله تعالى:
1 - ( وَقالَ موسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيتَ فِرعَونَ وَمَلَأَهُ زينَةً وَأَموالًا فِي الحَياةِ الدُّنيا رَبَّنا لِيُضِلّوا عَن سَبيلِكَ رَبَّنَا اطمِس عَلى أَموالِهِم وَاشدُد عَلى قُلوبِهِم فَلا يُؤمِنوا حَتّى يَرَوُا العَذابَ الأَليمَ﴿٨٨قالَ قَد أُجيبَت دَعوَتُكُما فَاستَقيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبيلَ الَّذينَ لا يَعلَمونَ﴿٨٩) سورة يونس .

2 - ( اذهَب إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى﴿٢٤قالَ رَبِّ اشرَح لي صَدري﴿٢٥وَيَسِّر لي أَمري﴿٢٦وَاحلُل عُقدَةً مِن لِساني﴿٢٧يَفقَهوا قَولي﴿٢٨وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي﴿٢٩هارونَ أَخِي﴿٣٠اشدُد بِهِ أَزري﴿٣١وَأَشرِكهُ في أَمري﴿٣٢كَي نُسَبِّحَكَ كَثيرًا﴿٣٣وَنَذكُرَكَ كَثيرًا﴿٣٤إِنَّكَ كُنتَ بِنا بَصيرًا﴿٣٥قالَ قَد أوتيتَ سُؤلَكَ يا موسى﴿٣٦) سورة طه .


الساعة الآن 11:54 AM بتوقيت الرياض

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Google search by kashkol